الصحافة اليوم 1-4-2014: الحكومة اللبنانية تتعثر
تصدر الحدث اللبناني عناوين الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم، وكان هناك متابعة لآخر تطورات الجلسة الحكومية في قصر بعبدا، واسباب فشل الحوار، كما كان هناك متابعة من الصحف لملف الانتخابات الرئاسية. ورصدت الصحف ايضا الملف الامني في طرابلس والبقاع الشمالي.
السفير
الحوار للحوار.. و"الخطة" بلا مطلوبين
الحكومة تنجح أمنيا.. وتتعثر إداريا ومعيشيا
تخبطت السياسة بمشهدين خلافيين: "حوار مبتور" في قصر بعبدا تم ترحيله الى ما قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان بعشرين يوما، وحكومة مشت بين النقاط الخلافية في جلستها الاولى، تقع في الجلسة الثانية في حقل ألغام التعيينات، فجددت لما وصف بالضروري والملح كالنواب الاربعة لحاكم "مصرف لبنان"، لكنها فشلت في تثبيت مدعي عام التمييز بالوكالة والمدير العام لقوى الامن الداخلي بالوكالة كأصيلين في مركزيهما.
وفي المحاذاة، همّ معيشي يحاصر الدولة، بدخول المطالب الاجتماعية وسلسلة الرتب والرواتب الى حلبة اشتباك مفتوح بين العمال والمعلمين والهيئات الاقتصادية، وعلى الجبهتين الحكومية والنيابية.
وفي المحاذاة ايضا، همّ امني في العناية المركزة: عين الجيش على الحدود حيث فكك ليلا سيارة في جرود عرسال مفخخة بكمية كبيرة جدا من المتفجرات، ووحداته وبمؤازرة قوى الامن الداخلي تبدأ اليوم بفك اسر المناطق المحاصرة بالفوضى والفلتان وأمراء الزواريب بقاعا وشمالا، عبر تنفيذ الخطة الامنية التي يعوّل عليها ان تشكل فاتحة وأساسا لانفراج امني دائم وثابت وفي طرابلس تحديدا.
سياسيا، انعقد مجلس الوزراء في القصر الجمهوري في بعبدا في جلسة ماراتونية برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان واستمرت ما يزيد عن ست ساعات، واقر قبول الهبة العسكرية السعودية للجيش اللبناني بقيمة ثلاثة مليارات دولار على ان يُقَرَّ في جلسة لاحقة ملحقٌ لها يتعلق بكيفية تنفيذ هذه الهبة، حيث ينص الملحق على مذكرة تفاهم بين ثلاث دول: السعودية، فرنسا ولبنان، وهذه المذكرة معدة، لكنها غير موقعة، وقد طلب وزير الدفاع سمير مقبل سحبها لتحسين صياغتها وتحصينها تمهيدا لتوقيعها بعد موافقة الدول الثلاث عليها.
كما جدد المجلس تعيين نواب حاكم مصرف لبنان الثلاثة رائد شرف الدين، سعد العنداري ومحمد البعاصيري ومدد ولاية النائب الرابع هاروتيان صموئيليان الى حين تعيين النائب الرابع، بالاضافة الى تمديد عقدَي شركتَي الخلوي.
وقالت مصادر وزارية ان النقاش كان هادئا الى حين طرح بند تعيين القاضي سمير حمود كمدع عام للتمييز بالاصالة، وكذلك تعيين اللواء ابراهيم بصبوص كمدير عام اصيل لقوى الامن الداخلي.
واشارت المصادر الى ان رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة كانا مصرين على تمرير هذا التعيين، الذي اكد على ضرورته ايضا وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير العدل اشرف ريفي وكذلك وزراء "14 آذار"، خصوصا في ظل ظرف امني يتطلب ذلك بإلحاح، وعلى نحو يواكب الخطة الامنية المقررة لطرابلس وبعض المناطق اللبنانية.
ولفتت المصادر الى ان وزراء "حزب الله" وحركة "امل" اعترضوا بشدة على هذا التعيين، ليس من زاوية رفض شخصَي القاضي حمود او اللواء بصبوص، بل انطلاقا من كون مسألة تعيينات الفئة الاولى ليست ادارية فقط، ولا تقارب بطريقة استنسابية، او يجري التعيين من طرف واحد، فكما هنا مراكز شاغرة، هناك ايضا مراكز شاغرة وتتطلب التعيين ايضا.
وقالت المصادر ان النقاش بدأه اولا الوزير غازي زعيتر، تلاه الوزير علي حسن خليل، ثم الوزير حسين الحاج حسن، فالوزير محمد فنيش، في مقابل الوزراء المشنوق، ريفي، بطرس حرب، وسجعان قزي، رمزي جريج، رشيد درباس، وقد اتسم هذا النقاش بالحدة، فيما اتسمت مداخلات الوزراء جبران باسيل ووائل ابو فاعور وأكرم شهيب بالهدوء، ومحاولة تقريب وجهات النظر بين المنطقين الحادين.
وأمام إصرار رئيسَي الجمهورية والحكومة ووزراء "14 آذار" على التعيين، واصرار وزراء "امل" و"حزب الله" على عدمه والتأكيد على التوازن ضمن سلة ووفق آلية التعيين، توقفت الجلسة لأكثر من ساعة ونصف الساعة، خرج خلالها الرئيس سليمان من القاعة وتبعه رئيس الحكومة، فيما جرت اتصالات وزارية على اكثر من خط في اتجاه عين التينة وكليمنصو والرابية.
ومع استئناف الجلسة اعرب سليمان عن استيائه من تعطيل التعيين، وبدا متفاهما مع سلام ووزراء "14 آذار" على طرح اقتراح على وزراء "امل" و"حزب الله" بتمرير التعيين و"اذا كان لديكم اسماء لمراكز اخرى اطرحوها".
ومع وصول النقاش الى حائط مسدود، اقترح الوزير ابو فاعور تأجيل بت الموضوع، افساحا في المجال للمشاورات السياسية. واتفق على ان تعلق الجلسة لثمان واربعين ساعة، على ان تستأنف الاربعاء لبت سلة تعيينات قد تصل الى عشرة موظفين في الفئة الأولى الى جانب الاثنين السنة المقترحين، اثنان شيعة، واحد درزي وخمسة مسيحيين على ان يصار الى الاختيار من ضمن الملفات الجاهزة ضمن آلية التعيين.
