بيروت
تفاعلت قضية ضبط الجيش اللبناني قبل يومين سفينة محملة بالأسلحة في المياه الإقليمية اللبنانية.
وأوضحت مصادر عسكرية لبنانية أن الباخرة تدعى 'لطف الله ـ2'، وتحمل العلم السيراليوني، وتم ضبطها ضمن المياه الاقليمية، قبالة مرفأ سلعاتا في منطقة'البترون شمال لبنان، وكانت قادمة من مرفأ الإسكندرية في مصر، ومحملة بثلاثة مستوعبات تتضمن أسلحة خفيفة ومتوسطة مع ذخائرها، لكن لم يعرف حتى الآن مصدرها الحقيقي، ولا وجهة السلاح الموجود على متنها. وأفادت مصادر أمنية لبنانية بأن الباخرة خرجت من ليبيا، وأكملت إلى مرفأ الاسكندرية، ثم إلى المياه الإقليمية اللبنانية، وأن صاحبها سوري الجنسية ويدعى (محمد خ.) وقائدها شقيقه، وأن وكيلها لبناني من مدينة الميناء يدعى (أحمد ب.) ومخلصها الجمركي هو اللبناني (مطاوع ر). وأكدت مصادر أمنية أن الأسلحة مخبأة ضمن أوعية مخصصة لزيوت السيارات، وأن الجيش استقدم رافعة وثلاث ناقلات دبابات عسكرية لنقل المستوعبات من سلعاتا إلى قاعدة جونية العسكرية.
واشارت المصادر الى أنه بناء على معلومات توفرت لدى مخابرات الجيش اللبناني، تم اعتراض الباخرة 'لطف الله 2' من قبل قوة تابعة لبحرية الجيش (مغاوير البحر) مؤلفة من ثلاثة طرادات عسكرية، قرابة التاسعة من صباح السبت، في المياه الإقليمية اللبنانية، وخلال عملية التفتيش عثر على مجموعة مستوعبات تحوي كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، هي عبارة عن رشاشات 'كلاشينكوف'، رشاشات 'ام 16'، قاذفات 'آر بي جي'، وكميات كبيرة من القذائف الصاروخية (ار بي جي) وقاذفات 'لاو'. وتردد ان من ضمن الحمولة قذائف مدفعية مختلفة العيارات، ومضادات للطائرات من عيار 23 ملم، وذخائر مختلفة اضافة الى مادة الـ ' تي ان تي'.
واضافت أن القوى العسكرية، وبعدما وضعت يدها على السفينة، أوقفت جميع أفراد طاقمها، بمن في ذلك وكيلها ومخلصها، واقتادتهم الى التحقيق لدى مخابرات الجيش في ثكنة القبة، فيما تم نقل السفينة بمواكبة قطع عسكرية عائدة لبحرية الجيش الى مرفأ سلعاتا، حيث فرض طوق أمني مشدد حولها، وتم إفراغ حمولتها، ومن ثم نقلها بواسطة شاحنات عسكرية الى قاعدة جونية البحرية.
ورجحت أوساط اعلامية ان تكون حمولة الاسلحة موجهة الى المعارضة السورية المسلحة، فيما لفتت مصادر أمنية الى ان البت بهذا الامر رهن باكتمال التحقيق.، لكن معلومات 'القدس العربي' تفيد أن التحقيق سيظهر أن هذه الاسلحة متجهة الى المعارضة السورية، ولو أنها كانت متجهة الى الجيش النظامي السوري لما كان أوقفها الجيش اللبناني وذلك لأن اتفاقيات عسكرية تحكم العلاقة بين لبنان وسورية.
