قبل 33 عاماً:
الشعب الإيراني أراد... فكانت الثورة الإسلامية
في شباط 1979 كانت الأمة الإسلامية والعالم كله على موعد مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران التي قضت على أعتى نظام ديكتاتوري في العصر الحديث.
ولعلّ أهم ما يميز هذه الثورة عن بقية الثورات التي حدثت في العالم وأحدثت تغييرات على عدة مستويات إقليمية وعالمية، ثقافية وحضارية، أنها كانت جماهيرية الطابع وقودها الشعب بكل فئاته، وقادتها هم علماء الدين الذين جسّدوا منهجها الإسلامي وبعدها العقيدي. وقد أثبتت هذه الثورة أن إرادة الجماهير أقوى من السلاح، حيث الجموع التي انطلقت في كافة مدن وقرى ونواحي إيران مجردة من أي سلاح إلاّ سلاح الإيمان بالنصر والشهادة والتضحية بالغالي والنفيس.
ومنذ انطلاقة هذه الثورة أغلقت القيادة الإسلامية سفارة العدو الصهيوني في طهران وتحولت الى سفارة فلسطين. وأغلقت سفارة الولايات المتحدة في طهران وتحولت وثائقها الخطرة الى أيدي المجاهدين المسلمين، مما أدى بالتالي الى فضح الدور الأميركي الخطر ضد فلسطين وشعبها والقضايا العربية والإسلامية.
ولعلّ أهم ما يلفت النظر أن الثورة الإسلامية في إيران اعتبرت قضية فلسطين القضية المركزية لها ولكافة المسلمين في العالم. واعتبرت أن وجود الكيان الصهيوني هو وجود احتلال واغتصاب، وهو كما قال قائد الثورة الإسلامية في إيران الإمام الخميني - رضوان الله - عليه غدة سرطانية يجب على كافة المسلمين أن يعملوا لاقتلاعها من الأرض المباركة فلسطين.
فالثورة الإسلامية التي كانت آخر الثورات العالمية من الناحية الزمنية، استطاعت أن تخطف الأضواء التي كانت مسلطة على الثورات الأخرى، كالثورة الروسية والثورة الفرنسية والثورة الاميركية وغيرها. وبدون أدنى شك فإن البعد الفكري والقيادي والشعبي في الثورة الإسلامية، هو الذي أعطى للثورة هذه الصدارة العالمية حتى أننا لا نبالغ إذا قلنا بأن العالم ربما لن يشهد ثورة أخرى تفوق الثورة الإسلامية من حيث الخصائص التي تميزت بها وماتزال.
الثورة الإيرانية الإسلامية
الثورة الإسلامية في إيران، هي ثورة نشبت سنة 1979 وحولت إيران من نظام ملكي، تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي، لتصبح جمهورية إسلامية عن طريق الاستفتاء، على يد آية الله أو الإمام الخميني، مؤسس "الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، فكانت ثورة فريدة من نوعها باعتبارها مفاجأة على مسرح الأحداث الدولية، وذلك من حيث السرعة التي حدث بها التغيير العميق، وكذلك الدور القيادي للدين فيه، كما أنه كان يعتقد أن النظام محمي كما يجب من قبل الجيش والأجهزة الأمنية التي أنفق النظام عليها ميزانيات ضخمة، إضافة إلى انعدام الأسباب الاعتيادية المعروفة للثورة، كالأزمات المالية، أو الهزائم العسكرية، أو عصيان الفلاحين، أو التمرد العسكري.
انقسمت الثورة إلى مرحلتين: المرحلة الأولى دامت تقريباً من منتصف 1977 إلى منتصف 1979، وشهدت تحالفاً ما بين الليبراليين واليساريين والجماعات الدينية لإسقاط الشاه. المرحلة الثانية، غالباً ما تسمى "الثورة الخمينية"، شهدت بروز آية الله الخميني وتعزيز السلطة.
أسباب الثورة
تضم التفسيرات المقدمة على نشوب تلك الثورة بعضاً من الإجراءات التي اتخذها الشاه، باعتبارها أسباباً، إضافة إلى نجاحات وإخفاقات تعرضت لها مختلف القوى السياسية، ومن تلك الأسباب:
- سياسة التغريب القوية التي انتهجها الشاه على الرغم من تعارضها مع الثقافة الخمينية للشيعة، وعلاقاته الوطيدة مع "إسرائيل" واعتماده على القوى الغربية (الولايات المتحدة)، إضافة إلى الإسراف والفساد والنخبوية في سياسات الشاه وديوانه الملكي، وفشله في استقطاب المتعاطفين والأتباع من القيادات الدينية الشيعية لمقارعة الحملة الخمينية ضده.
- انتهاك الدستور الإيراني الذي وضع سنة 1906، بما في ذلك قمع المعارضة من خلال جهاز الأمن "السافاك"، ولم تكن المهادنة والظهور في موقف الضعف من مصلحته عندما لجأ إليها في الوقت الذي كسبت فيه الثورة زخماً متزايداً.
- البرنامج الاقتصادي الطموح عام 1974 لم يواكب الطموحات التي أثارتها عائدات النفط، إضافة إلى تكريسه سياسة احتكار الحزب الواحد، وتزايد حدة التضخم، ثم انتشار الأسواق السوداء.
- سوء تقدير سياسة التقشف التي أغضبت الباعة والناس.
- سوء تقدير قوة المعارضة.
