قرية لفتا المهجرة تواجه مخطط مصادرة جديد يهدد بشطب صفحة من تاريخ القدس
12/02/2005 19:00
عرب 48/ تقرير ياسر العقبي
وقف الحاج محمد سليمان أبو ليل (81 عامًا)، من سكان قرية لفتا المهجرة، الواقعة في ضواحي القدس، أمام لجنة التخطيط التابعة لوزارة الداخلية في القدس، وقال بنبرة مؤثرة: "ولدت في قرية لفتا عام 1924، ودفنت أبي في مقبرة البلد قبل التهجير بستة أشهر عام 1948. المقبرة ما زالت موجودة وكذا بيوت أهلنا في القرية، وما زالت مدرسة القرية موجودة الى اليوم، المخطط المنوي إقامته على أراضي قرية لفتا هو مخطط يمثل أعلى درجات الاستبداد المنافية للديمقراطية".
الحاج أبو ليل يسكن اليوم في بيت بني على ما تبقى من أرض لفتا بجوار ما يسمى "التلة الفرنسة". وقد عمل لسنوات طويلة مديرا لدار الايتام الاسلامية بالقدس. وأضاف: "ألا يكفي ما بنى من أحياء يهودية كـ"راموت" وغيرها على أرض البلد؟! وأنا أقول لكم هنا إنّ كل ما أتمناه بحياتي هو أن أدفن بجانب قبر أبي في مقبرة قرية لفتا، بل أنا مستعد لدفع كل ما أملك لتحقيق هذا الهدف".
جاءت هذه العبارات المؤثرة في الجلسة التي عقدت يوم الخميس الأسبق، في مقر اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في إحدى مكاتب وزارة الداخلية الاسرائيلية في القدس، للاستماع الى الاعتراضات التي قدمت بخصوص مخطط إقامة حي سكني إسرائيلي جديد على ارض وأنقاض قرية لفتا المهجرة عام 1948 والمسمى بمشروع "حي مي-نفتواح"، والذي تتولى تنفيذه دائرة أراضي اسرائيل وبلدية القدس. وقد أصرت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية على تعيين مسجد قرية لفتا المهجرة عام 1948 كمكان مقدس يجب المحافظة عليه وتعهده بالرعاية والصيانة، وكذا مقبرة القرية، في حين طالب عدد من أهالي القرية الذين حضروا الجلسة بعدم التعرض للقرية بالهدم وتغيير المعالم، مؤكدين أنهم أولى من يحق لهم العودة الى قريتهم وإعمار بيوتهم التي هجّروا منها قصرا في نكبة عام 1948.
بحضور ممثلين عن اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء لمنطقة القدس، وممثلين عن مهندسي ومخططي مشروع "حي مي-نفتواح" وعدد من أهالي قرية لفتا، يمثلون جمعية أهالي لفتا المهجرة، ومندوبون عن مؤسسة الاقصى وعدد من أعضاء جمعيات اسرائيلية معترضة على المخطط "زوخروت" و"بمكوم" (مركز التخطيط الإسرائيلي البديل)، وأفراد من اليهود ممن يدعون أن لهم الحق في بعض البيوت هناك، بحضور هذه الوفود التمثيلية استمعت اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء لمنطقة القدس، الى مجمل الاعتراضات على مخطط "حي مي-نفتواح. وقد أكّد المستشار القضائي لمؤسسة الاقصى، محمد سليمان اغبارية، في شرحه لحيثيات معارضة المؤسسة ان المخطط المذكور يتجاهل في الخارطة التي قدمت وجود مقبرة اسلامية في الموقع، كما يتجاهل وجود مسجد.
والحقيقة أنه يقوم على أرض قرية لفتا، حتى الآن، مسجدها ومقبرتها الإسلامية ولذلك يتوجب تعيين المسجد في المخطط كمكان مقدس يجب المحافظة عليه وتعهده بالصيانة والرعاية، وكذلك مقبرة القرية التي يتواجد فيها حتى الآن قبور كثيرة ما زالت واضحة وبارزة المعالم. وأشار المحامي سليمان في مداخلته الى أن المسجد هو بيت الله على الأرض، ويجب المحافظة عليه كما ينص عليه القانون وكذلك الشرائع السماوية كلها والقوانين والأعراف الدولية.
المطالبة بالمحافظة على المسجد لم ترق لأحد المهندسين الرئيسيين القائمين على المخطط فقاطع معترضا على تعيين المسجد كمكان مقدس، واقترح تعينه كمكان عام مدعيا انه لا وجود لعلامات تدل على وجود المسجد في المكان.
محامي مؤسسة الأقصى ردّ عليه جازما بأن علامات عدة تشير إلى المسجد أولها أنه في الموقع المحدد يوجد محراب في الجهة الجنوبية والمبنى الوحيد الذي يوضع فيه محراب في الجهة الجنوبية في بلادنا، هو المسجد. ثانيا أهالي القرية المتواجدين في القاعة وغيرهم ممن لا زالوا على قيد الحياة يشهدون على وجود المسجد، كما أن الخرائط التي رسّمت لقرية لفتا في عهد الانتداب البريطاني في عام 1936 عينت موقع المسجد وكذا المقبرة بشكل واضح في خرائطها.
أما المقبرة، أضاف المحامي محمد سليمان، فمعالم القبور الكثيرة فيها تظهر جليا وتدل بشكل واضح على هويتها، ومن أجل المحافظة على حرمة الأموات يجب تعيين المقبرة بحدودها كمكان مقدس وعدم التعرض إليها بالهدم وتغيير المعالم بشكل واضح.
ورفضت مؤسسة الأقصى على لسان محاميها وبشكل قاطع اعتبار المسجد والمقبرة اماكن عامة وقالت: "تحديد موقع المسجد كمكان عام يمكن بالواقع الفعلي جعله متحفًا، أو معرضًا، أو مطعمًا، أو مقهى أو ما شابه، وهذا ما حصل في أكثر من قرية من القرى المهجرة عام 1948، الأمر الذي يتنافى ويتعارض مع قدسية المسجد وحرمته".
من جهته اعتبر المحامي حسني أبو حسين ممثل "جمعية أهالي لفتا المهجرة"، والتي قدمت اعتراضا على المخطط، أن المخطط المذكور هو خطوة غير حكيمة وغير صحيحة فلا يعقل توطين قرية لفتا بغير سكانها الاصليين، في الوقت الذي لا يزال عدد من أهل لفتا يسكنون في مدينة القدس نفسها وفي أحياء قريبة من قريتهم المهجرة.
وشدد المحامي أبو حسين أن هناك مساحات واسعة داخل حدود بلدية القدس يمكن إقامة مشاريع إسكانية وتجارية على اراضيها، دون المس ببيوت قرية لفتا خاصة وان هذه البيوت لم تمس تقريبا خلال الخمسين عاما الماضية. وطالب أبو حسين في مداخلته، أيضا، المحافظة على مسجد ومقبرة القرية مشيرا إلى أنه لا يمكن بحال من الأحوال التعرض لكنيس أو مقبرة يهودية بالهدم والاعتداء وكذا يجب معاملة مسجد لفتا ومقبرتها.
وخلص أبو حسين الى القول انه يجب إلغاء المخطط جملة وتفصيل