طائرات الحرب الالكترونية
تعدت الحرب الحديثة مرحلة البطولة التقليدية والفروسية، كما أنها ليست البراعة الخارقة من الطيّار في الجو أو طاقم الدفاع الجوي على الأرض في تحديد الهدف وإصابته، فكل العمليات تتم من خلال الأجهزة الإلكترونية في ضبط الهدف وتحديد الأولويات، وتوجيه الصواريخ، والتشويش على المعدات الإلكترونية للطرف الآخر، كما تلعب الحواسب الآلية بما توفّره من رد فعل موقوت وسريع، وما تحمله في ذاكرتها من مكتبة للتهديدات المتوقعة أكبر الدور في اهتزاز البندول لصالح من يلجأ إليها، تأكيداً لتصريحات القادة بأن الاستخدام السليم للحرب الإلكترونية يزيد كثيراً من المزايا الجوهرية للسلاح، كما أن المزج بين العديد من فنون الحرب الإلكترونية وبين التكتيك يمكن أن يوفّر حداً معقولاً من القدرة على البقاء، سواء للطائرة المهاجمة أو لطاقم الدفاع الجوي الأرضي. إن ما حدث فعلاً يتطلب العناية بالحرب الإلكترونية في حرب تتسم بالتسارع التكنولوجي الرهيب.
فلسفة أنظمة الإعاقة المحمولة جواً
شهدت العقود الأخيرة تغييرات جوهرية في الإلكترونيات المحمولة جواً، ولا شك أن الزيادة المستمرة في تعقُّد وتقدُّم أنظمة الدفاع الجوي لم تدع فرصة للطائرة كي تختفي أو تؤدي مهمتها في سهولة ويسر، الأمر الذي شحذ أفكار المصممين إلى ضرورة توفير الإعاقة لصالح تحقيق مهام القوات الجوية؛ فالقنابل الحديدية يمكنها أن تكسب الحرب، ولكن لابد من الأعمال الإلكترونية المضادة المحمولة جواً، لتكفل للطائرة الوصول لأهدافها والعودة السالمة، بل إن أنظمة الإعاقة المحمولة جواً تصبح في ذهن طاقم الطائرة حدوة الحصان المقلوبة التي يتفاءل بها.
لقد زاد الاستخدام المطرد للطيف الكهرومغناطيسي في توجيه الأسلحة، ومع تطوُّر الاستخدام لابد وأن تتطور تقنيات الإجراءات الإلكترونية المضادة في سلسلة رهيبة من الفعل ورد الفعل أدت إلى تعقيدات هائلة، وإلى تسابق رهيب، حيث يحاول المستخدم الفرار إلى حيزات من الطيف غير مأهولة، ويتابع الطرف الآخر الإجراءات المضادة حتى تكون مناسبة وفي الوقت المطلوب.
إن التنوُّع الهائل في الأنظمة الإلكترونية قد شكَّل صداعاً رهيباً لمصممي الإجراءات الإلكترونية المضادة، كما أضافت الأشعة تحت الحمراء ومعها أشعة الليزر بعداً جديداً للصراع الإلكتروني في المعركة الحديثة. ومن هنا كان التعقيد والكثافة في الأنظمة الإلكترونية دافعين إلى الاستعداد والتجهيز المعقّد والمتعدد أيضاً. وظهرت الحقيقة الواضحة عملية، على الرغم من أنها اشتملت على تجميع بدائي لبعض مرسلات الإعاقة الضوضائية عريضة النطاق في صورة نظام سهل وبسيط، ولكنه كان مؤثراً في ذلك الوقت إلى أبعد الحدود، وفي المراحل التالية من الحرب الكورية استفادت أمريكا من طائرات الإعاقة، حينما عملت ضد الاستخدام الموسع للمدفعية المضادة للطائرات والموجهة بالرادار التي زادت عدداً وعياراً.
وفي إحدى الطلعات اصطحبت طائرتان عدداً من قاذفات القنابل ب 26 للبحث عن مصادر التهديد وتدميرها، الأمر الذي جنّب الولايات المتحدة الأمريكية زيادة الخسائر بصورة ملحوظة.
