ابو ابراهيم الاحمد عميد
المزاج : غاضب من اجل فلسطين تاريخ التسجيل : 22/01/2009 الابراج : الأبراج الصينية : عدد الرسائل : 826 الموقع : https://fateh83.yoo7.com العمل/الترفيه : الرياضه
بطاقة الشخصية فتح: 50
| موضوع: تل أبيب وأنقرة: اعتذار باراك لم يصلح ما أفسده أيالون الإثنين فبراير 15, 2010 1:49 am | |
| تل أبيب وأنقرة: اعتذار باراك لم يصلح ما أفسده أيالون
|
| محمد رشاد الشريف |
|
يطرح ما جري مع السفير التركي في الكيان الصهيوني، في كانون الثاني الماضي، والإهانة التي وجهها له نائب وزير الخارجية الصهيوني داني أيالون، ثم رد الفعل الحازم الذي أبدته الحكومة التركية، التساؤل من جديد حول علاقات أنقرة وتل أبيب، وما طرأ عليها من تغيرات في السنوات الأخيرة، وأبعاد هذه التغيرات، وصلتها بالتحولات التي حدثت في السياسة التركية، في ظل قيادة
|
|
حزب العدالة والتنمية، واستدارة هذه السياسة نحو الشرق، باتجاه الفضاء العربي، وما يمكن أن يكون لتركيا من تأثير، في الوضع الجيو سياسي في المنطقة، وعلى الصراع العربي الصهيوني على وجه الخصوص . توتر متصاعد في علاقة خاصة يمكن القول إن التصرف الذي قام به أيالون تجاه السفير التركي في الكيان الصهيوني، لا يعكس تجاوزا لأصول التعاملات الدبلوماسية بين الدول وحسب، بل الطبيعة العنصرية الاستعلائية، وروح الغطرسة الصهيونية التي تخفي دونية وقلقاً يتغطى بالفظاظة والعنجهية. وقد أبرزت هذه الحادثة التي أراد منها الصهاينة الاحتجاج على بث مسلسل تركي (وادي الذئاب ) يصور شيئاً من السلوك الإجرامي للصهاينة تجاه الفلسطينيين، حجم التأزم الذي وصلت إليه العلاقات بين تل أبيب وأنقرة، والذي بدا وكأنه نار تحت الرماد. وقد جاء تصرف نائب وزير الخارجية الصهيوني، الذي تمثل في استدعائه السفير التركي وجعله ينتظر طويلاً، ثم أجلسه على كرسي واطئ وقرعه، ليعكس التوتر الخفي في هذه العلاقات، والنزق الصهيوني في التعامل مع المواقف التركية العادلة، التي أخذت تبرز في السنوات الأخيرة . لقد كانت تركيا في السابق، تنفرد من بين الدول الإسلامية، بعلاقات مميزة مع الكيان الصهيوني، ذلك أنها أول دولة إسلامية اعترفت بهذا الكيان، بعد قيامه بوقت قصير( في آذار عام 1949)، وافتتحت قنصليتها في تل أبيب عام 1950، محققةً للصهاينة ما كانوا يطمحون إليه من كسرٍ للطوق العربي الإسلامي من حولهم. وقد جاء هذا الموقف التركي في حينه متسقاً مع التوجه الغربي لتركيا التي كانت عضواً في الحلف الأطلسي، ثم في حلف السانتو (حلف بغداد)، والهاجس الذي كان يسيطرعلى دول المنطقة ذات التوجه الغربي ، في مواجهة المد الشيوعي وتطويق الاتحاد السوفييتي، وفي ظل الفتور الذي كان يطبع العلاقات العربية التركية، من أيام الحرب العالمية الأولى وتحالف العرب مع الإنكليز أيام الثورة العربية الكبرى، وما ظهر بعد ذلك من حساسيات حدودية مع بعض الدول العربية. وعلى الرغم من أن تلك العلاقات مع الكيان الصهيوني، كانت علاقات عادية تنقصها الحرارة، حتى أنها خفضت تمثيلها عام 1981 إلى مستوى سكرتير ثان، بعد إصدار الكنيست "قانون القدس"، إلا أنها شهدت حرارة أكبر منذ أواخر الثمانينات، حيث استأنف الطيران التركي رحلاته إلى الكيان الصهيوني وأخذ السياح الصهاينة يتدفقون على تركيا. وبعد مؤتمر مدريد عام 1991، واتفاق أوسلو عام 1993 بدأت مرحلة جديدة غير مسبوقة في العلاقات، بعد أن زال الحرج عن من يريدون تعزيز هذه العلاقة، حيث جرى في كانون أول 1991 افتتاح سفارات متبادلة لأول مرة بين الطرفين. وقد قرر القادة الأتراك في حينه إجراء حوار علني مع نظرائهم في الكيان الصهيوني لتوسيع التحالف الاستراتيجي بين الطرفين، وجرت في السنوات اللاحقة حوارات وزيارات متبادلة، من أبرزها زيارة رئيس الكيان الصهيوني عيزرا وايزمان لتركيا عام 1994، التي بحث خلالها توقيع اتفاقات اقتصادية، واتفاق تجارة حرة وتعاون في الصناعة الأمنية، وبيع المياه التركية للكيان الصهيوني وتوثيق العلاقات السياحية. ووصلت الأمور في هذا المجال ذروتها في الاتفاقات العسكرية والأمنية التي عقدت بين الطرفين في شباط عام 1996، والتي شملت تعاوناً في مجالات التثقيف والتدريب والتعاون الاستخباري وزيارات للقطع البحرية، وتحديث طائرات الفانتوم التركية، وإنتاج طائرات بدون طيار. وفي عام 1998 جرى الحديث عن صفقات أسلحة وأجهزة عسكرية، وتحسين دبابات م60 التركية، وإنتاج صواريخ من طراز بوباي، وآرو، وكانت