الرئيس نجاد يعطى الغرب دروسا فى مواجهه العنصريه

بدأ مؤتمر 'دربان 2' أعماله أمس كما كان متوقعاً له وسط أجواء جدل واثارة، وأسهم الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بالجزء الاعظم من هذه الاجواء أمس عندما هاجم اسرائيل في خطابه الافتتاحي كما قدر مراقبون.
واعتبر الرئيس أحمدي نجاد ان مقاطعة بعض الدول الغربية مؤتمر 'دربان 2' حول العنصرية الذي بدأت اعماله صباحا في مقر الامم المتحدة في جنيف 'خطوة انانية ومتغطرسة'.
وقال احمدي نجاد خلال مؤتمر صحافي 'من وجهة نظرنا (المقاطعة) تعني الغطرسة والانانية وهما عاملان وراء مشاكل العالم'.
وأكد ان الصهيونية العالمية هي التجسيد الحقيقي للعنصرية، منتقدا الدول الغربية لاعتمادها المعايير المزدوجة تجاه حقوق الانسان.
وكان مراسل وكالة مهر للانباء أفاد بان أحمدي نجاد وصف الكيان الصهيوني بانه 'الكيان العنصري الذي أقيم على أرض فلسطين'.
كما قال احمدي نجاد: الكيان الصهيوني يسعى للقضاء على كرامة البشرية، لذا ينبغي أن تبذل الجهود لانهاء الدعم للكيان العنصري، مؤكدا أن العنصرية موجودة بسبب غياب الوعي 'لانها نتاج الانحراف عن المسار الحقيقي لحياة البشرية والابتعاد عن الالتزامات البشرية وناتجة ايضا عن عدم عبادة الخالق وعدم فهم فلسفة الحياة وهذا لضيق النظرة البشرية وجعل المصالح الذاتية هي المعيار للنجاح'.
وأضاف: صناعة العنصرية تفرض تهديدات خطيرة على السلام الدولي واعاقة طريقه، مشيرا إلى أن العنصرية هي رمز الجهل وهي بالفعل اشارة على الاحباط في تطوير المجتمع البشري.
واردف قائلا : ان المجتمع الدولي يواجه نوعا من العنصرية اليوم أدى الى تشويه الصورة البشرية , فالعنصرية تلجأ بشكل خاطئ للدين لكي تخفي حقيقة كرهيتها ووجها البشع ولكن من المهم جدا ان نسلط الاضواء على الاهداف السياسية لمن يسيطرون على الموارد الاقتصادية والمصالح في العالم.
وتساءل عن الأسباب الجوهرية للهجوم الامريكي على العراق أو غزو افغانستان قائلا : هل كان الدافع وراء غزو العراق اي شيء غير غطرسة الادارة الامريكية والضغوط المستمرة للقوى لكي تزيد من نفوذها والسعي للقضاء على بلد ذات ثقافة عريقة من خلال استغلال المصادر الطبيعية للعراق.
واستطرد يقول : تم قتل وتشريد الملايين، لقد تكبد الشعب العراقي خسائر فادحة بلغت الملايين من الدولارات، مضيفا : ان الأمريكان كلفوا أنفسهم الملايين من الدولارات من اجل غزو العراق وافغانستان فتم هذا بتخطيط امريكي اسرائيلي.
وأثارت تصريحات نجاد ردود فعل غاضبة من دول الغرب وحتى الامم المتحدة نفسها. ومن جهته، اعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في بيان أمس الاثنين عن 'الاسف' للكلام المناهض لاسرائيل الذي ورد على لسان احمدي نجاد في اليوم الاول من المؤتمر.
وقال بان كي مون الذي كان حذر احمدي نجاد من 'الخلط بين الصهيونية والعنصرية' خلال لقاء معه على انفراد، 'اني آسف لاستخدام هذا الموضوع من جانب الرئيس الايراني بهدف توجيه الاتهام والتسبب بالانقسام وحتى الاستفزاز'.
وتابع الامين العام 'انه لمن المؤسف تماما الا تلقى دعوتي الى الرئيس الايراني للتطلع نحو مستقبل موحد آذانا صاغية لديه'. ورأى في كلام الرئيس الايراني 'تعارضا مع اهداف هذا المؤتمر'.
