نظام عالمي جديد ترسمه الأزمة في سوريا
الوضع الإقليمي يتجه بتسارع كبير نحو أزمة دولية، اللاعبون كثر، ومركز الصراع وعنوانه سوريا، من جهة هناك الولايات المتحدة وتوابعها المحليين والإقليميين والدوليين، وهي تتصرف إزاء الازمة السورية الراهنة بطريقة تترك انطباعاً واضخاً بأنها تتمسك بدورها في الهيمنة العالمية استراتيجياً وسياسيا،ً من أجل ضمان هيمنتها الاقتصادية في المنطقة، وفي سبيل هذه الغاية، تستمر في دعم ما سمي بـ "المعارضة" بالمال والمعلومات الاستخبارية وبتأمين وكلاء مأجورين يقدمون السلاح من أجل التخريب وإضعاف الدولة السورية وزعزعة الاستقرار فيها.
وتتصرف الولايات المتحدة بطريقة فجة تتجاوز بمسافات مواقفها السابقة في أكثر من مكان، وهي تعتبر أن مصير هيمنتها العالمية يتوقف على تدخلها في شؤون سوريا، يبدأ بهدف إضعاف سوريا ولا ينتهي بالهيمنة على المنطقة وتأمين الأمن للكيان الصهيوني "إسرائيل" وكسر شوكة منظومة المقاومة في المنطقة، ونواتها المركزية سوريا وعمقها وسندها القوي إيران والمقاومة اللبنانية وعلى رأسها "حزب الله".
سوريا ودورها التاريخي الريادي
وقفت سوريا في مواجهة النفوذ الأميركي في المنطقة والتوسع الإسرائيلي، واستطاعت أن تقدم نموذجاً يقتدى به في اعتمادها خيار المقاومة والممانعة في المنطقة عموماً، من خلال مواقفها المبدئية والثابتة في دعم القضايا العربية العادلة وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية، وهي القضية المركزية للأمة العربية، وهي التي وقفت الى جانب لبنان ومنعت تقسيمه وحافظت على مكوناته ودعمت مقاومته، وأصبحت منظومة المقاومة من أكبر التحديات التي تواجه القوى الغربية – المتصهينة في المنطقة.
أميركا تضع نفسها في موقف صعب من خلال تدخلها السافر في الشأن السوري وصب الزيت على نار الأزمة التي أشعلتها مع أدواتها من خلال تقديم الدعم السياسي واللوجستي والأمني والمعلوماتي لقوى التخريب والدمار، وكل همها هو تدمير هذا النموذج المقاوم في سوريا وعدم تعميمه في مكان آخر من العالم مما يعرض هيبة الولايات المتحدة ونفوذها وسطوتها العالمية الى الخطر، وهي تعتبر أنها أصبحت في موقف (إما ... أو) وهذا معناه لا ثالت بينهما أو بعدهما، وهذا تقدير خطير، دفع بالكاتب الأميركي جاكسون ديل في صحيفة "واشنطن بوست" وهو من مؤيدي سياسات إدارة الرئيس باراك أوباما، إزاء هذه المشكلة الى حد وصف موقف أوباما بأنه في حالة "تخبط" بشأن الأزمة السورية، وهذا التخبط يعزو الى عامل مهم متمثل في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تتطلب تهدئة اندفاع تيار الحرب في "الشرق الأوسط" وهو سبب آخر كامن في الأوضاع الإقليمية، هو أن أوباما يعرف أنه يواجه التحدي الإيراني أيضاً في المنطقة وليس التحدي السوري وحده، "الحسابات بشأن سوريا وإيران أكثر تعقيداً مما تبدو للوهلة الأولى، إذ لا يقتصر الأمر على التحالف القائم بينهما، بل هو نتيجة لواقع كون أميركا وحلفاؤها لديهم أهداف مستقلة وملحة، هم يهدفون للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، وفي إيران يهدفون الى منع الأسلحة النووية".
