كان شاباً يافعاً وسيماً، وكان مغتراً بنفسه، وحيث أنه كان آخر العنقود فقد كان مدللاً وكانت طلباته كلها مجابة، كما أنه كان يخرج ويدخل دون أن يسأله أحد أين خارج؟ ومن أين أتيت؟؟
كل هذه الأسباب جعلته شاباً مستهتراً لا يبالي بأحد ولا يتهم بما سيحدث له ! فكان يتعرض لبنات الناس معاكسا لهن، فإذا ما اشتكى أهل الفتاة عند أهله طمأنتهم أمه أنها ستعاقبه على عمله السيء ولكنها لا تنفذ ما تقول، واذا بلغ الخبر والده أقنعته والدته أنه مازال شاباً طائشاً وأنه لن يعود لمثل هذا العمل مرة أخرى وكان أبوه يسمع كلام أمه، وكان الناس يزداد ضيقهم منه يوما بعد يوم ويزداد هو أذى لهم !!
وهكذا كانت حياته حتى بلغ الثامنة عشرة من عمره فاشترى له والده سيارة ليزداد سوءاً على سوئه !! فصار قناصأً ينصب الفخاخ للفتيات الساذجات ويتتبعهن في الجمعيات والأسواق ومراكز اللهو وخلف باصات المدارس، وأخذ يتفنن في أساليبه الشيطانية ويتصيد الفتيات بالمكر والكذب فكم من فتاة خدعها وكم من طاهرة دنسها وكم من غافلة أزعجها، وهكذا عاش حياته يكذب ويخدع البنات الساذجات ويسئ إليهن دون خوف من الله تعالى أو حياء، ولم يكترث يوماً بدموع تلك الفتيات المخدوعات اللاتي خدعهن بمعسول الكلام إنما كان همه إرضاء غروره والسير وراء خطوات الشيطان فعاش حياته عابثاً بالقيم والأخلاق والآداب !
ولكن لابد لكل شيء من نهاية، ففي يوم من الأيام خرج بسيارته ومعه أحد أصدقائه ، خرج هذا العابث ليبحث عن فريسة، ومر أمامه باص مدرسة ينقل بداخله فتيات، فسال لعابه ولحق بالباص، وكان منهمكاً بالاشارات مع إحدى الطالبات وكانت تجلس على أحد المقاعد في مؤخرة الباص وكان هو يحاول إعطاءها رقم هاتفه ويأخذ رقم هاتفها، وفي ذروة انشغاله توقف الباص فجأة ولم ينتبه فإذا هو يدخل في بسيارته تحت الباص، أما صديقه الذي يجلس بجانبه تحول إلى أشلاء، وهو فقد الوعي ولم يشعر إلا وهو بين أيدي الأطباء وأجهزتهم في المستشفى !!
وبعد شهرين من العلاج عادت إليه عافيته وسأل عن صديقه فقيل له فارق الحياة، عندها أصيب بانهيار عصبي وعقدة نفيسة حيث أنه كان السبب في مقتل صاحبه، وعاش أياماً عصيبة مريرة امتنع فيها عن الأكل والشرب وساءت حالته الصحية، وكان هذا الحادث بمثابة صفعة قوية أفاق بعدها وشعر بالحسرة و والندم على ما ارتكبه من آثام وذنوب، ولولا حلم الله عزوجل لكان مع صحبه تحت التراب ولكن الله عليم حكيم أراد له النجاة عله يتوب ويهتدي !
إن الواجب على أولياء الأمور مراقبة أبنائهم وتربيتهم التربية الصالحة ووغرس محبة الله ورسوله في نفوسهم وتخويفهم من عقاب الله وعذابه وترغيبهم برحمته وثوابه وجنته وتنشئتهم على الأخلاق الحميدة الفاضلة حتى وإذا كبروا كانوا أفراداً صالحين في المجتمع يسعد بهم الجميع.
قال الله تعالى: " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " سورة النور
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بئس العبد تخيل واختال ونسي الكبير المتعال، بئس العبد تجبر واعتدى ونسي الجبار الأعلى، بئس العبد عبد سهاولها نسي المقابر والبلى "