رسالة مفتوحة إلى د.سلام فيـــاض..

رسالة مفتوحة إلى د.سلام فيـــاض..

الأسير المحرر د. سالم البحيصي

السيد الفاضل : د.سلام فياض المحترم

اسمح لي أيها الأخ الكريم أن أخاطبك بالألقاب الثابتة ...أما المتغيرة فلا شأن لي بها , فإنها مختلف عليها لاننا نعيش في وطن هو أشبه بحارة "كل من أيده اله"، فلا بأس أن نظل متمسكين بالثوابت ولو في الألقاب في وقت اختلط فيه الحابل بالنابل، فأصبحت الثوابت متغيرات والمتغيرات لا وجود لها , وما زلنا نسمع أننا متمسكون بالثوابت، أي أننا متمسكون بشيء لا وجود له , فالوطن مازال ارسخ الثوابت عند الفقراء والبسطاء ومن لا يزالون قابضين على الجمر ...بينما أصبح من المتغيرات عند الباقين . لم تكن الألقاب مختلفاً عليها في زمن المرحوم ياسر عرفات على رغم ما كنا فيه ....إلا أن الرجل رحل بما فيه وتركنا على ما نحن فيه ... فتبعثر الشمل وها هي السفينة تغرق ونحن لها ناظرون.

معذرة _مرة أخرى _ أيها الأخ الكريم لعدم التعامل بالألقاب ربما بسبب تجربة مررت بها في حياتي حيث أمضيت ربع قرن من عمري أعيش في بلد عربي ألغى رئيسه الألقاب كلها ولم يقبل أن يُنادَى هو إلا بــ الأخ/ القائد ...أو الأخ/ معمر، أما باقي الألقاب من سيادة سعادة..دولة..معالي..عطوفة.....الخ هذه المسميات التي تبعث على الاشمئزاز أكثر منها على الاحترام...فلم يكن لها وجود في قاموس الحياة اليومية في تلك البلد التي قدّمت لشعبنا أكثر مما قدمته قيادتنا له...معذرة أيها الأخ الكريم_مرة أخرى _ولك الحق في الرفض أو القبول.

الأخ الكريم : لقد جئت_ أو جيء بك_إلى ساحة العمل الوطني من المجهول، وربما قدمت الكثير الكثير مما لا نعرفه منذ انطلاقة الثورة, إلا أننا لم نسمع بك طول المسيرة وما اعتراها من منعطفات صعودا وهبوطا حتى اليوم ...لقد جئت لتضبط الإدارة المالية للسلطة التي أزكمت رائحة الفساد فيها أنف العالم حتى أصبح فسادها على كل لسان عربي وأعجمي , إذ كانت أموال السلطة شبه مشاع للعابثين واللصوص الذين اثروا على حساب الشعب ثراءً لا نظير له، ومنذ أن تسلمت حقيبة المالية ظهرت بصماتك على الانجازات التي شهد لها القاصي والداني، فانتهت الوظائف الوهمية، وأصبح المصرف هو الطريق الوحيد لصرف الرواتب، وأصبح تاريخ صرف الرواتب ثابتا بعد أن كان يخضع للهوى حيث كان يتأخر إلى قرابة نصف الشهر التالي ..وما يعنيه ذلك لمن هم وراء هذا التأخير ,...وتم إقرار نظام للتقاعد لمن لم يكملوا مدة الخدمة اللازمة (15 سنة) وعمل بهذا القرار مدة طويلة حتى توقف العمل به في عهد الحكومة الراشدة ,...وتم العمل بقانون الخدمة المدنية حيث تم تعديل الدرجات الوظيفية للموظفين طبقا للسلم الوظيفي من الدرجات الأدنى حتى الدرجة الأولى فقط.... إلا أنك لم تقترب من الدرجات الأعلى التي كان مصدرها كتابا من الرئيس بمنح أفراد هذه الشريحة درجات ...مدير...بمستوياتها المختلفة, وأنت تعلم أيها الأخ الكريم أن الكثير منهم _إن لم يكن جميعهم _ لا يستحقونها ... لقد كان الاقتراب من هذا الجدار خطا احمر, وربما كان ذلك من أسباب الإطاحة بحكومة أبو مازن.

لم تقترب أيها الأخ الفاضل أيضا من الرتب العسكرية وهي شريحتان، إحداها ...رتب عسكرية لمن امضوا حياتهم في الخدمة العسكرية الحقيقية، وقد تخرجوا من كليات ودورات عسكرية عربية وغيرها , وقد تحملوا مشقة المسيرة الوطنية عبر ساحات القتال بغض النظر عما وصلنا إليه في النهاية.... لقد تحمل هؤلاء الرجال الكثير من معاناة الجندي المقاتل، وكانت رتبهم طبقا لقوانين ونظم عسكرية واضحة وثابتة , وان كان قد حصل بعض التجاوزات فان ذلك اقل من القليل .

