تيار "المحافظون الجدد" أسّسه اليهودي ليوشتراوس للإمساك بالإدارة الأميركية وقرارها
إن أحداث 11 أيلول جعلت أميركا على مراجعة تقييم وترتيب أولويات سياساتها الخارجية من جديد، مما أدى إلى نشوء سياسة جديدة، تدور حول مجموعة من القضايا الساخنة مثل "مكافحة الارهاب"، "نشر حقوق الإنسان"، "السيطرة على أسلحة الدمار الشامل"، "ضمان الأمن القومي الأميركي"، "والقضاء على الإسلام المتطرف ".
أما الإجراءات العملية للسياسة الأميركية الخارجية فقد تمثلت في التوسع في القيام بالحروب الاستباقية والوقائية، تقسيم العالم إلى أصدقاء وأعداء، بلورة ما كان يسمى بمحور الشر وعزله، والتركيز على منطقة الشرق الأوسط كمسرح رئيسي لمصالح الولايات المتحدة وساحة لصراعاتها الخارجية، ما لم يتم استيعاب المتغيرات الجديدة التي طرأت على ظاهرة التطرف في المنطقة والعالم، وما لم يتم مواجهتها بكثير من الحكمة والعقلانية، بعد الفهم العميق للظاهرة، فإن من الممكن ارتكاب أخطاء إضافية تؤدي إلى زيادة حجم المشكلة لا الحد منها. فلم يعد ممكناً مواجهة ظواهر التطرف والتشدد والإحباط، بذات الوسائل القديمة التي كان البعض يصرّ على اللجوء إليها وأثبتت التجربة العملية فشلها.
ولوحظ أن غالبية الدول التي اقتصرت على التعامل بالأسلوب الأول، أي التفرد السياسي الذي تمارسه كثير من الحكومات والأنظمة، والتوقف عن سياسة القمع وتكميم الأفواه، والتوجه لفتح أبواب الحريات المسؤولة في كافة الجوانب والعنف والإجرام، لم تنجح بعد سنوات طويلة من المواجهة، في الوصول إلى هدفها بإضعاف التوجهات المتطرفة، وكانت النتيجة مؤلمة للطرفين، للسلطة وللمجموعات المتطرفة، وغالباً ما دفع المجتمع الثمن غالياً من دماء أبنائه ومن اقتصاده واستقراره نتيجة هذه المواجهه العقيمة.
,يأتي إحياء الذكرى العاشرة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة مختلفاً عن سابقيه، وذلك على المستويين الرسمي وغير الرسمي، فالرئيس الأميركي الذي استبق الذكرى برسالة للأميركيين قبل أسبوعين أعدوا له احتفالاً ثلاثياً بالذكرى يتضمن حضوره شخصياً في مواقع سقوط الطائرات الأربع في كل من نيويورك وبنسلفانيا والبنتاجون بالقرب من العاصمة، وأعضاء الكونغرس مثلهم مثله ممن يخوضون انتخابات صعبة تباروا في أشكال احيائهم للذكرى ناهيك عن لوبي جديد ازدهر في أجواء تداعيات 11 أيلول هو "حزب الشاي" المدعوم من قبل مرشحين للرئاسة والكونغرس وخلفهم اليمين المسيحي وجماعات التطرف ومن ورائهم تقف مؤسسات المال والسلاح والنفط واللوبي "الإسرائيلي" وهؤلاء جميعاً سيدشنون مع المستفيدين من حقبة ما يسمى بالحرب على الإرهاب حقبة جديدة بعد أن نجحوا في تأصيل معنى الحرب على الإسلام باعتباره العدو الحقيقي لأميركا والعالم، الأمر الذي كانوا ينكرونه طويلاً وعلى مدى العقد الماضي في الوقت الذي كانوا فيه ينفذون استراتيجية تكرس المبدأ.
وحاولت أميركا بعد أحداث أيلول صياغة خطاب أخلاقي تملي بواسطته على شعوب العالم تعريفها لمفهوم الشر والخير وتحدد من هي الدول والقوى الصالحة والأخرى الطالحة، واتجه الفكر الأميركي نحو إطلاق أحكام أخلاقية ذات طابع ديني منها على سبيل المثال استخدام جورج بوش الابن مفهوم الحرب الصليبية قبل أن يتراجع عنه فيما بعد لتبرير حروبه العسكرية التي ينوي شنها.
كما شكل تاريخ 11 سبتمبر منعطفاً جديداً في السياسية الأميركية تجاه العرب والمسلمين، وعمل على تحولات على المستويات الثقافية والحضارية والاجتماعية، فألقت الاحداث بظلالها على ملايين المسلمين في الولايات المتحدة وأوروبا، ونتج عنها مفاهيم جديدة أبرزتها حركات تطرف دينية وسياسية وثقافية في التعامل مع الجاليات العربية والإسلامية، لعل أبرزها محاولات حرق القرآن الكريم والإساءة المتكررة للرسول صلى الله عليه وسلم، والاتهامات المتخمة بتعابير الإرهاب والتطرف على تلك الجاليات.
