ليست النكسات والهزائم وحدها صورة الواقع العربي الراهن، ففي تاريخنا المعاصر انتصارات ووقفات بطولية وانتفاضات شعبية تؤكد جميعها على أن الأمة العربية لم تستسلم ولم تنهزم بل هي لا تزال تخوض الصراعات ضد خصومها بعزم، ونحن هنا لن نتحدث فقط عن حركة المقاومة في العراق وفلسطين والصومال ولا عن انتصار لبنان على عدوان تموز عام 2006، ولا عن تعرض المشروع الأمريكي – الصهيوني في المنطقة لتراجعات واضحة بل سنتحدث اليوم عن حدثين مهمين ترافقا مع يوم 25 مايو / أيار.
الحدث الأول: حدث الوحدة اليمنية، أو كما يحب اليمنيون أن يسموه "إلغاء التشطير" فقد جاء هذا الحدث الوحدوي الكبير في ظل تلك الحملة المشوهة ضد الوحدة وضد القومية العربية، ولتؤكد أن إرادة الوحدة قادرة على انجاز مهام كبرى في المنطقة، وقادرة أيضا على الصمود في وجه الدعوات والمحاولات الانفصالية التي تتالت، منطلقين من أن دولة الوحدة مهما كانت الأخطاء المرتكبة خلالها ومهما كانت العثرات التي تعترض بنيتها هي الأقدر على التصحيح والتجاوز، مستذكرين انه في أسبوع واحد في الشطر الجنوبي سقط أكثر من عشرة آلاف قتيل في صراع الأشقاء وهو اخطر من أية أخطاء وحتى خطايا في دولة الوحدة لا يغير من ذلك أن صيانة الوحدة وتجذيرها لا يقل أهمية عن إقامتها، وهي صيانة وحماية لا يمكن أن تتحقق إلا بتعميق الديمقراطية والمشاركة السياسية.
الحدث الثاني: هو تحرير الجنوب اللبناني عام 2000 على إيقاع ضربات المقاومة بعد صراع مرير امتد لما يقارب العقدين من الزمن، وجاء هذا التحرير في الوقت الذي كان البعض يتهكم على قدرة المقاومة في انجاز هذا الهدف الكبير وتحقيق ما عجزت عنه الجيوش العربية، وأهمية هذا التحرير انه وربما للمرة الأولى لا يترافق مع تنازلات سياسية أو أمنية بل جاء عبر هزيمة العدو نتيجة التكاليف المرتفعة الثمن التي أوقعتها المقاومة اللبنانية بقواته مما اضطره للانسحاب في جنح الظلام، ومما يزيد من أهمية ذلك الانتصار هو حكمة المقاومة في عدم تحويل الانتصار العسكري والسياسي على العدو الى هزيمة داخلية من خلال حمامات الدم التي كان كثيرون يتوقعونها ثأرا من العملاء الذين ساندوا الاحتلال.
إن هذين الحدثين [الوحدة والتحرير] يقطعان الطريق على كل المقولات والتنظيرات بسقوط شعارات وأهداف الجيل الذي حمل شعارات المقاومة القومية، ويؤكدان على أن الأهداف الوطنية الكبرى ممكنة التحقيق عند توفر الإرادة والقوى المنظمة والمعبأة وراء هذا الهدف، والتقاطها الفرص التاريخية المتاحة