من المسؤول عن تأخير الاعمار في المخيم؟

محيط مخيم نهر البارد الواقع في شمال لبنان منطقة عسكرية .سكان المخيم بحاجة الى ترخيص خاص من السلطات العسكرية للدخول الى منازلهم .لا يسمح لأحد الا لسكان المخيم الدخول اليه ،حتى وسائل الأعلام على اختلاف انواعها. وكل ما تريد ان تعرفه عما يجري داخل المخيم، يتم عبر شهادات ساكني المخيم.

تدخل الى المخيم عربة محملة بأحجار معدودة وضعها السائق في المساحة القليلة المتاحة له في الرافعة الى المخيم.تتبعه عربة اجرة، ذلك ان 70 في المئة من "النازحين عادوا الى "الديار" وفق السائق محمود بشير ....وثمة افراد يدخلون، وما ان يصلوا الى نقطة الجيش حتى يبرزوا الرخص التي تخولهم العودة الى منازلهم التي نزحوا عنها خلال حرب نهر البارد بين الجيش اللبناني ومسلحي "تنظيم فتح الاسلام" في صيف عام 2007 والتي ادت الى تدمير اجزاء كبيرة من المخيم.

لقد مر هذا المخيم الواقع شمال لبنان منذ تأسيسه عام 1949بعدة مراحل.شييد على مساحة لا تتعدى الكيلومتر الواحد لأسكان حوالي خمسة آلاف شخص يعيشون في خيام موقتة.

في آواخر الخمسينات بدأ المخيم ببناء مساكن بدائية، وفي السبعينات ومع تزايد عدد السكان الى اكثر من 18 الف نسمة بدأ السكان اعادة ترميم المساكن وتوسيعها ،وبعد الأجتياح الأسرائيلي في عام 1982 نزح عدد كبير من الفلسطينيين من الجنوب اللبناني الى الشمال، وبعد 40 عاما اصبح عدد سكان المخيم 30 الف نسمة.

اليوم وبعد مرور ثلاث سنوات على الحرب، ورغم الوعود التي اعطيت لأهالي المخيم بأعادة الأوضاع، والتعويض واعادة بناء ما تضرربفترة زمنية محددة، فان الشكوك ما زالت تراود اهالي المخيم حول تنفيذ ما وعدوا به.

يقول المسؤولون ان وتيرة العمل في الرزمة الأولى من مخيم نهر البارد القديم سجلت ارتفاعا ملحوظا، وذلك عقب اتخاذ "أونروا" اجراءات ذللت العراقيل التقنية التي واجهتها وامتصت نوعا من النقمة الشعبية جراء اعلانها خفض بدل الأيجار الشهري من 200 دولار اميركي الـ 150 دولارا اميركيا.

لكن من التقيناهم امام المخيم يقولون خلاف ذلك.فالشاب علاء عطية"18"عاما يعمل لدى عمه خارج المخيم، اعرب عن عدم رغبته في تقديم طلب لللاونروا بغية العمل داخل المخيم وقال"الشغل خفيف في الداخل وبطيئ ولا احد يعلم متى يصدر القرار بإيقافك عن العمل".

اعادة الأعمار بطيئة، ويقول سامرالذي يعمل في الداخل"ان الوقت يمضي بين الضحك واللعب وان العمل غير جدي – حتى ان آخر رفض الكشف عن اسمه قال"اذا عجل المعلم في وتيرة العمل يفصلونه".

ماذا تقول "أونروا" في هذا الشأن لا سيما لجهة انهاء اعادة الأعمار، وهي التي أخذت على عاتقها مسؤولية الأعمار وتأمين خدمات الأغاثة التي تشمل بدل الأيجار والخدمات الطبية والتغذية خلال مؤتمر فيينا في حزيران (يونيو) 2008؟ علما ان كلفة هذا المشروع تبلغ 328مليون دولار اميركي تتبرع به الدول المانحة.

تجيب مساعدة مسؤول المكتب الأعلامي في "أونروا" هدى الترك: "لايمكن انهاء اعمار المخيم ضمن المهلة المحددة في نهاية العام 2010من دون التزام جميع الشركاء المعنيين بالمهل ومتابعة التنسيق واستمرار الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي في دعم المشروع"لا سيما ان "أونروا" لم تحصل سوى على نسبة 36 في المئة من التمويل المخصصلهذا المشروع.

وكانت عراقيل عديدة واجهت عملية الأعمار في الرزمة الأولى لخصها مروان عبدالعال مسؤول لجنة المتابعة العليا لملف مخيم نهر البارد بثلاث نقاط"قانون التملك ومشاكل في المخطط التوجيهي لبناء المخيم وخلاف حول الخرائط الهندسية ،فضلا عن قضية وجود اثارات جمدت عملية اعادة الأعمار مدة شهرين بقرار من مجلس شورى الدولة ،الى البطء في هذه العملية الناجم ايضا عن تسجيل ضعف في اقبال اليد العاملة الفلسطينية خصوصا ،لأن كل عامل يحتاج الى تصريح للدخول الى المخيم الذي صنفته الحكومة اللبنانية منطقة عسكرية"

هذا الواقع شل الحياة داخل المخيم ما دفع عبدالعال الى الدعوة لفتح "ممر آمن"شبيه بمعبر رفح كي تعود الحياة في الداخل.لكن عبدالعال اعرب عن ارتياحه الى السرعة المسجلة اخيرا في وتيرة العمل ،مثنيا على الدور الذي لعبته "الأونروا"في الضغط على المقاولين.

وفي هذا الاطار، اوضحت هدى الترك أن العمل مستمر في الرزمة الأولى من المخيم المؤلف من ثماني رزم وأن "أونروا" تتابع بشكل جدي وفاعل مسألة التأخير في الرزمة الأولى مع المتعهد للتأكد من التعويض عن التأخير واحترام المهلة المحددة لأتمام الرزمة الأولى في نهاية العام الحالي". غير أن المخاوف تتمحور على امكان استغراق عملية الأعمار نحو ثماني سنوات وفق عبدالعال اذا لم تذلل العقبات نهائيا.

لكن ماذا عن النازحين الذين يتحملون اعباء هذا التأخير؟ تذمر ابو نادر النازح من منزله المدمر وقال: "اسكن حاليا في العمارات الجديدة التابعة للامير الوليد بن طلال وادفع 250 دولارا بدل ايجار وكهرباء يسترجع منها 150 دولارا".

اليوم هناك معركة جديدة يخوضها الفلسطينييون في لبنان الآوهي معركة حقوقهم المدنية التي ستساعد في حال حصولهم عليها بتجاوز صعوبات كثيرة يواجهونها داخل المخيمات ،وربما ستسمح لهم بعدم الأتكال على اموال المساعدات التي تأتي من هنا وهناك وخاصة من الدول والحكومات المضيفة.