الحوار: " حزب الله" أبرز الغائبين
من جهة ثانية، وفي ظل الاجواء الخلافية، انعقدت طاولة الحوار في قصر بعبدا في جلسة مبتورة برز فيها غياب "حزب الله"، فيما تم بث تسجيل يثبت توافق اطراف طاولة الحوار على "اعلان بعبدا" ليحرج "من دعانا الى ان نغليه ونشرب زومه" كما قال سليمان، في إشارة مباشرة في اتجاه "حزب الله".
انتهت هيئة الحوار الى بيان من ست نقاط رحلت فيه جلسة الحوار المقبلة الى الخامس من أيار المقبل اي الى ما قبل عشرين يوما من انتهاء ولاية سليمان، واكدت "في ظل التهديدات الاسرائيلية وتزايد مخاطر الإرهاب وتداعيات الأزمة السورية والسلاح المنتشر بصورة عشوائية بين أيدي المواطنين والمقيمين" ضرورة "التوافق على استراتيجية وطنية للدفاع حصرا عن لبنان". وكان اللافت سرعة رد "حزب الله" على لسان رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد الذي قال: "تارة ينادون بنزع السلاح وتارة اخرى بحصر استخدام السلاح، والآن نغمة جديدة، هي تنظيم السلاح من اجل المقاومة دفاعا عن لبنان حصرا، هؤلاء لا يفقهون ما يقولون، المقاومة اينما استخدمت سلاحها هي تدافع عن اهلها ووطنها وشعبها، وإن شئتم حصرا، فحصرًا، وهي عندما تقاتل في سوريا فإنما تقاتل دفاعا عن شعبها وعن لبنان".
تحركات مطلبية
نقابيا، نفذ المياومون وجباة الإكراء في مؤسسة كهرباء لبنان في بيروت والمناطق، امس اعتصاما للمطالبة بتثبيتهم في ملاك "مؤسسة كهرباء لبنان"، على ان يتبعوه اليوم باعتصام امام المجلس النيابي، بالتزامن مع انعقاد الجلسة التشريعية لمجلس النواب، التي تتزامن وقائعها غدا الاربعاء مع اعتصام مماثل لموظفي القطاع العام والأساتذة في التعليم الرسمي والخاص، للمطالبة بإحالة السلسلة إلى الهيئة العامة لمجلس النواب لإقرارها، فيما واصلت الهيئات الاقتصادية اعتراضها على السلسلة واصفة احالتها الى مجلس النواب بالخطأ الجسيم ( ص 6 و7 ).
الخطة الأمنية... اليوم
امنيا، قال مرجع امني لـ"السفير": ان تنفيذ الخطة الامنية بقاعا وشمالا سيبدأ اعتبارا من اليوم.
واضاف: إن الوحدات العسكرية مزودة بأوامر مشددة لتنفيذ الخطة بكل حزم، وبما تقتضيه من مداهمات وتوقيفات، وعدم الوقوف عند أي اعتبار.
وردا على سؤال، قال: اذا تصدى قادة المحاور للجيش فليتحملوا ما يترتب على ذلك من عواقب.
ولم ينف المرجع او يؤكد مغادرة من صدرت بحقهم استنابات قضائية، ومن بينهم رئيس "الحزب العربي الديموقراطي" علي عيد ونجله رفعت وبعض قادة المحاور في التبانة وجبل محسن. لكنه كشف عن صدور ما يزيد عن 120 استنابة قضائية بجرائم مختلفة (حمل واقتناء سلاح وتشكيل عصابات مسلحة، واطلاق نار على اشخاص، واطلاق نار على الجيش، وصولا الى المتورطين بجرائم ضد الجيش ومواطنين في عرسال وغيرها).
وعشية تنفيذ خطة طرابلس، تمّ وضع أكثر من 1400 عنصر من قوى الأمن الداخلي إلى جانب 63 ضابطا في جهوزية تامة للتنفيذ، إلى جانب القوة الضاربة لـ"فرع المعلومات" التي تمركزت في شارع المعرض في العاصمة الشمالية.
وقال مصدر امني لـ"السفير" ان وزير الداخلية نهاد المشنوق يقوم بالتنسيق بين المؤسسة العسكرية وسائر القوى الأمنية.
النهار
اهتزاز الحكومة بين سليمان و"حزب الله" طرابلس على موعد مع خطة الفجر
لم يكن اليوم المشحون بالمفاجآت المتعاقبة بين وقائع جولة الحوار في قصر بعبدا قبل الظهر والصدمة الاولى بل القطوع الاول الذي واجهته حكومة الرئيس تمام سلام مساء سوى انعكاس لانفجار المواجهة بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان و"حزب الله" بأفصح وجوهها العلنية والضمنية على مشارف نهاية العهد.
ذلك ان وقائع اليوم الطويل تلاحقت وسط تداخل كثيف للاولويات الامنية والسياسية مع التحضيرات الجارية لبدء تنفيذ الخطة الامنية الجديدة في طرابلس فجر اليوم وضبط الجيش مساء سيارة مفخخة بأكثر من مئة كيلوغرام من المتفجرات في وادي حميد في عرسال، ومن ثم اعتقال الجيش مجموعة مسلحين سوريين كانوا آتين من سوريا في المنطقة نفسها وقت تصاعدت ايضا ملامح مواجهة اجتماعية على خلفية اعلان هيئة التنسيق النقابية الاضراب والتظاهر غدا احتجاجا على عدم انجاز سلسلة الرتب والرواتب. لكن التصعيد السياسي المفاجئ الذي ادى الى تعليق جلسة مجلس الوزراء مساء أكثر من ساعة ونصف ساعة سرعان ما احتل صدارة التطورات بعدما بدا واضحا ان المواجهة بين الرئيس سليمان و"حزب الله" تمددت بسرعة لتهدد على نحو مبكر مسار الحكومة في الجلسة الثانية لمجلس الوزراء بعد نيل الحكومة الثقة النيابية.
