فلسطين بين غار المقاومين وعار المستسلمين

أسعد حمود-------الى منتدى حركة فتــــــــح الانتفاضة

تكمن عظمة الإنجاز الذي حققته المقاومة الفلسطينية الباسلة في قطاع غزة، في انه أسقط ورقة التوت عن الأنظمة العربية التي ما هي إلا أداة يتحكم فيها الإستعمار الصهيو-أميركي، وبكشفه أيضاً بأن الة الحرب الصهيونية مكبلة استراتيجياً، ولديها الحرية المطلقة تكتيكياً، بما معناه بأن هذه الالة لا تقوى على إنجاز حسم للمعركة يقوم بتغيير المعادلة بما يخدم مصالح الكيان الغاصب، في حين تقوى على قصف المدن وتدمير القرى، وإبادة النساء والشيوخ والأطفال، وما انكفاء الدبابات الصهيونية عن القطاع، زواريبه وأزقته، إلا نتيجة للدفاع المشرف والقتال الشرس الذي قامت به خلايا المقاومة بكافة أطيافها وألوانها(القومية العربية، الإسلامية والوطنية) وصمود الشعب العربي الفلسطيني هناك، رغم التدمير والتخريب، وكانت الترجمة الحقيقية باندحار جيوش العدو أمام رجال المقاومة على الخطوطة الأمامية للجبهة.

بالرغم من يقيني من أن الصهاينة لن يوقفوا عدوانهم على عموم فلسطين، وضد قطاع غزة والضفة الغربية خصوصاً، إلا أن أي عدوان قادم لن يفلت من نير معادلة الردع التي كرستها المقاومة في غزة من خلال الصواريخ التي تميزت بكثافتها ونوعيتها في الحرب الأخيرة، هذه الصواريخ التي طالت عمق الأرض الفلسطينية من بئر السبع مروراً بعسقلان ومغتصبات نيتيفوت وسديروت إلى مغتصبة كريات غات، في حين كانت هذه المدن تنعم بالهدوء والطمأنينة على مدى ستين عاماً مضت، والتي لطالما كانت الملجأ الامن لآلاف الصهاينة الذين نزحوا من شمال فلسطين المحتلة إلى جنوبها إبان حرب تموز.

استطاعت المقاومة العربية اللبنانية والفلسطينية فرض معادلة جديدة في الصراع العربي الصهيوني في السنوات الأخيرة، وأثبتت تمكنها من هذه المعادلة بعد دحرها للإحتلال عن قطاع غزة، هذه المعادلة التي أرسلت للمستسلمين من المتصهينين العرب رسالات واضحة مفادها بأن ما يسمى بمسيرة التسوية والإستسلام(السلام) ما هي إلا مسيرة إذعان للشروط الصهيو-أميركية،هذه المعادلة التي لقنت الجيش الصهيوني تعاليماً جديدة في الصراع مؤكدة على أن تحرير فلسطين وعودتها إلى الحاضنة العربية بات أمراً محتوماً وليس سراباً وأوهاماً كما يحلو للأنظمة العربية ومستكتبيها الترويج.

إلا أن الأنظمة وعلى رأسها نظام مبارك في مصر الذي قيل فيه ما قيل من أوصاف وتعابير مغرضة لا تفيه حقه لم يعد يفقه سوى القراءة في كتاب مليء بالذل والإستسلام، فكان اخر ارهاصاته المضي ببناء جدار فولاذي ضخم على طول الحدود مع فلسطين المحتلة يمتد على طول 9 كيلومترات ويتراوح عمقه في الأرض ما بين 20إلى 30 مترا ليمنع بذلك دخول الماء والغذاء والدواء إلى شعبنا الصامد والصابر في قطاع غزة، متذرعاً بحجة منع وصول السلاح إلى القطاع، وما هي إلا أعذار أقبح من الذنوب التي يقترفها هذا النظام المجرم بحق العرب المصريين بالمرتبة الأولى، فهو لا يمرر يوماً دون التفنن بابتداع المعوقات امام نهضة شعب مصر العربي، من قانون الطوارئ والاحكام العسكرية، وعدم التخطيط إلى اهمال حاجات الناس التي هي السمة الغالبة لسياسة هذا النظام حتى أصبح المواطن يعاني من كل شئ،ابتداءا من دخل لا يغطي قوته وبيئة يسودها التلوث، وشيخ أزعر يفتي ببناء جدار يفصل بين الأخوة، أسقط من عقيدته الإسلامية كما العديد من المتاجرين بالإسلام السياسي مفهوم الجهاد متناسين قول الرسول العربي محمد صلى الله عليه وسلم:"انصر اخاك ظالماً او مظلوماً"، وبات السلاح الذي يدافع عن حرم وأعراض المسلمين موضوعاً للنقاش والبحث.

يراهن النظام المصري المريض على الجدار كما راهن سابقاً على نجاح عسكري صهيوني ما في غزة يعمل على تصفية المقاومة وظن بان نجاح ما يصبو اليه قد يكون انقلاباً اقليمياً هاماً فشل الصهاينة أمام إرادة شعبنا في القطاع خصوصاً مع الحصار المفروض عليهم وليتمموا ما بدأو به من عقاب وحصار وتجويع ابتدعو هذا الجدار العار، وإذا كان الجزء الاول من مخططهم على قطاع غزة قد فشل فإن الفلسطينيين يذكرون تماماً مهام جدران مماثلة على شاكلة هذا الجدار(جدار السادات لكنه كان مصنوعاً من الإسمنت)، حيث ظهر لاحقاً بان الهدف من وراء هذه الجدران فصل فلسطين عن فلسطين وليحاولوا وليشربوا من بحر غزة عندما يملون.

بعد عام من العدوان على الشعب العربي الفلسطيني عموماً وقطاع غزة خصوصاً، تثبت هذه المعركة بانها كانت تحولاً استراتيجياً في حركة الصراع في المنطقة، ويجب على المراهنين على العملية الاستسلامية أن يدركوا حقيقة المعاني، الأبعاد والتداعيات، وعليهم أن يسحبوا أنفسهم من مستنقع الإستسلام والرهان على المشروع الأمريكي اللبوس، الصهيوني القالب، أي عليهم الإختيار وبوضوح بين غار المقاومة، وعار الإستسلام.