وظهرت في منتصف الخمسينيات مجموعة من أجهزة الإنذار الرادارية المحمولة جواً (ALR)، ومرسلات الإعاقة (ALT)، وبدأ تثبيتها على القاذفات الاستراتيجية الأمريكية. وكانت الطائرة (EF-10) أول طائرة نفّاثة تجهز لحرب إلكترونية على المستوى التكتيكي في نهاية الخمسينيات. وكانت الطائرة القاذفة تحمل خمسة أطنان من معدات الحرب الإلكترونية، عالية الكفاءة في ذلك الوقت، فكانت أولى المحاولات الفعّالة في عالم الحرب الإلكترونية.
سام 2 يغير الموقف و "شرايك" يظهر
وفي عام 1965م تحول الموقف بصورة دراماتيكية، حينما أدخل الروس إلى فيتنام الصواريخ سام 2، والمدفعية المضادة للطائرات عيار (57 ملم) والموجهة بالرادار، وأسقطت فيتنام أول مقاتلة أمريكية فانتوم ف 4، وهنا وجدت أمريكا نفسها في وضع متأخر بالنسبة لتوفير أنظمة للإنذار مصاحبة لأنظمة الإعاقة، وسارعت أمريكا إلى استخدام أنظمة إعاقة ALQ-51، وأنظمة لقذف الرقائق المعدنية ALE-29، وأطلق على المشروع Quick Reaction Capability (QRC)، أي المقدرة على رد الفعل السريع. وفي العام نفسه زوّدت بعض الطائرات الأمريكية بصواريخ تركب الأشعة الرادارية (ARM)، حيث تم تجهيز طائرة 100-F لهذا الغرض بسرعة متناهية في غضون ثلاثة شهور من ظهور سام 2 على الساحة، فكانت أول طائرة (Wild - Weasl)، حيث زوّدت برادارات للتحذير والتبييت Radar Homing And Warning (RHAW)، مثل APR-25 ومستقبل راداري للتحذير عن إطلاق الصواريخ APR026.
ومع تطوير سام 2 باستخدام الرادارات (Fan song) التي تعمل في حيزات التردد (G/H) ردت أمريكا باستخدام المستودعات ALQ-101، فرد الروس باستخدام حيزات التردد (I/J) عام 1969م، فرد الأمريكان باستخدام المستودعات ALQ-119 التي اشتملت على إعاقة ضوضائية وإعاقة خداعية.
ولا يمكن للطائرات العادية حمل ذلك الكم الهائل من الأنظمة الإلكترونية، وإذا ركنت إلى زيادة الحمولة من الأنظمة الإلكترونية، فإن ذلك يكون على حساب المهام الأخرى. ومن هنا ظهرت الحاجة إلى طائرات خاصة ضمن التشكيل تكون مهمتها الأساسية هي الحرب الإلكترونية.
ولا يختلف اثنان على ضرورة تواجد تلك الطائرات ضمن تشكيل القوة الضاربة، وبدونها فإنه من المشكوك فيه إتمام المهمة ولا مناص من الخسائر، فالأعمال الإلكترونية المضادة تقلل الخسائر ولكنها لا تمنعها ECM does not immune lossed, it dies decrease losses، كما تبعث في الطاقم الثقة مع شيء من الاسترخاء Relax a Little.
بداية مؤثرة للغربان السود
بدأت القاذفات والطائرات الهجومية حمل أنواع متعددة من مستودعات الإعاقة الضوضائية عريضة النطاق في نهاية الحرب العالمية الثانية لإرباك أنظمة الدفاع الجوي، وجهّزت أمريكا القاذفات ب 29، تلك القلاع الطائرة التي كان يطلق عليها "سوبر فورست"، وكانت تحمل معدات استطلاع وإعاقة رادارية يقوم بتشغيلها ضباط طيارون أُطلق عليهم (Ravens)، أي الغربان السوداء، واشتركت مع كل تشكيل مهاجم طائرة مجهزة خصيصاً لأعمال الإعاقة الإلكترونية، وتجاوز تأثيرها حدود التصوّر، وساهمت كثيراً في حماية التشكيلات الجوية، وأظهرت الحرب الإلكترونية المحمولة جواً من ذلك التاريخ وخلال العقود الماضية
طفرة هائلة وملحوظة.