ومع ان المشكلة التي اعترضت مجلس الوزراء ارتبطت بسبب مباشر هو الخلاف على التعيينات العائدة الى تثبيت اللواء ابرهيم بصبوص مديراً عاماً لقوى الامن الداخلي بالاصالة والقاضي سمير حمود مدعياً عاماً تمييزيا بالاصالة وتجديد ولاية نواب حاكم مصرف لبنان، فان السبب الابعد للخلاف رسم معالم مبارزة تصاعدية حادة بالنقاط بين رئيس الجمهورية و"حزب الله" عقب مقاطعة الحزب امس لجولة الحوار ومضي الرئيس سليمان في اثبات مواقفه من "اعلان بعبدا" ورفعه التسجيل الصوتي لموافقة جميع الاطراف عليه ورقة اسناد في وجه الحزب المتورط في الحرب السورية. واتخذ هذا التطور دلالة حارة عندما عمد الرئيس سليمان في مستهل جلسة الحوار امس الى عرض التسجيل الصوتي لفترة دقيقتين بما يثبت الاجماع الذي حصل على "اعلان بعبدا" في جولة الحوار التي عقدت في 11 حزيران 2012 الامر الذي دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى القول "لا داعي لهذا العرض وهو من باب لزوم ما لا يلزم". لكن الرئيس سليمان شدد على اهمية التسجيل "لان ثمة من يقول لنا ان اعلان بعبدا لم يناقش ويدعونا الى ان نغليه ونشرب زومه". كما ان الجلسة لم تخل من مداخلات ساخنة منها للرئيس فؤاد السنيورة الذي اثار مشكلة سلاح "حزب الله وطريقة تصرفه وخصوصا بعد الخروج على الاجماع الوطني عبر المشاركة في القتال في سوريا"، وشدد على ان "المطلوب لحماية لبنان ولدعم الجيش عدم تحميله اثقالا ومسؤوليات نتيجة تجاوزات وقرارات انفرادية يقوم بها غيره"، معتبرا ان مشاركة الحزب في القتال "الجائر الى جانب النظام السوري هو السبب الاساسي الاكبر للويلات الوطنية التي تعصف بلبنان".
انتكاسة حكومية
اما جلسة مجلس الوزراء فتعرضت لهزة ادت الى تعليقها أكثر من 90 دقيقة بعدما اعترض وزراء "حزب الله" وأيدهم وزراء فريق 8 آذار و"التيار الوطني الحر" على بند تثبيت اللواء بصبوص والقاضي حمود بداعي المطالبة باجراء التعيينات وفق سلة متكاملة وعدم تمرير دفعة منها من دون بت ما يشكل حاجة ملحة في بعض المراكز ولا سيما منها رئاستي مجلس الخدمة المدنية وديوان المحاسبة، معتبرين ان التعيينات في هذين المنصبين الاداريين أهم من مناصب اخرى وذلك على سبيل المثال لا الحصر. ولفتت مصادر وزارية الى ان الرئيس سليمان وفريقه الوزاري دافعا عن تثبيت بصبوص وحمود نظرا الى الحاجة إلى ملء المركزين في ظل قرار مجلس الوزراء المتعلق بتنفيذ الخطة الامنية. وعلى رغم الانقسام اوضح الوزير حسين الحاج حسن ان "هذه الحكومة هي حكومة توافق ولا يمكن ان تسير الامور بغير توافق". وشهدت قاعات القصر اتصالات جانبية كثيفة أدت الى معاودة الجلسة التي انتهت الى تأجيل بند تثبيت التعيينات في المركزين الامني والقضائي الى جلسة اخرى تعقد الاربعاء، على ان تضاف اليهما تعيينات امنية وادارية اخرى. ولكن جرى تمرير التجديد لنواب حاكم مصرف لبنان، كما اقر مجلس الوزراء الهبة السعودية لتسليح الجيش.
وعلمت "النهار" ان الخلاف على التعيينات جاء من وزراء حركة "أمل" و"حزب الله" انطلاقا من ان تعيين اللواء ابرهيم بصبوص والقاضي سمير حمود في منصبيّ المدير العام لقوى الامن الداخلي والنيابة العامة التمييزية يمثل لونا مذهبيا في حين ان هناك شواغر ولمذاهب اخرى لم يطرح موضوع التعيين فيها ولذا تقرر بعد البحث العودة الى مجلس الوزراء غدا الاربعاء برزمة تعيينات لاقرارها دفعة واحدة. اما في ما يتعلق بتجديد ولاية نواب حاكم مصرف لبنان فإن الجدل أثير حول نائب الحاكم الارمني بسبب رغبة حزب الطاشناق في استبداله بسيدة هي سوزي سمرجيان لكن مطلب الحزب لم يستجب. وفي ما يتعلّق بهبة الثلاثة مليارات دولار من السعودية للجيش، وافق مجلس الوزراء عليها، لكن البروتوكول الخاص بالهبة والذي يجب ابرامه بين ثلاث دول هي السعودية وفرنسا ولبنان طلب وزير الدفاع سمير مقبل سحبه لمعالجة ثغرات فيه. وقد شارف البحث في الجلسة بند النفط لكنه لم يطرح. أما في ما يتعلق بالخطة الامنية فقد علم ان تنفيذها سيتم اليوم. وخلال الجلسة نشبت توترات عدة وقال وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار" ان "جو الجلسة قرف".
خطة طرابلس
أمنياً يبدأ فجر اليوم تطبيق الخطة الأمنية لطرابلس، وانضمت لهذه الغاية قوة كبيرة من قوى الأمن والأجهزة الامنية تضم 1400 عنصر و63 ضابطاً إلى وحدات الجيش المتمركزة بكثافة في المدينة. وقد وضع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي اللمسات الأخيرة على الخطة أمس بعدما أنجز المشنوق الخطوات التمهيدية المطلوبة لنجاحها من خلال ضغوط واتصالات سياسية وتدابير متنوعة، وذلك على قاعدة تفادي إراقة أي نقطة دم، وفي المقابل تطبيق القانون على الجميع من دون تمييز.
المستقبل
« التنسيق النقابية» إلى الشارع مجدداً و«الهيئات الاقتصادية »تحذر
شماس: التمويل مذبحة للاقتصاد غريب: الانفجار الاجتماعي أخطر من الأمني
على مدى أكثر من عامين ونصف عام بقيت «هيئة التنسيق النقابية» واحدة موحدة في معركتها من اجل إقرار سلسلة الرتب والرواتب بما يضمن حقوق الأساتذة والموظفين، وهي تستعد لجولة جديدة قد تكون حاسمة للضغط على اللجان النيابية وموا جهة الهيئات الاقتصادية التي حذرت من خطورة تمويل السلسلة كما هو مقترح من قبل اللجنة الفرعية على الإقتصاد الوطني،منبهة على ان التمويل مذبحة للمواطن وللإقتصاد.
وعلى وقع استعداد الهيئة للإضراب عند الحادية عشرة من قبل ظهر غد تنفيذ الإضراب العام والشامل والإعتصام المركزي امام المجلس النيابي جراء ابقاء السلسلة بحسب الهيئة «رهينة سياسة المماطلة المقصودة بدليل بقائها في مجلس النواب حتى الآن تحت ذرائع واهية»، قام وفد من الهيئة برئاسة حنا غريب بزيارة وزير المالية علي حسن خليل حيث أكد غريب» أن موضوع الايرادات لا دخل لنا بها، وليس من مهامها، اذا ما حصل أخطاء في الحسابات أو حدثت أي إشكالية في ملف معين فهذه أمور لا علاقة لنا كهيئة، والمطلوب اقرار السلسلة بأسرع وقت ممكن وبما يضمن الحقوق لجميع الموظفين بنسبة 121 في المئة من دون استثناء، والتي تشمل الاساتذة والمعلمين والاداريين والأجراء والمياومين والعسكريين والمتعاقدين، وجميع الناس من دون استثناء».
وتوجه الى الذين سيشاركون في الاعتصام بالقول: «أنتم لست معزولين لكن هناك ضغط من حيتان المال الذين يحاولون الوقوف حجر عثرة كما وقفت في السابق»، في موقف لاقاه فيه نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض الذي اكد لـ»المستقبل «أننا «سنحاسب الجميع على مواقفهم من سلسلة الرتب والرواتب وسيكون الحساب عسيرا»، مؤكدا ان «حقنا هو بتصحيح رواتبنا وهذا الحق محسوم ولن نقبل بالتنازل عنه وما أعلنته الهيئات الاقتصادية يكشف عن رفضها المطلق للسلسلة».
وشدد غريب على انه «من غير المقبول التعاطي بهذه الخفة مع جماهير هيئة التنسيق النقابية»، لافتا إلى ان «الانفجار الاجتماعي يمكن ان يكون أخطر من الانفجار الأمني».
واعتبر رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر أن تعزيز وضع الموظفين يساهم في تعزيز وحدة الوطن والمطلوب من القوى السياسية أن تقول موقفها عبر اقرار السلسلة لا المماطلة.
هيئة التنسيق: إضراب واعتصام وتصعيد
وجددت هيئة التنسيق خلال مؤتمر في مقر نقابة المعلمين في بدارو شارك فيه محفوض وغريب وأعضاء الهيئة موقفها الداعي الى تنفيذ اضراب عام وشامل غدا.
ولفت محفوض في بيان عن المجتمعين الى أنه «قبل سنة من الآن، رضخت الحكومة السابقة، قبل يوم واحد من استقالتها، لمطلب إحالة السلسلة الى مجلس النواب، ومنذ ذاك اليوم، لا تزال السلسلة رهينة سياسة المماطلة المقصودة»،وقال :»تملصت اللجان النيابية المشتركة من واجبها بتمرير مشروع تصحيح السلسلة بالصيغة العادلة التي تعطي الحقوق، وفق ما تطالب به الهيئة، وتذرعت بوجود أخطاء حسابية وشكوك في مشروع التعديلات الضريبية وفي ارقام الكلفة لارجاء البت بها، علماَ ان كل الكتل النيابية مشاركة في هذه اللجنة النيابية الفرعية وصوَتت بالإجماع على التقرير وهم جميعا شركاء فيه، مما يعني الإستمرار بمواصلة سياسة «المماطلة» والتسويف وصولا الى الانشغال بالاستحقاق الرئاسي وتطيير السلسلة».
أضاف :»هذا القرار ترجم انسحابا من جلسة اللجان بغرض تطيير نصابها، وهو يعبر عن سطوة الهيئات الاقتصادية التي كثفت في الفترة الاخيرة ضغوطها، والحجج المعلنة مردودة، ولن تكون مقبولة، فلا دخل لنا باخطاء حسابية من هنا اومن هناك، هذه مشكلة من يجري الحسابات، ما يعنينا هو اقرار الحقوق ثم الحقوق ثم الحقوق، وفي جلسة للجان النيابية تعقد فورا وتقر السلسلة التي تضمن حقنا لا تلك التي تضربه ليصار لاقراره في الهيئة العامة على وجه السرعة. وفي هذا الوقت فليجروا حساباتهم كما يريدون، فهذا شأنهم».
وأكد أن «هذه الجولة من المعركة تدور على جبهة الضرائب. ان الهيئات الاقتصادية تشعر بانها تمتلك القوة اللازمة لاعفاء نفسها من اي عبء ضريبي يمكن ان يصيبها، وتضغط لرميه بالكامل على عاتق الاسر في الطبقة الوسطى والفقيرة«.
وقال: «في 30 نيسان/ابريل من العام الماضي، كررت هيئة التنسيق النقابية رفضها للسياسة الضريبية غير العادلة، الا انها قالت بصراحة انه «لا ينبغي أن تبقى وحيدة في هذا المجال، فمن واجب هيئات المجتمع الاهلي والمدني والنقابات والاحزاب والمنظمات وكل أصحاب الضمائر الحية رفع الصوت ومشاركة هيئة التنسيق في تحركاتها رفضا للضرائب الظالمة، ومطالبة بإقرار قانون عادل يوزع العبء الضريبي بحسب الثروات، ولوضع حد لدولة الهيئات الاقتصادية وحماية ما تبقى من دولة الرعاية الاجتماعية«.
وأكد أن «هيئة التنسيق تتمسك بمطالبها الرامية الى فرض الضرائب على الريوع المالية والعقارية وجباية الغرامات على احتلال الاملاك العامة من دون تكريس اي حق خاص عليها وانما تغريمها ومكافحة التهريب التجاري والتهرب الضريبي ، وهي ترفض رفضا قاطعاَ فرض الضرائب على الفقراء وعلى اصحاب الدخل المحدود بحجة تمويل السلسلة ، حتى لا يأخذوا بيد ما اعطوه باليد الأخرى».
