النموذج القطري والغربي لإرهاب سوريا وشعبها
فشل
الأسد لاقى شعبه بالإصلاح
تخوض سوريا حرباً واسعة فريدة من نوعها في
عالم الحروب، داخلية وخارجية ودبلوماسية واستراتيجية واقتصادية ومالية، وتتعرض
لحصار شديد وعقوبات وإجراءات قاسية، هذه الحرب أعدّ لها أعداؤها منذ فترة وجيزة،
بعد أن يئسوا تماماً من إمكانية إحراز أي نصر في مواجهة سوريا التي تشكّل رأس حربة
في مواجهة المشاريع الاستعمارية الكبرى، هذه الحرب كان مخططاً لها منذ الحرب
الأميركية وغزوها العراق عام 2003، وتصريحات الرئيس جورج بوش ووزير خارجيته آنذاك
باول كانت واضحة تماماً منذ تلك الفترةتجاهخ سوريا.
اليوم يجتمع كل طغاة العالم ممثلاً بالولايات
المتحدة وفرنسا وبريطانيا وأذنابهم الصغار في منطقتنا "العربية" الذين
باعوا ضمائرهم وتدنت أخلاقياتهم بحيث باتوا مجرد دمية بيد الاستعمار الغربي يحركهم
كيفما شاء وبعد أن نهب ثرواتهم ومستقبل أجيالهم وجعل منهم أدوات صغيرة تنفذ ما
يطلب منها ولو كلفتهم ذلك عروبتهم ووطنيتهم، والمهم بالنسبة إليهم أن تبقى عروشهم
وحتى لو كانت خاوية من أي مضمون يحمي كرامتهم، وهذا لم يكن صدفة، ومثل هؤلاء الذين
باعوا فلسطين في الماضي، ها هم اليوم يبيعون عروبتهم وما تبقى لديهم من حس إنساني
أو مروءة وكرامة.
سوريا اليوم تخوض الحرب في مواجهة المشروع
الأميركي – الصهيوني وأدواته الرخيصة في المنطقة، وسوريا ليست وحدها ومعها كل
شرفاء الأمة، فهي جزء من منظومة متكاملة، كان لها شرف التصدي للهجمة الاستعمارية
الصهيونية منذ وقت مبكر في تاريخها الحديث.
لقد أراد الأعداءهذه المرة، أن يستخدموا كل
جبروتهم وكل أدوات حقدهم مستفيدين من حالة الهوان لدى بعض أصحاب الردة الجديدة،
واعتقدوا أن بإمكانهم تحقيق إنجاز ما في هذا الزمن الرديء، لكنهم أغبياء وجهلة لم
يتعلموا من دروس التاريخ، ونسوا من هي سوريا في دنيا العرب والأمة، لقد اعتقدوا أن
بإمكانهم الاحتيال على التاريخ والقيم والمروءة والنخوة العربية الحقيقية، ولكنهم
سيكتشفوا بأنهم غامروا بما تبقى لديهم من رصيد أخلاقي ومادي في ظل الأزمات
الاقتصادية والمالية التي جرتها عليهم حروبهم في كل مكان في هذه المعمورة .
هؤلاء المستعمرون الجدد لن تفيدهم طائراتهم
وقنابلهم الغبية، لأن سقوطهم الأخلاقي قد تحقق منذ أن تآمروا على سوريا الأمة
بأكملها، وقبلها سلّم هؤلاء وأجدادهم فلسطين للصهاينة كحارس لمصالحهم على حساب
أبناء فلسطين الذين شردوا في أرجاء الكرة الأرضية، هؤلاء القتلة لن ينالوا إلا
الجزاء المناسب والهزيمة النكراء.
عرب "الردة" الذين باعوا قضية
فلسطين مبكراً، منذ أن راهنوا على شركائهم وهانت عليهم دماء الشهداء والجرحى فحقت
عليهم لعنة الأجيال، هؤلاء يحاولون اليوم تخريب ديار الشام العامرة بالعزة الوطنية
والالتزام القومي الصادق والوفاء لأبناء أمتهم من المقاومين والشرفاء الذين صدقوا
في وعدهم وكان النصر حليفهم أينما حلوا، هم أصحاب الوعد والعهد الصادق، ونحن
وإياهم معاً على طريق النصر المؤزر.