الموقف الروسي الداعم لسوريا
قبل يومين من لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي باراك أوباما على هامش اجتماع القمة للدول العشرين في المنتجع المكسيكي لوس كابوس، جاء تصريحات مصدرها موسكو وتحدثت عنها مصادر أميركية، بشأن الدعم الروسي لسوريا عسكرياً، وهذا ما أكده (اندرو كرامر في 16/6/2012 في نشرة بيونير بريس) أورد على لسان أكبر مصدري السلاح في روسيا أناتولي أيساكين، أن شركته "تشحن أنظمة صواريخ متقدمة دفاعية الى سوريا من شأنها أن تسقط الطائرات أو تغرق السفن إذا حاولت الولايات المتحدة أو غيرها من الدول الغربية أن تتدخل في موجة العنف الذي يجتاح البلد، ليس هذا تهديدا، إنما يتعين على أي كان، إذا كان يخطط لشن هجوم أن يفكر بالأمر".
ومن هنا يبدو أن الموقف الإقليمي يتحول بسرعة الى مواجهة دولية، وما يعتبر الأزمة السورية تتحول الى مواجهة بين القوتين العسكريتين الأعظم في العالم، والسؤال، هل الولايات المتحدة مستعدة لدفع الثمن في هذه المواجهة المفترضة ومواجهة التحالف السوري - الإيراني المدعوم من قبل روسيا التي تنظر الى الأزمة السورية من منظور ضيق، إن ما يهم سوريا وإيران يهم روسيا، والتحول الخطير في الأزمة أنها باتت تتجاوز نطاقها الدبلوماسي الى المجال العسكري؟
والسؤال أيضاً، هل تشكل التطورات في الموقف الروسي إزاء الأزمة السورية، وبالتالي إزاء المنطقة مفاجأة استراتيجية أو سياسية من المعيار الثقيل للولايات المتحدة؟
من المؤكد أن لروسيا مصالح في الشرق الأوسط مختلفة عن المصالح الأميركية اختلافاً تاماً، وقد تميل الولايات المتحدة الى تفسير المواقف الروسية بمعايير أميركية تقول: إن روسيا تبدي اهتماماً بأن يكون لها منفذ على البحر الأبيض المتوسط، ومن خلال اهتمامها بالشأن السوري تبقي على هذه الإطلالة الخارجية، ولكن الحقيقة تشير الى أن مصالح روسيا في المنطقة لا تقل في اتساعها عن المصالح الأميركية الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية.
حالة إرتباك وتخبط أميركية
إن اهتمام الولايات المتحدة بالسير على الطريق الاستراتيجي الإسرائيلي في الشرق الأوسط قابل لأن يربك الولايات المتحدة في المنطقة بأكثر ما هو معروف سلفاً، ومن هنا يبدو التردد الأميركي واضحاً في تلبية رغبة "اسرائيل" في مهاجمة المنشآت النووية الايرانية، حيث هناك خشية اميركية فائقة من النتائج المباشرة من رد إيران على مثل هذا الهجوم وما يمكن أن يلحقه من أضرار بالوجود العسكري الأميركي في المنطقة.
لقد قدمت الولايات المتحدة دعماً قوياً لـ "اسرائيل" في كافة المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية ودبلوماسياً، وهي مازالت تقدم خدماتها بطرق جديدة مبتكرة بعد الأحداث والأزمات و"الثورات" في عالمنا العربي، وفي مصر وبعد ثورة يناير 2011، حرصت الولايات المتحدة على إبقاء التباعد بين أكبر قوتين إقليميتين في المنطقة، وهما إيران ومصر، والنفوذ الأميركي يتركز على مصر حيث لا نفوذ لها على إيران، وتضع الولايات المتحدة موضع التنفيذ سياسة التفريق بين مصر وإيران من خلال ضغوط غير علنية، ولكن يمكن استنتاجها من خلال استمرار الاتصالات مع المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة في مصر، والولايات المتحدة مهتمة بشكل شديد بما ستكون عليه سياسية مصر الخارجية، ومن بينها إبعادها عن إيران، وتأمين أمن الكيان الصهيوني "إسرائيل" والإبقاء على معاهدات كامب ديفيد المشؤومة التي أخرجت مصر من ساحة الصراع وأعطت الفرصة لـ "إسرائيل"، للانفراد في المنطقة من خلال عدوانها على لبنان وفرض وقائع جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي محصلة العوامل التي تتفاعل مع الأزمة السورية ومع الوضع الإقليمي الإيراني، ينظر الى محددين يؤثران بالنتائج المتوقعة، هما مدى التباعد بين المصالح الروسية والاميركية ومدى التقارب الممكن بين القوتين الإقليميتين في المنطقة مصر وإيران.