ودعا محفوض إلى تنفيذ الإضراب العام والشامل في كل الإدارات العامة والوزارات والمدارس والثانويات الرسمية والخاصة ومعاهد التعليم المهني والتقني، والموظفين الإداريين في الجامعة اللبنانية، والإعتصام غدا ،على ان يليه اجتماع في تمام الساعة الرابعة بعد الظهر في مقر رابطة التعليم الاساسي الرسمي- الاونيسكو.
وطالب الجمعيات العمومية بالانعقاد في كل الوزارات والإدارات العامة والمدارس والثانويات الرسمية والخاصة ومدارس ومعاهد التعليم المهني والتقني لمناقشة التوصية «بتنفيذ كل أشكال التصعيد المشروعة من إضرابات واعتصامات وتظاهرات وصولا الى الإضراب العام المفتوح ومقاطعة أعمال الامتحانات الرسمية».
شماس: التمويل مذبحة للمواطن والاقتصاد
و أعلن رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس خلال مؤتمر صحافي في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان، موقف الهيئات الإقتصادية من البنود التمويلية في مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب كما أعدته جمعية تجار بيروت وتبنته الهيئات مجتمعة، وذلك بناء على الصيغة التمويلية التى أقرتها اللجنة الفرعية المنبثقة من اللجان المشتركة في المجلس النيابي.
واستهل شماس المؤتمر بتلاوة بيان جاء فيه: «ها أن ملف سلسلة الرتب والرواتب يتابع مشواره السوريالي بين حكومة من هنا، ومجلس نيابي من هناك، ولجنة برلمانية فرعية ولجان مشتركة من هنالك، غير آبه بالوقائع المأساوية التى تمر بها البلاد ولا بالإنعكاسات الوخيمة التى ستسببها السلسلة على المجتمع والإقتصاد. فالوقائع الجيوسياسية والأمنية والمالية والإقتصادية الى تراجع حاد منذ أن انزلقت وزارة المال ووعدت القطاع العام ككل (وليس الإدارة العامة المحقة وحدها)، حتى قبل أن يبادر هذا القطاع نفسه إلى المطالبة، بمنحه سلسلة جديدة للرتب والرواتب، في غير مكانها وزمانها. وعندما استفظعت الوزارة المذكورة في ما بعد حجم السلسلة الحقيقي، كانت قد اكتسبت هذه الأخيرة دينامية إجتماعية وسياسية لم يفلح مجلس الوزراء مجتمعا في مقاومتها. فارتكبت الحكومة خطأ جسيما بإحالتها «مسلوقة» الى المجلس النيابي قبل يوم واحد من استقالتها، وذلك أسابيع معدودة قبل موعد الإنتخابات النيابية التى كان من المفترض إجراؤها في الربيع المنصرم. فلم يجرؤ أحد على إعتراض سبيلها لأسباب شعبوية، فيما يدرك الجميع أن تمويلها بمثابة لغم قد يطيح بالخزينة والإقتصاد. فتلقفها أخيرا مجلس نيابي في رذيل عمره، مكلفا بدوره لجنة فرعية بدرسها.
وإذ ينبغي الإقرار بأن اللجنة المذكورة عملت بمهنية وجدية، إلا أن مهمتها من الأساس كانت ترتدي طابعا حسابيا ومحاسبيا بحتا، فيما كان المطلوب تقييم مالي وإقتصادي معمق ومسبق للسلسلة. أضف الى ذلك أن المشهد الوطني قد تغير برمته منذ بدايات الحديث عن السلسلة، من الشلل المؤسساتي الزاحف، والإنقسام السياسي الحاد، والتردي الأمني المتدحرج، والنزوح السوري الكاسح، وصولا الى التدهور المالي والإقتصادي الدراماتيكي. ويكاد لا يمر أسبوع من دون أن يدق مرجع دولي ناقوس الخطر حول كلفة النزوح السوري، أو تدهور المالية العامة، أو تهاوي الإقتصاد، أو تراجع التصنيف الإئتماني للبنان».
واستعرض «الأسباب الجوهرية الموجبة لإعتراض الهيئات على مصادر تمويل سلسلة الرتب والرواتب وفق التصور الذى وضعته اللجنة الفرعية:
1- إن المجلس النيابي منتهي المدة والصلاحية، ومطعون في قانون تمديد ولايته من قِبل رئيس الجمهورية وكتلة نيابية وازنة. ولو تسنى للمجلس الدستوري البت في الطعنين المذكورين لكان أخذ بهما وفرض إجراء إنتخابات نيابية فورية تفرز برلمانا جديدا له المشروعية الكاملة في إقرار القوانين المفصلية.
2- إن المفارقة تكمن في تحريك ملف سلسلة الرتب والرواتب داخل أروقة البرلمان، في حين أن الموازنات العامة للدولة اللبنانية لم يتم إقرارها لتسع سنوات على التوالي.
3- وفيما تنام مشاريع قوانين تفوق قانون السلسلة أهمية من حيث الإنتظام الإجتماعي والإقتصادي (مثل قانون الإيجارات منذ عقدين من الزمن)، سلك مشروع السلسلة خطا عسكريا سريعا.
4- إن صلاحيات اللجنة الفرعية مبهمة: هل هي تحضيرية أو تقريرية؟ ففيما كانت تدعي أن مهمتها محصورة ومحدودة بتنقيح النسخة الحكومية، أثبتب النتيجة أن هذه اللجنة قامت عمليا بإعادة صياغة المشروع بدل رده الى السلطة التنفيذية، معتبرة أن أي تغيير عليه بات اليوم في غاية الصعوبة.
5- إن جودة أي عمل إنتاجي لا تقاس لا بعدد صفحاته ولا بالمدة الزمنية التى يستغرقها. فكان ربما في الإمكان الوصول الى صيغة أكثر إختصارا لكنها تكون أكثر رأفة بالمواطن وبالإقتصاد. وإذا كان لِزاما بأن تكون اللجان مقبرة، فلتكن مقبرة للمشاريع وليس للإقتصاد.
6- إن اللجنة الفرعية اجتمعت بالهيئات الإقتصادية رفعا للعتب ليس إلا، وخلافا لإدعاءاتها، لم تأخذ برأيها ولا بتحذيراتها، لا بل العكس، حيث أنها ضخمت حجم السلسلة ومعها الإقتطاعات الضريبية.