سوريا اليوم تخوض معركة التمسك بالمبادئ
والأهداف الوطنية والقومية ومعركة الدفاع عن القيم الحضارية والإنسانية وتراث
الآباء والأجداد في مواجهة قوى البغي والظلم والطغيان والاستكبار في العالم أجمع،
وهي تدافع عن المكاسب التي تحققت على مدى عقود من الزمن، هي تواجه الأعداء والمتربصين
بها. وسوريا هي جزء فاعل وأساسي في منظومة المقاومة في أمتنا، والصراع اليوم يدور
حول مستقبل المنطقة والمعركة باتت فاصلة، بين أبناء الأمة الواحدة في مواجهة
الأعداء وأعوانهم المأجورين والأدوات التابعة.
لقد بدأت سوريا بعملية إصلاح واسعة منذ فترة
بعيدة وهي مازالت على ذات المسار والإصلاح هو غاية سوريا وضرورة أساسية لتقوية
البلاد، ومن أجل مستقبل أفضل للسوريين، والإصلاحات الجذرية الحقيقية هي التي تزيد
سوريا قوة ومنعة وتؤمن إمكانية استعادة الأراضي التي احتلت، أما المفاوضات التي
يتحدثون عنها فلم تحرر شبراً من أرض فلسطين.
سوريا تتمسك بخيار المقاومة
كشف الرئيس بشار الأسد خيوط المؤامرة التي
حيكت ضد سوريا والمنطقة، وباتت الحقائق واضحة للعيان، أما الذين ينظرون بالمنظار
الأميركي والغربي فلا يبصرون، مشاريع التقسيم والتفتيت على مساحة العالم العربي هي
من أجل مصادرة قراره وثرواته أو الاستيلاء على أرصدته المالية في البنوك الأجنبية
تحت حجج وذرائع واهية.
إن التوجه الإصلاحي عملية مستمرة منذ العام
ألفين، وبالتالي فهو أعطى وعداً بدستور جديد يشارك فيه الشعب من خلال الاستفتاء،
ولفت الى أن الأزمة الراهنة في سوريا ليست مسألة إصلاحية، بإشارته الى أن الحرب
على سوريا هي حرب إخضاع. وكان صريحاً بقوله، لو أن سوريا تراجعت عن مواقفها
الثابتة تجاه القضية الفلسطينية وتجاه دعم خيار المقاومة والممانعة، والوقوف الى
جانب إيران، لما أكملت المؤامرة عملها. فالعملية الإصلاحية بدأت عبر استصدار
قوانين، وحكومة وطنية ستُشكّل، وانتخابات لمجلس الشعب خارج المادة الثامنة من
الدستور للتأكيد على التعددية الحزبية والسياسية.
والأهم من ذلك، أن كرامة الإنسان هي أغلى ما
في الوجود، من هنا كان القائد الأسد حاسماً وواضحاً في نظرته للأمور، القضاء على
الإرهاب الذي ينفذ أجندة خارجية هدفها تقويض أركان الدولة وترويع الناس وحمل سوريا
من ضفة الكرامة والمقاومة الى ضفة الخيانة والاستسلام لمشيئة الأعداء والتفريط
بالحقوق، ومن هنا فقد وضع حداً فاصلاً بينه وبين أولئك الضعفاء الخانعين للأجنبي،
واختار المقاومة والكرامة.
الضغوط التي تمارس على سوريا وبكافة الأشكال
لن تستطيع إخضاعها، والهجوم الغربي هو مأزوم اقتصادياً وعلى عتبة الانهيار ويستخدم
كافة قواه، وسوريا قررت خوض المواجهة بكل تفاصيلها وهذا هو خيارها الأسلم.
وأما بشأن الأزمة في سوريا، فالحل لا يأتي
عبر الجامعة العربية وتقريرها، ولا باستمرار الضغوط وتنوعها، بل أنه يحصل بوقف
تهريب السلاح، وبعدم تهريب الأموال الى المخربين في الداخل الذي يعملوا بالأجرة
لدى المتآمرين على سوريا، وعندما ينقطع هذا المال وهذا الضخ من الحقد، فلن يكون
هناك أي وجود للأزمة.