- طبيعة حكومة الشاه، التي منعت بروز أي منافس ذو كفاءة يمكن أن يقود الحكومة، مما أدى إلى ضعف فعالية الحكومة وتدني مستوى الإنتاج، الأمر الذي ساهم بدوره في زرع الخلافات والانقسامات داخل الجيش وبين النخب السياسية، ومن ثم غياب الدعم عن النظام وعدم توفر حلفاء فقد غادر هؤلاء مع أموالهم مع بداية الثورة.
الخميني
ظهرت شخصية زعيم الثورة الإيرانية أول مرة أوائل عام 1963 لقيادة المعارضة التي تحركت ضد الشاه، واعتقل ثلاثة أيام على أثر تصريحه بأن الشاه "رجل بائس سيء"، وقد واجهت الشرطة أعمال الشغب تلك مستخدمة القوة المفرطة، (أعلنت تقارير الحكومة سقوط 86 قتيلا، فيما ادعت المعارضة أن الرقم يصل إلى الآلاف. التقارير التي أعدت بعد قيام الثورة أشارت إلى أن أكثر من 380 لقوا مصرعهم على يد الشرطة. وضع الخميني تحت الإقامة الجبرية لمدة 8 شهور ثم أفرج عنه، وتابع التحرك ضد الشاه بخصوص علاقته مع "إسرائيل"، وخصوصا "تنازلات" الشاه لتمديد الحصانة الدبلوماسية لعسكريين أميركيين. أعيد اعتقال الخميني في تشرين الثاني 1964 وأرسل إلى المنفى وبقي فيه لمدة 14 عاما حتى قيام الثورة.
الإحتجاج
أتت أولى مظاهر المعارضة من الطبقة الوسطى في المدن، وهم فئة من السكان كانواً من العلمانيين نسبياً وأرادوا بناء ملكية دستورية وليس جمهورية إسلامية، ومن أبرز هؤلاء مهدي باذرخان من "حركة تحرير إيران"، وهي حركة ليبرالية إسلامية معتدلة كانت وثيقة الصلة بالجبهة الوطنية التابعة لمحمد مصدق، وقت لاقت هذه المجموعة دعماً كبيراً في إيران ومن الغرب.
انقسم رجال الدين وتحالف بعضهم مع الليبراليين العلمانيين وآخرون مع الماركسيين والشيوعيين، الخميني الذي كان منفياً في العراق، عمل على أن تتوحد المعارضة الدينية والعلمانية والليبرالية والأصولية تحت قيادته، وذلك عبر تجنب الخوض في التفاصيل، على الأقل علنا، فتلك قد تفرق بين الفصائل.
عملت مختلف المجموعات المناهضة من الخارج، في الأغلب من لندن وباريس والعراق وتركيا. خطابات قادة هذه الجماعات سجلت على أشرطة تسجيل ليتم تهريبها إلى إيران ليستمع إليها الكثيرون من الأميين من السكان.
كانت الجماعات الإسلامية أول من نجح في حشد المناصرين ضد الشاه. في كانون الثاني 1978 أوردت الصحافة الرسمية قصة تشهير هاجمت فيها الخميني، وخرجت جموع غاضبة من الطلاب والزعماء الدينيين احتجاجا على تلك الإدعاءات في مدينة قم، وأرسل الجيش لتفريق المتظاهرين مما أدى لمقتل بعضهم، يزعم البعض أن عدد القتلى تجاوز 70 طالباً.
فسارت المظاهرات تكريماً للقتلى واحتجاجاً على حكم الشاه، هذه المرة وقعت أعمال عنف في تبريز، وقتل المئات من المتظاهرين، وتكررت الحلقة مرة أخرى في 29 آذار، حيث وقعت جولة جديدة من الإحتجاج في سائر البلاد، وهوجمت الفنادق الفارهة ودور السينما والبنوك والمكاتب الحكوميه ومدارس البنات وغيرها من رموز نظام الشاه، وتدخلت قوات الأمن مرة أخرى، وقتل الكثيرون، وتكرر الأمر نفسه في العاشر من أيار.
حاول الشاه إرضاء المتظاهرين عبر تخفيف نسب التضخم، وتوجه بالمبادرات إلى بعض رجال الدين المعتدلين، وعزل رئيس السافاك، ووعد بإجراء انتخابات حرة في شهر حزيران اللاحق، ولكن العمل على خفض التضخم عن طريق تقليل النفقات تسبب في ارتفاع نسبة البطالة، خصوصاً في صفوف الشباب غير المؤهلين للعمل كما يجب والذين يعيشون في أحياء فقيره في المدن.
في صيف سنة 1978، خرج هؤلاء العمال الذين ينحدرون في الغالب من أصول ريفية تقليدية إلى الشوارع في أعداد حاشدة، في حين أعلن عمال آخرون الإضراب. هكذا ومع حلول تشرين الثاني كان الاقتصاد قد أصيب باللشلل جراء الإضرابات.
الإطاحة بنظام الشاه
استمر العنف ليحصد أكثر من 400 شخص قضوا في حريق سينما ريكس، وهو حريق متعمد وقع في آب في عبدان، ورغم أن دور العرض السينمائي كانت هدفاً مستمراً للمتظاهرين الإسلاميين فقد بلغ انعدام ثقة الجماهير بالنظام، وبلغت فعالية المعارضة في العمل والتواصل حداً جعل الجماهير ترى أن السافاك كان وراء الحادث في محاولة منه لتطويق المعارضة. في اليوم التالي تجمع 10.000 من أقارب القتلى والمتعاطفين لتشييع جماعي حاشد ومظاهرة تنادي (ليحترق الشاه) و(الشاه هو المذنب).
