معركة الفوز بالرئاسة الأميركية
أوباما ورومني يتسابقان لكسب ود "إسرائيل"
مرت منطقتنا العربية بالعديد من التجارب والحروب التي تكشف بصورة واضحة التقلب في أحوال القوى العظمى والكبرى ومدى قدرتها على التحكم بمصائر الشعوب والأمم، والجدل حول هذه المسألة لم يعد يجري في الغرف المغلقة وبخاصة بعد صدور كتاب بول كنيدي الشهير، "صعود وهبوط القوى الكبرى" على شتى المستويات، وصدر كتاب للمؤرخ الأميركي روبرت كاغان بعنوان " العالم الذي صنعته الولايات المتحدة" واكتسب أهمية خاصة بعد أن امتدحه الرئيس الأميركي أوباما، ويتجه الكتاب الى تأكيد مشروعية الزعامة الآحادية للولايات المتحدة من خلال العائدات الضخمة التي توافرت للمجتمع الدولي وعجز القوى الدولية والكبرى عن تحقيق أي من هذه العائدات والفوائد، ولكنه يتجنب الخوض في مرتكزات القوة التي سوف تسمح للولايات المتحدة بالاستمرار في مركز القطب الأعظم والأوحد في السياسة العالمية، وكاغان هذا، ينتمي الى فريق المحافظين الجدد الأميركيين الذي يؤيدون "إسرائيل" باندفاع شديد، ولكن بعض المحللين يتحدثون عن نهاية الزمن الأميركي في المنطقة بعد عملية تهميش وإقصاء الإقليميين وخاصة المفكرين والكتاب الأميركيين الذين سعوا الى تبصير أصحاب القرار في واشنطن باتجاهات الرأي العام في البلاد العربية، وبالمقابل فإن النواة الصلبة من المحافظين الجدد تكونت من مدرسة "إسرائيل" أولاً، والسؤال، ما هي الفوائد التي تجنيها الولايات المتحدة من "إسرائيل" التي تسعى الى ثنيها عن التحرك وعن المغامرة وتتسبب في إحراج الولايات المتحدة وجرها الى المجابهة غير المحسوبة، هذا الأمر يحول "إسرائيل" الى عبء استراتيجي أكثر مما هو رصيد استراتيجي كما يصور المحافظين الجدد، وإذا كان جورج بوش، وباراك أوباما عطلا دور الإقليميين في السياسة الخارجية الأميركية وعززا دور دعاة تجديد الحرب الباردة ومدرسة "إسرائيل" أولاً، ولكن هناك فرق مهم بين الاثنين، فجورج بوش هو أساساً من أنصار هذه الاتجاهات ومن الآحاديين الأميركيين، أما باراك اوباما فهو أقرب الى المدرسة الواقعية التي تحسب حساباً لتطلعات الدول الأخرى وتسعى الى مراعاتها.
إن السياسة الأميركية تجاه العرب في كثير من الأحيان مثل المرآة للواقع العربي، إن الحكومات الطبيعية في العالم تكافئ أصدقاءها وتعاقب أو تحجب على الأقل المكافآت عن أعدائها وخصومها، ولكن الحكومات العربية في أغلبيتها هي استثنائية فهي تعاقب الأصدقاء وحتى الأشقاء وتكافئ الأعداء، والى أن تتحول هذه "الحكومات" من طابعها الاستثنائي الى وضع طبيعي فمن الأرجح أن يساير الرئيس الأميركي خصوم القضايا العربية وأعداءها حتى لو أدى ذلك الى تدهور مكانة الولايات المتحدة في منطقتنا العربية.
المرشحان للرئاسة الأميركية يتباريان في دعم "إسرائيل"
وهنا وفي هذه المرحلة بالذات ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في (تشرين الثاني 2012 نرى كلا المتنافسين في الانتخابات الرئاسية الأميركية، الرئيس الحالي مرشح الحزب الديموقراطي باراك أوباما وميت رومني مرشح الحزب الجمهوري، كلاهما يخطب ود الإسرائيليين ويتباريان في تقديم الوعود بالدعم في كل شيء، ثم يتفقان على القضايا العربية سلباً، كلاهما يريد الفوز، وللأسف ورغم أن الدول العربية الخليجية النفطية تمسك بمستقبل الاقتصاد العالمي، فهي لا تعمل لصالح القضايا تلك وإنما تقدم الدعم المادي وبسخاء من أجل تمزيق وحدة الموقف العربي المتمسك بقضايا الأمة وهي تعمل لمصلحة الخواجات الصهاينة دون استحياء.
