نالت الحكومة المصرية نصيبها من غضب نواب برلمانيين، وبعض المشاركين بالتظاهرات في دمشق وبيروت بسبب ما اعتبر تواطئا من جانبها في عدوان إسرائيل غير المسبوق بدمويته في غزة.
فقد اتهمها النائب المعارض حسين إبراهيم أمس خلال جلسة برلمانية "بالتآمر مع إسرائيل على ضرب غزة". وقال إن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني أعلنت الحرب على المقاومة الفلسطينية وهي تقف إلى جانب وزير الخارجية أحمد أبو الغيط وإن الأخير لم يعلق على كلامها مكتفيا بالحديث عن "ضبط النفس من الجانبين".
وذهب نائب آخر هو حمدي حسين أبعد من ذلك عندما وصف تصريحات أبو الغيط بأنها "خائنة ومهينة للشعب والحكومة" بينما اعتبر مسؤول محلي فلسطيني مشارك بتظاهرة في مخيم اليرموك قرب دمشق أن العدوان الإسرائيلي تم "بضوء أخضر" من حكومة القاهرة.
وتواصل التعريض بالموقف الرسمي المصري وحشره بالزاوية في ثاني أيام العدوان، حيث كذّب المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري عبر الفضائية السورية ما قاله وزير الخارجية عن فتح معبر رفح أمام الفلسطينيين بعد المجزرة.
وكان رد الفعل الرسمي المصري الفوري على المجزرة في الحقيقة حذرا ولفظيا، وغير متماش مع تحمس بعض العواصم كالخرطوم وصنعاء والدوحة لعقد قمة عربية طارئة. ناهيك عن تناقضه مع خروج آلاف العرب إلى الشوارع بالقاهرة وعواصم عربية أخرى.
فقد أصدرت الرئاسة المصرية بيانا "نددت فيه بالاعتداءات وحملت إسرائيل مسؤولية ما سيسفر عنه العدوان". كما أمر الرئيس حسني مبارك باستقبال الجرحى بالمستشفيات.
موقف خجول
وإذا كان هذا الموقف الرسمي الخجول معززا للاتهامات التي تكال للقاهرة, فإن الإنصاف يقتضي الإقرار بأن تراجع دور مصر الإقليمي يعود -حسب الكاتب خليل العناني- إلى بدء الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 والتي تزامنت مع قدوم رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون إلى السلطة واستغلاله للعلاقة الخاصة مع إدارة الرئيس جورج دبليو بوش.
وأتاح الفراغ الذي تركه الدور المصري في أزمات المنطقة الفرصة لتقدم دول عربية أخرى كقطر لملئه في لبنان مثلا، حيث سجلت سبقا بقدوم أميرها لمواساة هذا البلد بعد العدوان الإسرائيلي عليه في حرب تموز 2006. وكررت ذات المبادرة مع بلوغ الأزمة الداخلية بلبنان ذروتها في مايو/ أيار الماضي.
وكان لضغط إدارة بوش على الحكومة المصرية تأثير مضاعف على فعاليتها بالملف الفلسطيني مع سيطرة حركة المقاومة الإسلامية حماس على غزة في يونيو/ حزيران 2007، حسبما كان قد لاحظ رئيس الأكاديمية الفلسطينية للعلاقات الدولية مهدي عبد الهادي في تصريح للجزيرة يوم 17/6/2008.
تنديد أوروبي
أما الحذر الرسمي المصري من التعامل مع سلطة تقودها حماس منفردة خلال تشديد الحصار على غزة, فكان موضع تنديد البرلمانيين الأوروبيين والهيئات الإنسانية التي نبهت إلى تجاهل القاهرة الرسمية للكلفة الإنسانية الباهظة للحصار.
ولم يتردد البرلماني البريطاني نظير ماضي الذي كان يقود وفدا من 53 نائبا أوروبيا نهاية أكتوبر/ تشرين الثاني 2008 في اعتبار أن القرار المصري بعدم السماح بإدخال الوفد بمثابة "مشاركة فعلية في الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة".