مخيم البارد-فلسطين الآن-أربعة سنوات مرت على نزوح سلمى حامد عن منزلها في مخيم نهر البارد. تصعب معرفة ان كانت سلمى قد عادت الى منزل مؤقت في ما يسمى المخيم الجديد مثلها مثل ستة عشر ألف لاجئ فلسطيني أم انها لا تزال مشردة في بقعة ما من لبنان أو في واحد من الاثني عشر مخيما فلسطينيا فيه.
يقسم أهالي مخيم نهر البارد المخيم إلى قسمين، جديد عاد إليه حوالي ستة عشر ألف لاجئ من سكان المخيم الاثنين وثلاثين ألفا، وقديم لا يزال عبارة عن أنقاض تطمر متفجرات وصواريخ غير منفجرة قتلت العديد من العاملين على رفع الردم في السنوات الثلاث الأخيرة. إعادة الإعمار مرتبطة بتوفر الأموال
تقول الحكومة اللبنانية ومنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الانروا) الآن إن إعادة إعمار المخيم ستبدأ قريبا.
ويوضح محمد عبد العال نائب مدير مشروع إعادة إعمار المخيم من الانروا ان المخطط التوجيهي قسّم المخيم إلى ثمانية أجزاء سيستغرق بناء الجزء الأول حوالي اثني عشر شهرا اعتبارا من تاريخ البدء على أن يباشر بناء الأجزاء التالية كل واحد على حدة بفارق ما بين ثلاثة وخمسة أشهر على البدء بإعمار الجزء السابق.
لكن كل ذك متوقف على توفر الأموال اللازمة وقدرت قيمتها مائة وعشرين مليون دولار يتوفر منها الآن ستة عشر مليونا فقط. "عودتكم مؤكدة"
تعمل الحكومة اللبنانية عبر لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني على جمع هذه الأموال وقد جاء السفير خليل مكاوي رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الى لندن لترويج عمل اللجنة في إطار خطة لتحسين صورة لبنان في الخارج من أجل تسهيل جمع تلك الأموال.
صورة ليست أفضل في لبنان كما يقر مكاوي نفسه.
يذكر مكاوي بشعار أطلقه رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة إبان الحملة العسكرية التي شنها الجيش اللبناني على حركة فتح الاسلام في المخيم في أيار مايو من العام 2007. "خروجكم من المخيم مؤقت وعودتكم مؤكدة وإعمار المخيم محتم".
غير ان الشعار هذا يلقى مقاومة بين الفلسطينيين الذين "مروا بتجارب مشابهة مرات عديدة على الساحة اللبنانية نتيجة الحرب في لبنان. لا مخيم دمر وأعيد بناؤه لذلك أصبح هناك تخوف وعدم تصديق بان إعادة الإعمار ستتم". "الحوار اللبناني الفلسطيني كان محرما"
سيصعب على حكومة فؤاد السنيورة إقناع الفلسطينيين بعد ستين عاما من حرمانهم من العمل والتملك في لبنان برغم الوعود التي أطلقها السفير مكاوي. ويقر السفير بان "تراكمات الأحداث السابقة أعطت صورة سيئة جدا عن لبنان".
أما الآن فقد تغير حال الفلسطينيين بحسب مكاوي إذ تعمل لجنته على جمع اللبنانيين والفلسطينيين وتعزيز التعاون بينهم بعد ان كان ذلك "من المحرمات في السابق". "مخيم مثالي"
يشيد مكاوي بالمخطط التوجيهي المعد للمخيم وحرصه على حفظ النسيج الاجتماعي للسكان كما كان عليه ويشرح محمد عبد العال من منظمة الانروا ذلك قائلا ان المخيم سيعاد الى سابق عهده.
المخيم يتكون من قطاعات كل منها يحمل اسم القرية التي جاء منها سكانه "حي سعسع وحي صفوري وحي الدامور" ستعود كما كانت والجيران سيعودون جيرانا.
ستبقى الجوامع والمدارس والملاهي في أماكنها وسيعود الأهالي الى نفس البقعة الجغرافية التي كانوا يعيشون فيها قبل تدمير المخيم.
أما شوارع المخيم التي كان عرضها لا يتجاوز مترا أو مترا ونصف المتر سيصل عرضها الى أربعة أمتار.
والمباني التي لم يكن مسموحا ان تتجاوز الطبقة أو الطبقتين ستتكون من ثلاث أو أربع طبقات في "المخيم المثالي" الذي تطمح اليه الحكومة اللبنانية ليكون "نموذجا للمخيمات الأخرى في لبنان" كما يقول مكاوي. صورة وردية
اعتاد الانسان الفلسطيني على العيش الصعب في لبنان غير ان سوء الظروف في مخيم نهر البارد تجاوز ظروف المخيمات الأخرى التي وصفها مكاوي بانها "غير انسانية".
تخيلوا أنفسكم تعيشون في منزل نصفه مدمر يحيط به الحطام من كل صوب وتفصله عن الحياة المدنية حواجز تفتيش يكتظ المئات أمامها سعيا للوصول الى... منازلهم.
أما الأفدح فهو التصريح الواجب على ساكن مخيم نهر البارد الحصول عليه من الجيش اللبناني للدخول والخروج من المخيم واليه.
تشمل هذه الإجراءات جميع الداخلين الى المخيم من سكان وزوار وعلى كل من يدخل المخيم كما يؤكد مكاوي وعبد العال.
يبرر السفير مكاوي فرض هذا الإجراء بالحملة العسكرية التي شنها الجيش اللبناني عام 2007 إذ قتل مائة وثمانون من الجنود أغلبيتهم من أبناء القرى المجاورة للمخيم ويتخوف مكاوي من حصول عمليات ثأر أو تسلل إلى داخل المخيم.
على ذلك، سيترتب على سكان مخيم نهر البارد ان يحصلوا يوميا على تصريح واحد أو أكثر لتصريف أمور حياتهم العادية الى حين إعادة بناء المخيم بشكل كامل لكن إعادة الإعمار التي وعد مكاوي بإتمامها عام 2012 "ليست عملية سهلة.
فالتدمير أسهل من التعمير" على ما يقول مكاوي.