في مقابلة له مع صحيفة "الوطن" السعودية قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد موسى أبو مرزوق : " إذا لم تكن مصر قادرة على إدارة الملف الفلسطيني، فلتترك هذه المظلة لجهة أخرى " وقد رد وزير الخارجية المصري السيد أحمد أبو الغيط على ذلك التصريح بقوله: " هذا تصريح مثير للضحك، فمن في المنطقة يملك عناصر الحركة مع كل الأطراف سوى مصر؟ " .
ذلك التصريح والرد عليه يظهر الفجوة العميقة بين أحد أطراف المصالحة وهي حماس وبين الوسيط المصري، فهذا الموقف يكشف من جهة عن قناعة تامة لدى حماس بأن مصر لم تعد قادرة على إدارة الحوار الفلسطيني الداخلي، ومن جهة أخرى يظهر استخفاف الطرف المصري بأحد طرفي الصراع كما يظهر أن الوسيط المصري ينظر إلى المصالحة الفلسطينية الداخلية وكأنها مسألة إقليمية أو ربما عالمية، فالمصالحة الداخلية تحتاج لوسيط قادر على إقناع الفلسطينيين " فقط" بضرورة التصالح الداخلي، وليست بحاجة إلى وسيط يضع شروط " كل الأطراف" الخارجية على المصالحة الداخلية، فمصالحتنا داخلية وليست أممية سيادة الوزير .
لا أعتقد أن ثمة ما يثير الضحك في تصريحات السيد أبو مرزوق، ومع ذلك فمن حق سيادة وزير الخارجية بأن يضحك كما يشاء وكذلك من حق الوسيط أن يدير وساطته كما يشاء أيضاً، ولكن وبكل تأكيد لا يمكن لأحد فرض وساطته على طرف خصومه، فدور الوسيط فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس هو إزالة أسباب الخلاف والتقريب في وجهات النظر والوصول إلى قواسم مشتركة يمكن من خلالها عودة المياه إلى مجاريها، وذلك في ظل وساطة محايدة ونزيهة ، ودون الوقوف مع طرف ضد الآخر، مع الاستبعاد الكامل لجميع وسائل الضغط غير المشروعة من قبل الوسيط، فالحصار الذي تفرضه مصر على قطاع غزة غير مشروع ، والجدار الفولاذي الذي شرعت مصر في إقامته بعد رفض حماس التوقيع على المصالحة لا يمت إلى الدين ولا الأخوة ولا حتى الإنسانية بصلة، وقد حرمه علماؤنا الإجلاء ، واستنكرته العرب والعجم ، وندد به المسلم والكافر على حد سواء، فهذا عقاب جماعي للشعب الفلسطيني في القطاع ولا يمكن اعتباره وسيلة ضغط على حماس أو على الحكومة في قطاع غزة، ونتمنى أن يدرك الأشقاء في مصر خطورة المسألة وأن يراجعوا أنفسهم في طبيعة وساطتهم وطبيعة إجراءاتهم ضد أهلنا في قطاع غزة.