في الذكرى الخامسة والأربعين لانطلاقة فتح، انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة.

في الذكرى الخامسة والأربعين لانطلاقة فتح، انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة.

ثورة حتى النصر

في رحاب الذكرى المتجددة والمتصلة بتاريخ فاعل، تنفتح الذاكرة الوطنية الفلسطينية على محطات وافرة مضيئة، تؤلف نسغ ذلك التاريخ، إنها ذكرى انطلاقة فتح انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، طلقة الوعي في فضاءات مغايرة، فتح الثوابت والأهداف والمنطلقات، والمسار الكفاحي الطويل، تعانق ذاكرتنا في لحظة فلسطينية فارقة لنستولد منها السياق والمعنى، نحفر

في ذاكرة شاهدة لنقف على معراج خيط الدم، وهو يرسم خريطتنا الجديدة، ولنقف على ما يؤلف نسيج وجودنا: مقاومة، لا تبدل أسمائها، ولا تغيّر بوصلة الشهداء إلى وطن ينهض الآن من جراح مزمنة، وفواصل لا تُعنى بالمعنى، تنفتح الذكرى على ذاكرة جديدة لا يثلمها حصار، لا يُبدّدها عدوان مفتوح على الأرض والإنسان، عام على العدوان وغزة تنتصر الآن لبوصلةِ الشهداء والأسرى، تجمع اسم فتح لبهاء القوافل الأولى، بهاء حقيقة أرضنا وهويتنا، وكلمتنا الأولى على هذه الأرض التي تستحق الحياة. انطلاقة فتح بمحطاتها وبتجدد انطلاقتها في 9/5/1983، تصحيح مسار، وبيان رؤيا، انتصاراً لرؤى الشهداء-الشهود وقوافلهم المديدة..
ذكرى الانطلاقة وهي تعبر من الضفاف.. إلى الضفاف ما زالت تقرع بشدة جدران الخزان، لتصبح كلمة المقاومة هي العليا...
نستعيد الذكرى في راهننا الكفاحي لنتجذر في ثقافة المقاومة وثقافة العودة، عهد ووعد على الاستمرار على ذات الطريق الذي لا يرى سوى فلسطين أو فلسطين، أو النار جيلاً بعد جيل.
وانطلاقة فتح، ذكرى انطلاقة رصاصتها الأولى، شوط صياغة المصير الفلسطيني، وذكرى فرسانها الأوائل الذين دافعوا عن سيرورة الحلم الفلسطيني، عن فكرة فلسطين، وسؤال حريتها وتحررها وتحريرها وانعتاقها، بل إن بلاغة رصاصة الفاتح من كانون الثاني، هي أنها استولدت آلاف النهارات العالية.
إنها لولادة متجددة، هناك في نسغ السنبلة، وفي وردة قهرت سياج الوقت والأزمنة وظلال الغزاة العابرين، في صرخة وليد لعله الأثر الباقي من (فناء) عائلة، وسعي الغزاة لمحو الذاكرة، في فوج مدرسي يحمل الأحلام آنية، والآن تنبض ذاكرتنا، كالأرض، نحيا بها، ولأجلها "لعل ضوءاً أولاً يفضي إلى الضوء الأخير"، ذاكرة تشيّد صورتنا بكل فخار الجلنار، ذاكرة دم يورق الآن مقاومة، بيارق تشهد إيقاع السرّ الفلسطيني، في التكوين، وفي التحّول، وفي تأصيل سلالة نسب المقاومة... إنها لحظتنا المفتوحة على مطلق السر: فلسطين، حضارة التاريخ والشهداء، إبداع الهوية، وإبداع وعي تاريخي بأن المسار متصّلٌ سيحفر وإن ضاق المساء، في صخر الوقت والأسئلة والأزمنة.
ننحني لذكرى تبرق في عيوننا، في كفّها حجر... ودم تجلى في رابعة النهار آلاف الحيوات، دم سال بين سنابل الأغوار، على سهول الجرمق، وبطاح النقب رفعته الشمس نشيداً لشعب لا يموت، ولحقّ لا يموت..

شكرا اخ ابو ابراهيم