صور مختلفة
لقد كانت المهمة سهلة في الحرب العالمية الثانية، بل كانت بسيطة نسبياً لحداثة التهديد وبدائيته، فما كان على الطيار إلا أن يضبط تردد المرسل، ويوجّه الهوائي تجاه مستقبل العدو بطريقة يدوية، مستخدماً في ذلك أجهزة إعاقة ضوضائية.
وبتطور الحرب الإلكترونية، وباستخدام المدفعية المضادة للطائرات والموجهة بالرادار (Whiff)، ورادارات الإنذار المبكر، سارعت أمريكا إلى الاستعانة بالأعمال الإلكترونية المضادة لذلك التهديد الرهيب، فجهزت طائراتها ببعض مرسلات الإعاقة، ولكن ذلك كان غير عملي، علاوة على تكاليفه الباهظة، من هنا حوّرت أمريكا بعض طائرات الحرب العالمية الثانية (TB-25J)، لتعمل كطائرات للإعاقة.
ظهور العساس Prowler
في عام 1966م تحولت حرب فيتنام إلى حرب إلكترونية كاملة حينما غطّت شبكة رادارات الإنذار الأمريكية كل أجواء فيتنام الشمالية، وكانت القوات البحرية الأمريكية أول من أحس بالأهمية الزائدة لأنظمة الإنذار والإعاقة المحمولة جواً، فقامت بتطوير القاذفة A-6 A Intruder، أي (الدخيل) إلى الطائرة EA-6A، وذلك بتجهيزها بمستودع إعاقة ضوضائي ALQ-76، ومستقبلات للإنذار والتحذير الراداري عند إطلاق الصواريخ السوفيتية، واستخدمت على نطاق واسع.
وفي عامي 70-1972م رصدت المخابرات الغربية نوعاً جديداً من الصواريخ أرض جو سام 3، يدخل حلبة الصراع في الشرق الأوسط، وتوسع المصريون في استخدام الصواريخ الحرارية سام 7 في حرب الاستنزاف، وكان لزاماً على أمريكا أن تحدِّث من أنظمتها الإلكترونية المحمولة جواً لتتم السيطرة عليها بواسطة أجهزة استقبال مبرمجة، مع استخدام الحواسب الآلية لتوفير الكفاءة والفاعلية لطائرات الحرب الإلكترونية، وأنتجت (جرامان) أول نظام للإعاقة التكتيكية ALQ-99، والذي سُمِّي Canoe، وتم تحميله في مستودعات على الطائرة Prowler EA-6 B أي العساس. وبظهور (العساس) بدأت طائرات الحرب الإلكترونية أول الأعمال للمساندة القتالية الحقيقية في فيتنام عام 1971م، عندما ساندت أعمال الهجوم الجوي للقاذفات براداري للتحذير عن إطلاق الصواريخ APR026. ومع تطوير سام 2 باستخدام الرادارات (Fan song) التي تعمل في حيزات التردد (G/H) ردت أمريكا باستخدام المستودعات ALQ-101، فرد الروس باستخدام حيزات التردد (I/J) عام 1969م، فرد الأمريكان باستخدام المستودعات ALQ-119 التي اشتملت على إعاقة ضوضائية وإعاقة خداعية.
ولا يمكن للطائرات العادية حمل ذلك الكم الهائل من الأنظمة الإلكترونية، وإذا ركنت إلى زيادة الحمولة من الأنظمة الإلكترونية، فإن ذلك يكون على حساب المهام الأخرى. ومن هنا ظهرت الحاجة إلى طائرات خاصة ضمن التشكيل تكون مهمتها الأساسية هي الحرب الإلكترونية.
ولا يختلف اثنان على ضرورة تواجد تلك الطائرات ضمن تشكيل القوة الضاربة، وبدونها فإنه من المشكوك فيه إتمام المهمة ولا مناص من الخسائر، فالأعمال الإلكترونية المضادة تقلل الخسائر ولكنها لا تمنعها ECM does not immune lossed, it dies decrease losses، كما تبعث في الطاقم الثقة مع شيء من الاسترخاء Relax a Little.