مع حلول أيلول 1978، كانت البلاد مزعزعة على نحو شديد، وتحولت المظاهرات الحاشدة إلى أحداث منتظمة، فرض الشاه الأحكام العرفية، وحظرت كل التظاهرات. وفي يوم الجمعة 8 أيلول 1978، خرجت مظاهرة حاشدة للغاية في طهران، ولكن في ذلك الوقت ظهرت الحكومة بصورة الحكومة الوحشية أبعدت عنها الكثيرين من الإيرانيين والحلفاء في الخارج. أدى إضراب عام في تشرين الأول إلى شل الاقتصاد والصناعات الحيوية التي أغلقت أبوابها و"حسمت مصير الشاه".
بلغت الإحتجاجات ذروتها في كانون الأول 1978، خلال شهر محرم أحد أهم الشهور لدى المسلمين الشيعة. وفي 12 كانون الأول خرج إلى شوارع طهران نحو مليوني شخص ملأوا ساحة أزادي (شاهياد) مطالبين بإزالة الشاه وعودة الخميني.
في 16 كانون الثاني 1979 غادر الشاه والملكة إيران نزولاً عند طلب رئيس الوزراء الدكتور شابور بختيار، الذي كان لفترة طويلة زعيم المعارضة، وظهرت مشاهد الإبتهاج العفوي، ودمرت خلال ساعات "كل رموز سلالة بهلوي"، وأعلن بختيار حل البوليس السرى (سافاك)، وأفرج عن السجناء السياسيين، ووعد بانتخابات حرة وأمر الجيش بالسماح للمظاهرات الشعبية. وبعد عدة أيام من التوقف سمح بعودة الخميني إلى إيران وطلب إليه تأسيس دولة مثل الفاتيكان في قم، ودعا المعارضة للمساعدة على الحفاظ على الدستور.
عودة الخميني لإيران
في 1 شباط 1979، عاد الخميني إلى طهران محاطاً بحماس وتحية عدة ملايين من الإيرانيين، إنه بدون جدال قائد الثورة، وأصبح بالنسبة للبعض شخصاً "شبه مقدس". استقبلته لدى ترجله من الطائرة الجموع الحاشدة بتحية: "السلام عليكم أيها الإمام الخميني". أوضح الخميني في كلمة ألقاها في اليوم نفسه شدة رفضه لنظام رئيس الوزراء بختيار، ووعد "سوف أركل أسنانهم لقلعها"، وعين منافسه مهدي باذرخان مؤقتاً رئيساً للوزراء، وقال: "بما أنني قد عينته، فيجب أن يطاع"، واعتبر أنها "حكومة الله" وحذر من عصيانها، فأي عصيان لها "عصيان لله"، وفيما راحت حركة الخميني تكتسب مزيداً من الزخم، بدأ الجنود بالإنضواء في جانبه، اندلع القتال بين الجنود الموالين والمعارضين للخميني بإعلانه الجهاد على الجنود الذين لم يسلموا أنفسهم، الإنهيار النهائي للحكومة غير الخمينية حصل في في 11 شباط عندما أعلن المجلس العسكري الأعلى نفسه "محايداً في النزاعات السياسية الراهنة، لمنع المزيد من الفوضى وإراقة الدماء".
في السنة الأولى للثورة كان هناك مركزان للسلطة: الحكومة الرسمية والمنظمات الثورية، رئيس الوزراء مهدي باذركان الذي عينه الخميني، عمل على إنشاء حكومة إصلاحية ديمقراطية، في حين عمل بشكل مستقل كل من المجلس الثوري المكون من الخميني وأتباعه من رجال الدين، والحرس الثوري، والمحكمة الثورية، والخلايا الثورية المحلية التي تحولت إلى لجان محلية. وفي حين راح رئيس الحكومة (المؤقتة) باذرخان يطمئن الطبقة الوسطى، بات من الواضح أن سلطة اتخاذ القرارات النهائية هو في الهيئات الثورية وفي المجلس الثوري على وجه الخصوص، وفيما بعد الحزب الثوري الإسلامي. ازداد التوتر بين السلطتين بدون شك، رغم أن كلتيهما وضعت وأقرت من قبل الخميني.
في حزيران، أعلنت حركة الحرية مشروع الدستور، وأشارت إلى إيران باعتبارها جمهورية إسلامية، يتضمن مجلس صيانة يتمتع بحق نقض التشريعات المتعارضة مع الإسلام، لكن دون وصي فقيه حاكم، أرسل الدستور إلى "مجلس الخبراء" المنتخب حديثاُ ليعرض أمام أعضائه الذين حاز حلفاء الخميني على الغالبية بينهم، رغم أن الخميني كان قد أعلن بأن الدستور "صحيح" إلا أنه هو والمجلس أعلنوا رفضهم له، وصرح الخميني بأن الحكومة الجديدة يجب أن تكون قائمة "بنسبة 100٪ على المذهب الشيعي"، ووضع مجلس الخبراء دستورا جديدا أوجد من خلاله منصب القائد الأعلى للخميني، ومنحه السيطرة على الجيش والأجهزه الأمنية، والحق في نقض المرشحين للمناصب، كما أقر الدستور بانتخاب رئيس جديد يتمتع بصلاحية أضيق، لكن المرشحين يجب أن يحوزوا على الموافقة المباشرة من القائد الأعلى (عبر مجلس صيانة الدستور)، وقد أصبح الخميني نفسه رئيساً للدولة مدى الحياة باعتباره "قائد الثورة"، وعندما تمت الموافقة على الدستور في استفتاء أجري في كانون الأول 1979 أصبح "المرشد الروحي الأعلى"، وتقدم رئيس الوزراء في تشرين الثاني إثر شعوره بالضعف وخلافه مع ما آلت إليه باستقالته.
