ابو ابراهيم الاحمد عميد
المزاج : غاضب من اجل فلسطين تاريخ التسجيل : 22/01/2009 الابراج : الأبراج الصينية : عدد الرسائل : 826 الموقع : https://fateh83.yoo7.com العمل/الترفيه : الرياضه
بطاقة الشخصية فتح: 50
| موضوع: الفنان التشكيلي مصطفى الحلاج (1938-2002 ): الثلاثاء مارس 09, 2010 10:28 pm | |
| الفنان التشكيلي مصطفى الحلاج (1938-2002 ):
لن أعمل لوحة ... وإنما سأصمم نصباً تذكارياً |
| معتز علي |
|
يكتسب الحديث عن الفنان الشهيد مصطفى الحلاج أهميته من الخطوات الأولى التي شهدتها بلدة (سلمه) القريبة من يافا لهذا الطفل الذي ظل يستحضر طفولته الكنعانية حتى أخر رمق من حياته, وقد كانت سلمه بكل عبقها وحنينها مدارج ريشته منذ أن اختاره القدر ليكون مؤرخاً لحياة وعذابات الإنسان, فكانت ارتجالات لحياة لوحته الأخيرة التي دافع عنها حتى
|
|
الاستشهاد. وها نحن نستذكره اليوم علنا نفي هذا الفنان تقديرا وحبا وإخلاصا والذي بقي هو مخلصاً لفلسطين وسلمه والريشة وطليت وظل يتنكّب الهم والأرق الذي ارتسم في غالب لوحاته وفي تفاصيل حياته. الفنان رحالة كي يستريح, فمن ذا الذي يكمل مسيرة التأريخ تلك. تلك التي بدأت مع مصطفى الحلاج ولن تنتهي إلا حين يتحد الشعب الفلسطيني مع أرضه ويعود إلى كيانه الأول الذي يمتد على مئات الكيلو مترات من أنهر الدم وعلى آلاف الشهداء الذين صاروا رموزاً في تشكيلات الحلاج. عندما بدأت الدارسة في كلية الفنون الجميلة في القاهرة كنت أرغب أن أسيطر على أدواتي في نطاق تجسيد الطبيعة بمعنى إني أخضع يدي إلى عيني" ما أرى أسجل" واجتاحتني أفكار مشوشة حسمت الأمر فيها, وذلك بالنسبة لتيارات المعاصرة, كنت أمسها ولكن لا أفهم مغزاها بعد, فقررت أن أسير في طريقي حتى شعرت أن التسجيل ليس هو ما أريد فبدأت أساعد يدي على الخضوع لخيالي. كنت أرسم أكثر من عشر ساعات في اليوم, ثم تأتي المرحلة الأخيرة, وهي أن تخضع يدي لكلي وكل مكوناتي الاجتماعية وأن أصبح مالكاً لأدواتي والآن أحاول أن أكون امتداداً لكل شيُ.. هذه الكلمات للفنان الراحل مصطفى الحلاج وهو يتحدث عن المراحل الفنية في الفن التشكيلي, أما عن أقرب الأشياء إليه فيقول: ثلاث كلمات هي فلسطين- الفن- الحلاج(المتصوف), ورداً على سؤال عن اللوحة التي سيرسمها عند تحرير فلسطين فيجيب: لن أعمل لوحة وإنما سأصمم نصباً تذكارياً أسجل فيه حياتي وحياة كل من تعرفت بهم بشكل عيني, أو عن طريق الرواية في عمل نحتي ضخم سأصممه أما التنفيذ فلا أدري. لقد نظر الحلاج إلى الانتفاضة من زاوية. جديدة.. وعبر عنها بمشاعر بدائية بريئة مثلت له تضاريس المكان لطفولته.. لكنها مرتبطة في سياق تطور طبيعي لمعاناة شعب يريد الحياة, ويرفض أن يقسم وقته , للقهر ساعة.. وللذل ساعة أخرى, يرفض أن يُسرق جهده عندما يعمل أجيراً عند محتل, لقد ارتبطت ذاكرته فوق مسرحين لمكانين مختلفين.. طفولة فلسطين, ويفاعة حياته في مصر العربية(القاهرة) لكن موهبته العبقرية وذاكرته القوية, أبت أن تنسى رائحة المهد الأول لجسده وروحه, لنمو بصيرته وتجربته البصرية. عند الدخول لصالة "ناجي العلي" لفنون التشكيلية تجد أعمال الحلاج متناثرة في كل مكان من الصالة.. الألوان فرحة موزعة بغائية مقصودة, إلى البسيط في الطرح وتناول الموضوع.. تجد إن الأعمال ذات الطابع الريفي أخذت ألواناً وشمت بميزتها الشرقية وإيقاع الطبيعة..فوجود الإنسان والحيوان والأشياء في هذا التناسق,يخلق في العمل فضاءاً يتهافت بلطافة في عين المشاهد.. أصالة الفنان تبدأ حينما تشعر أن أعماله تزرع فيك الرغبة في متابعتها.. حيث تعرف أنها تخصّ ما بداخلك, وهّمها مداعبة الذاكرة والأحاسيس الضائعة في أشياء عزيزة تحنّ إليها كثيراً.. وهذا الإنسان الحلاجي يغرس فيك هذا الانطباع من النظرة الأولى لإبداعه. ويقول الفنان د. غازي الخالدي عن مصطفى الحلاج في يوم رحيله: "مصطفى الحلاج تجربة متفردة في الفن التشكيلي العربي المعاصر وأن الذي قدمه الحلاج عبر مسيرة(50) عاماً يعتبر ثروة وطنية كبيرة.. وحتى لا يضيع هذا التراث الذي تركه لأجيالنا أتمنى على الجهات المعنية بفنه أن تجمع هذا التراث وتطبعه وتنشره وتعممه ليبقى عملاً خالداً يؤرخ لنضال العربي الفلسطيني وللفن التشكيلي الفلسطيني من جهة أخرى. أما الفنان الفلسطيني محمد الوهيبي فيقول: "الحلاج شاطئ إنسان رجل وآخر يحكي آثار روحه الموشومة بالحبر على أوراق حكمته, كان كحلم العودة الذي نعود إليه لكي نبقى على سر صلحنا". رحليه من دار إلى دار, ومن حلم إلى آخر يجعل الحلاج فناناً عاشقاً تماما كخيط أبيض نسج في عباءة حزن سوداء تعبر مع الآس دروب المدينة ليرسو قارب حزين بين العيون.. ذاكرة من سر ورق الحبق الذي ذبل بذبول أحزنها رأته أرجعت جبال الجليل صدانا الناصب حيث رأينا العودة إليها بسر أعمالنا الجلية.. لهوا لحب الكبير تحت الشمس لذا لن يفقد الحلاج ظله. أخيراً الآن وقد مضى الحلاج, لا نملك إلا أن نقول: خسرناك وافتقدناك. أيها الفنان العظيم.. سنشتاق لك وستشتاق لك حواري وأزقة دمشق وسيفتقدك مثقفوها وفنانوها الذين أحبوك وتقاسموا معك سهر الليالي والحنين إلى الوطن القريب البعيد. تحيةً لك.. لروحك الطاهرة المتسامية باتجاه الوطن..إلى اللقاء في سلمه التي ترفرف حولها روحك.. إلى اللقاء في فلسطين.. كل فلسطين.
|
|
| |
|