وتبدو أحداث 11 أيلول مركونة في طي الانتهاء بحيث تلاشت حقبة الأحداث في اللحظة التاريخية الراهنة، تلك الحقبة التي تزامنت مع حضور المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأميركية، فكانت لهم أجندة واضحة حملت عنوان "صدام الحضارات"، واستثمروا كثيراً في تلك الحقبة، بل أنهم قاموا بقولبة التفاعلات الدولية في سياق ما يسمى الحرب على الإرهاب.
الأصولية المسيحية الأميركية: النشأة والتطور والوصول إلى الحكم بالبيت الأبيض
من هم الإنجيليون والمحافظون الجدد بالولايات المتحدة؟ وكيف استطاعوا الوصول إلى أعلى قمة في البيت الأبيض والتأثير في القرار الداخلي والخارجي؟ هل هم حزب واحد وجماعة واحدة، أم أحزاب وجماعات؟ وما هي وسائلهم ومناهج عملهم، التي خولت لهم أن يصبحوا قوة ضاغطة مؤثرة؟ وأي أفكار ومعتقدات يحملون في قلوبهم وكيف يلتزمون بها؟ وما موقفهم من الدين والسياسة؟ هل يومنون بالعلمانية فيفصلون بينهما، أم لا فرق لديهم بين المجالين فيصلون الأول بالثاني ويردون الثاني إلى الأول؟
أسئلة كبيرة تلقي الضوء على الوجه الديني للولايات المتحدة الأميركية، وتأثير ضغط اللوبي المسيحي على الإدارة الأميركية والجماعات المحلية والولايات الفيدرالية أيضاً، وتمنحنا الفرصة لفهم الواقع السياسي والديني الدولي الذي جعل من واشنطن قوة استعمارية مهيمنة تتضاءل أمامها القارة العتيقة أوروبا، لتغض هذه الأخيرة الطرف عن الاحتلال العسكري المباشر للعراق من لدن "روما الجديدة" و"صقورها" بالبيت الأبيض، وذلك بعدما استوطن الصهاينة فلسطين المحتلة وأصبحوا قاعدة عسكرية وسياسية للولايات المتحدة منذ عدة عقود. كما يقفز إلى الذهن أسئلة ضخمة أخرى مثل محاربة الولايات المتحدة للتوجهات الدينية الرسمية والشعبية في العالم الإسلامي، وكيف تفهم الحركات الإسلامية وحكومات الدول الإسلامية صيرورة العلو الإنجيلي اليميني وتوحده في ظل واقع التجزئة والتمزق الداخلي بين الفصائل الإسلامية من جهة، وبينها وبين باقي الهيئات المدنية السياسية الرسمية وغير الرسمية.
الرؤية الفكرية للإدارة الأميركية الحاكمة (المحافظون الجدد)
عرفت الولايات المتحدة في الربع الأخير من القرن العشرين، مجموعة متنوعة من التيارات والقوى، بشكل لم تشهده دولة من قبل بهذه القوة والنفوذ، وكان تيار المحافظين الجدد من أبرز هذه المجموعات التي تحكمت بسياسة الولايات المتحدة خارجياً، وما تزال، ولا سيما على صعيد المنطقة والشرق الأوسط بشكل عام.
من هم المحافظون الجدد؟
تأسس تيار المحافظين الجدد على يد المفكر اليهودي الألماني ليوشتراوس الذي هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1938 وعمل أستاذاً جامعياً في جامعة شيكاغو، وأسس ما عرف بالشتراوسية الليبرالية التي مثلت الجذور الأولى لفكر المحافظين الجدد.
والمحافظون الجدد هو الاسم الأميركي لمجموعة من الناس، كانوا معروفين في مطلع السبعينيات، ودخلوا الإدارات الأميركية المتعاقبة، أو عملوا فيها، لكن قوتهم العددية ونفوذهم الواسع لم يظهر إلا في إدارة الرئيس جورج بوش الابن.
وبرز تيار المحافظين الجدد كمجموعة يهودية فاعلة في الإدارة الأميركية، لها أفكار ومفاهيم عنصرية واضحة ضد العرب والمسلمين، مقابل تمجيد "إسرائيل" وضمان ديمومة أمنها ووجودها وتفوقها.
وينطلق هؤلاء في تفكيرهم من فرضية مقلقة وهي أن الفرصة باتت مواتية لبسط الهيمنة الأميركية على العالم وخلق أوضاع إقليمية جديدة تخدم المصالح الأميركية، وإن تمّ ذلك باستخدام العصا الأميركية لكل من يخالف أو يعترض.
نشأة المحافظين الجدد
لا بدّ من النظر إلى المحافظين الجدد على أنهم جيلان من المفكرين والسياسيين، وليسوا جيلاً واحداً.
الجيل الأول: تبلور في الستينيات من القرن العشرين وجاءت أفكاره رد فعل للظروف الدولية والتحديات الداخلية التي تعرضت لها أميركا في الفترة الممتدة من الحرب العالمية الأولى إلى حرب فيتنام (في منتصف السبعينيات من القرن الماضي).
لقد صعد الجيل الأول من المحافظين الجدد في فترة خيم فيها على الرأي العام الأميركي شعور بعدم الثقة في القوة والسياسة الخارجية الأميركية نتيجة لما حدث في فيتنام، لذا سعى الجيل الأول بالأساس إلى إعادة الثقة المفقودة.
