بوادر أزمة دبلوماسية بين مصر وقطر على خلفية "خطاب الضمان

شنت مصر اليوم الاحد هجوما عنيفا ضد قطر واتهمت إعلامها بالإمعان فى تحريف الموقف المصرى بشأن طلب قطر خطاب ضمانات أمريكى حول العملية التفاوضية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

ويأتي الهجوم المصري في أعقاب السجال الحاد الذي شهدته الأيام القليلة الماضية بين القاهرة والدوحة على خلفية نفى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، علم بلاده بموضوع خطاب الضمان الذي قالت قطر إنها قدمته باسم لجنة مبادرة السلام العربية إلى الإدارة الأمريكية،

وهو ما اعتبرته الدوحة "نوعا من التخلي" عن خطاب الضمان، وقالت إن "مصر والدول العربية لديها علم بالموضوع وإن قطر أودعت نسخة من ذلك الخطاب لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية".

وأعرب مصدر مسؤول بوزارة الخارجية المصرية عن استغرابه إزاء الضجة التى أثارتها وزارة الخارجية القطرية بشأن الضمانات، والإيحاء الباطل تلميحا وتصريحا بأن مصر تخلت عن الفكرة أو أنها تسعى للضغط على الجانب الفلسطينى للتخلى عنها.

ونقل موقع "اخبار مصر" الالكتروني عن المصدر قوله: إن ما فعله الإعلام القطري هو إدعاء كاذب بشهادة كل من يعرف أن فكرة طلب ضمانات أمريكية مدعومة دوليا تمثل محورا أساسيا فى التفكير والجهد المصرى والعربى المبذول من أجل استئناف المفاوضات على أساس سليم، وأن هذا الإدعاء لا يهدف إلا إلى المزيد من التعريض بمصر ومواقفها وجهودها المتواصلة والمضنية من أجل نصرة القضية الفلسطينية.

وأعرب المصدر عن استغرابه إزاء الضجة التى أثارتها وزارة الخارجية القطرية تعليقا على تصريح منسوب لأحمد أبو الغيط وزير الخارجية بشأن الموقف المصري من الضمانات

وأضاف المصدر القول: "إن حقيقة الأمر تتمثل فى أن فكرة وطلب الحصول على خطاب ضمانات من الجانب الأمريكى بشأن استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تم بالفعل فى اجتماع عقد - بمبادرة مصرية - يوم 25 سبتمبر/أيلول فى نيويورك وأن الطرف القطرى، باعتباره يترأس القمة العربية، أبدى رغبة واستعدادا لنقل هذا الموضوع إلى الإدارة الأمريكية.

وأشار المصدر الى ان الجانب القطري قدم "مذكرة" (وليس رسالة أو خطاب) موجهة من السفارة القطرية فى واشنطن بتاريخ 28 سبتمبر إلى وزارة الخارجية الأمريكية، وقال ان صياغتها تفتقر إلى الكثير من الدقة المطلوبة ولم يأت بها لفظ "ضمانات" على سبيل المثال مما يجعل من العسير على أى طرف متلقى أن يفهم المقصود منها، وانعكس ذلك فى تصريح وزير الخارجية عندما سئل عن "وجود رسالة تطلب ضمانات" مقدمة من الجامعة العربية فنفى علمه بها.

وأوضح المصدر أن المبعث الأساسى للاستغراب هو أن المسلك القطرى إزاء تصريحات منسوبة إلى وزير الخارجية لم يأت -كما تقضى الأعراف الدبلوماسية- من خلال محاولة استيضاح الموقف أولا عن طريق أى من السفيرين المعتمدين فى العاصمتين ثم تدبر الموقف إذا ما كان يحتاج إلى إجراءات إضافية أو حملة إعلامية ودبلوماسية،

مشيرا إلى أنه كان سيسعد الجانب المصرى توضيح الأمر للمسؤولين القطريين إذا ما طلبوا ذلك دون افتعال ضجيج إعلامى لا مبرر له بل ويتناقض مع متطلبات المرحلة الحالية من العمل العربى والعلاقات العربية.

وتابع المصدر: بالإضافة إلى كونها مذكرة وليست رسالة ترقى كما كان يتوقع إلى مستوى أهمية الموضوع- فهى تفتقر إلى الكثير من الدقة المطلوبة ولم يأت بها لفظ "ضمانات" على سبيل المثال مما يجعل من العسير على أى طرف متلقى أن يفهم المقصود منها.

وقال المصدر أنه لما كانت المذكرة ركيكة فى الشكل وضعيفة فى المضمون على النحو المبين فقد انعكس ذلك فى تصريح وزير الخارجية عندما سئل عن "وجود رسالة تطلب ضمانات" مقدمة من الجامعة العربية فنفى علمه بها.

وأشار المصدر إلى أن حسن النية كان متوافرا عند إدلاء ابو الغيط بهذا التصريح وأن الأمر لم يكن يتطلب زوبعة إعلامية على نحو ما شهدناه.

وقال المصدر أيضا أن آخر ما يثير الاستغراب هو ما تضمنه التصريح الصادر عن الخارجية القطرية من أنه "يثور فى الذهن التساؤل عن الأسباب التى تدفع لهذا الأسلوب كما حصل فى مناسبات سابقة...". وقال أن هذه الإشارة سوف تتطلب توضيحا من الجانب القطرى وأن ذلك سيتم من خلال القنوات الدبلوماسية.

بداية الأزمة

وكان وزير الخارجية المصري قال في تصريحات له يوم الأربعاء الماضي إن مصر ليس لديها علم بأي خطاب لطلب ضمانات قدم إلى الإدارة الأمريكية بشأن القضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الأوسط.

وفي اليوم التالي، أعربت قطر عن استغرابها من تصريحات وزير الخارجية المصري، وقالت وزارة الخارجية القطرية إن "حقائق هذا الموضوع معروفة لدى جميع الدول العربية»، مشيرة إلى أن اللجنة الوزارية لمتابعة مبادرة السلام العربية اتفقت في اجتماع لها بنيويورك أواخر سبتمبر/أيلول الماضي على الحصول على رسالة ضمانات من الجانب الأمريكي.

وأضافت الخارجية القطرية أن تلك اللجنة اتفقت أيضا على أن تقوم دولة قطر بصفتها الرئيس الحالي للقمة العربية بإبلاغ واشنطن بتلك الضمانات.

وأشارت إلى لقاء رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني أوائل الشهر الحالي في واشنطن مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون وتصريحاته عقب اللقاء بأن قطر قدمت الطلب وما زالت تنتظر الرد.

في غضون ذلك، قالت مصادر دبلوماسية عربية لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية إن "موضوع الخطاب قديم ويعود إلى عهد الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة جورج بوش، والمحاولات التي جرت وقتها لحلحلة الموقف"، نافية أن تكون لذلك الخطاب علاقة بالتحركات والاتصالات الجارية حاليا في إطار تنفيذ رؤية الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما لبدء مفاوضات مباشرة بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل تفضي إلى إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة بجوار إسرائيل.