المؤتمر الدولي لدعم الإنتفاضة الفلسطينية في طهران
إيران والإحتضان الكبير لفلسطين
انعقد
في طهران بين الأول والثاني من تشرين الأول 2011 المؤتمر الدولي الخامس لدعم
الانتفاضة الفلسطينية. حضر المؤتمر وفوداً من أكثر من 85 دولة عربية وإسلامية
وصديقة ضمّت رؤساء وممثلي برلمانات وشخصيات سياسية وثقافية ودينية بارزة.
وأكّد
السيد خامنئي على حق الفلسطينيين في العودة وإقامة دولتهم فوق كامل التراب
الفلسطيني من النهر الى البحر، ورفض كل ما يُطرح من صيغ لحل القضية وآخرها سعي
محمود عباس لدى الأمم المتحدة للاعتراف بفلسطين دولة مستقلة على حدود 1967. وقال
الخامنئي مخاطباً عباس: إن سعيكم لدى الأمم المتحدة هذا هو الاعتراف بعينه بدولة
الصهاينة في فلسطين وهو خيانة بحق كل الفلسطينيين والمسلمين، وتوقع فشل كل هذه
المساعي لأن الصهاينة لن ولم يذعنوا للقرارات الدولية وما شابهها، واستشهد بنموذج
المقاومة في لبنان وغزة كحل لا بد منه لاستعادة الحقوق وهزيمة المحتلين.
أضاف
السيد الخامنئي، أن الحل المنطقي والإنساني والطبيعي لقضية فلسطين هو في استفتاء
الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات على مستقبله ودولته ومصيره، ثم يأتي بعد ذلك
دور من هاجر الى فلسطين لإعادتهم الى بلدانهم الأصلية. في هذه الدولة يستطيع
الفلسطينيون بكل مذاهبهم وأطيافهم العيش معاً، لكن الصهاينة وكما اعتادوا منذ أكثر
من 63 عاماً، لن يقبلوا هذا الحل.
وجدّد
السيد الخامنئي تحذيره لهم قائلاً: إن الزمن لا يعمل لمصلحة المستعمرين
والمستكبيرين وأن زوال الغدة السرطانية في فلسطين أمر حتمي وليس أكثر من مسألة
وقت.
وأدان
دور أميركا الظالمة ودعاها للاستفادة من دروس التاريخ خصوصاً أن الهزائم المتلاحقة
في داخل أميركا وخارجها تلاحق الأميركيين وعقارب الساعة لن تعود الى الوراء في
منطقتنا.
ثمّ
تطرّق السيد الخامنئي لما يجري في البلاد العربية من تحركات شعبية فرَحّب بثورة
مصر التي أطاحت بعميل "إسرائيل" الأول في المنطقة حسني مبارك ودعا
المصريين لأخذ الحيطة والحذر من محاولات أميركا والالتفاف على ثورتهم لإجهاضها
وحرفها عن مسارها الطبيعي، ودعا الأنظمة العربية لولوج طريق الإصلاح والتغيير
وتلبية رغبات شعوبها في التخلص من القمع والفساد وإغلاق كل النوافذ والثغرات التي
تعطي الأجنبي حجة للتدخل في شؤونها. ولم ينسَ السيد الخامنئي توجيه رسالة واضحة
للمقاومين في فلسطين خصوصاً، فذّكرهم بالبعد الإيماني للثورة الإيرانية ودعاهم لاعتماد
خيار الإسلام كطريق حاسم لتحقيق الانتصار على المعتدين الصهاينة، وأعاد التأكيد
أنه ومنذ سنوات طويلة طرح هذا الخيار على الفلسطينيين وعلى أحد زعمائهم وهو يعود
ليكرر اليوم على مسامع الحاضرين أن النصر على "إسرائيل" حتمي لكن هذا
يتطلّب عودة الى ديننا الحنيف مصدر عزة وقوة المسلمين .
وختم
السيد الخامنئي كلمته بدعوة الشعوب والبلدان الإسلامية لنصرة فلسطين وتحرير القدس
قائلاً إن قوة إيران العسكرية يجب أن لا تخيف أحداً من جيراننا فهي للدفاع عن كل
المستضعفين، وطمأن الفلسطينيين أن إيران لن تتخلى عنهم وعن قضيتهم ودعاهم لتوحيد
جهودهم وطاقاتهم لتحقيق النصر النهائي على الغزاة الصهاينة وحلفائهم الأميركيين.