وحدها سوريا هي مركز الصراع في المنطقة والعالم، والمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش قال: سوريا لاعب هام في المعادلات الدولية ومن الواضح تماماً أن الوضع السوري مرتبط بأسس النظام العالمي المستقبلي، وكيفية تسوية الوضع في سوريا ستحدد الى حد كبير كيف سيكون هيكل نظام الأمن الدولي الجديد والوضع في العالم عموما".
لذلك تحاول دول الغرب الاستعماري وعلى رأسها أميركا، السعي لاستمرار وإطالة الأزمة السورية الى أقصى حد ممكن من الوقت اعتقاداً منهم بأن مثل هذا السعي سيحقق بعض الأهداف الآنية والاستراتيجية، وهذا يسمح لتلك الدول التخفيف من حدة الأزمة المالية والاقتصادية التي تتعرض لها بلدانهم وتسليط الضوء على مكان آخر من العالم، ويؤمن فرصة مثالية لهم لاستنزاف واستجرار الدعم المالي من دول "عربية" مثل قطر والسعودية اللتان قدمتا الدعم المالي واللوجستي والسلاح لقوى التخريب لتفعل فعلها على الأرض السورية مستهدفة الانسان العربي في وعيه وإرادته ومستقبله، هذه الأطراف التي تقف خلف ما يجري في سوريا من قتل ودمار باتت تشعر بالخطر الداهم والقادم حتماً وهي تحاول الحفاظ على مصالحها الآنية الضيقة وكراسيها المزيفة على حساب الأمن القومي العربي وثروات الأمة وهي بذلك تخدم الكيان الصهيوني لأنها تقدم بدوره ونيابة عنه. فالأهداف ذاتها والوسائل المتبعة تؤكد بأن هذه الأطراف أصبحت تلعب لعبة مكشوفة ومفضوحة تماماً بعد أن تنصلت من كل ما يمت بصلة الى مبادئ الاخلاق والقيم العربية الأصيلة، وليس صدفة ما جرى تخطيطه من استهداف لسوريا في دوائر البنتاغون، تبداً في سوريا ولا تنتهي في لبنان وفلسطين وإيران وروسيا.
وجاء حادث إسقاط الطائرة العسكرية التركية بواسطة وسائل الدفاع الجوي السوري يوم 22 حزيران قبالة شواطئ الساحل السوري ليشكل فاصلة جديدة في الصراع الذي يشتد في المنطقة، حيث وقفت تركيا موقفاً سلبياً من الأزمة السورية وعرضت خدماتها التخريبية مستغلة حدودها الجغرافية الطويلة مع سوريا لتهريب السلاح وتأمين المأوى لقوى التخريب والمتاجرة بالدم السوري.
إن سوريا اليوم أمام محطة تاريخية هامة وهي تمضي في عملية إصلاح شاملة وكان آخرها تشكيل حكومة جديدة برئاسة رياض حجاب أوكل إليها للقيام بإجراءات استثنائية لمواجهة الهجمة التي تستهدف البلاد ومواصلة عملية الحوار الداخلي على قاعدة المشاركة الوطنية لبعض قوى المعارضة الحريصة على خروج سوريا من الأزمة ومنع التدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية.