أما الجيل الثاني: فقد ظهر في تسعينيات القرن الماضي، وجاءت أفكاره معبرة عن الظروف الأميركية والدولية في هذه الفترة، فقد ظهر بعد انتصار أميركا في الحرب الباردة، وبعد أن أعاد الرئيس بوش الأب ثقة الأميركيين في جيشهم (بفعل الانتصار في حرب عاصفة الصحراء 1991). لذا تبنى الجيل الثاني هدفاً مختلفاً وهو كيفية استخدام أميركا قوتها وموقعها الدولي غير المسبوق كقطب العالم الأوحد في تحقيق أهدافها وتشكيل العالم وفقاً لرؤيتها. أن يكون هناك عدم تطابق بين أفكار كل جيل من المحافظين الجدد وذلك لأن كل جيل نشأ في ظروف مختلفة وآمن بأفكار معينة. ولعل ما قام به المحافظون الجدد في إسقاط الاتحاد السوفييتي قد دفعهم إلى الاعتقاد بأن ارتكاب الأخطاء مسوغ طالما أن لديك مسوغاً أخلاقياً ورغبة في استخدام القوة.
لقد شكلت نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفييتي السابق تحدياً كبيراً للجيل الثاني من المحافظين الجدد على مستوى السياسة الخارجية، إذ أدى فشل المحافظين الجدد في العثور على عدو جديد إلى صعود أصحاب التوجهات الواقعية وسيطرتهم على تيار المحافظين الجدد، ونادى الواقعيون بالتروي في إطلاق مشاريع أميركية كبرى، وفي استخدام القوة العسكرية الأميركية وفي زيادة نفقات الجيش الأميركي.
أفكار الفيلسوف ليوشتراوس وأثرها على فكر المحافظين الجدد
تشكل أفكار الفيلسوف اليهودي الألماني ليوشتراوس الجانب العملي من ممارسات المحافظين الجدد التي تتضمن:
- التأكيد على دور النخبة: حيث يؤمن شتراوس بأن الحقيقة الأساسية للمجتمع والتاريخ يجب أن تتبناها نخبة أو صفوة، لأن الآخرين لا يملكون القدرة على التعامل مع الحقيقة.
- إنّ رجل الدولة الجيد يجب أن يعتمد على بطانة خاصة. ويرى المحافظون الجدد أنهم يجسدون هذه البطانة.
- استخدام الدين للسيطرة على الجموع، وكذلك فرض الدين على الجماهير وإبعاده عن الحكام.
- الخداع وإطلاق الأكاذيب "النبيلة" من أجل حماية الحقيقة. فالخداع هو أساس الحياة السياسية برأيهم. وبلغت سياسة الخداع ذروتها في فضيحة إيران كونترا. ولعلّ الكذبة الكبرى هي حرب العراق عام 2003، إذ قام المحافظون الجدد بتصوير تلك الحرب على أنها البداية لثورة مستمرة لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط.
ومن مظاهر الخداع أنهم أطلقوا على أنفسهم اسم "المحافظين الجدد". وهم ليسوا محافظين لأن المحافظين يعملون على الحفاظ على الوضع القائم والمبادئ الأخلاقية التقليدية، وعلى العادات المتعارف عليها. وقضايا هؤلاء ليست قضايا المحافظين التقليدية كمنع الإجهاض وفرض الصلاة في المدارس مثلاً، إنما السيطرة الكاملة داخل الولايات المتحدة وخارجها. وهذه السيطرة لا تتحقق إلا بوجود خطر خارجي.
وفي الشأن الخارجي يدعو المحافظون الجدد إلى تكريس سياسة القبضة الحديدية واستخدام التفوق العسكري الأميركي الكاسح لحماية المصالح العليا للولايات المتحدة التي تتماشى مع انتشار قيمها الحضارية الاجتماعية وتحققها.
ويرى المحافظون الجدد أن "إسرائيل" هي الصديق الوحيد للولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط، مع أن الحقيقة هي أنه قبل الالتزام بـ "إسرائيل" لم يكن للولايات المتحدة أعداء في الشرق الأوسط.
وقد تمحورت رؤية هؤلاء للسياسة الخارجية في العالم والشرق الأوسط فيما يلي:
- المناداة بأن يكون لأميركا القيادة في الساحة الدولية كقوة عظمى وحيدة.
- التركيز على السياسات العسكرية والأمنية كأساليب أساسية لتنفيذ الرؤى والأهداف الأميركية.
- توجيه ضربات وقائية للدول التي تمثل تهديداً محتملاً لأميركا.
- العمل على نشر قيم الديمقراطية وحرية الإنسان وبناء المجتمع المدني والمؤسسات السياسية وذلك بفعل سياستها الخارجية (وهذه هي كذبة المحافظين الجدد الكبرى).
- التمركز عند المصلحة الأميركية الإسرائيلية بشكل مفرط، وحماية أمن "إسرائيل" وسلامتها عن طريق تدخل أميركي كبير لإعادة رسم خريطة القوى في المنطقة، والتحكم بخيراتها وثرواتها وناسها.