الأنظمة المجاورة والحرب بين إيران والعراق
أزعجت الثورة الإيرانية كل زعماء العراق والكويت والسعودية ودول الخليج عموماً، فقد كان لظهور الراديكالية الشيعية وسيطرتها على حكومة دينية ودعوتها إلى إسقاط الأنظمة الملكية واستبدالها بجمهوريات إسلامية كل ذلك كان أشبه بالكابوس بالنسبة للعرب السنة في الجوار الشيعي، فهناك أقليات شيعية في كل تلك البلاد. وضعت الجمهورية الخمينية نفسها على أنها منارة للثورة تحت شعار "لاشرق ولاغرب" (أي لا نتبع نموذج الاتحاد السوفييتي ولانموذج الغرب الأميركي الأوروبي). زعماء الثورة في إيران قدموا وطلبوا الدعم لقضايا الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية، كمنظمة التحرير الفلسطينية، كوبا، الكفاح ضد العنصرية في جنوب أفريقيا، ودعت إلى الثورة لتغيير الظلم الاجتماعي والملكيات والتأثير الغربي، والفساد في الشرق الأوسط وباقي أنحاء العالم. في هذه الظروف غزا العراق إيران في محاولة للاستحواذ على المناطق ذات الأغلبية العربية والغنية بالنفظ في الأحواز والقضاء على الثورة في مهدها، وهكذا بدأت حرب السنوات الثمان بين العراق وإيران، واحدة من أكثر الحروب دموية وتدميراً في القرن العشرين.
ومع المقاومة الشرسة تمكن المقاتلون الإيرانيون مع حلول عام 1982 من استرجاع جميع الأراضي التي تمكن العراق من احتلالها، ساهم الغزو في توحيد الإيرانيين خلف النظام الجديد، ووضعوا خلافاتهم الكبيرة جانباً في مواجهة التهديد الخارجي.
أدرك صدام خطأه، وعرض على إيران الهدنة، ورفض الخميني، وأعلن أن الشرط الوحيد للسلام "أن النظام في بغداد لا بد أن يسقط ويجب أن تحل محله جمهورية إسلامية". استمرت الحرب لمدة ست سنوات أخرى مع مئات الآلاف من الأرواح والدمار الكبير من الهجمات الجوية، ورغم أن رجال الثورة فشلوا في تصديرها إلى العراق في نهاية الأمر إلا أن الحرب كانت سبيلهم لتوطيد السيطرة على إيران.
نجح تصدير الثورة في مكان واحد، وهو لبنان، حيث أدى السخاء الإيراني في تمويل "حزب الله" إلى إنشاء فريق سياسي وعسكري كبير، ضد الاحتلال الإسرائيلي. ومع ذلك، لا يزال اعتماد "حزب الله" على إيران عسكرياً ومالياً شغلاً شاغلاً خصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، بهدف القضاء على "حزب الله" في تموز 2006.
وتبقى ميزة أساسية أخرى للثورة الإسلامية وهي قدرتها على أن تتعافى من الأزمات والصعوبات. ففي بداية انتصار الثورة، كانت إيران تعتبر دولة ضعيفة بالمقاييس العادية إذا ما قورنت بباقي دول المنطقة الأخرى بسبب المشاكل السياسية والأمنية والاقتصادية التي كانت تواجه حكومة الثورة. ولا شك في أن هذا الضعف هو الذي أغرى النظام العراقي وبتحريض أميركي ودعم إقليمي الى شن هجوم عسكري مباغت كان الحد الأدنى من أهدافه تحجيم الثورة، لكن وبعد أعواماً من عمر الثورة تبدو إيران اليوم أقوى دول المنطقة وأكثرها استقراراً بل إنها استطاعت أن تلحق الهزائم المتلاحقة بالولايات المتحدة الأميركية وهي في عز شعورها بأنها القوة العالمية الأولى في العالم.
إنها الثورة المعجزة في انتصارها وفي بناء مؤسسات الدولة العصرية وفي مواجهتها للأزمات المتلاحقة وكذلك في تحقيق الانتصارات المتلاحقة.
في ذكرى انتصار الثورة..إنجازات إيرانية جديدة في مجال الصناعات العسكرية
واجهت الثورة الإسلامية جملة من التحديات خلال العقود الماضية، حيث حاولت الولايات المتحدة الأميركية وبكل أساليبها البربرية محاصرة هذه الثورة الواعدة، مرة بشن الحروب عليها وأخرى بفرض حصار محكم مانعة عنها كل أسباب القوة والقدرات التكنولوجية، بهدف إضعافها الى أبعد الحدود، كي تتمكّن قوى الاستكبار العالمي من فرض هيمنتها على المنطقة بأسرها.
