مناسبة يوم الأسير الفلسطيني

بســـم الله الرحمن الرحيم

كلمة أمين سر إقليم لبنان لحركة فتح الانتفاضة (الأخ حسن زيدان أبو إيهاب )

في يوم الأسير الفلسطيني بأسم تحالف القوى الفلسطينية

في احتفال الأحزاب اللبنانية الوطنية وتحالف القوى الفلسطينية في يوم الأسير الفلسطيني .

أيها الإخوة :

لأسرانا ومعتقلينا في سجون الاحتلال لغة واحدة لا يفهمها إلاّ المقاومين الذين أيقنوا أن فلسطين وطن نهائي لجميع أبنائه وأقسموا في الحفاظ على كل ذرة تراب فيه. يقابل هذه اللغة, لغة ساقطة مهزومة غريبة على قاموسنا الفلسطيني ترى في التفاوض مع الصهاينة نهاية المطاف وتعلن جهاراً نهاراً أن لا بديل عن التفاوض غير التفاوض .... أي مفارقة هذه! .. سجين في زنزانته يتحدى جلاديه ويعلن انحيازه إلى جانب المقاومة كخيار استراتيجي . وآخر يدعي لزعامة والرئاسة ويتربع على كرسيه في رام الله ويتنكر بكل ما يمت للمقاومة بصلة... بربكم من يمثل هذا الشعب أهو هذا الأسير أم ذاك الأجير الذي يسقط ألف مرة في اليوم أمام تعنت العدو وغطرسته إصراره على تنفيذ مخططاته في احتلال الأرض واقتلاع الشعب.

أيها الإخوة :

قاوم شعبنا الفلسطيني بكل ما أوتي من قوة في مواجهة الاحتلال الصهيوني واثبت بأنه قادر على تولي زمام المبادرة وحتى في أحسن الظروف , وظاهرة الأسر تجسد نضال شعبنا وهي ظاهرة ثورية تسهم في تغيير الواقع وبشكل جذري وان الاحتلال فلسطين تشريد أهلها هدف إلى تبديد الهوية الفلسطينية , ولكن في مواجهة العدو سجل شعبنا أروع صفحات المقاومة من خلال استعداده للمواجهة وكان رأس حربة في مواجهة المشروع الصهيوني في بلادنا , والثورة الفلسطينية المعاصرة بدأت كتعبيراً عن رفض الظلم والمهانة والاحتلال وطمس الهوية , والرغبات لوحدها تكفي لتغيير الواقع , وكان لا بد من تقديم التضحيات الجسام , من شهداء وجرحى ومعتقلين , فكانت المقاومة سبيله , لذلك من الطبيعي إن يكون الأسير الفلسطيني صاحب مصلحة حقيقية في التحرر وهو في طليعة المقاومين في هذه الأمة , ومن مدرسة اسر تخرج القادة .

والأسير هو الذي واجه العدو بعزم وإرادة وتحدى كل الضغوط وواجه الاحتلال والتشريد والقتل والاستيطان ومصادرة الأراضي , فكان وضوح الرؤية لديه هو ما يدفعه لمواجهة العدو الصهيوني في معركة الإرادة دفاعاً عن هويته ومستقبل شعبه .

أيها الإخوة

عدد الأسرى والمعتقلين ليس رقما فحسب فهو دليل ومؤشر هام لنضال شعبنا خلال عقود طويلة وعلى سبيل المثال خلال الانتفاضة الأولى بلغ عدد الأسرى والمعتقلين من شعبنا الفلسطيني 5 % خمسة في المائة من مجموع شعبنا في الأراضي المحتلة , وهذا الرقم يدل على صلابة هذا الشعب واستعداده للتضحية وهنالك 70 الفا اعتقلوا خلال الانتفاضة الثانية منهم (800) أسيرة و 800 طفل وزعوا جميعاً على 25 معتقلاً ومركزاً للتوقيف إلى جانب 47 أسيرا من العالم العربي وان عدد حالات الاعتقال في صفوف شعبنا الفلسطيني منذ عام 1948 , بلغت 800 ألف حالة أي ما نسبته ربع الشعب الفلسطيني 25 % من الشعب الفلسطيني وان معدل الاعتقال اليومي خلال الانتفاضتين الأولى والثانية بلغ (20) حالة اعتقال يومية .

وحاول العدو الصهيوني من خلال القمع والمجازر التي ارتكبها إلى قتل روح المقاومة لكن هدفه لم يتحقق , وقدم الفلسطينيون الشهداء والجرحى والأسرى والمعتقلين والمبعدين , وهدمت بيوتهم وصودرت أراضيهم وتصاعدت الهجمة الاستيطانية الصهيونية .

وحاول العدو خلق أمر واقع جديد مستغلاً اتفاقيات الإذعان والتفريط من اوسلو وأخواتها , وفي المقابل ازداد الرفض الجماهيري للاحتلال وتزايد الوعي وأصبحت الظروف مهيأة لانفجار نوعي جديد تجلى في انتفاضة الأقصى والتي كانت خطوة على طريق التحرر .