وكانت اسرائيل استدعت الاثنين سفيرها في برن للتشاور احتجاجا على المؤتمر، وبعد مضاعفة الانتقادات لمؤتمر تعتبره مناهضا لاسرائيل ومناهضا للسامية، قررت اسرائيل التي استاءت من حضور احمدي نجاد المؤتمر ولقائه مساء الاحد الرئيس السويسري هانس رودولف ميرز استدعاء سفيرها في برن ايلان ليغاري 'على الفور' للتشاور.
واعرب مسؤول اسرائيلي عن 'خيبة امل' اسرائيل لقرار فرنسا وبريطانيا المشاركة في المؤتمر. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية ايغال بالمور لوكالة فرانس برس 'لقد اصبنا بخيبة امل لموقف فرنسا وبريطانيا، كنا نتوقع موقفا افضل من هذين البلدين'.
واضاف 'كانت اسرائيل تأمل في ان تحذو فرنسا وبريطانيا حذو الدول الاخرى التي قررت عدم المشاركة في المؤتمر الذي يعتبر مهزلة'.
وشدد على انه من غير الوارد استدعاء سفيري اسرائيل في باريس ولندن للتشاور كما حصل مع سويسرا.
وبحسب بيان للخارجية، اتخذ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان هذا القرار 'للتعبير عن استياء (اسرائيل) من عقد مؤتمر دربان 2 في جنيف الذي يشارك فيه شخص عنصري ينكر المحرقة ويقول علنا انه ينوي شطب اسرائيل عن الخريطة'.
وفي موازاة ذلك استدعت الخارجية الاسرائيلية الدبلوماسية المعتمدة في السفارة السويسرية في تل ابيب مونيكا شموتز كيرغوز للاحتجاج بحسب البيان. ووصف نتنياهو عند بدء الجلسة الاسبوعية للحكومة الرئيس الايراني بانه 'عنصري'.
وقال 'في وقت نستعد فيه لاحياء ذكرى ضحايا المحرقة يستقبل مؤتمر يزعم انه يكافح العنصرية، عنصريا انكر المحرقة ولا يخفي نيته في شطب اسرائيل عن الخارطة'.
واضاف نتنياهو 'اهنىء الدول التي قررت مقاطعة مهرجان الكراهية هذا'، في اشارة الى عدد من الدول بينها الولايات المتحدة التي قررت عدم المشاركة في المؤتمر الذي افتتح الاثنين في جنيف.
وتحيي اسرائيل اعتبارا من مساء الاثنين (أمس) الذكرى السنوية المحرقة.
وفي بيان قال الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس 'انني حزين ومستاء ان يفتتح في مثل هذا اليوم مؤتمر عنصري في جنيف وان يكون ابرز الخطباء فيه محمود احمدي نجاد الذي دعا الى شطب اسرائيل من الخريطة وينكر المحرقة'. واضاف 'لكل شيء حدود حتى حيادية سويسرا'.
من جهته، اكد حائز جائزة نوبل للسلام ايلي فيزل ردا على سؤال للاذاعة العسكرية الاسرائيلية في جنيف أمس الاثنين ان 'مكان الرئيس الايراني هو السجن وليس في مؤتمر ضد العنصرية'.
واضاف 'يجب توقيفه بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية لانه يدعو الى القضاء على شعب بأكمله ويهدد بالتالي البشرية برمتها'.
وكانت اسرائيل والولايات المتحدة قاطعتا مؤتمر دربان 1 في 2001 في جنوب افريقيا احتجاجا على توجيه اتهامات قاسية لاسرائيل خلاله.
وقال وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان، المتهم هو نفسه بانه عنصري لتصريحاته ضد الاقلية العربية في اسرائيل، في بيان ان 'دعوة احمدي نجاد وهو عنصري معروف بدعواته الى تدمير اسرائيل الى هذا المؤتمر الدولي، تكشف بوضوح الاهداف الحقيقية من هذا المنتدى'. من جهتها اعتبرت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) ان مقاطعة بعض الدول وخاصة الولايات المتحدة للمؤتمر، يشكل 'غطاء لجرائم' اسرائيل ضد الفلسطينيين.