ولكن وعي وإرادة الشعب الإيراني العظيم كان أكبر من كل جبروت الطغاة، إذ تمكّن أبناء إيران البواسل من تحطيم كافة الحواجز المانعة لتقدمهم وإصرارهم على قبول التحدي بعزيمة لا تلين، وكانت المفاجأة، أن إيران كسرت حصار التكنولوجيا وتمكنت من الاعتماد على الذات سبيلاً لتحقيق الإنجازات وكان النصر حليفها.
الصناعات العسكرية الإيرانية استطاعت أن تلبي احتياجات قواتها المسلحة من أجل الدفاع عن ثرى إيران وحماية الإنجازات التي حققتها الثورة، ومنها منظومة المقاومة في أمتنا.
وقد شهدت الصناعات العسكرية الإيرانية توسعاً هاماً من الناحية النوعية والكمية وساعدها في ذلك إمكانياتها الاقتصادية المتنوعة حيث وضعت مواردها في خدمة تنمية قدراتها كافة وخاصة العسكرية منها، فتمّ إنجاز عسكري جديد أضيف الى سجل الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحافل بالصناعات والإكتشافات المتطورة في مختلف المجالات، حيث أزيح الستار في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالتزامن مع ذكرى إنتصار الثورة الإسلامية عن "الذخائر الذكية" الموسومة بـ "بصير" في مؤسسة الصناعات الدفاعية التابعة لوزراة الدفاع الإيرانية، والتي تم تصنيعها محلياً ولأول مرة على يد الكوادر والمتخصصين الإيرانيين".
وفي هذا السياق، أشار وزير الدفاع وإسناد القوات المسلحة الإيراني العميد أحمد وحيدي إلى أن "هذه الذخائر التي يتم توجيهها بـ "الليزر" "قادرة على إستهداف مراكز القيادة والجسور والأهداف المتحركة كالدبابات ومختلف أنواع القطع الحربية بدقة عالية"، مبيناً أن"المنظومة الليزرية في هذه الذخائر باستطاعتها رصد الأهداف وكشفها وتعيين مسافتها"، لافتاً إلى أنه "يمكن إستخدامها في المناطق الجبلية، وإستهداف عدة أهداف قريبة في آن واحد، إضافة إلى إستهداف الملاجئ المحصنة والخطوط الدفاعية للأعداء".
العميد وحيدي الذي أكد أن" تطوير وتجهيز المعدات العسكرية للقوات المسلحة الإيرانية بأحدث التقنيات الذكية على أياد محلية هو من أهم إستراتيجيات وزارة الدفاع الإيرانية".
وذكّر أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية اليوم تعتبر من الدول الخمس الأولى في العالم التي تمتلك تقنية تصنيع الأسلحة الذكية وذلك دون أي مساعدات خارجية.
إيران تصمم وتصنع طائرة بدون طيار جديدة
وفي السياق نفسه، تمكن الباحثون الايرانيون من تصميم وصنع طائرة بدون طيار بإمكانها التحليق على ارتفاع 10 آلاف قدم، وحمل شحنات بوزن 5 كيلوغرام.
وفي ما يلي جدول بأهم منتجات الصناعات العسكرية الإيرانية:
(جدول بالصناعات العسكرية الإيرانية)
هكذا كان حال الثورة الإسلامية الإيرانية المجيدة.. وهكذا كان التحول في إيران الشقيقة، وكان بزوغ فجر النهضة التي تحققت بفضل هذه الثورة وروادها وصناع انتصاراتها ومنجزاتها..!
لم يكن يخفى علينا كيف كان الكيان السياسي والاجتماعي لهذا البلد الإسلامي العزيز، في عهد الديكتاتور الشاه، مهدداً بالتفكك والضياع ومحاصراً بأسوار العزلة والانغلاق وفقدان الهوية الوطنية الإسلامية..! ولم يكن حينها إزاء وضع خطير كهذا ثمة طريق آخر للشعب الإيراني البطل، غير طريق الثورة المظفرة لإنقاذ الوطن والأمة، ولو حتى بركوب المخاطر.. فلم يكن ثمة سبيل للتردد والتراجع..!
أدرك شعب إيران ببعد نظر وإرادة صلبة، أن مثل تلك الأوضاع السائدة المتسارعة في دراماتيكيتها إن لم يستدركها حينذاك، فربما لم ولن يستدركها أبداً.!
وحينها لم ينزع إيران من سجنها أحد.. ولم ينقذها من ضياعها وضياع هويتها أحد..!
من هنا بدأت الثورة الإسلامية الظافرة، تستنهض الطاقات الكامنة في الشعب الإيراني العظيم وتشحذ الإرادة والهمم للنهوض بالوطن والسير به إلى فلوات النهضة، بحيث امتدت إلى المسلمة قوى الشعب الحية ورص صفوفه، وانخراط الجميع في بناء حاضر إيران ومستقبلها، وتشييد وطائد نهضة شاملة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.
ومثلت بذلك مفتاحاً لمغاليق الوضع الشائك على أسس فكرة العمل المؤسسي المتراكم.. تجمع بين الأصالة وقيم وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وتقاليد الشعوب بمفهومها الديمقراطي المعاصر..!
ومع إشراقة الذكرى الـ 33 للثورة الإسلامية الإيرانية التي تحتفل بها، تقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية شامخة، تفاخر بنهضتها الحديثة القائمة على الدولة العصرية بمنظومتها المؤسسية، وبما تتسم من تجربة بمنهوضية رائدة في المنطقة والعالم استحوذت على إعجاب وتقدير كل أنصار الحرية والتقدم والعدالة والتحديث في المعمورة.
