صرخة لاجئ من البرازيل
يبدو أن قدر الفلسطيني أن يتحمل عذابات الدنيا بأكملها, ويسافر بها إلى كل أصقاع المعمورة, يئن ولا يصرخ, يتأوه ولا يبكي, يتألم ولا يدمع, هو اللاجئ الذي صمد في كل الظروف ولم يركع أو يستسلم, ورفض كل محاولات الطمس وإذابة الهوية, يتحمل التشرد والحرمان ولا يساوم على حقه في العودة, خذلوه كل الأخوة والأشقاء فبادلهم الحب والتسامح, هو اللاجئ الفلسطيني الذي يتحمل كل ذلك منذ أكثر من ستون عاماً.
وها نحن نكتب عن صفحة من صفحات اللجوء ولكن هذه المرة ليست اللجوء إلى المنافي العربية, أو الأوروبية بل إلى أمريكا اللاتينية إلى ( البرازيل ), التي أخذت قرار استيعاب اللاجئين من العراق وهو قرار يحسب إلى الرئيس البرازيلي لويس أناسيولولا دا سيلفا, وحكومته, باستيعاب جزء من هؤلاء اللاجئين والذي يقدر عددهم ( 117 ) لاجئ بعد أن عانوا من ويلات القهر والظلم والموت في العراق, بعد احتلاله من قبل القوات الأمريكية وقيام بعض العصابات العراقية بتخويفهم وترويعهم من أجل إجبارهم على مغادرة العراق إلى أن وصل الأمر إلى قتل البعض وتهديد البعض الآخر بالقتل.
مما اضطر هؤلاء الإخوة إلى مغادرة العراق إلى مخيم الوليد, والذي عاشوا به لفترة من الزمن تعتبر أصعب من فترة اللجوء على اثر نكبة عام 1948م.
واليوم يعيش هؤلاء اللاجئين بالبرازيل بعد كل هذه المعاناة على أمل أن يكون من منفاهم البديل أفضل حال من واقعهم الذي عاشوه في الفترة الأخيرة في العراق وفي مخيم الوليد, بعد أن وافقت البرازيل على استيعاب جزءاً منهم وبإشراف المفوضية العليا للاجئين.
وتم توزيعهم على منطقتين في البرازيل:-
- المنطقة الأولى وهي سابولو ويجد فيها ( 57 ) لاجئ.
- المنطقة الثانية وهي الريو غراندي دوسول في أقصى الجنوب ويوجد فيها ( 60 ) لاجئ.
ويحاول اللاجئون في البرازيل الحصول على بعضاً من حقوقهم السياسية والإنسانية والتعليمة والصحية ولكن ما هو مقدر من إعانة مالية لهم لا تكفي لسد حق العيش, فالأسرة المكونة من ستة أشخاص تحصل على 200 دولار والأعزب يحصل على مائة دولار وهذا لا يكفي لأن يعيش الإنسان في البرازيل ولو بحدود الكفاف.
هذا ناهيك عن الظروف المعيشية المعقدة في البرازيل والي تصعب على أناس وافدين حديثاً أن يتأقلموا ويتكيفوا طبيعة هذه المناطق وقوانينها وأعرافها, لأن فيها من التعقيدات ما يجعل اللاجئ الفلسطيني يشعر بالخوف على مستقبله وحياته.
وهنا نتساءل على عاتق من تقع مسؤولية اللاجئ الفلسطيني في البرازيل على ( السفارة الفلسطينية ) التي لم تزور هؤلاء اللاجئين منذ أكثر من سنة, أو على المفوضية العليا اللاجئين التي لا تستطيع أن تقدم لهم أي حل من الحلول الإنسانية بفعل ظروفها التي نعرفها جميعاً, أم تقع المسؤولية على كل إنسان حر ونزيه في العالم ليقدم بالدعم والمساعدة إلى أبناء شعبنا في البرازيل, أم علينا كفلسطيني جميعاً أن نتحمل مسؤولية هذه القضية وذلك من خلال بناء المشروع الوطني الجامع لكل الشعب الفلسطيني... حتى لا تكرر تلك المأساة ولا يكفر شعبنا بمن وثق به وسلم له بزمام القيادة.