الجديد في فكر المحافظين في المرحلة الحالية
- إدخال الدين في السياسة الخارجية (وهذا لم يكن موجوداً عند بوش الأب 1990 - 1994 وكلينتون 1994 - 2001). حتى إنه أصبح هناك شك في وجود العلمانية التي نص عليها الدستور الأميركي.
- اعتماد الإدارة الأميركية الحالية في رسم سياستها الخارجية على مراكز أبحاث قريبة جداً من إيباك. ووصل عدد من الشخصيات الداعمة لـ "إسرائيل" إلى مراكز صنع القرار في الإدارة الأميركية مثل: دوغلاس فيث، وبول وولفيتز اللذان وصلا إلى البنتاجون.
- الجرأة في اللجوء إلى القوة في تنفيذ توجهات السياسة الخارجية الأميركية.
أثر أحداث 11 أيلول 2001 على الرؤية الفكرية للمحافظين الجدد
جاءت أحداث الحادي عشر من أيلول 2001، كفرصة ذهبية لتيار المحافظين الجدد، لتجسيد مفاهيمه وأفكاره ورؤيته عملياً إزاء العرب والمسلمين الأميركيين داخل الولايات المتحدة أولاً، ومن ثم في الخارج، من جراء حملة شرسة عبر عنها الرئيس بوش الابن.
لقد أدّى وقوع أحداث أيلول 2001 إلى تبني المحافظين الجدد لثلاث أفكار جديدة هي:
(الحرب الاستباقية - تقسيم العالم إلى محور للخير ومحور للشر دون وسطية - استعمال القوة ضد محور الشر على قاعدة من ليس معنا فهو ضدنا).
لقد كانت أحداث 11 أيلول كما وصفها هنري كيسنجر "يوم العار" الذي لا بد من الثأر له. فقامت الإدارة الأميركية الجديدة بإدخال مفهومين جديدين في التفكير الاستراتيجي الأميركي:
المفهوم الأول: هو أن التهديد الأهم لأمن الولايات المتحدة يقع على نقطة التقاطع بين الراديكالية والتقدم التكنولوجي، سواء أكانت الراديكالية سمة لدولة أم لجماعة سياسية، وسواء أكانت التكنولوجيا الحديثة تحت تصرف أي منهما (يتركز هذا في منطقة العالم الإسلامي) أم لا.
المفهوم الثاني: يتعلق بأن الولايات المتحدة لن تنتظر حتى تتعرض للهجوم لكي تقوم بالرد عليه وإنما سيكون عليها أن تبادر بالهجوم بمجرد إدراكها للتهديد.
تأثير المحافظين الجدد على سياسة إدارة الرئيس بوش الابن والإدارة الحالية
إن التحديات التي تواجهها السياسة الأميركية الحالية ليست نتاجاً للمحافظين الجدد أو اليمين الأميركي وحده، بل هي نتيجة لأزمة عامة في النظام السياسي الأميركي شارك في صنعها اليسار واليمين الأميركيين معاً في العقود الأخيرة.
فالمحافظون الجدد ليسوا قوة سياسية بذاتهم بقدر ماهم قوة سياسية بالظروف السياسية التي تتاح لهم، وبالرئيس الذي يستمع إليهم، ويتعاون معهم وينفذ خططهم. فتأثير المحافظين الجدد على السياسة الأميركية يقوى ويضعف حسب الظروف الدولية والإقليمية.
وكان المحافظون الجدد قد تحدثوا في وثيقة "توحيد التخطيط الدفاعي" عام 1992 عن ضرورة اعتماد الضربة الوقائية ضد الدول التي تمتلك أسلحة دمار شامل، وهو الكلام نفسه الذي ردده الرئيس بوش الابن، وهو ما أسماه بعض الصحفيين "مبدأ بوش" ومع الولاية الثانية للرئيس بوش الابن ظهرت بوادر على أن الإدارة الأميركية تتخذ مساراً جديداً، حيث تبنى الرئيس بوش خارطة الطريق التي عارضها المحافظون الجدد، وكذلك تم الانسحاب من غزة والإعداد لمفاوضات الدولة الفلسطينية. ووجه بعض المسؤولين في البيت الأبيض اللوم للمحافظين الجدد وبعض المسؤولين في البنتاغون لخططهم السياسية لما بعد الحرب على العراق.
ويعد تغلغل العناصر اليهودية ذات التوجه الإسرائيلي في إدارة الرئيس بوش الابن امتداداً للوضع الذي كان قائماً في إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، حيث إنه لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة تولت مناصب تتحكم في الإستراتيجية الأميركية وسياستها الخارجية. فقد شغلت مناصب وزارة الخارجية والدفاع ورئاسة الأمن القومي والاستخبارات الأميركية، كما كان اليهود قد حصلوا في إدارة كلينتون على 50 % من المناصب الاتحادية. وكان في الكونجرس الأميركي حينئذ عشرة من اليهود في مجلس الشيوخ و27 نائباً في مجلس النواب.