أوباما ورومني يؤيدان "إسرائيل" لا فرق حقيقي بينهما، الاثنان يدعمان حكومة بنيامين نتنياهو وهي عنصرية مجرمة، وكلاهما ضد إيران، ومواقفهما متماثلة من مسألة الاستيطان والمستوطنات والدفاع عنها، وهما متفقان على غياب ما يسمى العملية السلمية أو تغييبها إرضاء لـ "إسرائيل" وعدم تقديم أي تنازلات حتى ولو كانت شكلية ترضي بعض "العرب" الذين راهنوا على الأميركي خلال عقود طويلة.
وإذا كان رومني قد أعلن أنه يريد نقل السفارة الأميركية الى القدس، فهذا كل ما فعله كل مرشح للرئاسة قبله ثم لم ينفذ وعده بعد دخول البيت الأبيض، والرئيس باراك أوباما قال في مؤتمر لوبي "إسرائيل" "إيباك" إنه يعتبر القدس العاصمة الأبدية لـ "إسرائيل".
وفي مجال الاقتصاد والأزمة المالية المستمرة في الولايات المتحدة، فإن هناك وضوح في المواقف إزاء "إسرائيل" ومصالحها التي يقدمها معظم السياسيين الأميركيين على المصالح الأميركية نفسها.
ورأى غالبية مراقبي سير الانتخابات الأميركية، أن الاقتصاد قبل أي عامل آخر داخلي أو خارجي، سيحسم معركة انتخابات الرئاسة في تشرين الثاني القادم، ما يعني أن باراك أوباما سيفوز بولاية ثانية إذا استمر الاقتصاد الأميركي في التعافي وسيخسر إذا انتكس، وكل المؤشرات الاقتصادية تشير الى تحسن، بعضه طفيف، في قطاعات أساسية: فأسعار العقار ارتفعت والصادرات الأميركية زادت، وعدد الذين يقبضون تأمينات البطالة هبط، كما أوجد الإقتصاد الأميركي 163 ألف وظيفة جديدة.
والسؤال أيضاً، هل من "مفاجأة" ما قبل الانتخابات ربما تؤثر في اختيار أحد المرشحين؟ بعض المراقبين، ألمح الى أن أحد الأطراف في الحكومة أو خارجها قد يعمل لخلق وضع جديد يقلب الانتخابات رأساً على عقب.
وفي هذا المجال نلحظ سيطرة "إسرائيل" وأنصارها في الولايات المتحدة على السياسة الخارجية الأميركية، والمفاجأة الوحيدة التي يدور حولها جدل من كافة الأطراف، هي ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، وهل تتدخل إدارة أوباما الى جانب "إسرائيل" لتسكت عصابة الحرب، أو تبقى خارج المعركة فتعطي خصوم أوباما فرصة لتوزيع دعاية حول أوباما وأنه "مسلم سري" لم يولد في الولايات المتحدة وأنه متواطئ مع "العرب" الذين يتسللون الى أروقة الحكم في واشنطن وهكذا.
ومثل هذه الدعاية مهمة في ولايات لا يتمتع فيها أي مرشح بغالبية واضحة، مثل كولورادو وفرجينيا ووسكنسن، غير أن المشكلة ضعف شعبية أوباما وسط البيض من الطبقة العاملة، لذا فإن الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون سيلقي خطاب الافتتاح في مؤتمر الحزب الديمقراطي في تشارلوت كارولانيا الشمالية.
رومني سيغير قواعد التفاوض لمصلحة "إسرائيل"
خلال زيارته لـ "إسرائيل" وعد المرشح الجمهوري ميت رومني بتغيير قواعد التفاوض بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" إذ لا ينبغي أن تنطلق من حدود عام 1967 وشكره على ذلك نتيناهو بحرارة، وأكد رومني التزامه بحق "إسرائيل" في الدفاع عن نفسها بخصوص "التهديدات الإيرانية" وعدم استثناء أي خيار في هذا المجال، ومع ذلك فإن رومني لم يتفوق على غريمه أوباما بشيء، فالأخير وقع قبل وصول رومني الى "إسرائيل" بليلة واحدة وبحضور اللوبي الصهيوني في المكتب البيضاوي وعلى رأسه "الإيباك" وقّع اتفاقية أمنية مع "إسرائيل" تمنحها الولايات المتحدة بموجبها طائرات "كاي سي 135" التي تسمح بتزويد طائرات أف 15 وأف 16 المقاتلة بالوقود في الجو، وهو بذلك كسر حظراً شهيراً، أرفقه بتصريح عن "التزام لا يتزعزع من قبل كل الأميركيين، جمهوريين وديمقراطيين، تجاه أصدقائنا".