أما الشريحة الأخرى : وهى طائفتان ..طائفة تخرج أفرادها من أكاديميات وطنية تم خلالها دراسة منهج مكثف جدا حيث تخرج العنصر بعد بضعة أشهر مقابل بضع سنوات احتاجها أفراد الشريحة الأولى كي يستحقوا رتبهم ...ربما _والله أعلم_ بسبب مستوى أكاديمياتنا الراقي جدا وطبقا لمناهج راقية أيضا معتمدة على التكنولوجية العصرية... ربما - والله اعلم - وتصبح رواتبهم ضعف مرتبات زملائهم الجامعيين الذين يعملون في سلك التعليم.. أو الصحة ...أو الزراعة........الخ هذه الساحات غير المنتجة ولا مفيدة للشعب والوطن.

أما الطائفة الأخرى: فهم من ينطوون تحت مسمى "رتبة مالية" وكأن هذه الطائفة أكبر من أن تندرج تحت قانون الخدمة المدنية مع أن الغالبية العظمى منهم لم يحصل ولو على دورة عسكرية بسيطة بل منهم - ربما - لم يتعرف على سلاح ولو من قبيل الفضول رافعين شعار "الجهل بالشيء خير من العلم به" تفاديا للشبهة .

الأخ الكريم: هذه نظرة عامة على ما هو منظور للعامة عن مرتبات العاملين في السلطة في مختلف المجالات، أما غير المنظور من مرتبات خاصة لمن يقدمون خدمات خاصة للوطن في صمت - طمعا في ثواب الآخرة -، هذه المرتبات المتميزة SUPER SALARY ، فلا نعرف عنها شيئا، لكن لابدّ أنها تتناسب بعض الشيء مع الخدمات الخفية التي يقدمونها للشعب والوطن.

بعد ذلك أيها الأخ الكريم / لنا أن نتساءل:

1. ما هي الخدمات التي يقدمها العاملون في الأجهزة الأمنية للشعب والوطن أكثر من زملائهم الجامعيين العاملين في المجالات الأخرى كالتعليم... والصحة .... والزراعة.......الخ، إنهم لا يقدمون أكثر ... بل ربما أقل، فلماذا هذا الفرق الشاسع في المرتبات بينهم... سؤال برسم الإجابة؟ ولو أن لذلك خلفية لا نريد التوسع فيها، فالمعنى في قلب الشاعر.

2. ما هي الخدمات التي قدمها ويقدمها أصحاب الرتب المالية (الجنرالات المدنيين) والتي لا ترقى حتى إلى مستوى البطالة.

3. من أين لنا هذه الأموال ونحن نعيش على مساعدات الدول المانحة حتى تصل مرتبات تقاعد كبار العسكريين إلى هذا الحد الذي لم يصل إليه قادة حرب أكتوبر – تشرين – المجيدة، ناهيك عن الأبطال المجهولين اللذين نفذوا عملية إيلات, والذين اغرقوا المدمرة إيلات والغواصة داكار والكثير الكثير غيرهم ممن عبروا ... و إذا كان الأمر كذلك.

4. لماذا لم يتم صرف مستحقات بعض الأسرى المحررين من غزة، والمستحقة منذ عدة سنوات بحجة عدم توفر ميزانية - وأنا واحد منهم - ويمكنك مسائلة مكتب وزارة الأسرى في غزة.

5. لقد قررتم صرف مساعدة بقدر 700 شيكل للمتقاعدين الذين أوقفت الحكومة الراشدة مرتباتهم التقاعدية، إذ أن بعضهم حل مشكلته بطريقته الخاصة فأصبح وضعه - بقدرة قادر - قانونيا، أما الباقون فقد تم الصرف لغالبيتهم دون عدد بسيط استجابة لتقرير كتبه مخبر (تلميذ) بحجة عدم ولائهم أو قربهم من غربستان ولو بدرجة ما لشرقستان وكأن المنحة من جيوب وشركات اّبائهم أو مدخرات امهاتهم التي ورثوها عنهم.

أما ثالثة الأثافي أيها الأخ الفاضل/ فهو ما يجري في غزة من سلب مكشوف - وعلى عينك يا تاجر - فإذا ما تيسر لأحد الأسر المستورة من حوالة من محسن في الخارج بقيمة 100$ مثلا ومدفوعة رسم التحويل، فان البنوك أو مراكز الصرافة لا تصرفها لمستحقها إلا بالشيكل وبالسعر الذي يحدده المصرف أو الصراف، ففي الوقت الذي يكون سعر الصرف للدولار قي السوق هو 3.82 فان الصراف أو المصرف لا يصرف الحوالة إلا بمبلغ 3.68 - 3.70 فقط ولسان حاله يقول للمستحق _ مش عاجبك مع السلامة - .....هكذا الحال في غزة أيها الأخ الكريم فمن المسئول....؟؟!!!

الأخ الكريم / انك تتعرض ألان لهجمة يشنها بعض الفاسدين حتى كادوا أن ينفوا عنك صفة الانتماء للوطن.... وذلك بسبب إغلاقك لقنوات كانوا يمصون من خلالها دم الشعب ... وهذه أيضا من انجازاتك التي تسجل لك .

أخيــــرا أيها الأخ الكريم: هذا غيض من فيض ...ترى هل أنت على علم بما أوردناه ....؟؟