ابو ابراهيم الاحمد عميد
المزاج : غاضب من اجل فلسطين تاريخ التسجيل : 22/01/2009 الابراج : الأبراج الصينية : عدد الرسائل : 826 الموقع : https://fateh83.yoo7.com العمل/الترفيه : الرياضه
بطاقة الشخصية فتح: 50
| موضوع: نتنياهو في موسكو... التحريض ضد إيران... الثلاثاء مارس 09, 2010 10:19 pm | |
| نتنياهو في موسكو... التحريض ضد إيران...
وعلاقات يشوبها التعقيد |
| محمد رشاد الشريف |
تعتبر الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو إلى موسكو في أواسط شهر شباط الماضي واستمرت ثلاثة أيام ، الزيارة العلنية الأولى له إلى روسيا منذ عودته إلى رئاسة الحكومة الصهيونية قبل عام ، وتطرح أسئلة حول العلاقات الروسية الصهيونية ، وموقف روسيا من الصراع العربي الصهيوني ، والأهداف التي رمى إليها نتنياهو من وراء هذه الزيارة ، في هذا الوقت بالذات ، ومدى
|
|
|
نجاحه في تحقيق هذه الأهداف ، وبعث الحرارة في العلاقات الروسية "الإسرائيلية"...؟؟. حساسية و خصوصية يمكن القول إن هذه الزيارة التي قام بها نتنياهو إلى روسيا لها أهمية خاصة بالنظر إلى مسألتين: أولاً: الأهمية التي ينظر بها الكيان الصهيوني إلى روسيا بوصفها دولة كبرى لها علاقات قوية بدول المنطقة، وعلاقات خاصة بالكيان الصهيوني، ولها تأثير من زوايا معينة على الصراع العربي الصهيوني، وهي من مصدري السلاح لبعض الدول في المنطقة. وثانياً: التوقيت الذي تأتي فيه هذه الزيارة، وخاصة في أجواء التصعيد، وتبادل التهديدات بين الكيان الصهيوني ومعسكر الصمود والمقاومة في المنطقة، والهجمة الغربية الأمريكية الصهيونية التي تستهدف التحشيد، من أجل فرض عقوبات قاسية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد رفعها تخصيب اليورانيوم إلى درجة 20%. وتكمن خصوصية العلاقة بين الكيان الصهيوني وروسيا في أن أكبر مجموعة من اليهود في هذا الكيان، تعود في أصولها إلى روسيا أو بلدان الاتحاد السوفييتي السابق، وقسم كبير منهم لم يمض طويل وقت على هجرتهم، في موجة الهجرة الكبرى التي حدثت في التسعينات من القرن العشرين الماضي، وهؤلاء لهم حزبهم الخاص الذي يعتبر من أكثر الأحزاب الصهيونية تطرفاً، وهو حزب "يسرائيل بتينو" بزعامة وزير الخارجية الحالي أفيغدور ليبرمان، والذي قام هو الآخر بزيارة إلى روسيا قبل فترة، حيث يحاول الصهاينة توظيف هذه المسألة للحديث عن ارتباط خاص مع روسيا، وفي الوقت نفسه تجد لهذا الأمر صدى في حديث بعض القادة الروس، ومنهم فلاديمير بوتين رئيس الحكومة الروسية الحالي، الذين يتحدثون عن قسم من الشعب الروسي يعيش في "إسرائيل"، ويعتقدون أن هؤلاء يمكن أن يشكلوا "جسر تواصل ثقافياً وإنسانياً بين البلدين". وفي الواقع فإن تاريخ العلاقة بين الكيان الصهيوني وروسيا تاريخ متقلب، ولا يمكن وصف العلاقة بين الطرفين بأنها علاقات صداقة أو تحالف بأي حال، فعلى الرغم من أن الاتحاد السوفييتي السابق كان من بين أول الدول التي اعترفت بالكيان الصهيوني بعد الإعلان عن قيامه، إلا أن العلاقات سرعان ما أخذت طابع الجفاء، بعد أن تبين للسوفييت أن هذا الكيان حليف أو قاعدة متقدمة للغرب الاستعماري، وليس كياناً تحررياً وطنياً استقل عن الاستعمار البريطاني، كما كان تشيع القوى الصهيونية عند قيامه. وصار الاتحاد السوفييتي مصدر التسليح والدعم السياسي للرئيس عبد الناصر والدول القومية العربية، ولا يسمح لليهود بالهجرة إلى هذا الكيان، لا بل إنه قام مع الدول الاشتراكية بقطع علاقاته الدبلوماسية مع هذا الكيان إثر حرب 1967، ولكنه بعد حرب عام 1973 والانفراج الذي حدث في العلاقات مع الولايات المتحدة والغرب، وعقد معاهدات الحد من التسلح، والضغوط التي صار يمارسه الغرب عليه للسماح لليهود