وداعاً “أبو موسى”….. تجربة وطنية كبيرة تحتاج للدراسة
[img]
http://palestine-msc.com/wp-content/uploads/2013/02/images.jpg[/imgخالد بدير
رحل قبل أيام القائد الوطني سعيد موسى مراغة "أبو موسى" أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" – الانتفاضة، وأحد أبرز القادة العسكريين للثورة الفلسطينية المعاصرة، وقد ووري الثرى في دمشق التي احتضنته لعقود مديدة مناضلاً،وكان يعشقها كما يعشق القدس وبيروت وحيفا ويافا و….
أبو موسى أبن بلدة سلوان في القدس، بقي حاملاً فلسطين في قلبه حتى اللحظة الأخيرة من أيامه، أحبه الكثيرون لسمعته الطيبة وسيرته الوطنية الناصعة التي تخلو من التجاوزات والفساد، كل من يجلس ويتحدث إليه، كان يشعر أنه يتحدث مع أب أو جد همه الأول والأخير الأخرين، لا ذاته…. رغم أنه أشعل، من بلدة المنارة اللبنانية، في 9 أيار في عام 1983 ثورة حقيقية ضد الراحل أبوعمار، رفضاً منه لمسار سياسي اختاره الأخير، معتبراً أياه خروجاً عن برنامج "فتح" المتمسك بالتحرير، ورغم ما جرى بين الرجلين من صراع سياسي كبير إلا أن أبو عمار كان يردد أمام مجالسيه:" إن أبو موسى هو أمير الثورة وحركة فتح".
أبو موسى وقف كالسنديان ثابتاً في مواجهة سياسة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أبو مازن، لكن هذا لم يقف حائلاً دون اعتراف أبو مازن بحقيقة الراحل الوطنية ومواقفه، رغم الخلاف بينهما، باعتبارها طريقة في مواجهة المحتل، وتعبيراً عن ذلك نعى الرئيس عباس القائد الوطني والفتحاوي، وأوفد ممثليه للتعزية في مجالس العزاء التي أُقيمت في فلسطين والشتات.
أختلف الراحل مع الكثيرين، وكان خلافاً جدياً، على فلسطين، وعلى فتح، ولرفضه مشاريع التسوية ، لكن جميع من اختلف معهم، اتفقوا على النظر إليه باعتباره قائداً وطنياً، وقائداً عسكرياً في مواجهة جيش الاحتلال منذ معركة الكرامة، حتى اجتياح لبنان عام 1982 حينما كان نائباً لرئيس غرفة العمليات المشتركة، نائباً لرفيقه وصديقه اللواء سعد صايل.
رحل كثير من رفاق أبوموسى الذين اتفق أو اختلف معهم، مثل أبوعماروأبو جهاد، وأبو أياد، وأبو الوليد، وأبو خالد العملة، وكثيرون أخرهم المفكر والمبدع الدكتور الياس شوفاني، لكن لرحيله وقع مختلف لأنه مثل غياب أخر الرموز القيادية العسكرية الكبيرة في حركة فتح، وربما في الثورة الفلسطينية المعاصرة.
من بين الوقائع الكثيرة التي كان يرددها الراحل أمام من يلتقيهم، أنه اقترح على أبي عمار إقامة جنازة عسكرية ضخمة للحاج أمين الحسيني، مفتي فلسطين،في أواخر السبعينيات، وقد نال الاقتراح الموافقة السريعة. ويروي أبو موسى أنه، وهو يقوم بعملية الإشراف على ترتيبات الجنازة، وطريق مرورها، كان هاجسه كيف يصل إلى عمامة الشيخ الحسيني ليحتفظ بها كذكرى لنضال رجل كبير…. يقول أبو موسى بذلت جهداً كبيراً للوصول إلى العمامة، وعندما وضعت يدي عليها فوجئت بأحد المجاهدين الذين كانوا لصيقين بالشيخ قدسبقني إليها. يضيف الراحل في نهاية حديثه لم أجادل صديق الشيخ لأنني كنت مؤمناً بأنه أحق مني بها.
إن هناك حاجة فلسطينية حقيقية ليقوم الشباب الفلسطيني الذي سيتابع طريق ونهج الراحل أن يقرأ التجربة بموضوعية، ويسير نحو الغد مستفيداً مما تركه جيل الكبار، ولعل في ذلك أفضل اقتناء للعمامة المعنوية التي يمثلها أبو موسى.
]