نحن إزاء ظاهرة خطيرة غير مسبوقة لدى الشعب الفلسطيني آخذة في الاتساع مهددة قضيته التي ضحى من اجلها عبر قرن كامل بأغلى ما يملك ..أنها ظاهرة النزوح النوعي من فلسطين..
قبل اتفاقيات أوسلو سيئة السمعة والصيت كان الواحد من الفلسطينيين المهجرين أو النازحين يدفع للوسطاء عشرة آلاف دولار هن حصيلة تعبه في بلاد الغربة ولعله تداين بعضهن من أجل أن يسمح له الاحتلال الإسرائيلي بالعودة إلى الوطن فلسطين ملزما نفسه بشروط ( الأمن) خاضعا لواقع الحياة العنصري الذي يمارسه العدو على الشعب الفلسطيني..وعندما كان يصل العائد إلى ارض الوطن تذبح له الذبائح وتقام له الأفراح ويكون صاحبنا كمن دخل الجنة.. لقد كانت عودته هي حلم حياته الأكبر.
أما الآن فيدفع الفلسطيني المقيم على أرض فلسطين عشرة آلاف دولار من أجل فيزا وتذكرة سفر ورحلة تقوده إلى إحدى الدول الإسكندنافية حيث تطرف الطبيعة الجنوني اذ يغيب الليل نصف عام لتفر بعدها الشمس نصف العام الاخر .
.. فلقد فتحت سفارات السويد والدينمارك والنرويج أبوابها لهجرة منظمة ولكن الفلسطينيين الضائقين بأوضاعهم لم يكتفوا بذلك فأخذوا بالبحث عن كل الطرق غير الرسمية للفرار من وطنهم والله وحده يعلم كيف يستطيع أحدهم تجميع المبلغ الكافي للرحلة..أما أولئك ميسوري الحال فهم قد نقلوا أوضاعهم إلى مصر والإمارات العربية في واحدة من أبشع حالات الهروب.
تقول الإحصائيات شبه الرسمية أن عشرات آلاف الفلسطينيين قد هاجروا من وطنهم بالفعل وأن عشرات الآلاف ينتظرون الرحيل قريباً..
إنني أعرف منهم كتاباً ومفكرين ومناضلين شرفاء كان أحدهم في الأيام الأخيرة لا يجد قوت يومه.. وأعرف أن بعضهم أصبح عرضة للامتهان والاحتقار والتعريض بحياته وكرامته من قبل عصابات الموت المنتشرة كالذباب في أزقة أجمل وطن وأقدس وطن.
البلد أصبحت موزعة على كل أنواع الرزايا أخفها إيلاماً صواريخ طائرات إسرائيل.. والكل يتسلح بالجريمة والإدعاء فلقد سرق المقدس (الدين والوطن) من بيننا وأصبح مصوغاً لعمليات القتل وسرقة السيارات والاختطاف والسطو.
من نلوم؟ وعلى من نضع المسؤولية؟ لا يهم ذلك أبداً! إن المهم قوله الآن: إن المشروع الصهيوني ينفذ بأقل التكلفات و الخسائر