وكان مسؤولون من الأمم المتحدة سعوا أمس الاثنين إلى إنقاذ المؤتمر من مقاطعة عدة دول له وفي مقدمتها اسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة الامريكية.
ومن بين الدول التي تقاطع القمة استراليا والمانيا وبولندا وإيطاليا وهولندا بسبب مخاوف من أن تكون منبرا لما وصفه الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنه عداء لاسرائيل ينطوي على 'نفاق وسيأتي بأثر عكسي'.
ودافع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن نص للمؤتمر محل نزاع قائلا إنه 'متوازن بدقة'. وقال إن المؤتمر لازم لمواجهة توترات عنصرية يمكن أن تسبب اضطرابات اجتماعية وعنفا.
وأضاف خلال الاجتماع المنعقد في جنيف 'أشعر بأسف شديد لأن البعض فضل التنحي جانبا. أتمنى ألا يفعلوا ذلك لفترة طويلة'.
وأعلنت واشنطن يوم السبت مقاطعتها للاجتماع لقلقها إزاء إعلان يعيد تأكيد اللغة التي تم تبنيها خلال مؤتمر العنصرية السابق التابع للأمم المتحدة والذي عقد في دربان بجنوب افريقيا عام 2001 .
وانسحبت الولايات المتحدة واسرائيل من ذلك الاجتماع عندما سعت دول عربية إلى تعريف الحركة الصهيونية بأنها عنصرية.
ورغم أن الإعلان الختامي لمؤتمر 2001 لم يتضمن هذه الصياغة فقد خص إسرائيل بالانتقاد وعلى سبيل المثال من خلال إشارة تقول 'نحن قلقون من محنة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الأجنبي'.
وقال أوباما الأحد الماضي إن هذا الأمر غير مستساغ كنقطة انطلاق لاجتماع جنيف.
وقال بعد قمة الأمريكيتين التي عقدت في ترينيداد وتوباغو 'إذا كنتم ستدمجون مؤتمرا سابقا لم نشارك فيه وأثار مجموعة كبيرة من الاعتراضات فلن يمكننا المشاركة'.
والفقرة الأولى من وثيقة اجتماع جنيف التي 'تعيد تأكيد إعلان دربان وبرنامج العمل كما تم تبنيه' هي الفقرة الشائكة بالدرجة الأكبر. ولا يشير باقي النص الذي تم التفاوض بشأنه لعدة أشهر في جنيف إلى اسرائيل أو الشرق الأوسط.
وحثت نافي بيلاي مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الدول المشاركة في مؤتمر جنيف على تبني ذلك الإعلان. وقالت إن هذا ضروري لاستعادة الثقة في الأمم المتحدة كمنبر لمعالجة الخلافات التي يمكن أن تتحول إلى هجمات نتيجة كراهية الأجانب كما حدث في بلدها جنوب افريقيا في العام الماضي عندما قتل 62 أجنبيا.
وأضافت لدى افتتاح الاجتماع 'يجب أن نضع في اعتبارنا جميعا أن عدم الاتفاق على الطريقة التي نمضي بها قدما سيكون له أثر سلبي على أهداف حقوق الإنسان لعدة سنوات مقبلة'.
وكان الرئيس الإيراني أحمدي نجاد هو الرئيس الوحيد لدولة رئيسية الذي قبل دعوة المشاركة. وقالت مصادر في الأمم المتحدة إن رؤساء دول تيمور الشرقية وتوغو والجبل الأسود الذين كانوا يعتزمون الحضور انسحبوا.
وكانت فرنسا صرحت إنها من بين الدول المستعدة للانسحاب إذا ما عبر الرئيس الإيراني عن عدائه لاسرائيل، فيما انسحبت نيوزيلندا بالفعل لتنظم لفريق المقاطعين.
وقالت منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش) ومقرها نيويورك إن غياب رئيس الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى عن جنيف ' يوجه ضربة لمساعي الأمم المتحدة لمكافحة العنصرية'.