بداية مؤثرة للغربان السود
بدأت القاذفات والطائرات الهجومية حمل أنواع متعددة من مستودعات الإعاقة الضوضائية عريضة النطاق في نهاية الحرب العالمية الثانية لإرباك أنظمة الدفاع الجوي، وجهّزت أمريكا القاذفات ب 29، تلك القلاع الطائرة التي كان يطلق عليها "سوبر فورست"، وكانت تحمل معدات استطلاع وإعاقة رادارية يقوم بتشغيلها ضباط طيارون أُطلق عليهم (Ravens)، أي الغربان السوداء، واشتركت مع كل تشكيل مهاجم طائرة مجهزة خصيصاً لأعمال الإعاقة الإلكترونية، وتجاوز تأثيرها حدود التصوّر، وساهمت كثيراً في حماية التشكيلات الجوية، وأظهرت الحرب الإلكترونية المحمولة جواً من ذلك التاريخ وخلال العقود الماضية طفرة هائلة وملحوظة.
صور مختلفة
لقد كانت المهمة سهلة في الحرب العالمية الثانية، بل كانت بسيطة نسبياً لحداثة التهديد وبدائيته، فما كان على الطيار إلا أن يضبط تردد المرسل، ويوجّه الهوائي تجاه مستقبل العدو بطريقة يدوية، مستخدماً في ذلك أجهزة إعاقة ضوضائية.
وبتطور الحرب الإلكترونية، وباستخدام المدفعية المضادة للطائرات والموجهة بالرادار (Whiff)، ورادارات الإنذار المبكر، سارعت أمريكا إلى الاستعانة بالأعمال الإلكترونية المضادة لذلك التهديد الرهيب، فجهزت طائراتها ببعض مرسلات الإعاقة، ولكن ذلك كان غير عملي، علاوة على تكاليفه الباهظة، من هنا حوّرت أمريكا بعض طائرات الحرب العالمية الثانية (TB-25J)، لتعمل كطائرات للإعاقة.
ظهور الغراب النوحي (RAVEN)
وفي أكتوبر فوجئ الأمريكان بذلك الاستخدام المنسق والفعّال للمدفعية المضادة للطائرات والصواريخ سام 2، 3، 6، 7، من حيزات مختلفة من التردد، بالإضافة إلى الشيلكا ZSU-23-4، ذات التأثير الرهيب، وشكَّل الاستخدام المؤثر للصواريخ الحرارية سام 7 عائقاً غير متوقع بصورة صعَّبت مهمة الطائرات المهاجمة، وظهر على الساحة أيضاً سام 8، وسام 9.
ومع اتساع التهديد استحال على الطائرات المهاجمة أن تحمل كل الوسائل الإلكترونية المضادة لهذا التفكير الواسع من التهديدات، وأصبح تجهز الطائرة EA-6B بأنظمة إلكترونية حديثة هو الاتجاه السليم، وتبع ذلك دخول طائرة الحرب الإلكترونية EF-III التي تسمى Raven أي (الغراب النوحي)، والتي تصل سرعتها إلى ما يزيد على ضعف سرعة الصوت، مما يوفّر التوافق في السرعة مع طائرات الضربة.
وهكذا أملت ظروف التطوّر حتمية ظهور (الغراب النوحي)، حيث تصاحب واحدة أو عدة طائرات للحرب الإلكترونية طائرات الضربة الجوية أثناء تحقيق المهمة، ويمكن للطائرة أن تعمل مصاحبة للقوات أثناء الاختراق العميق Escort، أو في مظلات بعيدة عن مرمى الدفاع الجوي فيما يسمّى Stand off، ويتوقف ذلك على متطلبات تحقيق المهمة. وفي الوقت الذي تفضل فيه القوات البحرية النوع الثاني Stand off، فإن القوات الجوية الأمريكية تفضل النوع الأول Escort وهي مهمة الحراسة المرافقة.