تلا
كلمة السيد الخامنئي كلمات رؤساء الوفود ثم كانت كلمة جامعة للرئيس محمود أحمدي
نجاد في ختام أعمال المؤتمر أكّد فيها على العناوين التي تضمنها خطاب السيد
الخامنئي وشكر المؤتمرين على جهودهم ودعاهم لمتابعة نتائج مؤتمرهم من خلال اللجان
التي تشكّلت لهذه الغاية، ثم قام بنفسه بتوزيع هدايا تذكارية على جرحى وذوي شهداء
مسيرات العودة في لبنان وسوريا.
أهمية مؤتمر
طهران تكمن في هذا الحشد الكبير الذي تجاوز الـ 700 مندوب، مثلوا أكثر الدول
الإسلامية والعربية والصديقة لفلسطين، وفي التفاعل الرائع بين المؤتمرين الذين
حملوا معهم تأييد شعوبهم واستعدادها لتقديم كل ما يلزم من أجل القدس وفلسطين، وثمّ
في توقيته، حيث جاء انعقاده في ظل حراك شعبي عربي أثمر هزيمة جديدة للصهاينة من
خلال سقوط نظام مبارك في مصر وعودة الحياة تدريجياً الى العلاقات بين مصر وقطاع
غزة الذي عمل مبارك على خنقه واستكمال محاصرته لأكثر من خمس سنوات، ثمّ في ظل
استعدادات فلسطينية وعربية وإسلامية ودولية لتنظيم مسيرات مليونية جديدة نحو
الحدود مع فلسطين المحتلة في السنة القادمة بعد المسيرات الأخيرة في لبنان وسوريا
التي وضعت الصهاينة لأول مرة منذ أكثر من 60 عاماً أمام حتمية زوال كيانهم بفعل
إصرار أصحاب الأرض على تحريرها واستعدادهم للتضحية في سبيلها.
ثمّ إن
هذا المؤتمر يأتي لتذكير بعض من أضاع البوصلة من العرب فراح ينفخ في بوق الفتنة
المذهبية بين شيعة وسنة متناسياً الخطر الصهيوني على أمنه ومستقبله ومسخراً جهوده
وإمكاناته المادية والبشرية لخدمة المصالح الأميركية في المنطقة لتمكينها من إبقاء
قبضتها على ثرواتها النفطية واستكمال دورها في قمع الشعوب العربية وكبح تطلعاتها
في الحرية والوحدة وإزالة كل آثار الاحتلال عن ترابها الوطني منذ فلسطين الى سوريا
والعراق ولبنان وكل شبر وطأته القدم الأميركية والصهيونية.
لقد
احتضنت إيران فلسطين وقضيتها منذ انتصار ثورتها عام 1979 ولم تتوانَ عن تقديم
الدعم المادي والمعنوي للمقاومين الفلسطينيين ودفعت ثمن ذلك حصاراً "لم تنتهِ
فصوله بعد" وتهديدات بالاعتداء على مرافقها العسكرية والاقتصادية، لكن ذلك لم
يثنِ إيران عن دورها، بل لعل التطور التكنولوجي والنووي الذي أذهل العالم وجعل من
إيران دولة يُحسب لها حساب كان الرد الأبلغ على حصارهم وتهديداتهم وعقوباتهم، كما
أن عودة إيران للعب دور استراتيجي في المنطقة واحتضانها لحركات المقاومة في لبنان
وفلسطين أفشل كل مخططاتهم وتهديداتهم ووضعهم في موقف الدفاع بعد أن كانوا لعقود
خلت يهاجمون ويدمّرون دون وازع من خُلق أو ضمير.
فهل
يستفيد العرب من قوة إيران بدل استعدائها؟ وهل يدرك العرب، ولو متأخرين، أن العدو
الدائم لهذه الأمة هم الصهاينة ومن والاهم، وأن إيران الإسلامية هي الضمانة لأمنهم
فيعيدوا النظر بسياساتهم الراهنة التي لا تخدم إلاّ أعداء الأمة من المستعمرين
الجدد – الصهاينة والأميركيين؟.