7- إن اللجنة الفرعية ضربت عرض الحائط بنصائح وإرشادات المؤسسات النقدية المحلية والمنظمات المالية الدولية، والتى كانت أدلت بها أساسا في أجواء أقل تأزما بكثير مما هي عليه اليوم.
8- إن عمل اللجنة الفرعية فضح إرتجالية الحكومة السابقة، من حيث البناءات (نسبة نمو في الـ 2011: 5% مفترضة و1.5% فعلية)، والفرضيات (رسوم الطابع المالي على رخص البناء: 600 مليار مفترضة يقابلها 305 مليار فعلية)، والهفوات (عدم تقدير إيرادات الأملاك البحرية) والإخفاقات (مسلسل زيادة عامل الإستثمار أو ما عرف بـ «طابق الميقاتي»).
9- تجاهل اللجنة للمخاطر التى ترتبها معادلات مالية غير متوازنة وغير منطقية من أصلها. فإن في إمكان الدول والمدن العالمية أن تقع في حال الإفلاس، كما حصل مؤخرا مع مدينة ديترويت في الولايات المتحدة حيث وقعت المصيبة المالية على المكلفين والمتقاعدين والمواطنين والمقرضين على حد سواء. وإن العاصمة الإيطالية روما تسير على الدرب نفسه، وإن لبنان ليس في مأمن عن إنهيار مماثل.
10- إن اللجنة سخت بعطاءات مالية لا قدرة للإقتصاد الوطني على إفرازها إطلاقا. فخلافا لأحد عناوين تقريرها بأن «الإمكانات متاحة»، فالحقيقة أن الإمكانات غير متاحة لزيادة فاتورة السلسلة، لا بـ341 مليار ليرة تصحيحا للمشروع الحكومي، ولا بـ357 مليارا إضافية لإفادة فئات أخرى لم يشملها المشروع الحكومي أساساً.
11- إن اللجنة الفرعية ألغت التقسيط الذى كانت أوردته الصيغة الحكومية، وتكون بذلك قد قفزت فوق آراء أهل الإختصاص وعجلت الإستحقاقات وتالياً الإنهيارات في جو من الضمور الإقتصادي.
12- إن اللجنة نظرت الى المعادلة المالية بعين واحدة، فتجاهلت الشق الإنفاقي وركزت على الشق الضريبي، مع أن لهذا الأخير مفعولا إنكماشيا أكيدا على الإقتصاد. وإذا سلمنا جدلا أن وفورات معينة قد تتحقق مستقبلا، فإنها لن تجدي نفعا كثيرا، وذلك لأن المبدأ العام يقضي بأن تخفض الأعباء بالتزامن مع زيادة الإيرادات، أو حتى إستباقيا إذا أمكن.
13- إن القاصي والداني يعلم مدى الهدر، والفساد، والتهرب الضريبي في لبنان، بيد أن اللجنة لم تعول عمليا على مكافحة هذه الآفات تغذية للمالية العامة.
14- إن البحث في «الإصلاحات المرجوة»، كما أتى في تقرير اللجنة، هو فعلا كذلك، أي مجرد رجاء وسراب وسمك في البحر وتطلعات لا ترقى الى مستوى الأسس المحاسبية والإدارية السليمة التى يمكن البناء عليها. وإن ملء الشواغر التى تبلغ نسبتها الـ70% في الإدارة العامة، كما هو مطروح، قد يفاقم المعضلات المالية وليس العكس. وبعد، ماذا عن الفوائض الهائلة في قطاع التعليم الرسمي؟
15- إن فرضية أن زيادة الأجر ترفع الإنتاجية تلقائيا أمر ينبغي التحقق منه علميا وموضوعيا. فهل ارتفعت إنتاجية الجسم التعليمي في الجامعة اللبنانية بعد زيادة مخصصاته مثلا؟ وما كانت كيفية قياس هذه الزيادة في الإنتاجية؟
16- إن العُرف السائد في كل أنحاء العالم هو أن موظفي الدولة يستفيدون من وجاهة الخدمة العامة والإستقرار الوظيفي والمعاش التقاعدي اللائق؛ فيما يتسم التوظيف في القطاع الخاص بالأجر المغري فقط. أما في لبنان، فمن شأن إقرار هكذا سلسلة ترجيح كفة القطاع العام كليا على حساب القطاع الخاص.
17- ومما يزيد الخلل تفاقما هو الضغط على المداخيل الذى يشهده القطاع الخاص، إن على صعيد أصحاب العمل الذين باتت مداخيلهم تذوب منذ سنوات بفعل الإنكماش الإقتصادي، أو على صعيد الأٌجراء الذين راح نظيرهم السوري يأكل من صحنهم ويقوض رواتبهم، هذا في حال تسنى لهم الإستمرار في وظائفهم.
18- وفي ضوء ما سبق، سنشهد إنقلابا في موازين إعادة توزيع الثروة الوطنية بمعناها التقليدي، إذ أن تحويل الموارد المالية الذي سينجم عن تطبيق السلسلة سيأخذ من الفئات الأكثر هشاشة إقتصاديا ليعطي الفئات الأكثر أمانا إجتماعيا.
19- والسؤال الوجيه الذى يفرض نفسه هنا هو: هل أن أساتذة التعليم الخاص، والذين أصروا على إبقاء الترابط بين مطالبهم المحقة وسلسلة الرتب والرواتب، يعون مدى الإساءة التى يرتبها تمويل هذه الأخيرة على مجمل القطاع الخاص؟
20- وفي حين أن تقرير اللجنة الفرعية يتحدث عن «حقوق وعدالة»، يتساءل المرء عن ماهية هذه العدالة كون السلسلة المقترحة ستدك أسس المساواة بين مختلف شرائح المجتمع اللبناني، باعتبار أن هذا الأخير يضم فئات مهنية إجتماعية إقتصادية كثيرة تتعدى بأشواط إطار المستفيدين من السلسلة، وستعاني الأمرين بإقرارها.
21- إن ما يزيد من عوامل القلق هو أن الحركة المطلبية أدخلت البلاد في حلقة مفرغة، إذ أن المطالبة بالسلسلة أتى في أعقاب زيادة الأجور في القطاع الخاص، متجاوزا آثارها بأضعاف مضاعفة. أما بعد، فإذا أُقرت السلسلة، فإن النقابات في القطاع الخاص ستتحرك مجددا للمطالبة بالمزيد، مما سيودي بما تبقى من الإقتصاد الوطني.
