ابو ابراهيم الاحمد عميد
المزاج : غاضب من اجل فلسطين تاريخ التسجيل : 22/01/2009 الابراج : الأبراج الصينية : عدد الرسائل : 826 الموقع : https://fateh83.yoo7.com العمل/الترفيه : الرياضه
بطاقة الشخصية فتح: 50
| موضوع: حكومة نتانياهو و"معركة غولدستون" طويلة الأمد الأحد نوفمبر 08, 2009 5:04 pm | |
| حكومة نتانياهو و"معركة غولدستون" طويلة الأمد
|
| مأمون الحسيني |
ربما كان تقرير غولدستون الذي حمَل الكيان الصهيوني مسؤولية ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، خلال ما سمي عملية "الرصاص المصبوب" أواخر العام الماضي وأوائل العام الجاري، هو الأول، من بين رزمة التقارير الدولية العديدة، الذي أثار ذعرا وهلعا غير مسبوقين لدى القادة الصهاينة الذين ورثوا عن أسلافهم عادة رمي التقارير الدولية وتوصياتها في سلة
|
|
|
المهملات، واستدعى هذا الكم من الارتباك والتخبط والتباين في المواقف ما بين بعض القيادات السياسية، من نمط نائب رئيس الوزراء دان ميريدور الذي قال إن على كيانه إطلاق تحقيقه الخاص في حرب غزة "لتفادي احتمال توجيه اتهامات بارتكاب جرائم حرب لزعماء إسرائيل"، والقيادات الأخرى الفاعلة، وفي مقدمهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، والقيادة العسكرية التي أعلنت، على لسان وزير الحرب ايهود باراك، أنه "لا حاجة للجنة تحقيق فكل المواضيع والشكاوى التي وردت في تقرير غولدستون فحصت وتفحص داخل الجيش على يد ضباط رفيعي المستوى، وليس هناك داع لإعادة الفحص". أسباب وحيثيات هذا الذعر الصهيوني من التقرير الذي "لا يريد أن يذهب على الفور إلى جحيم كل التقارير"، وفق ما يرى افيعاد كلاينبرغ في "يديعوت أحرنوت"، تتجاوز، في الواقع، قضايا تعاظم تأثير وسائل الإعلام، بما فيها القنوات التلفزيونية ومواقع الإنترنت، على الرأي العام، والحضور المكثف لمنظمات حقوق الإنسان وقدرتها على تحريك سياسات قضائية وحملات مقاطعة وانتزاع قرارات من الحكومات في الغرب، كما تتجاوز مسألة محاكاة التحقيقات التي تلت عمليات القتال في كوسوفو عام 1999، وحرب أرتيريا- إثيوبيا، والقتال في إقليم دارفور، وحرب روسيا وجورجيا في صيف 2008، وتتموضع مباشرة في ميادين السياسة التي تفصح بأن ثمة ملامح جديدة ترتسم في خريطة العلاقات الدولية، وذلك بعد الفشل الأميركي السياسي والعسكري المتدحرج في مناطق متعددة من العالم، ولا سيما في العراق وأفغانستان، واضطرار واشنطن، ومعها عواصم الغرب الأخرى، إلى انتهاج الحوار كأسلوب رئيسي للتعاطي مع إيران وملفها النووي، في مقابل تظهير حرب تموز/ يوليو 2006 مكامن الضعف في مفاصل الكيان الصهيوني الذي يحاول استعادة ما يسمى "قدرة الردع" عبر تعديل نظريته الأمنية، وإجراء سلسلة من المناورات العسكرية، كان آخرها المناورة المشتركة مع الأميركيين، والتعويض عن هذا "التهتك الاستراتيجي" من خلال تهويد مدينة القدس بشكل كامل وتصعيد عمليات الاستيطان في أنحاء الضفة الغربية كافة ، بعد أن كسب معركته، بهذا الخصوص، مع الرئيس أوباما، وتسليم الأخير بالاستيطان وذرائعه. ولعل أبرز تعبير عن ذلك هو انضمام عدد من الدول، التي كانت تؤيد تل أبيب ومواقفها بشكل روتيني وتلقائي إلى قائمة