ولم ينته تأثير المحافظين الجدد ولم يموتوا فكريا مع قدوم أوباما إلى البيت الأبيض، لكن تأثيرهم يقل مقارنة بالسنوات الأولي للرئيس بوش الابن في البيت الأبيض، ولكن مستقبلهم مرتبط بجملة من العوامل المتداخلة والمتشابكة، والتي ترتبط برد فعل المحافظين الجدد إزاء التطورات التي تشهدها الساحة الأمريكية على الصعيدين الداخلي والخارجي، وتعامل التيارات الفكرية والسياسة الأمريكية معهم في المستقبل، ومدى استمرار قوة وتماسك تحالفاتهم القائمة حاليًا. وأخيرًا مدى إمكانية مراجعتهم لأطروحاتهم الفكرية وأهدافهم السياسية واستراتجياتهم للاستفادة من دروس الماضي.
أهداف المحافظون الجدد: مساندة "إسرائيل"
قبيل انتخابات مجلس الشيوخ بثلاثة أسابيع، ويوم الجمعة 11 تشرين أول 2002 بالضبط نظم المسيحيون الأميركيون الإنجيليون مظاهرة أمام البيت الأبيض للإعلان عن مساندتهم للكيان الصهيوني "إسرائيل". ورفعوا شعارات مثل "لا لدولة فلسطينية".. "على بوش أن يساند إسرائيل". وكان من بين المتحدثين "إيهود أولمرت" عمدة القدس المحتلة، وزعيم الحزب الجمهوري في غرفة المستشارين "توم دولاي" والسيناتور جيم إنهوف (ولاية أوكلاهوما) والسيناتور "مسام براونباك" (ولاية كنساس)، والزعيم الإنجيلي الشهير جيري فالويل. والقس بات روبرتسون. وجميعهم جاءوا من أجل هدف واحد هو تجاوز جورج بوش الأصغر رغم أنه هو نفسه من أشد المتعاطفين مع الإنجيليين ومن المعتقدين بالرسالة التاريخية للولايات المتحدة، وأنه جمع في فريقه بالبيت الأبيض خليطا متميزا من اليهود المحافظين الجدد والمسيحيين الإنجيليين المساندين للكيان الصهيوني.
متصهينون أكثر من الصهاينة
حماية "إسرائيل" وضمان أمنها وبقائها، والعمل على توسعها وتفوقها على الدول العربية والإسلامية المحيطة بها، ومقاومة المقاومة الإسلامية الشعبية، وكبح جماح الصحوة الإسلامية قضايا مشتركة، التقت عليها كل من الصهيونية اليهودية والإنجيلية المسيحية الأميركية، وسارع البيت الأبيض إلى الالتقاء مع التيارين نتيجة الضغط الدائم والاعتقاد الجازم معا. ضغط من التيارين القويين، واعتقاد بأن "إسرائيل" ضرورة واقعية وفريضة سياسية ودينية للولايات المتحدة الأميركية.
لذلك أصبحت هذه القضية حماية "إسرائيل" من القضايا الكبرى التي تحظى باهتمام الناخبين الإنجيليين البالغين الآن حوالي 50 إلى 70 مليون شخص. وكثيرا ما يظهر هؤلاء اهتماما وحماسا لهذه القضية أكثر من اليهود الصهاينة الأميركيين أنفسهم، إذ أنهم "يومنون" تدينا أن قيام الدولة العبرية منذ 1948 هو تحقيق لنبوءة إنجيلية. وكلما شعروا بأدنى تردد من لدن البيت الأبيض في إسناد ظهر السفاح أرييل شارون، سارعوا إلى الضغط بكثافة وبمختلف الأساليب على الإدارة الأميركية لتعود إلى "جادة الصواب" والالتزام الأخلاقي والديني مع الكيان الغاصب.
وظل أغلب اليهود الأمريكيين يصوتون في الانتخابات الرئاسية الأميركية من الحزب الديمقراطي، وقليلا ما وجهوا أصواتهم جهة الجمهوريين، كما أن أموالهم تذهب حيث تذهب الأصوات.
وعلى عهد ريغان تسارع التقارب بين الإنجيليين واليهود الصهاينة، والتحق بعض رموز اليهود الأميركيين بالحزب الجمهوري مثل الأستاذ الجامعي جان كيزكباتريك الذي عينه ريغان سفيرا له في هيئة الأمم المتحدة بعد أن اطلع على مقال له في مجلة "كونتري"، (مجلة يصدرها المعهد الأميركي اليهودي يديره نورمان بودهو ريتز).
تطرف وعنصرية
وفي إطار معاداته للإسلام والمسلمين خاصة في الفترة الأخيرة، قام عدد من أعضاء الحركة في هذا الشهر بتمزيق صفحات من القرآن الكريم أمام البيت الأبيض، تزامنا مع الاحتفال بذكرى هجمات 11 أيلول. وقام أعضاء من الحركة في وقت سابق بسب عضوين مسلمين سود من أعضاء الكونجرس بعبارات عنصرية وكذلك رفع لاقتات عنصرية ضد الرئيس أوباما. وفي أيار من هذا العام قام مارك وليامز، وهو قيادي داخل الحركة، بسب الإسلام والذات الإلهية، وذلك في أعقاب الموافقة على بناء مسجد "قرطبة" بجوار هجمات 11 أيلول بنيويورك.