سوريا ستظل شامخة لأنها سوريا العزة
والكرامة، تسير الى الأمام، تقبض بيد على الإصلاح وبالأخرى تكافح الإرهاب، وهي في
بداية انتصارها وبداية الهزيمة لمشروع المؤامرة الكونية الفاشلة ضدها.
قدم الرئيس بشار الأسد في الخطاب الشامل
والواثق في جامعة دمشق يوم 10/1/2012 مقاربة استثنائية للوضع داخل سوريا وما يحيط
به من تداخلات عربية وإقليمية ودولية، ما جعل من تلك المقاربة خطة متكاملة لكيفية التعاطي
مع الوضع في سوريا والمؤامرة التي تواجهها منذ أكثر من عشرة أشهر وأيضاً المرحلة
المقبلة بكل جوانبها الداخلية والخارجية، وما حصل مزيج من التدخل الأجنبي والعربي:
"بعد أن فشلوا في مجلس الأمن، أرادوا غطاء عربياً فكانت هذه المبادرة".
سوريا والعروبة
والسؤال: "هل نفذت الجامعة العربية
قراراتها يوماً أم أنها ساهمت في زرع بذور الفتنة؟ وهل أعادت شجرة زيتون واحدة
قلعتها "إسرائيل" أو أعادت إعمار منزل في فلسطين؟ وهل منعت تقسيم
السودان؟ وهل منعت قتل مليون عراقي؟"
العروبة بالنسبة لسوريا ليست شعاراً إنما
ممارسة ومَن أكثر من سوريا قدم من أجل القضايا العربية ومن أجل فلسطين، أما تلك
الدول التي تسعى لإخراج سوريا من الجامعة، نقول لها: المال لا يصنع تاريخاً ولا
حضارات، وسوريا هي الأكثر حرية في ممارسة عروبتنا، وهم اليوم سيركزون على تعليق
العروبة في الجامعة، "إن هدفهم استبدال سوريا بـ "إسرائيل"، ومن
هنا لا يجب أن تعمم أخطاء بعض المستعربين على العروبة.
للأسف، أن نسمع بعض الدول العربية تقول، نحن
معكم، مع سوريا في القلب ولكنهم ضدها بالسياسة والعذر هو الضغوط الخارجية! هذا
الكلام يعني فقدان السيادة، والسؤال: عندما تكون دولة أجنبية كبرى في ورطة،
فغالباً ما يكون إنقاذ تلك الدول على حساب دولة عربية أو عدة دول عربية، وهذا ما
حصل في ليبيا والعراق، وهذا ما نراه الآن في الدورالعربي تجاه سوريا.
إن ما يجري في سوريا هو جزء مما هو مخطط له
في المنطقة منذ عشرات السنين، فحلم التقسيم لايزال يراود أحفاد سايكس – بيكو، لكن
حلمهم ينقلب كابوساً اليوم، فإذا كان البعض يعتقد أن زمن الصراع على سوريا قد عاد
فهو واهم. فالصراع اليوم مع سوريا وليس عليها، وهزيمة سوريا التي لن تسمح لهم
بتحقيقها تعني هزيمة الصمود والمقاومة كما تعني سقوط المنطقة كلياً، وهدفهم الذي
يريدون تحقيقه في المحصلة هو سوريا المنشغلة بقضايا ذاتية هامشية والمنعزلة ضمن
حدودها القطرية لا حدودها الطبيعية القومية التاريخية، وسوريا المنكمشة والآيلة
للفناء والزوال عبر الانقسام والتقسيم، وهدفهم هو تفكيك الهوية والشخصية الثقافية
لشعبنا التي كانت تحمينا من الهزائم بمختلف أنواعها.
"المعارضة" تعيش مأزقاً
يرى المراقبون، بأن هناك ألاعيب وعملية تكاذب
واضحة لدى أطراف "المعارضة" السورية في الخارج، وتردد بعض "معارضة"
الداخل، فالاعتراضات التي نشأت حول "وثيقة الاتفاق السياسي" بين قطبي
"المعارضة" السورية في الخارج "مجلس اسطنبول" و "هيئة
التنسيق"، أكّدت عمق الخلاف بينهما، وهي كشفت عن حال من التكاذب بين صفوف
المعارضين، ظهر حول تعريف التدخل الأجنبي ونوعه، الاتفاق ينص في مادته الأولى على:
"رفض أي تدخل عسكري أجنبي يمس بسيادة واستقلال البلاد ولا يعتبر التدخل
العربي أجنبياً"، لكنه يلتف على هذا الموقف من خلال تفسير المادة الثانية
التي تطالب بـ "حماية المدنيين بكل الوسائل المشروعة في إطار القانون الدولي
لحقوق الإنسان".
