خرج علينا الكنيست الصهيوني مؤخراً بقرار يفرض على فلسطينيي اراضي العام 1948 الإقرار بيهودية الدولة التي تحكمهم وذلك بعد نقاش مشاريع قوانين أخرى تصب في ذات الخانة ومنها تجريم كل من يحيي ذكرى النكبة وفرض الولاء مقابل المواطنة.
وقبل الخوض في تفاصيل ودوافع هذه القرارات الإسرائيلية لا بد من التأكيد على أنها ليست جديدة بل تم طرحها قبل أعوام على البرلمان الإسرائيلي، كما أنها لم تعد تخص توجهات ما توصف بقوى اليمين المتطرف في إسرائيل بل أصبحت توجهاً عاماً لدى المجتمع الصهيوني الذي صادق ممثلوه على هذا المشروع مع إمكانية مصادقتهم على مشاريع عنصرية مشابهة.
وبالعودة إلى دساتير دول العالم فانه لا يوجد أية دولة تفرض على سكانها الولاء مقابل المواطنة، فالعلاقة في النظم الديمقراطية بين الدولة والمواطنين تتركز على تقديم الدولة خدمات للسكان مقابل إلتزامهم بنظم تسيير الحياة العامة التي تضعها. ولم يذكر التاريخ الحديث أن اشترط نظام على السكان فكرة الولاء إلا النظام الفاشي في إيطاليا أيام موسيليني.
وفي البحث في حيثيات التوجهات المستجدة للحكومة الإسرائيلية يتبين أنها غير منفصلة عن السياق العام للحكومة اليمنية في إسرائيل اليوم والتي ربطت أي حل أو مفاوضات مع الفلسطينينن للوصول إلى حل ما بالإعتراف بيهودية الدولة وأنها دولة ذات طابع قومي وهو ما رفضه الفلسطينيون على المستويين الشعبي والرسمي لما يمكن أن يؤصل له مثل هذا الإعتراف من ترحيل جماعي لمن تبقى من الفلسطينيين في أراضي العام 1948 عدا عن فتح باب الهجرة لليهود والمتهودين الجدد من شتى بقاع الأرض لهذه الدولة القومية المعترف بها فلسطينياً وعربياً وعالمياً.
وفي مواجهة القانون الجديد أكدت القيادات العربية في الداخل على رفضها إياه ولو كانت النتيجة السجن والملاحقة نظراً لإدراكها خطر الإقرار بهذا القانون والذي سيعني في أقل تفاصيله التوقيع على وثيقة تهجير مسبقة من قبلهم.
وحتى لو إعترف الفلسطينيون والعرب بيهودية إسرائيل فمن سيضمن تخلي دولة الاحتلال عما أحتل من الأراضي الفلسطينية عام 1967 لا سيما وأن حكومة نتنياهو ترفض التخلي عن القدس وعن توسيع المستوطنات تحت لافتة تلبية الاحتياجات الطبيعية للتزايد السكاني الاسرائيلي في الضفة الغربية.
إسرائيل تخشى من الحقيقة وما قرار تكريس يهودية الدولة وملاحقة وتجريم من يحيون ذكرى النكبة إلا خوفاً من التمسك بحق العودة وإنتقال مفتاح الدار من جيل إلى جيل بعد فشل الرهان علت الكبار ونسيان الصغار رغم مرور أكثر من ستة عقود على اغتصاب فلسطين.
وبعد هذا الاستعراض يأتي السؤال المهم: ما المطلوب فلسطينياً وعربياً لمواجهة السياسات العنصرية الجديدة بعد تقنينها في أعلى سلطتين إسرائيليتين الحكومة والبرلمان؟
ربما يبدو أن الحل ليس بالجديد وإنما هو بحاجة لإخراجه من دواليب وملفات وابجديات العمل الوطني الفلسطيني الذي أنشيء على أساس التمسك بتحرير فلسطين كاملة من بحرها إلى نهرها وهو ما كان العرب جميعا على المستوى الرسمي يجهرون به على الأقل.
لقد شكل برنامج النقاط العشر عام 1974 بداية التخلي عن طرح الدولة العربية الفلسطينية كاملة السيادة على أرض فلسطين الانتدابية ومن ثم توالت بعد ذلك المشاريع التسووية وصولاً إلى مدريد فاوسلو حيث تم الأقرار بوجود حق لدولتين على هذه الأرض مع التمسك بحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم التي أقتلعوا منها. ومن ثم بدأ البعض بالتلاعب بالكلمات بإضافة مردافات جديدة من قبيل " وحل عادل لقضية اللاجئين".
على العرب والفلسطينيين اليوم التنصل من كل ما التزموا به والعودة للتمسك بالحق الفلسطيني الكامل بارضهم المحتلة كاملة دون نقصان كرد منطقي ومفهوم ومقبول يضاد المشروع العنصري الإسرائيلي الجديد الذي وبلا أدنى شك سيتم رفده بقوانين وقرارات أكثر عنصرية