(ترام) في الطائرة EA - 6B
لقد أقحم تخصيص طائرة لأعمال الحرب الإلكترونية بعداً جديداً تمثّل في استخدام أنظمة متكاملة للحرب الإلكترونية (INEWS) Integrated Electronic Warfare Systems، اشتملت على جانب من الحرب الكهروضوئية، حيث يستخدم الليزر والأشعة تحت الحمراء، والتليفزيون في النظام (ترام) (TRAM) Target Racogintion Attack Multi -Sensor، أي نظام تمييز الأهداف متعدد المستشعرات لأغراض الهجوم وأثناء الليل. ويستخدم النظام (ترام) أجهزة للرؤية الأمامية بالأشعة تحت الحمراء، لتظهر الصورة على شاشة تليفزيونية في تزاوج تام مع أنظمة تقدير المسافة بالليزر وتوجيه الصاروخ بالليزر عن طريق إضاءة الهدف بالليزر.
وتوجد عموماً في مقدمة الصاروخ كاميرا تليفزيونية TV ترسل صورة واضحة إلى الطائرة تستخدم لأغراض التوجيه، مع وجود ريكورد فيديو سُجِّلت عليه الأهداف لاستعادتها للمقارنة، وتقدير كفاءة الضرب.
وهكذا يسمح النظام للطاقم بتمييز الأهداف التي تظهر بالرادار مع إمكانية توجيه ضربة دقيقة بالأسلحة الموجهة بالليزر وبالتليفزيون بدقة متناهية، في الوقت الذي تقوم فيه الطائرة بمناورات عالية فوق الهدف، وتكون الإصابة دقيقة ومن الضربة الأولى باستخدام الأسلحة الذكية Smart-Weapons، حيث إن الطائرة لا تستطيع في ظروف تهديد أنظمة الدفاع الجوي الحديثة أن تتمهل في منطقة الهدف أو تعاود الكرّة مرة أخرى لإحكام الإصابة، وإلا كان الثمن غالياً، وغالباً ما تدفع الطائرة ذاتها الثمن متمثلاً في إصابة يتم تفاديها بالأسلحة الذكية وأنظمة القصف الحديثة Fire and Forget. وهكذا يساهم (ترام) في تحسين الأداء وزيادة القدرة على البقاء للطائرات الحديثة في ظل التهديدات الكثيفة والمعقدّة.
ومع التقدم في أنظمة الاستخبارات الصناعية (AI) سوف يتم التطوير لإلغاء العنصر البشري في دورة الاشتباك، على أن تقوم الحواسب الآلية بالتعرُّف على الهدف من الصور المخزنة في مكتبة التهديدات، ثم توجه الصواريخ الذكية إلى الهدف في إعجاز لا يمكن أن يصدقه عقل بالمقاييس الحالية، ولكن في جعبة العلم الكثير.
المستودع السحري (كانوي)
يعتبر نظام الإعاقة التكتيكي ALQ-99 المستخدم في طائرات الحرب الإلكترونية EA-6B، و EF-111 هو المستودع السحري الذي يوفّر الإعاقة المؤثرة والفعّالة بحق، ويسمى (Canoe)، ويطلق عليه أيضاً نظام الإعاقة الذكي (Smart Jammer)، وتحمل الطائرة EA-6B خمسة مستودعات إعاقة، (4) منها تحت الأجنحة، والخامس تحت جسم الطائرة، في الوقت الذي تحمل فيه الطائره EF-111 المرسلات العشرة نفسها داخل جسم الطائرة يوجد مرسلا إعاقة بكل مستودع تقليلاً للتأثير على الديناميكا الهوائية للطائرة، ويوفّر النظام إمكانية إعاقة مختلفة بصورة لا يمكن أن يوفّرها حالياً أي نظام آخر، حيث يمكنه التعامل مع اتصالات الطائرات في حيز التردد فوق العالي ومع رادارات الإنذار المبكر على الارتفاعات العالية، كما يمكنه أيضاً تغطية رادارات سام 2، وسام 3، وسام 4، وسام 8، وسام 6، والشيلكا، ورادارات قيادة النيران في حيز تردد يصل حالياً إلى (18) جيجا سيكل من عشرة حيزات فرعية. ومن المنتظر فعلاً الوصول إلى تردد (40) جيجا سيكل مع تزايد التهديد السوفيتي الزاحف إلى حيز الموجات المليمترية.