إن سر قوة إيران هو ذلك الارتباط الصميمي والحميمي بين الشعب وثورته.. وبين الشعب وقيادته الملهمة..! ولعل هذه الحقيقة قد امتدت بدلالاتها ومعانيها بحيث تجاوزت حدود الزمان والمكان لتصبح محل شهادة العالم كله.
وتبقى السياسة الخارجية الإيرانية انعكاساً لسياستها الداخلية المؤسسة على العدل والحريات، لذلك فهي تدعم وتساند قضايا شعوبنا العربية والإسلامية العادلة، وتناصر مطالب التحرر والخلاص للشعوب المظلومة..! وفي الطليعية قضية الشعب الفلسطيني التي تحظى من الدعم المادي والمعنوي والسياسي والدبلوماسي بقدر كبير لم تحظ به من أية دولة عربية أو إسلامية، مثلما هو حاصل من قبل جمهورية إيران الإسلامية.
لقد حرصت الثورة الإسلامية الإيرانية على أن تنبني على جملة من القيم والعناصر الكبرى.. ومن ذلك قيم التأصيل في الانتماء للوطن والأمة، مع الانخراط الذكي في الحداثة والمعاصرة، وقيمة المواطنة والمثابرة والعطاء لهذا الوطن، وما تعنيه من حقوق لا في الحرية ولا في الديمقراطية والفعل السياسي فحسب، بل كذلك في كرامة العيش وسعادة المواطن.
كما أن الثورة الإسلامية قد تضمنت في بياناتها تعلقاً شديداً بالديمقراطية والعدل وحقوق الإنسان، ودعم المجتمع الإسلامي المدني وترسيخ أسسه ونشر قيمه وثقافته، ولعل ما ينعم به اليوم المواطن في إيران من حرية وكرامة وأمن واستقرار إنما هو نتيجة الإصلاحات السياسية والإنجازات الاقتصادية والمكاسب الاجتماعية والثقافية..! ونتيجة للإصلاحات الجوهرية تغيرت أوضاع البلاد تغيراً إيجابياً هاماً، وأصبحت السياسة الإيرانية مذكورة وكمثال للنجاح في التمشي والمواقف المتزنة، الملتزمة التي لا تقبل المواربة..!
وفيما يخص الجغرافيا والاقتصاد، تبلغ مساحة إيران أكثر من مليون و648 كلم مربعاً، وسكانها يزيدون عن 70 مليون نسمة. أما ناتجها القومي فقد بلغ 570 مليار دولار عام 2005 ليجعل منها ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة. أما الدخل السنوي لكل مواطن فيبلغ 8400 دولار. وإيران هي المنتج الرابع للنفط في العالم، وتمتلك ـ بعد روسيا ـ ثاني أكبر احتياطي عالمي من الغاز الطبيعي، وهي تحتل المرتبة السادسة عالمياً في مجال تصديره، والسر في كل ذلك: نظام تربوي جيد الأداء، حيث أكد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد: "أن نسبة الذين يعرفون القراءة والكتابة كانت أقل من 50 بالمئة (قبل الثورة الإسلامية). وقد ارتفعت هذه النسبة بفضل الثورة إلى أكثر من 86 بالمئة. فقد كان عدد التلامذة 176 ألفاً عام 1979، لكنه بلغ مليونين ومئة وخمسة وستين ألفاً عام 2004، ليرتفع إلى ثلاثة ملايين وخمسمئة واثنين وسبعين ألفاً عام 2008. في العام 1979، لم يطبع في الصحف المهنية غير 398 مقالاً، لكن عدد المقالات ارتفع إلى ما يزيد عن 3855 في العام 2004، ثم إلى أكثر من 20 ألفاً في العام 2008.
وفي أيامنا هذه، تعتبر إيران قوة تكنولوجية ذات أداء يفوق كثيراً ما عليه الحال في بقية البلدان الإسلامية.
وعلى الرغم من حالات الجفاف الاستثنائي، وإجراءات المقاطعة والعقوبات وغير ذلك من الضربات، وجد الخبراء أنفسهم مجبرين على الاعتراف بأن إيران تحقق، وفق آخر الكشوفات، معدل نمو سنوي بمقدار 3،2 بالمئة (تنتهي السنة المالية الإيرانية وتبدأ في 20 آذار). كما وجدوا أن إيران تمتلك ما قيمته مئة مليار دولار من العملات الصعبة، قدرت للمزيد من الدقة بـ 107،9 مليارات دولار للعام 2011/2012.