بالهجرة خلف يافطة حقوق الإنسان، عاد وسمح بخروج عشرات الألوف من اليهود في كل عام خلال سنوات السبعينات. ومع سقوط النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي مطلع التسعينات، وتفكك هذا الاتحاد حدث تحول وانعطافة في تاريخ العلاقات بين الكيان الصهيوني وروسيا، التي صارت الوريث الرئيسي للاتحاد السوفييتي، بصفتها الدولة الأساس والأكبر فيه، وقد انفتحت الأبواب أمام الصهاينة للتغلغل في روسيا والبلدان التي نتجت عن تفكك الاتحاد، وتدفقت منها أكبر موجة هجرة في تاريخ المشروع الصهيوني، جاء فيها ما يقارب المليون مهاجر، واجه بعضهم تمييزاً ومشاكل في الكيان الصهيوني، وقسم منهم لم يعتبروا يهوداً، وعاد البعض منهم إلى روسيا بعد تحسن الأحوال فيها. وفي الوقت نفسه صار الحديث يجري في روسيا عن دور للصهاينة في إسقاط النظام الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفييتي، وأن هناك غالبية من اليهود من بين الذين نهبوا ممتلكات الدولة، والمليارديرية الجدد الذين ظهروا في روسيا من أمثال بيرزوفسكي وخدروفسكي وغيرهم، و الذين سيطروا على الاقتصاد والإعلام في عهد يلتسين، وهذا الوضع أوجد نقمة ضد الصهاينة في أوساط روسية واسعة، وخاصة من القوميين والشيوعيين. وإذا كانت العلاقات بين روسيا والكيان الصهيوني علاقات مفتوحة، في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، إلا أنها بدأت تتسم بالحذر نوعاً ما، بعد أن أخذت روسيا في إعادة لملمة نفسها، والتطلع لاستعادة مكانتها بوصفها دولة كبرى في العالم، وبدأت في عهد بوتين قراءة خارطة مصالحها وعلاقاتها، وتوثيق علاقاتها السياسية والاقتصادية مع الدول التي كانت ترتبط تاريخياً مع روسيا بعلاقات جيدة ، وفي مقدمتها الدول العربية والإسلامية، ودول الرابطة المستقلة و الدول الآسيوية، والإفريقية والأميركية اللاتينية، وباختصار الدول التي كان لها علاقات طيبة بالاتحاد السوفييتي سابقاً، وفي هذا الإطار جرى تحسين العلاقات مع سورية وإيران اللتين تعتبرهما إسرائيل عدوها الرئيسي في المنطقة. وقد قام القادة الصهاينة بزيارات متوالية إلى روسيا لحثها على عدم التعاون مع إيران وسورية، وعدم تزويدهما بالسلاح، وخاصة منظومات الدفاع الجوي الحديثة. وفي هذا الإطار قام عاموس جلعاد في 17 /12 2008 بزيارة روسيا لثنيها عن بيع إيران صواريخ إس300 المتطورة، ولوقف التعاون مع إيران في المجال النووي، و مشاركة الغرب في جهوده لفرض العقوبات عليها، ولا يمكن القول إن القادة الصهاينة أصابوا كثيرا ًمن النجاح، وإن كانت جهودهم صبت في مجري الضغوط الغربية والصهيونية المتواصلة في هذا المجال. وقد تعرضت العلاقات الروسية الإسرائيلية إلى شيء من الامتحان، عندما نشب القتال بين جورجيا وروسيا في آب 2008، فقد كان واضحا أن الكيان الصهيوني ساهم في تسليح وتدريب القوات الجورجية، و تحريضها على الهجوم على أوسيتيا، الأمر الذي أثار غضباً روسياً، ولوماً داخل الكيان الصهيوني على المراهنة على جورجيا، واستفزاز روسيا التي تعتبر دولة كبيرة، العلاقات معها أهم. ويمكن القول إن موقفا ً متناقضاً يحكم نظرة القادة الصهاينة إلى روسيا، فمن جهة هناك موقف عدائي مضمر تجاه روسيا، اتساقاً مع الموقف الغربي الذي لا يريد أن لا تنهض روسيا وتعود لدورها بوصفها دولة عظمى، وبسب العلاقات بين روسيا والشعوب العربية، وخاصة مع سورية وإيران. ومن جهة أخرى فإن الكيان الصهيوني يرى ضرورة تحسين العلاقات مع القوى العظمى المقبلة كالصين والهند وروسيا، في ضوء التغيرات المتوقعة في التوازنات الدولية، واحتمال تراجع وزن ومكانة الولايات المتحدة الحليف الأساسي لهذا الكيان. هل حققت زيارة نتنياهو أغراضها :- في سياق هذه العلاقات تأتي