وأعطى الاعلام التابع لقوى 8 آذار حيزاً كبيراً لقضية الباخرة، وإتهم شخصية سياسية من مدينة طرابلس لم يسمّها بالوقوف وراء هذه الباخرة. وذكر أن هذه الشخصية توجهت الشهر الماضي إلى مصر حيث عقدت عدة اجتماعات مع قادة إحدى المجموعات المقاتلة في ليبيا، بحضور بعض أعضاء المجلس الوطني السوري. واتُّفق خلال الاجتماع على تزويد 'الجيش السوري الحر' بأسلحة مضادة للدروع بنصف الثمن الأصلي في السوق. واضافت المصادر أن الشخصية الطرابلسية رددت خلال الاجتماع أن تنسيقاً ما سيجري مع قوات اليونيفيل البحرية لغض النظر عن حمولات الأسلحة التي ستصل إلى ميناء طرابلس.
ونقل الاعلام التابع لقوى 8 آذار والمقرّب من حزب الله عن مسؤول لبناني رسمي أن كمية الأسلحة المضبوطة ونوعيتها تشير إلى منحى خطير في تصاعد الأزمة السورية، لناحية كون عملية إمداد المجموعات المعارضة في سورية بالسلاح تخطّت أعمال التجارة المحدودة.فما ضُبط 'يعني أن ثمة قراراً كبيراً على مستوى المنطقة، وربما على مستوى العالم، يقضي برفع مستوى تسليح المجموعات المقاتلة المناهضة للنظام السوري، مع ما يعنيه ذلك من نية لتوتير الأوضاع خلف الحدود اللبنانية، في ظل الحديث عن مبادرة أممية تهدف إلى منع الحرب الأهلية في سورية'. ورأى المسؤول اللبناني أن هذه 'الشحنة الضخمة كانت متجهة على الأرجح إلى سورية، ولا قدرة لأفراد على تحمّل سعرها ونفقات نقلها، بل إن تمويلها وتأمين وصولها إلى هدفها بحاجة إلى عمل على مستوى مؤسسات دول وأجهزة'. وأشار إلى أن 'هذا المستوى من العمل يختلف عن جمع 20 بندقية من السوق اللبنانية مثلاً، وإرسالها إلى سورية'.كذلك ألقى هذ الاعلام الحليف لسورية الضوء على الموقف الاسرائيلي من الباخرة ، وسأل 'هل مرت هذه السفينة على مرأى من الاسرائيليين؟، علماً أن إسرائيل كانت قد احتجزت الأحد الفائت في عرض البحر سفينة تحمل علماً ليبيرياً تدعى 'بتهوفن' اثناء توجهها من بيروت إلى الاسكندرية، للاشتباه في انها تحمل أسلحة إلى قطاع غزة. وبعد سيطرة وحدات الكوماندوس البحري الاسرائيلي عليها في عرض البحر، على مسافة تزيد عن 300 كيلومتر عن الشاطئ، وتفتيشها بدقة طوال الليل، تم الإفراج عنها بعد أن تبين أنها لا تحوي أية أسلحة.'
وقد نوّه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بعملية ضبط الجيش باخرة الاسلحة واحتجازها، معتبراً 'انها تصب في خانة الحفاظ على السلم الاهلي الداخلي من جهة وترجمة لقرار الدولة اللبنانية بالحؤول دون جعل لبنان ساحة لصراعات الآخرين او ممراً لتصفية الحسابات بعدما دفع الكثير بشرياً ومادياً ثمناً لهذه الاستباحة'. وشدد الرئيس سليمان على 'اهمية ان يبقى الجيش والقوى الامنية على جهوزية تامة لدرء المخاطر ومنع اي محاولة يمكن ان تحدث فتنة او تخلق اضطراباً في الداخل اللبناني او تؤثر سلباً على علاقة الدولة اللبنانية مع الدول الشقيقة والصديقة خصوصاً في هذه الظروف التي تمر بها المنطقة ودولها'.
تزامناً، نفى عضو كتلة المستقبل النائب سمير الجسر مسؤولية أحد في طرابلس عن الباخرة وقال 'نحن ننتظر التحقيق ولا نستبق الأمور. وان الطرابلسيين غير متورطين لا في مسائل الأسلحة ولا في غيرها في ما يجري في سورية، وان مشاعر أهل طرابلس هي مع الشعب السوري وبما يريده هذا الشعب لنفسه'.