المناورات الأمريكية الصهيونية التركية في شرق المتوسط عام 1997، علامة بارزة في مسار هذه العلاقات، التي شهدت تطوراً موازياً، في المجالات الأخرى الاقتصادية والسياحية والزراعية. تراجع العلاقات منذ وصول حزب الرفاه الذي كان يتزعمه نجم الدين أربكان إلى السلطة عام1996، بدأت حالة من التوتر الخفي والارتياب تشوب هذه العلاقات بين حين وآخر، بسبب التوجهات الإسلامية لهذا الحزب. وعلى الرغم من إسقاط حكومة هذا الحزب، إلا أن الإسلاميين عادوا إلى السلطة تحت راية حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان، ومنذ ذلك الحين تصاعد النقد التركي للسياسات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية، ووصفها بالإرهاب، استمرت في المقابل العلاقات الاقتصادية والسياحية والتعاون العسكري، وإجراء المناورات السنوية المشتركة للطرفين مع الولايات المتحدة، فضلاً عن العلاقات الدبلوماسية العادية. وفي الوقت الذي كانت السياسة التركية تستدير شرقاً في السنوات الأخيرة، وتتعزز وخاصة مع سورية، بعد المماطلات الطويلة من قبل الأوروبيين في ضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، كانت تركيا تحاول لعب دور إقليمي كجسر بين المسلمين والغرب من جانب، وكوسيط في الصراع العربي الصهيوني من جانب آخر، إلا أنها لم تكن تجد آذاناً صاغية في غالب الأحيان من الطرفين الغربي والصهيوني، حيث إن الصهاينة لا يريدون لتركيا مثل هذا الدور، ويريدون أن يقتصر على الولايات المتحدة فقط، لأنها منحازة دوماً إلى جانبهم. وقد أفسح المجال لتركيا للعب دور على هذا الصعيد في عهد حكومة إيهود أولمرت، التي كانت بحاجة للمناورة على هذا الصعيد، والإيحاء بأنها تقوم باختراق في مجال "العملية السلمية"، وخاصة في ضوء الفضائح التي كان يواجهها اولمرت ، ولممارسة لعبة المناورة بين المسارات التفاوضية، فسمحت لتركيا بالقيام بدور الوسيط في المفاوضات غير المباشرة التي جرت مع سورية، وتوقفت كلياً بعد العدوان على غزة، والذي انتقدت فيه تركيا بقوة الوحشية الصهيونية، ولعبت دوراً في وقف إطلاق النار، وفي تقديم الدعم للمحاصرين في غزة، ووصل الأمر ذروته حين تصدى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان العام الماضي، للرد على أكاذيب رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيرس في مؤتمر دافوس، وانسحب من القاعة، وهو ما أثار إعجاب الشعوب العربية بهذا الموقف التركي الحازم. وشكل العدوان الصهيوني على غزة، ومجيء حكومة نتنياهو الأكثر تطرفاً على السلطة في الكيان الصهيوني نقطة تحول في علاقات أنقرة وتل أبيب، فقد استمرت حكومة أردوغان في توجيه الانتقادات الشديدة للسياسة الصهيونية، وفي الوقت نفسه كانت حكومة نتنياهو تعلن أن تركيا ليست مؤهلة للعب دور الوسيط في الصراع العربي الصهيوني سواء على المسار السوري أو غيره، وأنها منحازة إلى الطرف العربي في الصراع. لا شك أن الصهاينة يولون أهمية كبيرة لعلاقاتهم مع تركيا، من الناحية الإستراتيجية فتركيا دولة كبيرة في المنطقة من النواحي الاقتصادية والعسكرية والسكانية والجغرافية، وهم يخشون حقاً من التحولات في السياسة التركية، ومن توطد العلاقات بينها وبين سورية وإيران وانفتاحها على البلدان العربية، خاصة أن ذلك يجري في ظل تحولات في المناخ الدولي سمتها الرئيسة تراجع الولايات المتحدة عن مكانتها كقطب أعظم وحيد في العالم، وتراجع وفشل مشروعها لبناء شرق أوسط كبير في المنطق، وهي تحولات في المنطقة والعالم لا تريح الصهاينة، بل تثير قلقهم بشدة. وقد برز هذا الخوف الصهيوني على هذه العلاقة، في الانتقادات التي وجهها عدد من القادة والكتاب الصهاينة لنائب وزير الخارجية داني أيالون، ووصفهم تصرفه بالأحمق، والمسارعة لتقديم الاعتذار الرسمي لتركيا في الوقت المطلوب، ومحاولة وزير الحرب الصهيوني إيهود باراك ترميم العلاقة مع تركيا، خلال زيارته لأنقرة في 17 كانون الثاني الماضي، قائلاً :"إن ما حدث كان خطأً يجب تصحيحه"،إلا أن القادة الأتراك ظلوا على موقفهم الحازم، حيث تجنب الرئيس التركي عبد الله غول ورئيس الحكومة أردوغان وحتى رئيس الأركان التركي باشبوغ لقاءه، واقتصرت محادثاته على زير الخارجية داوُد اوغلو ووزير الدفاع غونيل. وقد أعلن أردوغان: "أن الأزمة الدبلوماسية مع "إسرائيل" كشفت أنه ليس هناك من يجرؤ على ممارسة الألاعيب مع تركيا، وأن تركيا لا يمكن أن يتلاعب بها أحد ". |
|
| |
|