بعد أحداث 11 أيلول، أصبح العالم العربي مُهيأً ليكون في موقع انتقام وكره واستهداف، لذلك نتج عنه ما شهدناه من غزو للعراق وأفغانستان، بصفتهما الدولتين اللتين كانتا على علاقة بما سمي آنذاك دعم الإرهاب. وكذلك لوحظ عقب تلك الأحداث مباشرة وبسبب سيطرة "الإيباك" ومكاتب الضغط الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأميركية، وجد استهداف واتهام لبعض الدول العربية المعتدلة بخاصة السعودية عبر أشخاص في وزارة الدفاع الأميركية، كما أن الاتهامات وجهت لبعض الدول الأخرى وتأثرت سلباً بمفهوم الإرهاب من مثل الأردن، فكان هناك مجموعة من السياسيين بقيادة الرئيس الأميركي آنذاك بوش الابن، أخذت من أحداث 11 أيلول ذريعة لمهاجمة العالم العربي، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت هناك مساع قوية لدعم "إسرائيل" والتطرف الإسرائيلي، ما نتج عنه حكومات متعاقبة، بدأت بسقوط حزب العمل وظهور أحزاب يمينية مسيطرة على الساحة السياسية في "إسرائيل"، وعودة قوية لحزب الليكود بزعامة نتنياهو ونشوء حزب متطرف من مثل كاديما، ونشوء حركة "الشاي" الأميركية في الولايات المتحدة.
حركة الشاي الأميركية.. ذراع الجمهوريين وعدوة المسلمين
حركة اجتماعية سياسية عنصرية.. تؤيد "إسرائيل" بشدة وتعارض التقارب مع العالم الإسلامي.. تضم قيادات وزعامات ذوي أفكار متعصبة خاصة من الحزب الجمهوري.. من أشد المعارضين للرئيس الأميركي الديمقراطي باراك أوباما. استطاعت في فترة زمنية وجيزة أن يكون لها ثقل سياسي داخل المجتمع الأميركي.
تلك أبرز سمات حركة "الشاي" التي يعتبرها البعض "ستار التطرف" للجمهوريين ضد المسلمين، والتي فازت بمقعدين في مجلس الشيوخ حسب النتائج الأولية غير الرسمية لانتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأميركي التي أجريت الثلاثاء 2-11-2010.
وأشارت نتائج الانتخابات إلى دور حركة الشاي في تمكين الحزب الجمهوري من السيطرة على مجلس النواب، وإبقاء غريمه الديمقراطي سيطرته على مجلس الشيوخ.
واستبق حزب الشاي ظهور النتائج الرسمية بالإعلان عن نيته إقامة حفلات ضخمة للاحتفال بالانتصار على إدارة أوباما والحزب الديمقراطي، مدعوماً بأموال ضخمة جاءت معظمها من جهات أزعجها أداء أوباما، لا سيما تجاه الحروب.
ويقول مراقبون إن الجهات الممولة لحركة الشاي تمثل لوبي الصناعات التسليحية والنفط وسوق المال، والتي تضاعفت مكاسبها من حروب الرئيس السابق جورج بوش، فضلا عن ملايين الدولارات التي لم تفصح عن مصدرها أنفقتها على حملات تستهدف إنجاح من ينتمون أيديولوجياً إليها من الحزب الجمهوري وإسقاط من يقف ضدهم.
وقفزت حركة الشاي على الساحة الإعلامية العالمية مؤخراً، بسبب مواقفها العدائية ضد المسلمين على خلفية الجدل حول بناء مسجد قرب موقع هجمات 11 أيلول ومخطط حرق القرآن، وكان أول مواقفها العدائية تنظيم مظاهرة كبيرة بواشنطن في 28 آب الماضي شارك فيها 80 ألف أميركي، طالبوا فيها بالحفاظ على القيم التي تأسست عليها الولايات المتحدة والمستوحاة من "المسيحية النقية" معبرين عن رفضهم لبناء المسجد وموافقتهم لحرق القرآن.
واستطاعت "الشاي" التي بدأت كحركة احتجاج اجتماعي في فترة زمنية وجيزة أن يكون لها ثقل سياسي يتزايد يوما بعد يوم داخل المجتمع الأميركي، وأصبح لها مؤيدون بالملايين، وهي تعتبر من أشد المعارضين لسياسات الرئيس الأميركي الديمقراطي باراك أوباما، حيث تعتقد أن الولايات المتحدة فقدت شرفها وقيمها ومكانتها في العالم مع توليه منصب الرئاسة. وتضم الحركة عدداً من القيادات والزعامات ممن لهم أفكار متعصبة ويرون أنهم ليس لأحد غيرهم أو لأي لون آخر يختلف عن لونهم في تولي قيادة الولايات المتحدة، وذلك وفقا لعدد الخبراء السياسيين.
