الراحل الكبير المناضل شفيق الحوت في آخر مقابلة صحافية:

الراحل الكبير المناضل شفيق الحوت في آخر مقابلة صحافية:
حقوق الفلسطنيين لا تُنتزع إلاّ بالمقاومة والمسألة مسألة إرادة وعزيمة

الراحل الكبير المناضل شفيق الحوت في آخر مقابلة صحافية: E94krstxx90r

رحل شفيق الحوت "أبو هادر" فارساً ما اعتاد الرضوخ والركون إلى وهم، أن فلسطين هي مجرد ذكريات، لم يؤمن أن الاحتلال قدر، فظل حتى الرمق الأخير، يهجس بالوطن السليب، أدرك يافعاً أن البندقية هي السبيل الأقصر لاستعادة الحق المغتصب، جعل الكلمة صنوّ السلاح، وأبقاها مشتعلة بنار حبه إلى سمائه الأولى فلسطين وفي القلب منها يافا.

شفيق الحوت الذي ترك يافا قسراً ولم تتركه، ومرت الأعوام الستون، ويبقى الانتصار فعل إيمان حاضر، ومؤجل حتى تنتهي جولة الباطل، المهم ألا نخطئ الإتجاه ولن نخطئه، طالما بوصلة النضال حُدّد اتجاهها بدقة.

"نكبة" فراق الجنة في نيسان من العام 1948، التي تزامنت مع مرحلة الشباب، وتشكل الوعي لدى شفيق الحوت المولود في الثالث عشر من كانون الثاني عام 1932، والنكبة "الأولى" ليست إلاّ واحدة، وظلّ شاهداً على مراحل الوجود الفلسطيني في لبنان حتى يوم وفاته في الثاني من آب 2009.

طريق الخروج من اللجوء كانت بالنسبة لشفيق الحوت طريقاً باتجاه واحد، هي العودة، التي لأجلها أسس جبهة التحرير الفلسطينية، ولأجلها ساهم في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1963.

وإذا كان لأجل ذلك الإيمان بالحلم قد غادر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، احتجاجاً على اتفاق أوسلو في العام 1993.

ولكنه غادر أخيراً معتصماً بإيمانه ومبقياً حلمه على الأرض أمانة لدى رفاق الدرب، الذين أحبوا فلسطين ، فهي الأصل والهدف، وليست الإيديولوجيات إلاّ سبيلاً لاستردادها.

لم يكن شفيق الحوت يعتز بعلاقة أقامها مع قائد كما اعتز بعلاقته مع الراحل جمال عبد الناصر الذي أضفت تجربته على "يسارية" شفيق الشاب الآتي من تجمعات العمال في يافا بعداً قومياً واضحاً، لذلك بقي الرجل طيلة عمره قومياً ويسارياً، وكان نهضوياً عربياً ومقاوماً صلباً منفتحاً على كل تيارات الأمة التي تحمل مشروع المقاومة والنهوض.

رحل شفيق الحوت في زمن صعب، وبعد أن اندثرت المصطلحات التي اعتاد على استعمالها في أدبياته، حل الشرق الأوسط مكان الوطن العربي، والإرهاب مكان المقاومة، والواقعية مكان النضال، والعبثية مكان ملاحقة العدو، والوسطية والاعتدال مكان الثبات على المبادئ، والعقلانية مكان الالتزام الوطني والقومي.

وتوالت الضغوط المختلفة على كل من حاول أن يحتفظ بثوابته ويصمد، مثل شفيق الحوت، وبين إغراءات المناصب والمواقع، تجذب إليها أصحاب المبادئ، شعارات ترتفع وشعارات تهبط، وبقي الرجل صامداً متمسكاً بثوابته.

أدى شفيق الحوت قسطه من النضال، وترك الراية لرفاق لم تفسدهم إغراءات الحياة المريحة، ولم تشوههم الشعارات المزيفة ولم ترهبهم الاعتداءات والتهديدات والملاحقات، وعندما يعود الجيل

التالي، الجيل الذي رباه شفيق الحوت على ثقافة المقاومة والتحرير والعودة، إلى فلسطين، سترقص روح شفيق وستزغرد، سيشعر بأنه عاد بالفعل، فالثقة بالعودة والتحرير التي حافظ عليها منذ نزوحه قبل ستين سنة هي التي تجعل العودة حقيقية حتمية لا شك فيها.

ومجلة "منبر التوحيد" التي زارت شفيق الحوت في حياته، وسجلت معه آخر مقابلة صحافية، في عددها رقم 28، أيار 2009، ستظل وفية لكل المقاومين في أمتي، وستبقى الراية مرفوعة من بعدك، كما كنت تشتهي.

قال أبو هادر الكثير عن تطلعاته وكان متفائلاً بحتمية الانتصار ليس في فلسطين فقط، تحدث الرجل عن المقاومة في وجه الظلم والطغيان في كل مكان، وقال: الدنيا بألف خير مادام هناك أمثال محمود أحمدي نجاد في إيران، وهوغو تشافيز في فنزويلا، ووئام وهاب في لبنان، وبارك المقاومة الإسلامية والوطنية في لبنان على الانتصارات التي تحققت.

ستبقى ذكراك دافعاً قوياً لاستكمال مسيرة المقاومة حتى التحرر والانتصار،

إنه وعد وعهد الأوفياء.

محمود صالح

كادر:

شعب فلسطين حقيقة مادية قائمة منذ بداية التاريخ المكتوب، وأرض فلسطين تعتبر قطعة تاريخية مميزة عن جميع بقاع الأرض لما وهبها الله من موقع استراتيجي في قلب هذه الدنيا.

والحقوق الفلسطينية غير قابلة للتصرف، أي أنه ليس باستطاعة أحد، فرداً كان أو حزباً أو سلطة أن يتنازل عن أي واحد منها.

وللشعب الفلسطيني الحق بالنضال بكل الوسائل المشروعة بما في ذلك اعتماد السلاح لاسترداد هذه الحقوق، وذلك وفق مواثيق هيئة الأمم المتحدة وشرائعها وقراراتها.

وأقول للشعب الفلسطيني، صبراً آل ياسر، مهما تعذّبتم وتألّمتم، فالأعداء كذلك يتعذبون ويتألمون، كما أقول للشعب الفلسطيني، أن جميع ثورات التحرر في العالم انتصرت على أعدائها رغم الفوارق في موازين القوى، فالمسألة ليست مسألة سلاح وحسب، بل هي مسألة إرادة وعزيمة تأبى غير النصر خاتمة، وستنتصر أيّها الشعب وإلاّ لكنت قد انتهيت منذ زمن طويل كما تنبأ لك غربان الصهيونية والإستعمار، بالمقاومة سننتصر.

الله يرحمو ويسكنو فسيح جناتو

اللهم ارحم شهدائنا برحمتك يا الله