إن شعبنا الذي مارس العمل الكفاحي من جيل إلى جيل , تولدت لديه قيم اجتماعية جديدة ساهمت في مشاركة الشباب بالنضال وأغنت تجربته النضالية وأدت إلى تطوير القدرات القيادية بشكل كبير وخاصة لدى القادة التي تخرجوا من مدرسة الأسر , وهي إن دلت على شيء فهي تدل على مدى صلابة شعبنا وإيمانه بقضيته وإصراره على تحقيق أهدافه في طرد الاحتلال على الرغم مما يتعرض له من الآثار السلبية الناجمة عن الأسر .

أيها الإخوة :

في هذا القاء اليوم تتجسد أنبل المعاني التضامنية ويحصرني قول سيد المقاومة السيد حسن نصر الله ..

ونحن قوم لا نترك أسرانا ..... وقوله إن الوقت لن يكون لمصلحة الصهاينة إذا لم يسرعوا في الإفراج عن أسرانا , وان صبر المقاومة قد نفذ وان العدو لا يفهم إلا لغة القوة " .

ونحن من جانبنا نجدد العهد والوعد بالاستمرار في مسيرة العطاء والتمسك بالمقاومة خيارنا لتحرير الأرض وصون الكرامة والعمل وبكل الوسائل المتاحة من اجل الإفراج عن آسرانا ومعتقلينا وقضية الأسرى هي قضية وطنية بامتياز ومتمسكين بثوابتنا الوطنية وتحرير فلسطين من نهرها إلى بحرها ....

وان يوم الأسير الفلسطيني الذي حدد في 17/4/2010 هو مناسبة وطنية وقوميه وإنسانية نجدد من خلالها التزامنا بخيار المقاومة وتحرير المقاومة وتحرير الأرض

الحرية لأسرانا البواسل .

أسرانا البواسل أصبح كل يومٍ يوماً حاسماً في هذه اللحظة. من اجل القضية التي تضحون بلا توقف ولا تردد من أجلها، يتكاثر ابناؤها المخلصون رغم المتساقطين والمتخاذلين والقلقين على المال والجاه والمكانة.

لم يخطر ببال ايٍ منكم أن تحل التسوية مكان التحرير وأن تستثني التسويه من حمل الوطن !لم يخطر ببال ايٍّ منكم أن يوضع حق العودة في المناقصات، وأن يجد المتنازلون من يدافع عنهم بلا خجل ولا وجل!

لقد اصبح للردَّة انياباً وجيشاً

اسمحوا لنا في هذه الأسطر التي ليست مجرد بيان، بل تواصلٌ وإعلان، بأن الأمة باسرها تنقسم لأول مرة بين الشعبي والرسمي، وبأن صف الممانعة والمقاومة يقف في وجه التطبيع وبيع الأرض وقتل روح المقاومة فيكم وفينا. فهذا الصفُّ يقف معكم ولكم.

هذه رسالة تواصل وتأكيد بأن الأمة معكم تحمل الرسالة التي من أجلها وفي سبيل تحقيقها تضحون بزهرة شبابكم.في يومكم هذا وفي كل الأيام التي تمر عليكم وأنتم محرومين من نسائم الحرية نقول لكم لستم وحدكم، لم تكونوا ولن تبقوا وحدكم. هذا وعدنا لكم أن نظل حاملين للأمانة والوصايا التي تركتموها لنا وأنت تعبرون إلى عالم النضال الذي صقل ذاتكم الجماعية وحول الوعي الذي حملتموه إلى ممارسة نضالية وضعت قضيتنا الوطنية على أعتاب الإنعتاق من براثن الإحتلال الجاثم على صدورنا منذ إثنين وستين عاما.

موعدنا معكم أن تخرجوا إلى الوطن الذي ضحيتم من أجله، لا أن تخرجوا إلى لجوء آخر، حيث لا وطن. فالوطن الذي نحلم بالعيش به ما زال بعيدا عن التحقق ولن يتحقق بفعل الإرتهان إلى النظام الرسمي العربي الذي فرط بحقوقنا ويهرول ليل نهار باحثا عن مناخات تصالحية مع العدو الصهيوني، ولن يتحقق بالتماهي مع النظام العالمي الجديد الذي يعمل على سلب الشعوب إنجازاتها التاريخية وإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء مستندا إلى نظام القطب الواحد الذي أخل بالتوازن الكوني وسبب الكوارث بالعراق وأفغانستان ويحاول الأن تدجين من تبقى من دول الرفض والممانعة لمشروعة.

اسرانا البواسل لأنكم ضميرنا الحي وإيماننا المطلق بحتمية الإنتصار على العدو لا يسعنا في هذا اليوم إلا الوقوف أمام تضحياتكم وعطائكم بكل الفخر والإعتزاز فإلى الأمام يا أبطال هذا الزمان.