مؤيدي تقرير غولدستون. على أن ذلك لا يعني توقع الكثير من قرار مجلس حقوق الإنسان الذي حاول البعض استخدامه كمعادل موضوعي لغطرسة وجرائم الاحتلال، بدلاً من اعتباره أداة إضافية للضغط على مجرمي الحرب الصهاينة، حيث بدا جليا، ومنذ إشهار غولدستون تقريره، أن تل أبيب لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الخطر المستجد، وقد بدأت تحركها عبر الضغط، وواشنطن، على السلطة الفلسطينية التي طلبت، وفقا لذلك، تأجيل مناقشة التقرير ستة أشهر قبل أن يضج الشارع الفلسطيني برمته ويضطر رئيس هذه السلطة إلى طرح الموضوع مرة أخرى في مجلس حقوق الإنسان ويقر التقرير بأغلبية 25 صوتا، ما حمل القيادة الصهيونية على حث الخُطا باتجاه بلورة حملة دبلوماسية مبرمجة لوأد توصيات التقرير، ومنعه من الوصول إلى مجلس الأمن الدولي، ومن ثم إلى محكمة الجنايات الدولية، وفق الآليات المفترضة. الترجمة العملية لهذا المسعى المتوقع أن يتخذ أشكالا متعددة ومتنوعة لا أخلاقية، بدأت من خلال شن هجوم شرس على القاضي غولدستاين ونعته بـ "اليهودي الكاره نفسه"، وذلك على رغم إعلانه بأنه "ساند إسرائيل" طوال حياته، وأنه ما زال يدعمها، وتصريحه لصحيفة "لي تن" السويسرية، قبل التصويت على التقرير، بأن مسوَّدة القرار أحزنته "لأنها لا تتضمن سوى مزاعم ضد إسرائيل، وليس فيها عبارة واحدة تدين "حماس" مثلما فعلنا في التقرير"، كما تناولت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي اتهمه وزير المالية الصهيوني يوفال شطاينتس "بمعاداة السامية" واعتبار تصويته على التقرير بمثابة "محاولة لا سامية لإقرار أن ما هو مسموح للولايات المتحدة في أفغانستان ولروسيا في الشيشان ولتركيا في شمال العراق، محظور على دولة "إسرائيل"، التي تدافع عنها من قطاع غزة"، على حد زعمه، فضلا عن تناول الحملة لنصوص التقرير الذي اعتبره، على لسان نائب رئيس الوزراء، ووزير التنمية الإقليمية سيلفان شالوم، "منحاز وملفق"، و"لا داعي لتنفيذ أي من توصياته"، حيث إن، والكلام لوزير الداخلية الصهيوني إيلي يشاي "الجيش "الإسرائيلي" تعامل مع (المدنيين) الأبرياء بقفاز من حرير"، خلال الهجوم على غزة!! هذه التوصيفات والمواقف التي تترجم مركبات التطرف والعنصرية والكذب التي تلف التجمع الصهيوني، انتظمت حول عقد "المعركة الدبلوماسية الطويلة" التي توعد رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بخوضها لـ "إسقاط الشرعية" عن تقرير غولدستون الذي "ربما يقوض عملية السلام في الشرق الأوسط التي ترعاها الولايات المتحدة" وفق زعم نتانياهو، التي بدأت تباشيرها بمطالبة وزير الخارجية الصهيوني المتطرف أفيغدور ليبرمان أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون عدم تحويل التقرير إلى مجلس الأمن. ولهذه الغاية، واستباقا لاحتمال مواجهة القادة الصهاينة محاكمات بشأن ارتكاب جرائم حرب في الخارج، قامت الحكومة الصهيونية بتشكيل لجنة للتعامل مع العواقب القانونية الدولية لتقرير غولدستون. وأصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعليمات إلى مسؤولين حكوميين لإعداد مسودة اقتراحات لتغيير قوانين الحرب الدولية. فيما تواصل وزارة الخارجية الصهيونية، وفق