لا بد من الإقرار بأن إيران تشهد نمواً متواصلاً. ليس فقط بفضل السعر العالمي للنفط والغاز، بل أيضاً بفعل النمو القوي للقطاع الزراعي الذي يضاف إليه الأثر المحفز للتوسع السريع في مجال الإقراض الذي تستفيد منه بوجه خاص المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في القطاع الصناعي بتنويعاته الكثيرة من حيث إن الهدف هو الارتقاء بإنتاجية هذه المؤسسات وقدراتها التنافسية وتسهيل إطلاق مبادرات جديدة. ولجهة الإسكان، وبالتوازي مع برامج تنمية المساكن الاجتماعية، قلصت الحكومة الإيرانية الإقراض الرهني في المجال العقاري. هذا ما يظهره مؤشر استقرار الأسعار في طهران الذي هبط من 110 في شباط 2008، إلى 75 في حزيران 2009 ليستقر منذ ذلك التاريخ عند هذا المستوى. إن إيران هي واحد من البلدان النادرة التي تم فيها قهر المضاربات العقارية، وذلك بالتوازي مع السيطرة على مخاطر التضخم ورفع مستوى العائدات الضريبية. وهذا يدل على قدرة عالية على حفظ التوازنات الاقتصادية الكبرى. لذا، يتوجع "الخبراء" وهم يعترفون بأن المالية الإيرانية في حالة صحية جيدة جداً. لا ديون على إيران لصندوق النقد الدولي، ولا اتفاقيات خاصة. وأكثر من ذلك: التوقعات المستقبلية جيدة بمستوى نمو يقدر، على سبيل الحذر، بـ 4،5 بالمئة (الرقم المستهدف هو 8 بالمئة)، مع منسوب تضخم هبط إلى النصف ليستقر عند 12 بالمئة، وهو المستوى الذي نجده في البلدان الأوروبية منذ العام 2011/2012. وعلى الرغم من الارتفاع المتوقع بنسبة مئة بالمئة لاستيراد السلع والخدمات، فإن الاحتياطي المالي في إيران يقدر بـ 305،3 مليارات دولار في العام 2016/2017، أي بمستوى 300 بالمئة عما هو عليه الآن.
وفيما يتجاوز هذه النجاحات، فإن ما ينبغي استخلاصه من تقرير صندوق النقد الدولي هو توصله، لا من غير دهشة "الخبراء" أنفسهم، إلى ملاحظة مظاهر التجديد الجارية بعمق على مستوى النظام الاقتصادي في إيران. ففي كانون الأول 2010 تم رفع الدعم عن أسعار الطاقة والمنتجات الزراعية، ما أدى خصوصاً إلى ارتفاع كبير في أسعار المشتقات النفطية والكهرباء والقمح. وخلال فترة انتقالية، أعيد توزيع المبالغ التي تم توفيرها جراء ذلك على العائلات على شكل إعانة مالية يمكن استخدامها بحرية في المؤسسات بهدف تنشيط بنيتها وتحديثها في مجال توفير الطاقة. كما يمكن استخدامها في الإدارات العامة بهدف تمويل عمليات تحديثها. وقد انبهر خبراء صندوق النقد الدولي وهم يتحدثون عن النجاح الكامل في إجراء هذه العملية الإصلاحية لدرجة أنهم اعترفوا بفوائدها المباشرة التي تمثلت بتحسين إعادة توزيع المداخيل، وبالحد من الفقر، وبتحفيز الطلب الداخلي. وبذلك فإن العملة الإيرانية لم تتعرض لخفض أسعارها ولا لزيادتها، بل ظلت متناسبة التوازنات الاقتصادية الكبرى، وفي هذا تأكيد على حسن إدارة المالية العامة. أما الملف الواعد أكثر من غيره لمستقبل البلاد فهو المتعلق بضبط إدارة الثروات في مجالي النفط والغاز. فضبط إدارة هذه الثروات عبر الاستقلالية في استثمارها وإعادة توظيف عائداتها يعتبر رافعة أساسية للنمو وضمانة لمستقبل الأجيال.
بعد كل ما تقدم، إن أهم ما يجب علينا إدراكه من خلال التجربة الإيرانية هو أن النهضة العلمية والتكنولوجية لا ترتبط أساسًا بوصف الدولة، أو لغتها، أو جنسيتها، وإنما تعتمد في المقام الأول على توفر الإرادة السياسية الصادقة للنهوض والتقدم لدى قادتها، واعتمادها المنهج العلمي المنظم في السلوك والتفكير، ومدى حرص نخبها السياسية والثقافية على بث روح الجد والمثابرة والإتقان في نفوس أبناء المجتمع، بدلًا من شغلهم بقضايا هامشية تافهة لا تؤدي إلا إلى مزيد من الفرقة والتشتت والانقسام.
واليوم بكامل الاعتزاز ووافر الثقة والتطلع إلى المستقبل، يحتفل الشعب الإيراني الشقيق بالذكرى الـ 33 لثورته المجيدة، المباركة التي أوصلت إيران إلى مصاف الدول المتقدمة ذات المكانة المحورية في المحيطين الإقليمي والدولي، والتي يحسب لها ألف حساب.. !
هنيئاً لإخواننا في إيران الحبيبة احتفالاتهم وانتصاراتهم الظافرة.
إعداد: ليديا أبودرغم
كادر:
السفارة الإيرانية تحتفل بالذكرى الـ 33 للثورة
آبادي: نحذّر من المخططات الأميركية ـ الصهيونية
الرامية إلى حرف ثورات الشعوب عن مسارها الحقيقي
أقام السفير الإيراني في لبنان الدكتور غضنفر ركن آبادي حفل استقبال لمناسبة الذكرى الـ 33 لانتصار الثورة الإسلامية في ايران، وذلك في قاعة القصر الملكي في "البيال"، حضره رئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير وئام وهاب، بحضور وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور ممثلاً رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة، ونواب ووزراء حاليين وسابقين وممثلي أحزاب وفصائل فلسطينية وشخصيات سياسية واجتماعية ونقابية وفكرية وإعلامية ورجال دين مسيحيين ومسلمين.