ويوفّر المستودع ثلاثة أنواع رئيسة للعمل
1 باستخدام الحاسب الآلي:
وفي هذه الحالة يقوم الحاسب باختيار التهديد الواجب للإعاقة، ثم يقوم بضبط الجزء الإيجابي من النظام ليقوم بالإعاقة المناسبة آلياً.
2 الطريقة النصف آلية:
وفي هذه الحالة يشترك العامل مع الحاسب في اختيار مصادر التهديد التي يتعامل معها حسب أولويات متفق عليها.
3 الطريقة اليدوية:
وفي هذه الحالة يقوم ضابط الحرب الإلكترونية (EWO) بالبحث في حيز محدد من الترددات، ويكتشف مصادر التهديد ويتخذ الإجراءات المضادة المناسبة، وفي هذه الحالة تزداد أزمنة رد الفعل كما يتضح من طريقة الاستخدام.
ويعتبر المستودع نظاماً للإعاقة التكتيكية (TJS)، ويشتمل على: جهاز استقبال للقياس الفوري للترددات (IFM)، وجهاز استقبال لضبط ترددات القياس للأنظمة الإيجابية طبقاً لترددات مصادر التهديد، ووحدة تحليل للمعلومات، ومستودع إعاقة، ووحدة توليد قدرة عن طريق استخدام توربينات خاصة تستخدم قوة الرياح في كل مستودع يعلق خارج الطائرة.
ويحتوي كل مستودع إعاقة على:
1 نظام إعاقة للاتصالات Comjam، وهو موجود للتعامل أساساً ضد اتصالات الطائرات AlQ-130، و ALQ-92.
2 وحدة خدع رادارية ALQ-126 (DECM).
3 نظام مستقبلات متكامل ALR-67، وذلك لتحديد مصادر التهديد وخصائصها وتتبعها، وذلك لتحديد المهام الخاصة بالإعاقة والخداع تحقيقاً للاستجابة الفورية لمصادر التهديد بإجراءات مضادة مناسبة طبقاً للأسبقيات في مستوى التهديد.
4 حاسب مركزي متصل بالنظام الملاحي، مما يسهّل عملية تمييز الأهداف وتصنيفها وتحديد الأسبقيات وطرق الإعاقة، ويمكن تحديث المعلومات وإظهارها بصورة دورية وفي أقرب وقت، مما يعطي صورة لسيناريو التهديد المضاد.
وعموماً فإن المستودع ALQ-99 يزوّد طائرات الحرب الإلكترونية بإمكانات وقدرات الإعاقة أكبر من أي طائرة عرفها العالم، بل يجعلها من أعقد طائرات الحرب الإلكترونية. وليس الأمر بالسهولة حيث إن تنفيذ طلعة لمهمة تستغرق (40) دقيقة تتطلب إعداداً وتخطيطاً قد يصل إلى (6) ساعات، ولكن فاعلية الأداء تعوّض ما يبذل من جهد بصورة تدعو للارتياح.
إعاقة للترددات وليست للرادارات تكون الإعاقة stand-off مؤثرة، حيث تقوم الطائرة بتركيز الإشعاع، ويمكن التعامل مع رادار البحث من الفصوص الجانبية بقدرة عالية، مما ينتج عنه ستر كامل للطائرة. وعموماً فإن الإعاقة تتم لترددات وليست لرادارات.
وتتوقف الفاعلية على الشكل الهندسي للتعامل، وشكل الأرض، والعوائق الموجودة، وارتفاع الطائرة، والمسافة بين طائرة الإعاقة والردار المطلوب إعاقته، وكذا على عدد الطائرات المطلوب إخفاؤها.
وعموماً، فإن مهمة ستر طائرات الدعم المهاجمة من رادارات قيادة وتوجيه النيران تكون صعبة، ويمكن أن تستخدم الطائرات بعض أنظمة الحماية الذاتية (ASPJ) للحماية، مع استخدام تكتيكات خاصة وتقنيات متقدمة، ولقد وجد أن قدرات الإعاقة في الطائرات EF-111 تزيد فعلاً من حدود الثقة في تنفيذ المهام.