وأغلب أعضاء "حركة الشاي" من الحزب الجمهوري، ويرى سياسيون أن تلك الحركة هي ستار "التطرف" للحزب المعارض، الذي اختار أكثر أعضائه تشدداً للانضمام للحركة، وذلك لتفادي أي حرج ينجم عن تصرفات الحركة، وحتى "لا يتحمل الجمهوريون أي مسؤولية أمام الرأي العام المحلي والعالمي"، بحسب خبراء. واجتذبت أعداداً كبيرة من السياسيين المخضرمين المعبرين عن طموحاتها، من أمثال الجمهوري رون بول، عضو مجلس النواب، وجلين بك، مقدم البرامج في محطة "فوكس نيوز"، وكذلك سارة بالين، والتي ترشحت لمنصب نائبة الرئيس الأميركي مع جون ماكين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز فيها أوباما. كما حققت الحركة فوزاً معنوياً كبيراً بعدما تمكنت من نيل مقعد ماساشوسيتس في مجلس الشيوخ من خلال الجمهوري سكوت براون، المؤيد لمبادئ الحركة، بعد أن كان يشغله الديمقراطي ادوارد كينيدي المعارض لأفكار حزب الشاي سياسياً وثقافياً واجتماعياً. ودفعت الحركة بسياسيين مثل جون ماكين لتبني مواقف راديكالية لتفادي خسارته في انتخابات لحزب الجمهوري لتمثيل ولاية أريزونا في مجلس الشيوخ خلال الانتخابات التشريعية الأميركية المقبلة.
ويذهب البعض إلى أن " حزب الشاي" هو بمثابة تجديد لفكر المحافظين الجدد ولكن بشكل شعبي نابع من رفض المواطن الأميركي الأبيض لسياسات أوباما، واعتقاده بأن الولايات المتحدة فقدت ريادتها وفرطت في القيم التي قامت عليها تاريخياً، بعد توليه الرئاسة. وتقود الحركة مواجهة عنيفة مع أعضاء الحزب الديمقراطي، إلى الحد الذي قام مكتب التحقيقات الفيدرالية "إف بي آي" بتوفير حماية لعدد من أعضاء الحزب بعد تلقيهم تهديدات من متطرفين داخل حركة الشاي، ومنهم نانسي بيلوسي، رئيسة الكونجرس، وستيف كوهنج عضو الكونجرس عن تينيسي، وباتي موراي ممثلة واشنطن في الكونجرس. وتحظى الحركة بانتشار واسع وذلك نظراً لاستخدامها الكثيف لوسائل الإعلام الاجتماعي مثل المدونات، ومواقع "فيس بوك" و " تويتر" و "ماي سبيس".
أيديولوجية الحركة
تبنت الحركة، في أول مؤتمر وطني لها في مدينة ناشفيل مؤخراً عدد من الأسس التي ارتكزت عليها حملتها السياسية، ومنها مواجهة ما تعتبره الحركة إصلاحات اشتراكية لأوباما في المجال الاقتصادي والصحي، وكذلك مواجهة سياسة التساهل في الهجرة، لذلك فهي تؤيد سن أشد القوانين شراسة لمكافحة الهجرة، وتدعو إلى حماية المنتج الأميركي من غزو المنتجات المستوردة وخاصة من الصين. وتقول الحركة إنها تعمل على إعادة الاعتبار السياسي والاجتماعي للرجل الأبيض الأنجلوسكوني البروتستاني، ممن يعتبرونهم أحفاد الأميركان الأوائل الذين حرروا الولايات المتحدة. وتؤيد الحركة "إسرائيل" تأييداً مطلقاً، وتنتقد سياسات أوباما التقاربية مع العالم الإسلامي، للدرجة التي تشيع من خلالها أن أوباما مسلماً مدسوساً على البيت الأبيض، وذلك على حد قول أحد أبرز أعضائها جلين بك. وتتباين رؤية أعضاء الحركة فيما يخص السياسة الخارجية لأميركا، فيطالب البعض بالكف عن التدخل في القضايا الدولية، بينما يجد آخرون ضرورة في استمرار الولايات المتحدة في قيادة العالم. النشأة والتكوين ومن الناحية الزمنية، فلا يتجاوز عمر الحركة العامين، إلا أن جذورها كحركة احتجاج اجتماعي تعود إلى النصف الثاني من القرن الثامن عشر عندما ثار الأميركيون على نظام الضرائب المفروض عليهم من قبل البريطانيين الذين كانوا يحتلون البلاد آنذاك وكانت هذه بداية الانطلاقة لاستقلال أميركا. فقد تأسست هذه الحركة في مواجهة الاستعمار البريطاني لمقاومة التشريعات الضريبية التي فرضتها سلطات الاستعمار الانجليزي في عام 1773 لتشكيل بعض الاحتكارات في مجال الاستيراد لحساب شركة الهند الشرقية، الذراع الاقتصادي للانجليز في هذا الوقت، والتي بموجبها تصبح هذه الشركة هي المستورد الوحيد للشاي إلى أميركا. ونجحت الحركة حينذاك في الاستيلاء على ميناء بوسطن وإلقاء حمولات السفن من الشاي المستورد في البحر، ومن هنا جاءت التسمية، ونظمت العديد من التظاهرات في ذلك الوقت، وكانت هذه بداية شرارة الاستقلال عن المملكة البريطانية.