القضية المحورية في هذه الوثيقة هي التدخل
الأجنبي، فرغم أن الوثيقة ترفضه إلا أن تفسيراتها تقره وفق ما نشر، والبيان الصادر
عن "غليون تركيا"، رفض التدخل الأجنبي البري، الذي من شأنه المساس بوحدة
الأراضي السورية واستقلالها، ولكنه وافق "على التدخل الأجنبي الذي يفرض مناطق
عازلة تحت حظر جوي وبحري"، وهذا التفسير يتناقض مع حماية المدنيين في إطار
القانون الدولي لحقوق الإنسان، فهذا لا يتم تنفيذه عبر الوسائل العسكرية وقرارات
الأمم المتحدة، وهو عمل معنوي صرف، من هنا يتأكد لمن يعنيه الأمر، أن
"المعارضة" تعيش مأزقاً أخلاقياً، لأنها تدرك تماماً أن التدخل الدولي
هو دعوة الى شرذمة البلد وتدميره وهذا يعني بأن هؤلاء شركاء في المؤامرة وأدوات في
التنفيذ وهم من يعملون على إثارة المشاكل والتوترات المتنقلة ومحاولة إحراق البلاد
والمهم بالنسبة إليهم هو السعي الى الوصول الى السلطة بأي وسيلة كانت، وهؤلاء في
سعيهم خاسرون لا محالة، أما المعارضة الحقيقية فهي تلك التي تنطلق من باب الحرص
على البلد وتسعى الى تعزيز قوته والقضاء على الثغرات وتجنب الوقوع في مواجهات لا
تخدم إلا الأعداء.
يعول المعسكر الغربي على تغيير نظام سوريا
وموقعها الاستراتيجي رافضاً أي حوار مع النظام، ويقود هذا المعسكر أميركا وتلتحق
به أوروبا الغربية وعملت بإمرتها أدوات تنفيذية إقليمية تتمثل بتركيا ودول
"عربية" والجامعة العربية التي باتت دائرة من دوائر الخارجية الأميركية.
ويرى الغرب في نجاح خطته تلك مكسباً
استراتيجياً هاماً متمثلاً بتحويل سوريا الى أداة في يده تمكنه من السيطرة على
المنطقة وثرواتها بعد فشله في الحروب وستكون النتيجة الاستراتيجية المباشرة لهذا
الإنجاز توجيه ضربة بالغة الشدة الى منظومة المقاومة التي يعتقد الغرب بـأنها
ستتفكك ويتحول من يبقى منها جزراً غير متصلة يسهل خنق الواحدة منها تلو الأخرى، ما
يمكن أميركا من ربط المنطقة التابعة لها ببعضها البعض من الشرق حيث دول الخليج،
والى الغرب في الشمال الإفريقي، بحيث تشكل المنطقة الممتدة من تركيا الى شمال
إفريقيا عبر الجزيرة العربية ومعها الكيان الصهيوني، الأمر الذي سيعوض على أميركا
خسائرها لحروبها.
إلا أن هناك انقساماً إقليمياً ودولياً
واضحاً حول سوريا، بحيث بات هناك معسكر إقليمي مشرقي يعمل على الوقوف الى جانب
سوريا ودعمها وتثبيتها في موقعها الاستراتيجي الحالي، على أن يكون ذلك عبر الحوار
الداخلي الذي يفضي الى تعديلات أساسية في القوانين والنظم المعلقة بالشؤون
الداخلية، مع المحافظة على الخيارات السورية القائمة في المجال الخارجي
والاستراتيجي، أي الاستمرار بلعب دور مؤثر وفاعل في منظومة المقاومة للمشروع
الغربي والسعي لإقامة "شرق أوسط لأهله" متحرر من الإملاءات والأوامر
الأجنبية، ويعمل في هذا الخيار النظام السوري وإيران و"حزب الله"،
ودولياً من مجموعة "البريكس"، مع تفهم وقبول من أغلب الدول الإسلامية
ودول ما كان يسمى عدم الانحياز.