22- ويكمن الخطر الأكبر في فقدان لبنان لقدراته التنافسية إقليميا ودوليا. فحين يفترض بالقطاع العام أن يمثل رافعة للإقتصاد والمجتمع، ها أن حجمه المتورم قد يتحول الى عبء هائل عليهما.
23- إن اللجنة الفرعية قامت بمضاعفة أرقام الإقتطاعات الضريبية الواردة في المشروع الحكومي، لترفعها من 1300 مليار ليرة الى 2294 مليارا على أساس دائم، إضافة الى 1200 مليار على أساس مؤقت. بذلك، تكون الحصيلة المجمعة بلغت 3494 مليار ليرة، أي ما يوازي 5% من الناتج القائم، الأمر الذى يشكل صدمة ضريبية (choc fiscal) بكل المعايير، من شأنها أن تطيح بالإقتصاد الوطني وقطاعاته الإنتاجية.
24- إنكبت اللجنة الفرعية على إيجاد مصادر لتمويل السلسلة، متناسية أن المالية العامة تعاني من عجز سنوي يفوق الـ 4 مليار دولار، وأن تمويل السلسلة سيأكل جزءا كبيرا من إيرادات الموازنة العامة (cannibalization) ويرهقها.
25- إن اللجنة الفرعية اتبعت مقاربة دفترية حسابية وليست إقتصادية، بمعنى أن الجداول الضريبية لم تُرفَق بدراسات وقع (etudes dimpact) مقنعة.
26- إن الإقتطاعات الضريبية المقترحة تتسم بالكثير من العشوائية وتطال مختلف القطاعات بدون تمييز بين القطاعات المربحة وتلك الخاسرة، وتطال أساسا قطاعي العقارات والتجارة، وهما من أبرز المتضررين من الركود الإقتصادي الحالي القاتل.
27- إن من شأن الضرائب المقترحة أن تصيب مكلف واحد بطرق متعددة، مثل صاحب المؤسسة التجارية الذى سوف يطال في توريداته، وفي مبيعاته، وفي دخله، وفي إستهلاكه، وفي معاملاته، وسواها، وهذا ضغط ضرائبي إضافي لا يمكن تحمله.
28- إن بعض الإضافات الضريبية أتت بمبررات واهية من قبل جهات غير مختصة، مثل «حماية الصناعة» أو «الإنسجام مع قانون التدخين»، فيما يكمن السبب الحقيقي والوحيد في إقتطاع مبالغ كبيرة من المكلفين تصل الى حد المصادرة.
29- إن اللجنة الفرعية تبنت مثلا الجداول التى إقترحتها مديرية الجمارك العامة دون أي تعديل، على طريقة الـ copy / paste بالرغم من الإدعاء بأنها أمعنت النظر وقامت بالتدقيق في هذه المستندات.
30- إن مضاعفة الرسوم الجمركية على قطاعات منكوبة أصلا مثل الألبسة (من 5% الى 15%) أو الأحذية (من 10% الى 20%) ستسهم في القضاء على تلك القطاعات. وهذه الزيادات هي أساسا منافية للمنطق الإقتصادي السليم. وهي أشد إيلاما من زيادة الضريبة على القيمة المضافة مثلا، لأن التعريفات الجمركية غير قابلة للإسترداد.
31- إن التساؤل مشروع أيضا حينما يـُرفع الرسم الجمركي إعتباطيا بنسبة 5% على 20 صنف، وبنسبة 1% على 79 بندا تعريفيا. فعلى أي أساس تم إختيار هذه السلع بعينها، وكيف تم تحديد نسبة الزيادات المقترحة؟
32- وهل تبادر الى أذهان اللجنة أن الإيرادات المتوقعة، وفي ضوء إنخفاض الإيرادات الحالية أصلا، قد لن تتحقق نظرا إلى ضعف الفرضيات (نسبة النمو في الـ 2012 غير نسبة النمو في الـ 2014)، وعدم إحتساب التأثيرات الجانبية (side effects) زيادة الضريبة على القيمة المضافة على السيارات ستخفض من مبيعاتها وستضرب محصلتها، كما والإيرادات الناجمة عن الجمارك وعن مصلحة تسجيل السيارات.
33- إن رفع التعريفات الجمركية بهذا الشكل الحاد يعيد لبنان عقودا الى الوراء، ويخل بالتوجه الليبرالي والإنفتاحي الذي لطالما سلكه لبنان، فضلا عن أنه يتعارض مع إلتزاماتنا الدولية ومكانة لبنان كسوق إقليمي مرموق.
34- إن إستحداث ضريبة على التحسين العقاري بدون مراجعة وفيرة للموضوع قد يؤدي الى النيل من الثروة الإستثمارية الأبرز لدى اللبنانيين ومن «أصولهم الثابتة». فإنها ستضاف على الرسوم العقارية المرتفعة أصلا، في جو من التراجع الحاد، ناهيك عن إحداث توتر بين البائع والشاري والدائرتين العقارية والضريبية.
35- إن إقتراح اللجنة الفرعية من عندياتها بإدخال تعديلات جوهرية على قانون ضريبة الدخل هو أمر مستغرب وخطير، خاصة وأنها ترمي الى جمع مبالغ ضريبية طائلة من كافة المكلفين من خلال إعادة النظر في الشطور والنسب والإعفاءات. فإن اللجنة تأخذ لبنان الى الحج بينما الدول الأوروبية، لا سيما الإشتراكية منها، تعود منه وتخفض مستويات هذه الضريبة عن كاهل القطاعات الإنتاجية، وذلك إفساحا أمام فرصة إعادة تكوين الهوامش والإحتياطات المالية المطلوبة لديها.
36- كما أن التدابير الضريبية المقترحة في هذا الصدد سوف تؤدي الى تخريب شركات المساهمة حيث كان التفرغ عن الأسهم، إسمية كانت أو لحامله، معفى من ضريبة الدخل. وما يزيد المشكلة حدة هو عدم منح المساهمين أي مهلة لبيع أسهمهم والخروج من هذا النظام الضريبي، وهذا ما يبدو بمثابة فخ نصب للمساهمين الذين إنتقوا في الأساس هذا النوع من الشركات. وإن كل ما سبق غيض من فيض».