فمنذ زمن بعيد والإسلام مرتبط في ذاكرة العالم الغربي والدول الأوروبية بالروح القتالية لدى المسلمين وبفريضة الجهاد وحسب، معتقدون بأن الإسلام لم ينتشر إلا بحد السيف، وقد ساعد اللوبى اليهودى وساسة الغرب الحاقدين المتحالفون معهم على رسم تلك الصورة السيئة عن الإسلام فى الغرب وذلك منذ الفتح الإسلامى العربي للأندلس ووصول المسلمين الى مشارف أوروبا وعندما فشلوا فى ذلك لجأوا حديثاً لحيلة جديدة وهي خلط الأوراق وتبني التيارات الإسلامية المنحرفة التي تدعو إلى العنف وإحتضان الفكرالمتطرف أينما كان، وقد آوت أوروبا وانجلترا واميركا قيادات هذه الجماعات وتولى الإعلام الغربي إبراز نشاطها المتطرف، وقامت أميركا بصناعة ما يسمى بحركة طالبان لتشويه صورة الإسلام بعد أن قامت بدعم المجاهدين الأفغان لتحارب بهم الجيش الروسي في أفغانستان وصنعت بهم فييتنام جديدة أغرقت روسيا في أوحالها، ثم كان لا بد من أن تشوه هذه البطولات فتحولت لتسلح هذه الكتائب الأفغانية وتحرضها لتقاتل بعضها بعضاً وتغريها بالأموال وتخوف كل فريق من الآخر لتشتبك جميعها في حرب إبادة، وكان نتيجة هذا الإفساد أن غرقت الروح الفدائية في أوهام الحكم والسيطرة والمجد الشخصي وتحولت الجيوش الأفغانية إلى عصابات مسلحة تأكل بعضها بعضاً واقتتل أخوة الأمس ودمروا أنفسهم وبلدهم واندفعت حركة طالبان بتشجيع من أميركا وأغدق الغرب عليها من الأموال والأسلحة والذخائر فأحالوا كابول الى أرض خراب، وكان ما يجري في تلك الحلبة المشتعلة بالنار والدمار يذاع في جميع الفضائيات وينشر في كل الصحف على أنه هو الإسلام والجهاد في سبيل الله والدعوة إلى الله بالمفهوم الإسلامي، ثم اختاروا أشد هجمات تلك الجماعات وحشية واستفزازاً ليجعلوا منها أحداث الساعة، كما حدث مع 11 أيلول، لكي يوصم الإسلام بالوحشية وتنتشر الفوبيا في الغرب من الإسلام ولكي تطلق كلمة الإسلامي على المجرمين المرتزقة وأن يُنظر إلى كل ما هو إسلامي على أنه توحش وبدائية وإجرام، وقد قاموا بحملات في الصحف وفي الفضائيات التي جعلت من الهجوم على الإسلام ووصفه بالإرهاب ركناً ثابتاً في برامجها للوصل إلى إنتشار ظاهرة الإسلام - فوبيا بأوروبا وأميركا.
فالفيلسوف الأميركي صمويل هنتجون لم يأت بخيال من عنده حينما كتب كتابه صراع الحضارات، ولم يكن نكسون يهذي حينما قال في أخريات أيامه بعد سقوط الشيوعية "لقد انتهت الشيوعية (الخطر الأحمر) ولم يبق لنا عدو سوى الإسلام (الخطر الاخضر)" بل كان الرجل ينطق بإسم الإستعمار الأميركي ويتحدث عن رسالة أميركا كرأس حربة عليها أن تتعامل مع الإسلام هذا العدو المنتظر وتخطط للقضاء عليه، وكان صمويل هنتجتون يفكر بنفس العقلية وما شاهدناه على أرض الواقع في أوروبا من أحداث الحرب البشعة التي أعلنتها دولة الصرب على مسلمي البوسنة وما جرى فيها من تطهير عرقى لكل ما هو مسلم بدءًا من اغتصاب النساء والقتل بالجملة للأسرى ودفنهم في قبور جماعية وأكوام الجماجم والهياكل التي عثر عليها مقبورة والقرى التي أُحرقت بمن فيها، وما شاهدناه من الحرب التي خاضتها الجيوش الصربية في قرى كوسوفو وقتلها للألبان المسلمين العزل وحرق مساكنهم وقراهم هو استمرار مؤلم للمأساة. كل هذا كان شاهداً على مشاعر ساسة أوروبا نحو الإسلام وأله خوفاً من أن يكون للإسلام دولة فى أوروبا. وهو ما يحدث حالياً من رفض بات من قبل الغرب لإنضمام تركيا كدولة مسلمة للاتحاد الأوربي لهو خير دليل على ذلك.
فخلاصة ما سلف أن حالة الإسلام - فوبيا أوجدها وساعد على انتشارها اللوبى اليهودى وساسة الغرب أنفسهم لتخويف شعوب الغرب من الإسلام وربطه دائما ًبالإرهاب وذلك لوقف المد الإسلامي الذى انتشر في الغرب بشكل مقلق لهم وخوفاً من أن يكون للمسلمين دولة بها.
فإلى متى سوف تستمر حالة الفوبيا من الإسلام والمسلمين لدى الغرب؟
وكيف يمكننا أن نزيل تلك الفوبيا من عقول الغرب؟
إعداد: لميس داغر