ما ذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم"، إعداد ملف خاص ضد القاضي غولدستون وأفراد طاقمه، حيث ستقوم بجمع المعلومات عنهم بحثا عما يمكن أن يسهم في الطعن بمصداقية التقرير. وهي، حسب مصادر في الوزارة، "مجرد خطوة هامشية من جملة خطوات تعتزم الوزارة اتخاذها، ومنها خطوات سياسية وقضائية أخرى إضافة إلى نشاطات إعلامية في العالم". ما يرجح مضي حكومة نتانياهو في رفض التعاطي مع التقرير، ولا سيما مطالبته تل أبيب فتح تحقيق مستقل في الجرائم المنسوبة إليها، أقله من أجل "وقف تداعيات التقرير ومنع وصوله إلى محكمة الجنايات الدولية، وفق ما تطالب به دول العالم. ولأن المحطة الأساسية في رحلة التقرير هي محطة مجلس الأمن، فقد بدأت تل أبيب، وبالأخص بعد إعلان المتحدث باسم الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن الجمعية ستبحث في تقرير غولدستون قبل أواخر السنة الجارية، معركتها على هذه الجبهة بالتعاون مع الولايات المتحدة التي كانت ادَعت وجود شوائب في التقرير، إذ، وبعد ضمان وقوف واشنطن إلى جانبها في "معركة غولدستون"، وفق ما وعدت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سوزان رايس، التفت الجانب الصهيوني إلى ما يعتبره "الأطراف الرخوة" التي لا يمكن الاطمئنان إلى مواقفها حيال الكيان، وبالتحديد العضوين الدائمين في مجلس الأمن، روسيا والصين اللتين صوتتا بالموافقة على تقرير غولدستون في مجلس حقوق الإنسان، وبدأ بالإعداد لحرب نفسية وسياسية ودبلوماسية ضدها، حيث زعم دبلوماسي صهيوني كبير، لوكالة "فرانس برس" أن روسيا أكدت للمسؤولين الصهاينة أنها ستعارض بحث تقرير غولدستون في مجلس الأمن الدولي، وهو ما تقاطع مع توقع القاضي غولدستون بأن تعارض الولايات المتحدة وروسيا والصين مناقشة تقريره بشأن جرائم الحرب الصهيونية في غزة أمام مجلس الأمن الدولي، تمهيدا لإحالته للمحكمة الجنائية الدولية. الأمر الذي نفاه المتحدث باسم الخارجية الصينية، في مقابل عدم صدور توضيح رسمي روسي حيال هذه التقديرات والمزاعم. في كل الأحوال، وبصرف النظر عن مآل تقرير غولدستون الذي ستثبت الأيام، والجهد الفلسطيني والعربي بالأساس، إن كان سيشكل مدخلا لنمط جديد من التعاطي الدولي مع الكيان الصهيوني الذي يعتبر نفسه فوق القوانين والتشريعات الدولية، أم أنه سينضم إلى لائحة تقارير الإدانة الدولية الطويلة، فإن ثمة جديداً في البيئة الحاضنة وفي نصوص التقرير، أشار إليه رئيس المعهد الدولي للتحقيق في جرائم الحرب وليام شاباس عندما اتهم رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بـ "خرق الأحكام الدولية لجرائم الحرب"، مبددا أوهاما رددها نتنياهو حول تغيير هذه الأحكام للإفلات من التبعات القانونية لجرائم الكيان خلال عدوانه على غزة في الشتاء الماضي، ومعتبرا أن مبادرة نتنياهو لتغيير الأحكام الدولية المتعلقة بجرائم الحرب مهمة مستحيلة وغير واقعية، ما يجعل من الممكن توقع أن يتحول الكيان الصهيوني، في المدى المنظور، أقله على مستوى الرأي العام في أنحاء العالم كافة، إلى دولة تمتهن خرق القوانين الدولية، وكيان تمييز عنصري فاضح ينبغي، ضمنا، الشك وإعادة النظر في شرعية وجوده. |
|
| |
|