العراق بدأ بإستعادة دوره الإقليمي لمصلحة سوريا
المالكي يزور روسيا ولا يعتمد على قطب واحد
التطور الجديد الذي أنتجته الأحداث والأزمات في المنطقة كان له التأثير الأكبر على تسليط الضوء على الشعب كونه صاحب المصلحة الحقيقية في أي عملية تغيير وثبت أيضاً، أن الشعب رقم صعب في الواقع الجديد الذي ترسمه التطورات، وبغض النظر عن التأثيرات الأخرى المؤثرة في رسم المعادلات وتحديداً أحجامها سواء تعلق الأمر بالإمكانيات الاقتصادية وتضارب مصالح الدول الكبرى في منطقة إقليمية هي الأهم في العالم بسبب ما توفره من موقع استراتيجي هام وموارد نفطية.
في العراق نشهد حراكاً جديداً على وقع ما يدور في المنطقة من أزمات، وهذا الحراك أعطى القيادة العراقية فرصة هامة شجعته على الإنتاح الدولي والخروج من دائرة النفوذ الأميركي ضمن مساحة هامة، ويبدو أن رئيس الوزراء العراقي نور المالكي قد بدأ يجيد اللعب بالأوراق الصعبة، وأحد مؤشرات هذا النجاح الزيارة التي قام بها الى روسيا وأهميتها الخاصة في ظل تشابك الأحداث في المنطقة، وقبل الدخول في خلفيات الزيارة وتداعياتها الكثيرة وقراءة مضمونها.
رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يجيد اللعب بالأوراق الصعبة
إنعكاسات الأزمة السورية كان العنصر الأهم في مقاربة تلك الزيارة دون إغفال المواقف الأميركية والتركية والإيرانية في هذا الصدد، ويكفي الإشارة الى صفقة السلاح الضخمة التي أنجزت بـ 4.2 مليار دولار مع روسيا لنرى أهمية هذا التحول وتأثيراته وتداعياته، البعض حاول التقليل من أهمية هذا الحدث وأشار الى وجود "حلف استراتيجي" عراقي مع أميركا لا مصلحة للعراق المس به.
المصادر المقربة من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أفادت "أن الهدف من زيارة المالكي لروسيا ألا يبقى العراق مكشوفاً نتيجة التزامه مع حليف دولي واحد هو الولايات المتحدة، وبالتالي مناقشة الأزمة السورية بأبعادها التي يحاول منها العراق أن يبقى متوازناً، وهذا يدلل أيضاً أن الموقف الاميركي قد تغير فعلاً، وصحيفة "نيويورك تايمز" نشرت "طلب واشنطن من السعودية وقطر إيقاف تسليح المقاتلين السوريين، كما يعول المالكي على إقناع الروس بالوصول الى تسوية تقضي بمساعدة المعارضة الشعبية غير المسلحة بعيداً عن الجهات المتطرفة، بما يؤسس لأرضية مشتركة لعمل الأطراف الدوليين في المرحلة المقبلة".
وبعد أن ذهبت منطقة الشرق الأوسط برمتها في اتجاه تصعيدي كبير، في هذه الأثناء، بدأت تصعد مبادرات متفرقة بين تركيا والسعودية والغرب، وإن اختلفت تفاصيلها إلا أنها جميعها يشترك في منطق تدمير المعادلات القائمة في ظل عدم وجود بديل، وهذا الواقع الجديد يسمح لقوى إقليمية صاعدة مثل إيران لأن تنجز تحالفات جديدة في المنطقة، وهناك مؤشرات تصب في صالح إمكانية قيام الحلف الجديد المفترض بين روسيا والصين وإيران والعراق وسوريا، وما يعزز إمكانية هذا التوقع هو ذهاب أميركا وروسيا نحو التهدئة، ومثل هذه النتيجة تزعج تركيا وتزيد مخاوفها، فالتقارب الروسي والعراقي سيصب لصالح سوريا، وهذا ما سيهدد المشروع السياسي لحكومة أردوغان التي تراهن على ما ستؤول إليه الأزمة السورية.
ومن هنا ومع احتدام الأزمة السورية وانتقالها من ساحة التوازنات الإقليمية الى ساحة التوازنات الدولية، فالعراق سيعد جزءاً رئيسياً من عناصر هذه المنطقة، ويبدو أن رئيس الوزراء العراقي نجح في حجز مكان هام من خلال تحركه الجديد وهو ينتظر الفرصة المناسبة لقطف ثمار التحولات الجارية في عالمنا العربي والمنطقة.
روسيا توطّد علاقاتها القوية
ويرى المراقبون أن زيارة المالكي الى روسيا "هدفت الى إحياء العلاقات الاقتصادية والتجارية، بالإضافة الى التعاون العسكري ومساعي استكمال الجيش العراقي للتجهيزات اللازمة، وتكون موسكو بذلك قد أكملت حلفها الثلاثي في المنطقة (طهران – بغداد – دمشق) وفي ظل الدورالروسي المؤيد لكل من طهران في نزاعها مع الدول الغربية في شأن مشروعها النووي، والموقف المبدئي الهام الذي وقفته روسيا في تقديمها المساندة الكاملة لسوريا عبر إفشال العديد من مشاريع القرارات الدولية في مجلس الأمن.
المسؤولون العراقيون يرون أن صفقة السلاح مع روسيا تعطي العراق حرية اتخاذ قرار وطني مستقل بعيداً عن الضغوط الأميركية التي أجّلت صفقة طائرات (أف – 16) الأميركية الى العام 2015، وأن الأمر كله سيكون رهناً للتطورات الأمنية العراقية والإقليمية وقد لا تصل الطائرات مطلقاً، أما في صفقة السلاح الروسية للعراق هناك 30 مروحية "مي - 28 أن" أي القتالية المتطورة وعدد من مقاتلات ميغ 29.
ووفق النائب قاسم الأعرجي عن "التحالف الوطني العراقي" الذي كشف أن "الضمانات التي طلبها الجانب الأميركي لتجهيز العراق بصفقات السلاح المتفق عليها كان من ضمنها عدم محاربة العدو الإسرائيلي، أي أن واشنطن تريد ضمان أمن "إسرائيل" الإقليمي في الدرجة الأولى "لافتاً الى أن "الجانب الأميركي يحاول التدخل في الشؤون العراقية على رغم وجود حكومة وطنية منتخبة تمكنت بعد مفاوضات طويلة من طرد المحتل الأميركي من العراق، ما أدى الى إلغاء كل صلاحياته بالعمل على تغيير سياسة البلد".
وتؤكد مصادر "التحالف الوطني العراقي" وهذا ما أشار إليه الأعرجي: "لن نسمح بعودة الاحتلال الأميركي الى العراق بكل مسمياته لعدم شرعية مطالباتها بعدم ضرب الكيان الصهيوني وتغيير الموقف العراقي من الوضع الحالي في سوريا لاستخدام هذين الملفين كورقة ضغط على العراق بسبب حاجة جيشه الى الأسلحة".
أدهم محمود
كادر:
صفقة السلاح الروسي تتيح للعراق حرية اتخاذ قرار وطني مستقل بعيداً عن الضغوط الأميركية