وألقى السفير آبادي كلمة استهلها بتقديم التهنئة والتبريك بذكرى المولد النبوي، وأسبوع الوحدة الإسلامية والمتزامنة مع الربيع الثالث والثلاثين لانتصار الثورة الإسلامية في إيران على يد القائد الخميني، الذي أسقط نظام الطاغوت الشاهنشاهي، وأقام نظام الجمهورية الإيرانية التي قدّمت النموذج والمثال لإرادة الشعوب في تحقيق أهدافها انتصاراً للحق على الباطل والمظلوم على الظالم ونيل استقلالها وحريتها، مختزنة أبعاداً ومعاني فكرية وإنسانية وثقافية مثلت نوراً ساطعاً بأضوائه المشعة المفعمة بالحلم والأمل للعالم أجمع".
أضاف: "في الذكرى الثالثة والثلاثين لعيد الحرية، انتصار ثورة الشعب الإيراني المباركة، تستمر الجمهورية الاسلامية الإيرانية عزيزة مقتدرة بفضل التفاف الشعب حول قيادته الحكيمة المتمثلة بقائد الثورة الاسلامية علي خامنئي وحكومة الرئيس الدكتور محمود أحمدي نجاد، التي استطاعت أن تتخطى الكثير من التحدّيات وتحقق إنجازات باهرة على المستوى الداخلي حيث تمّ تعميق مستويات المشاركة الشعبية وتنمية مؤسسات المجتمع المدني ووضع البلاد على طريق الاكتفاء الذاتي في مختلف الصعد، اقتصادياً وعلمياً وعسكرياً وغيرها، رغم التهويل، والحصار الدولي الذي عمل ويعمل على جعل بلدان المنطقة اسواقاً استهلاكية، ولتكون شعوباً تابعة لا حول لها ولا قوة.
وأكد السفير آبادي "دعم إيران للصحوة الاسلامية التي تعمّ الشعوب العربية وحقها في الحرية والسيادة والاستقلال عن التبعية والارتهان للاستكبار العالمي وتحقيق آمالها الوطنية في التقدّم والازدهار والتطور، إلا أننا نحذر من المخططات الأميركية والصهيونية الرامية إلى حرف ثورات الشعوب عن مسارها الحقيقي، والتنبّه والحذر من الفتن والمؤامرات التي تحاك لإدخالنا في أتون الحروب الطائفية والمذهبية لتبقى فلسطين قضية الأمة الكبرى، أسيرة التهديد والاحتلال، ملتزمين نهج القائد الخميني في دعم إيران شعباً وحكومة ومسؤولين لكلّ أشكال الجهاد في سبيل تحرير القدس وفلسطين، ناظرين بفخر واعتزاز للمقاومين الشرفاء في فلسطين ولبنان الذين أصبحوا مدعاة لفخر الأمة وجلبوا الذلّ والخذلان للسلطويّين بالاعتماد على سلاح الإيمان والمقاومة والوحدة".
ركن آبادي: ايران تدعم سوريا لأن أكثرية الشعب تؤيد النظام السوري
إعتبر السفير الايراني في لبنان غضنفر ركن أبادي أن"إيران تدعم سوريا اليوم أكثر من أي يوم مضى لأن أكثرية الشعب مازالت تؤيد النظام ومعه، وهذا ما ثبت بالمسح والمعلومات الصحيحة التي تحاول أن تشوهها بعض وسائل الإعلام الغربية والعربية".
ونفى أن تكون الجمهورية الإسلامية الإيرانية "قدمت دعماً بالسلاح او بالرجال الى النظام السوري".
أبادي وفي لقاء مع إعلاميين من مختلف وسائل الإعلام في لبنان ضم ممثلين لنحو 50 وسيلة اعلامية، لمناسبة الذكرى الـ 33 لانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية والمولد النبوي، في دار السفارة الإيرانية - بئر حسن قال إن" الثورات والحراك الجماهيري في المنطقة مستمدة من الثورة الاسلامية في إيران لأننا مبدئياً مع حق الشعوب في تقرير مصيرها ومصير النظام الذي تختاره".
ونفي نفياً قاطعاً أن "تكون الجمهورية الإسلامية قد تدخلت في شأن أي دولة يجري فيها الحراك في المنطقة"، وميز "بين حراك دولة وأخرى وأن ما يجري في دولة لا ينطبق على ما يجري في الدولة الثانية".
وجدد التأكيد على أن "الجمهورية الإسلامية تؤيد حق الشعوب"، مذكراً بأن "الثورة في بداياتها كانت أول من استقبل وفد الجماعة الإسلامية المصرية"، وقال "لسنا على خلاف مع الإخوان المسلمين من منطلق الوحدة الإسلامية التي نعمل لها وننادي بها".
ورحب أبادي بالحضور مؤكداً "أهمية الإعلام في لبنان ودوره في تعزيز اواصر العلاقات بين البلدين وتبيان الحقائق أمام الرأي العام في المنطقة بعيدا عن التحريف والتزوير لا سيما في ظل الأحداث الكبيرة التي تحصل"، معتبراً أن "ذلك مسؤولية دينية وأخلاقية وإنسانية".
وأشار الى أن "انتصار الثورة الإسلامية في إيران دائماً مثل الحضن الدافئ لكل المستضعفين والأحرار والمطالبين بالحق والعدالة والسلام في العالم، وفي الوقت نفسه، كانت الثورة بمثابة الصخرة التي تحطمت عليها مؤامرات الأعداء ومحاولاتهم زرع الفتن بين شعوب المنطقة"، وأكد أن "العلم الإيراني سيبقى مرفرفاً أينما وجد الى جانب العلم الفلسطيني دعماً وتأييداً".