من القدس إلى عين طورة….
من الولادة إلى الشهادة
الزمان: بداية شهر نيسان, وتحديداً في الحادي عشر منه والعام هو 1976.
المكان: مرتفعات عينطورة في جبال لبنان.
فصل الربيع أعلن منذ هشر قدومه, ولكن ولكن جبال عين طورة لم يصلها الخبر بعد, والثلوج ما زالت تغطي التلال, وسحب الدخان المنطلقة من مدافئ الحطب تسمم الهواء النقي.
الحدث…مجموعات من قوات الثورة الفلسطينية ترابط على تلك التلال, هناك قريباً من السحاب, انهم يدافعون عن الثورة ووجودها, يدافعون عن عروبة لبنان في حرب فرضت عليهم ولم يختاروها وذلك في مواجهة القوات الانعزالية والتي كانت تمطر المكان بقذائفها ورصاص قنصها والذين يريدون أخذ لبنان إلى مشروعهم الصهيوني.
ومن بين جموع المقاتلين الفلسطينيين هناك شاب لم يزل يواصل تنقله بين الدشم والمواقع المحصنة وذلك رغم رصاص القنص ورغم القصف المستمر.
وكان ذلك الشاب المتوهج نشاطاً وحماساً يمتشق سلاحه على كتفه..وأي سلاح هذا على الكتف الأخرى حقيبة ملأها بالذخيرة, والشباب لا يبالي بالرصاص المنهمر يصل إلى موقع رآه مناسباً للحتماء من القصف..يجهز سلاحه ويغمض عيناً ويفتح أخرى ثم يسدد ويطلق يصيب الهدف إصابة مباشرة وبسرعة النمر يترك مكانه ويتحول إلى آخر ليعيد الكرة ثانية.
الرفاق من حوله ما زالو يحذرونه “هاني انتبه يا رجل الرصاص كالمطر انهم يستهدفونك بالتحديد,فهم يراقبونك من خلال مناظيرهم المكبرة وهم بلا شك قد لاحظوا أنك تحمل سلاحاً مميزاً وخطيراً,لذلك هم يترصدون للايقاع بك”, ولكن هاني لم يكن يأبه لذلك الكلام ويواصل تنقله بين المواقع لا يهمه برد قارس ولا
رصاص حارق, همه الوحيد أن يسجل اصابات مباشرة, وبينما كان ذلك الشاب يتحصن خلف أحد المتاريس
وقد أتخذ جسمه وضعية الرمي وسلاحه في حالة
الاطلاق رشاً, هناك وفي تلك اللحظة تنطلق قذيفة
من الجهة المعادية, إنها ترعد وتزمجر معلنة عن
قدومها… انها تقترب وتقترب إلى حيث يكمن هاني,
الأخوة والرفاق يصرخون….هاني…احذر غير مكانك
انتقل إلى آخر ولكن أصواتهم راحت في ضجيج
القذيفة, كان هاني ينتظر القذيفة في طريقها إليه غير
آبه بالنهاية, لم يزل يمتشق سلاحه ويصوب على ذلك الآتي نحوه.
إنها تقترب وجسد هاني لها بالمرصاد…. ويحدث
الالتحام بين جسد الشاب والقذيفة, لحظاتمن الصمت
ثم يهرع الجميع إلى حيق المجزرة, ويا له من مشهد
عندما تختلط الحمم باللحم البشري سكون مطبق…
ومن بعيد تكاد تسمع نعيق بومة وضحكات شماتة
مجنونة من قناص انعزالي, نعم لقد أصابه هذه المرة.
حمل الأخوة بقايا الجسد وبالكاد استطاعوأ أن يخلصوا
الشاب من سلاحه الذب لم يزل يحتضنه ويضغط عليه بقوة.
ويسجل التاريخ: الحادي عشر من نيسان من عام
1976 اعتلى المصور السينمائي الفلسطيني هاني
جوهرية منصة الشهادة في ساح الوغى بين
المقاتلين, استشهد أحد ثلاثة من مؤسسي السينم
ا الفلسطينية, فكان أول شهيد للسينما المقاتلة ضارباً
خير مثال على تكامل أسلحة النضال في وجه أعداء الإنسانية والحياة.
ولكن الحكاية لم تنتهي, وللحديث بقية………..
موسى سعيد موسى