ويُقاس نجاح المهمة بما يعرف بمعامل الإرباك الذي يزيد بزيادة أسية مع زيادة عدد طائرات الإعاقة، ونظراً لقيام الطائرة EF-111 بأعمال الاختراق العميق والحراسة المرافقة، فإنها تحمل النظام ALQ-137 لأغراض الحماية الذاتية لخداع رادارات التتبع حتى توفر لنفسها بعض الحماية التي تقوم بتوفيرها للآخرين.
مهمة الدعم الإلكتروني
تصاحب طائرة الحرب الإلكترونية طائرات الضربة القائمة بتنفيذ المهمة، وذلك على بعد حوالي (100) كلم من الهدف، بحيث تكون بعيدة عن تأثير وسائل الدفاع الجوي المعادية، وتقوم بتنفيذ مهمتها لصالح باقي القوات التي لا تحمل أية طائرة منها أية معدات حرب إلكترونية تذكر، وهنا تكون مهمة طائرة الحرب الإلكترونية إعاقة جميع الرادارات المعادية في منطقة الهدف، وذلك من خلال تشكيل حاجز إلكتروني (Electronic Barrier) يستر تحركات ومناورات بقية طائرات الضربة بما يسهل مهمتها، ويتطلب ذلك أنظمة استقبال ذات حساسية عالية حتى يمكنها كشف وتمييز وتحديد جميع الرادارات المعادية من وضع بعيد عن مرمى وسائل الدفاع الجوي المعادية في وضع stand-off كما يجب توفير أجهزة إرسال ذات قدرة عالية لتحييد عمل هذه الرادارات من مسافة بعيدة. ونظراً للكم الهائل من التهديد الراداري، فقد ظهرت الحاجة إلى استخدام الحواسب الآلية للسيطرة على الإعاقة لتحقيق التوافق بين التهديد ومتطلبات الإعاقة.
وفي أثناء تحقيق مهمة الدعم الإلكتروني تطير طائرات الحرب الإلكترونية أمام الطائرات المهاجمة، وفي أثناء اقترابها من الحد الأمامي للقوات تقوم هوائياتها التي تدور إلكترونياً بمسح المنطقة لتحديد مصادر الإشعاع التي تشكِّل التهديد، وبمجرد الاكتشاف والتحديد يتم توليف أجهزة الإرسال للتعامل معها حسب الأسبقيات التي يحددها الحاسب الآلي طبقاً للبرامج الموضوعة، وتستمر طائرة الحرب الإلكترونية في تحييد عمل الرادارات من وضع عالٍ يحدد لها في اللحظات التي تدخل قوات الضربة الرئيسة أرض العدو وتهاجم الأهداف المطلوبة بثقة دون خوف، وبعد الهجوم تعود القوات إلى قواعدها في ستر أعمال الإعاقة، وبمجرد ابتعاد آخر طائرة من طائرات الضربة الرئيسة عن التهديد الأساسي لوسائل الدفاع الجوي المعادية تبدأ طائرات الحرب الإلكترونية في قفل مرسلات الإعاقة والعودة إلى قواعدها مع بقية الطائرات.
الاختراق العميق ومهمة الحراسة المرافقة
وخلافاً عما تم في مهمة الدعم، فإن طائرة الحرب الإلكترونية تصاحب الطائرات القائمة بالمهمة في عمق أرض العدو، مستخدمة الأنظمة الإلكترونية المحمولة جواً في توفير الحماية لها ولجميع طائرات الضربة. ولا تحمل طائرة الحرب الإلكترونية أي أنظمة مسلحة تماماً كما هو الحال في مهمة الدعم الإلكتروني. وهنا يمكن القول إن المهمة تختلف، حيث يلزم استخدام طائرة عالية الأداء بصورة تتوافق مع بقية الطائرات، وهذا الشرط لم يكن مطلوباً في أثناء مهمة stand-off.