إن خبارات التدخل العسكري الغربي في سوريا
دونه حواجز حديدية فاصلة، مواقف سياسية ودبلوماسية وحسابات إقليمية ودولية معقدة،
أي أن هناك صراعاً حقيقياً حول هذا الخيار، وأي تدخل من نوع آخر "كإقامة
الممرات الإنسانية قد يحمل تبعات خطيرة على مستوى المنطقة، وهو ما حذر منه آرام
نيرغيزيان الباحث في "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" في تقريره
"عدم الاستقرار في سوريا، مخاطر التدخل العسكري"، مذكراً الغرب بأن
"سوريا ليست ليبيا، لأن الداخل السوري لا يشبه الداخل الليبي"، ولأن
تكرار التجربة العسكرية في دولة تشبك بخيوطها السياسية والأمنية الطويلة ما بينها
وبين كل من لبنان والأردن والعراق وتركيا وفلسطين المحتلة سيكون خطوة كارثية.
كما أن تركيا التي التزمت المشروع العربي في
التعامل مع الأزمة السورية، حرمها من فرص التغريد خارج السرب كما كانت تفعل قبل
أشهر، وألزمها بانتظار نتائج أعمال المراقبين العرب، ولم يعد أحد في تركيا يناقش
السيناريوهات المحتملة إزاء الحل في سوريا، أو يكتب عن البدائل والخيارات التركية
الواجب تبنيها، فلا تصريحات نارية تطلق، وربما يكون دخول الجامعة العربية على الخط
قد خفف بعض العبء عن كاهل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ومعاونيه ويحولون
الأنظار نحو مشاكل وأزمات سياسية داخلية يتقدمها مقتل 35 مدنياً كردياً على الحدود
التركية – العراقية في غارة عسكرية تركية تحت عنوان الحرب على حزب العمال
الكردستاني، وأردوغان لم يعد يتحدث عن الفرص التي تتقلص والنصائح المغلفة، وهو لم
يتوقف حتى عند البواخر والسفن الحربية الروسية الرابضة أمام السواحل السورية، على
رغم معرفته الكاملة أنها جاءت في مهمة التذكير بأن سوريا ليست وحدها وكذلك فإن
مصالح روسيا الإقليمية لا يمكن التفريط بها أمام دعوات أردوغان الذي يتحدث عن
"الديمقراطية" بينما ينفذ أجندة أميركية وغربية، وكذلك فإن تركيا لم تعد
مستعجلة بشأن ما يسمى "المنطقة العازلة" التي قالت أنها على استعداد لمناقشته،
ووضعت أسسه عبر نصب الخيم وتحضير مستلزمات استقبال عشرات الآلاف من اللاجئين في
عملية محبوكة تماماً بخيوط المؤامرة التي تستهدف سوريا، والعقوبات التي حاولت
تركيا فرضها على سوريا، تم مواجهتها بإجراءات سورية أشد، وتركيا باتت تخاف من أن
تتحول نغمة "التدخلالعسكري الخارجي ضد سوريا" الى نقمة شعبية في
سوريا ضد منفذيها وأن تدفع تركيا الثمن غالياً.
سوريا اليوم تقف بقوة في مواجهة التحديات
المائلة وهي أكثر قوة ومنعة من خلال التزامها بخيار المقاومة سبيلاً لمواجهة
المشاريع المعادية.
فالتعريب فشل من وجهة نظر قطر التي دعت الى
إرسال قوات عربية الى سوريا، بعد أن فشلت في إحداث انشقاق في الجيش السوري، وفشل
المسلحون في فرض إرهابهم عبر التفجير والقتل والخطف والتهجير، لأن الأمن خط أحمر،
والمعركة في سوريا هي مع الإرهاب، بعد أن تكرّس الإصلاح، حيث لم تنجح محاولات
إسقاط النظام ورئيسه بشار الأسد، فبدأت مناورة جديدة، وهي اعتماد النموذج اليمني
في تنحي الرئيس السوري وتسلّم نائبه وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وهذا الاقتراح
العربي، ووجه بالرفض السوري، لأن الشعب السوري قال كلمته الى جانب الرئيس بشار
الأسد الذي يحظى بتأييده، عبر استفتاء عبّر عنه بالملايين في الساحات ولمرات عدة.
محمود صالح
[/right]