والتبرير المضحك "تبرير كسر الحظر يعتمد على ضرورة مراعاة التوازن العسكري الذي ستخل به الأسلحة الأميركية المبيعة الى دول الخليج لمواجهة الخطر الإيراني"، وما الذي يعنيه تزويد أعداء إيران بالسلاح، ثم التكلم عن توازن عسكري إجباري؟ وأعلن البيت الأبيض عن دفعة جديدة من مساهماته في تمويل "مشروع القبة الحديدية" الإسرائيلي فدفع 70 مليون دولار جديدة علاوة على 205 ملايين السالفة.
السياسة الأميركية في المنطقة، الخاسر الأكبر القضية الفلسطينية
والسؤال أيضاً، ما الذي يعنيه هجرة المرشحين الأميركيين للرئاسة أو الكونغرس الى "إسرائيل" طلباً للبركة من دولة فاشستية عنصرية محتلة.
أوباما لا يفوت فرصة للحديث عن العلاقة الثابتة، الاستثنائية والأبدية بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" وأرسل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لتقول للزعماء الصهاينة إن بلادها معهم، ولن تقبل حصول إيران على قنبلة نووية، وقد طوت موضوع المفاوضات مع السلطة الفلسطينية وعملية "السلام" كلها، ومن المؤكد أن الولايات المتحدة ستعارض مرة أخرى في أيلول القادم طلب الفلسطينين عضوية منقوصة للسلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة، ورومني المرشح الرئاسي الأميركي أعلن التزامه بأمن "إسرائيل" وهو صديق شخصي لبنيامين نتنياهو، وقد عملا في شركة استشارية في واشنطن، ولو فاز رومني بالرئاسة سيوكل السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط الى مجرم الحرب نتنياهو.
النفوذ الإسرائيلي راسخ في إدارة السياسة الخارجية الأميركية، وتعيين محام إسرائيلي ديفيد شاريا للعمل في الحكومة في منصب كبير، محامٍ مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن الدولي، أي تعيين موظف سابق في دولة إرهابية مسؤولاً عن الإرهاب! وهذا ما كان ليصل الى هذا المنصب لولا دعمه وترشيحه من قبل الولايات المتحدة.
أوباما يُتهم بأشياء كثيرة، ويعرف أنصار "إسرائيل" فيه، ويُتهم بأنه فرط بقدرات أميركا الدفاعية بخفض موازنة وزارة الدفاع، ويُتهم بأنه خسر الحرب في العراق وسلمّه الى إيران، ويقال أيضاً عن المحافظين الجدد بأنهم دمروا اقتصاد أميركا وأضعفوا قوتها العسكرية ونكبوا سمعتها كبلد "للديمقراطية والحريات" وهم الآن يحاولون أن ينقلوا الى أوباما فشلهم وتعطيل مجلس النواب بغالبيته الجمهورية واقتراحات الرئيس عمداً، والسؤال مَن الذي سيدفع الثمن في تشرين الثاني القادم موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.
نبيل مرعي
كادر:
الصهاينة يرسمون السياسة الأميركية لخدمة "إسرائيل"
"العرب" يكافئون الأعداء ويعاقبون الأشقاء!
كادر:
المرشح الرئاسي الأميركي ميت رومني
وعد في حال فوزه بالرئاسة الأميركية:
"سيغير قواعد التفاوض بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" ولا ينبغي أن ننطلق من حدود عام 1967، والتزام بحق "إسرائيل" في الدفاع عن الوجود وعدم استثناء أي خيار، ووعد بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس، وطلب البركة من دولة عنصرية مجرمة.
الرئيس باراك أوباما والمرشح لولاية رئاسية ثانية وعد:
أولاً: وقع قبل وصول رومني الى "إسرائيل بليلة واحدة، وقع اتفاقية أمنية مع "إسرائيل" بحضور اللوبي الصهيوني في المتكب البيضاوي، تمنحها طائرات "كاي سي 135 التي تسمح بتزويد طائرات مقاتلة بالوقود في الجو وكسر بذلك حذراً شهيراً.
وساهم بمبلغ 70 مليون دولار + 205 ملايين سالفة لدعم مشروع القبة الحديدية.