ونظراً لاصطحاب الطائرة لطائرات الضربة وقربها من الهدف، فإن القدرة اللازمة للإعاقة في هذه الحالة يمكن أن تقل كثيراً عن مثيلتها في أثناء الدعم الإلكتروني، وفي أثناء تنفيذ مهمة الحراسة (Escort) فإن طائرة الحرب الإلكترونية تدخل أرض العدو متقدمة باقي الطائرات، مستخدمة الرقائق المعدنية وباقي وسائل الحماية الذاتية، وتقوم بتصيد الإشعاع الراداري المعادي الإلكتروني في الاختراق العميق (Deep Penetration) لأرض العدو، لتوفّر باقي طائرات الضربة ستراً إلكترونياً يخفي التشكيل لجميع قوات الضربة.
وفي الوقت الذي يفضّل فيه الأسطول الأمريكي أعمال الدعم
الإلكتروني لعدم الرغبة في الاختراق العميق، فإن القوات الجوية الأمريكية تفضِّل اشتراك طائرات الحرب الإلكترونية في الاختراق العميق، وتوفير مهمة الحراسة المرافقة (Escort)، واستخدمت الطائرات EF-111 بنجاح في فيتنام لتحقيق ذلك. ونظراً لأن حمولة معدات الحرب الإلكترونية قد زادت كثافة التهديد الإلكتروني ومهمة الحراسة المرافقة، حيث تحمل معدات يبلغ وزنها حوالي ثلاثة أطنان، علاوة على أن سرعتها يمكن أن تصل إلى (2،2) ماخ بما يوفّر التوافق مع خصائص الطائرات الحديثة القائمة بالضربة الجوية.
( التانكرز) معامل زيادة القوة
تضيف إعادة التزوُّد بالوقود جواً ذراعاً طويلاً لطائرات الحرب الإلكترونية، وتعتبر التانكرز kc-101 التي يصل نصف قطر عملها (2300) ميل بحري والتي تستطيع حمل (200) ألف رطل لمستقبل على مسافة (1900) ميل بحري عاملاً من عوامل زيادة القوة، إذ أثبتت الأحداث أن تطوير التانكرز بإعادة تزويدها بالوقود من طائرة أخرى أو قيامها بالتزويد بالوقود ذاتياً، يمكن أن يوفّر الدعم للطائرات الأمريكية في أي منطقة توتّر في العالم. ولا شك أن الدليل على ذلك هو اشتراك (40) طائرة تانكرز لدعم أعمال الغارة الأمريكية على ليبيا عام 1986م، علاوة على الاستخدام بصورة كبيرة في حرب الخليج وحرب العراق. وجوهر الأمر أن إعادة التزوُّد بالوقود في الجو يوفّر للطائرات المهاجمة حمولة إضافية من القنابل لأعمال التدمير، أو من أجهزة ومعدات الحرب الإلكترونية التي تزيد من فاعلية وتأمين الضربة الجوية ويوسّع من دائرة التأثير والدعم للقوات الجوية.
وتعتبر إعادة التزوّد بالوقود جواً معاملاً لزيادة القوة (Force Multiplier) لطائرات الحرب الإلكترونية التي هي أساساً معاملاً لزيادة القوة للضربة الجوية
خاتمة
لابد من وقفة لإعادة تقويم دور الحرب الإلكترونية لصالح القوات الجوية، فهي التي توفِّر الذراع الطويلة، والقوة، والحماية لتوجه الضربة، ويمكن أيضاً أن توفِّر الحرب الإلكترونية إمكانية الحماية ضد القوة الجوية الغاشمة، إنها سلسلة من إجراءات الفعل ورد الفعل الموقوت، ينجح فيها من يلجأ إلى الاستخدام الذكي والفعّال للتكنولوجيا التي هي السمة الغالبة للتطوُّر.
وعموماً، فالحرب الإلكترونية يمكن أن تكون ذات مفعول ساحر إذا ما استخدمت وخطط لها باقتدار، ولابد من إعداد الكوادر وتوفير المعدات والأنظمة التي تعمل في ميدان الحرب الإلكترونية، ولابد من صحوة عامة وتكنولوجية قبل أن يضيع منا كل شيء .