قصيدة: رحيـــــــــــــــل وِدّ..
بقلم الأسير المحرر: د. سالم البحيصي/غزة
إلى روح ودّ أبي في مثواه العم / أبو طـــــــــــه البحيصي
رحل الوديد فعزّني يا صاحِ
مَن لي يضمدُ من أسايَ جراحي
رحل الرفيقُ ولم أكن بجواره
حتى أوسِّــــدَ تربــــهُ بالـــــراحٍ
يا قسوةَ الأيام حين رجوعنا
لبلادنا قد صار غير متــــــاح *
هي سُنَّة النُظُم الحقيرة كلها
أن يغلقوا الأبواب بالمفتـــــاح
الحِلم عندهُمُ تجبّرُ عاجــــز
والظلم أقسى من طعون رماح
يا خيرَ ود أبٍ لمثلي يُحتذى
في المكرُمات مروءةٍ وسماح
كنت الوفيَّ له وكان كلاكما
أخوينِ في الأفراح والأتراح
حاولت أن أوفيكَ حقكَ مثلما
أوصى النبيُ تقــــرّبا لفلاح
أنا لست أدري هل نجحتُ كما يكن
حفظ الودادِ وما رمانيَ لاح(1)
يا حاملي نعش الحبيب تمهّلوا
حتى أودّع َ صاحبي بنواحِ
وأسير خلف النعش أحمل ركنه
أستجلبُ الرحماتِ من فتـّاحٍ
أدعو له في كل خطوةِ رحمة
حتى يوارى في أديم بطاح
وأرشُّ فوق القبرٍ سيل مدامعي
كي تُنبتَ الزهرات ِ في الإصباح
يا راحلاً لمّا بِودّك تلتقي
وتراهُ عند تقابلِ الأرواح
سلّم على الودّ الحبيب وقل ل
كم من ليالٍ بالهناءِ ملاحِ
في المقعد الميمون ِ كان لقاؤنا
نتناول القهواتِ بالأقداح
يا ما تبادلنا الحديث طرافة ً
حيناً بجدٍ ....تارة ً بمزاح
والشعرُ كان جليَسنا ونديمَنا
يثري الحديثَ بعطره ِ الفواح
والبحرُ كانَ مضيفَنا برماله
والموج ُ كان كرائق ٍ في راح(2)
أتلوا عليك َ من القوافي خيرها
فتردُ دون تردد ٍ بجماح(3) ِ
ونقوم نختلسُ الخطى بتمايلٍ
وسط النسيم ِ كساجع الأدواح ِ
حتى إذا جنَّ المساء ُ لعودة ٍ
عدنا على وعد اللقاء وَقاح(4) ِ
والآن ترقدُ في الترابِ مسربلاً
بالرملِ محفوفا بسود صَفاح(5) ِ
لا الشعرُ تُسمعُني وإن أصغت له
أذُني سوى كتخاطب الأشباح ِ
َقرأ عليكَ قصيدتي فتعود لي
حسرى بدمع ٍ هاتن ٍ سحَاح ِ(6)
ياليت شعري نافذاً أُسمِعكَهُ
حتى أُحمِّله عبيرَ أقــــــــاح ِ
نم هانئا فالجرحُ بعدك غائرٌ
لكنَ شعري بلسمٌ لجراحي
عند الوفاة كان الشاعر خارج القطاع ولم يكن مسموحا له بالعودة
(1) لاح: لائم
(2) راح:راحة اليد
(3) جماح:سرعة
(4) وَقاح:واضح وبيّن