زيارة بنيامين نتنياهو لموسكو، التي سبقتها زيارة سرية قبل أشهر، من أجل تعزيز العلاقات بين البلدين، واستخدامها للتحريض ضد إيران، والحث على المشاركة في فرض العقوبات ضدها، واستغلال الانزعاج الذي أبدته روسيا من رفع إيران تخصيب اليورانيوم إلى 20%، وللمطالبة بعدم تسليمها منظومة إس 300 للدفاع الجوي، والقول إن الأسلحة التي تباع لها ولسورية تصل إلى أيدي حزب الله وحماس، ومن تسميهم "منظمات الإرهاب" في المنطقة، ولإبداء الانزعاج من استقبال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، الذي زار موسكو مع وفد من الحركة قبل أسبوع من زيارة نتنياهو. ولم يكن استقبال نتنياهو في موسكو حاراً، إذ صبت الأوساط الروسية ماءً بارداً على هذه الزيارة حين أعلنت أن "منظومة إس 300 هي منظومة دفاعية ولا مانع من تزويد طهران بها"، وقال فلاديمير نزاروف نائب الوزير في مجلس الأمن الروسي: "هناك اتفاق مبرم ونحن ملتزمون به ولكن التزويد لم يبدأ بعد"، وقبل ذلك بأسبوع كانت روسيا منعت عقد مؤتمر للوكالة اليهودية في موسكو، و قبل أشهر أغلقت مكاتب بعثة ناتيف في روسيا التي تعنى بشؤون الهجرة اليهودية، وأبعدت رئيسها شموئيل بوليشوك بشبهة تجسس، وقيل إن نتنياهو ابتلع هذه الإحراجات أملاً في ضم روسيا إلى العقوبات الدولية، ومنع بيع أسلحة لإيران وسورية "تخل بالتوازن" في المنطقة كما قال. وفي الوقت الذي لم تعلق فيه موسكو كثيراً على المحادثات التي أجراها نتنياهو مع الرئيس الروسي ميديديف الذي اكتفى بالحديث عن "علاقات خاصة تربط روسيا بإسرائيل"، وأنه" لا يستبعد العقوبات على إيران " فإن نتنياهو طالب ب"عقوبات ذات أنياب ضد إيران "، "عقوبات موجعة تضرب بطريقة مقنعة قطاعات النفط والطاقة والواردات والصادرات إضافة إلى قدرات التكرير"، وأشار في الوقت نفسه إلى" أن إسرائيل لا تنوي شن حرب على إيران"، وقال "إننا لا نخطط لأي حرب ". وقد أشار مراسلون "إسرائيليون" إلى أن نتنياهو عرض" تعزيز التعاون الاقتصادي، وإعطاء روسيا دور شريك في العملية السلمية"، و طلب إبلاغ حماس أنه راغب في إتمام صفقة الأسرى، ولكنه لن يغير العرض الذي قدمه في هذا المجال، و قال: "إنه مستعد للقاء أبو مازن في موسكو أو في أي مكان آخر من أجل استئناف المفاوضات". وتناولت المحادثات أيضاً المسارين السوري واللبناني، لأن" روسيا تؤمن بأنه لا يمكن تحقيق سلام في المنطقة دون حدوث التسوية على هذين المسارين". وقد اجتمع الوفد الصهيوني الذي مع رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين وبحث معه القضايا نفسها. ويمكن القول أنه على الرغم من الإعلان في موسكو عن تأخير تسليم منظومة إس300 لإيران "لأسباب تقنية "، والذي اعتبر "سياسياً "من جانب المراقبين، للتعبير عن انزعاج موسكو من الخطوة الإيرانية الأخيرة في تخصيب اليورانيوم، فإنه لا يمكن القول إن هذه الزيارة حققت اختراقاً، إذ أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريباكوف بعد أيام قليلة من زيارة نتنياهو: "أن موسكو عازمة على تنفيذ صفقة تزويد إيران بمنظومة إس 300 الدفاعية"، و"أن روسيا لا توافق على عقوبات تصيب إيران بالشلل". وبالإجمال لا يمكن القول إن زيارة نتنياهو أحدثت نقلة، أو تغييراً في سوية العلاقات الروسية الإسرائيلية، التي تحكمها اعتبارات متعددة أشرنا إلى بعضها، وبالإجمال فهي علاقات يشوبها التعقيد، وتقوم على المصالح التي تتلاقى حيناً، وتتفارق أحياناً، وقد زال عنها الطابع العقدي الذي كان يحكمها أيام الاتحاد السوفييتي والشيوعية، و الطرفان الروسي و"الإسرائيلي" يحرصان على المحافظة عليها، لاعتبارات خاصة بكل منهما، وهذه العلاقات لا تختلف اليوم بعد زيارة نتنياهو عما كانت عليه قبلها. |
|
| |
|