وأكدت سوريا حرصها الشديد على استمرار مهمة المبعوث الدولي كوفي أنان في محاولته المساهمة في إعادة الهدوء والاستقرار ووقف عمليات العنف التي يقوم بها المسلحون ومحاولة تأمين فرص مناسبة للحوار، إلا أن الأطراف الخارجية التي ساهمت في إشعال الأزمة السورية ومازالت مصرة على تقديم الدعم بالمال والسلاح لكل الأيدي العابثة بالاستقرار وهي التي مازالت تستقوي بالأجنبي في محاولتها فرض أجندات مشبوهة على المنطقة بغير ما تشتهي إرادة الشعب العربي وقواه الحريصة على مستقبل الأمة.
محمود صالح
كادر:
إستنكار لمجزرة الحولة
استنكرت أمانة الإعلام في حزب "التوحيد العربي" المجزرة الدموية التي ارتكبت في بلدة الحولة في محافظة حمص السورية، والتي راح ضحيتها أكثر من مائة شهيد غالبيتهم من الأطفال.
ورأت الأمانة أنه في الوقت الذي انتظرنا فيه أن تسفر جهود ومبادرات المبعوث الدولي والعربي كوفي أنان عن وقف فوري لإطلاق النار في سوريا، فإن واقع الأمر يشير الى تدفق السلاح على الجماعات الإرهابية، الأمر الذي أفقدنا الثقة في مهمة ومبادرة أنان.
ورأت الأمانة أن هذه الجريمة النكراء بحق المدنيين العزّل تأتي في سياق استمرار الجماعت الإرهابية في خيارها التدميري بعيداً عن المطالب السلمية للشعب السوري بالإصلاح والتغيير، وطالبت بوضع حد لحملة الجنون والعنف والخطف والقتل التي تمارسها جهات معروفة باتت تعرّض أمن وسلامة المواطن لأشد الأخطار.
وأعلنت الأمانة تضامنها مع أهلنا في الحولة وفي كافة المدن السورية التي تتعرض الى أعمال انتقامية، داعية السلطات الرسمية الى إجراء تحقيق محايد في ملابسات جرائم الجماعات المسلحة ضد قتل الأطفال والأبرياء وتقديمهم للمحاكم لينالوا جزاءهم العادل، ومحاكمة المتسببين في هذه الجرائم.
وهاب عمل مع أهالي السويداء ودرعا على إطلاق المخطوفين من الجهتين
عمل رئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير وئام وهاب، من خلال إجرائه سلسلة اتصالات بمشايخ عقل الطائفة الدرزية في سوريا وبعض الفاعليات في جبل العرب لتهدئة الموقف ونبذ الفتنة، بين الأهل والأخوة في درعا ووقف عمليات الخطف والتصفية التي وقعت في المرحلة الماضية على أيدي بعض المندسين حتى لا تتحول الى فتنة.
وأشار وهاب الى نجاح المساعي من "إطلاق المخطوفين من الجهتين من أهالي درعا والسويداء، حتى لا تتحول الى فتنة حاولنا تحاشيها طوال الفترة الماضية".
... وتفجير "الأخبار السورية"
إستنكرت أمانة الأعلام في حزب "التوحيد العربي" الإعتداء الهمجي الذي تعرّض له مبنى قناة "الإخبارية السورية" والمجزرة الإرهابية التي ارتكبت بحق الإعلاميين العاملين في القناة وتدمير مكاتبها.
واعتبرت الأمانة أن الجريمة التي ارتكبت بحق قناة "الإخبارية السورية" استهدفت الواجب المهني والمسؤولية الوطنية التي تدعو الى نبذ لغة التشويه والتحريض، والإقلاع عن كل ما يثير الفتن والأحقاد والضغائن على المستوى الوطني، حماية للشعب السوري ووحدته الوطنية.
وأكدت الأمانة تضامنها مع الأخوات والأخوة العاملين في مكتب "الإخبارية السورية" مؤكدة على حرية الإعلام وحرية الرأي والتعبير، وأدانت بشدة أية محاولة لإسكات الحقيقة وإرهاب الإعلاميين السوريين الذين يقدمون للعالم صورة معاناة الشعب السوري جراء أعمال العاجزين والقوى الظلامية والعملاء الذين يعملون على زعزعة الأمن والاستقرار في سوريا.