وختم: «في المحصلة، يمكن لأي إقتصادي أن يستنتج من خلال تحليل موضوعي وعلمي، خطورة تمويل سلسلة الرتب والرواتب كما هو مقترح من قبل اللجنة الفرعية، وأن يستهول إنعكاساته الجارفة على الإقتصاد الوطني. وإن الصيغة البرلمانية المقترحة، إذ اختارت أن تؤبد البذخ المستشري والإنفاق غير المجدي والهدر المقونن، ضربت عرض الحائط بمفهوم «الإرتضاء الى تسديد الضريبة» (consentement à limpôt) لإفراطها في فرض المزيد من الضرائب والرسوم التى لا يحتملها الإقتصاد اللبناني.
فهل يُعقل أن تُدخل البلاد في مغامرة ضريبية ومالية حقيقية، سلقا وبهتانا وإرتجالا، من ثقب إبرة سلسلة الرتب والرواتب، بقطع النظر عن مشروعيتها؟ فأملنا أن يأخذ المشترع ملاحظاتنا في الحسبان قبل فوات الأوان، ويبحث عن مصادر غير مؤذية للاقتصاد لتمويل السلسلة، ونحن في تصرفه لإنجاز هكذا مهمة».
نقابة المرفأ
دعت نقابة موظفي وعمال مرفأ بيروت الى الاسراع في اقرار السلسلة التي تنصف المعلمين في القطاعين الخاص والعام والتي تضع حدا للاجحاف اللاحق بموظفي القطاع العام والقطاعات الامنية كافة.
واشارت النقابة في بيان الى ان اقرار السلسلة يساعد في تنشيط الحركة الاقتصادية عبر تعزيز الوضع المعيشي والقدرة الشرائية لدى شريحة كبيرة من الشعب اللبناني، وحذرت من ان التأخر في البت في هذا الموضوع يدخل المجتمع المدني في حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها الوطن.
الاخبار
سليمان يناكف حزب الله... ويوتّر الحكومة
وقع الاشتباك في مجلس الوزراء أمس. رئيس جمهورية تصريف الأعمال ميشال سليمان يصرّ على التصرف كما لو أنه رئيس كامل الصلاحيات. وبعد انحيازه التام إلى فريق 14 آذار، انفجر الخلاف بينه وبين وزراء حزب الله. والنتيجة أن الحكومة لا تنتج
لم ينسحب الهدوء الذي ظلّل جلسة الحوار في قصر بعبدا صباح أمس على جلسة مجلس الوزراء الصاخبة في ساعات المساء. وبحسب مصادر الجلسة، فإن أكثر من موضوع شكّل مادة جذب وخلاف، حتى وصل الأمر بالرئيس ميشال سليمان من جهة، والوزيرين محمد فنيش وعلي حسن خليل من جهة ثانية إلى حدّ الصراخ، على خلفية بند التعيينات.
وتوقّفت أعمال الجلسة بعدما حرد الرئيس ميشال سليمان، وجلس في خلوة مع الرئيس تمام سلام، لتعود وتتابع عملها بعد سلسلة اتصالات. وعلى ما تقول مصادر وزارية في الحزب التقدمي الاشتراكي، فإن «حزب الله أبلغ المعنيين قبل الجلسة أن التعيينات برأيه تتم بالتشاور والتوافق، لا أن تأتي من جهة سياسية واحدة»، في حين أصرّ سلام وسليمان على التصويت على تعيين كلّ من اللواء إبراهيم بصبوص مديراً عاماً بالأصالة لقوى الأمن الداخلي والقاضي سمير حمود مدّعياً عاماً للتمييز بالأصالة. واقترح وزيرا الاشتراكي أن يتقدم حزب الله بأحد الأسماء لتعيينها في أحد المناصب الشاغرة في ديوان المحاسبة، فلم يقبل وزراء حزب الله، وطلبوا وقتاً إضافياً. من جهته، رأى الوزير جبران باسيل أن مسألة التعيينات من المفترض ألا تكون انتقائية، واقترح أن تجري تعيينات في شواغر داخل المجلس العسكري وهيئة الأركان في قيادة الجيش. وبعد أخذ وردّ، توجّه عددٌ من الوزراء كلٌ على حدة إلى مقعد سلام، وطلبوا منه، بناءً على إيجابية يبديها حزب الله، التمهل 48 ساعة، بعد أن تمّ التوافق على أن تشمل التعيينات 10 شواغر، وطرح وزيرا الاشتراكي أن تعقد جلسة اليوم لتعيين بصبوص وحمود، فقوبل طلبهما بالرفض من سلام وسليمان. إلّا أن الاقتراح الأخير للوزير وائل أبو فاعور بـ«اعتبار الجلسة مفتوحة» سلك طريقه إلى التنفيذ، على غرار ما حصل في البيان الوزاري، واتفق على أن تعقد الجلسة التالية بعد ظهر الأربعاء.
وحول النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان، تمّ التجديد لثلاثة منهم، والتمديد للرابع، المحسوب من الحصّة الأرمنية على حزب الطاشناق، إلى حين توضع آلية جديدة للتعيين، إذ طالب الطاشناق بتغييره، لكنه لم يطرح سوى اسم واحد لا ثلاثة أسماء يختار منهم مجلس الوزراء كما تقتضي الآلية.
وأشارت مصادر وزارية في تكتل التغيير والإصلاح إلى أن «التكتل لم يكن ضد بصبوص وحمود، ولكنه كان يعرف أن الأمور ستصل إلى حد الرفض وعدم إمرار الاسمين». وأكدت المصادر أن «البحث تناول موضوع التعيينات بشكل موسع من أجل الدفع في توسيع إطار التعيينات». وعلمت «الأخبار» أن النقاش توسّع حول موضوع المجلس العسكري، فطلب رئيس الجمهورية من وزير الدفاع إعداد ملف بشأن الشواغر في الغرفة العسكرية ومديرية المخابرات لعرضها على مجلس الوزراء بعد جلستين.
ولفتت مصادر وزارية في 14 آذار إلى أن 8 آذار «لم يكن يعترض على حمود وبصبوص، إنما كان يوجه رسالة إلى سليمان بعدم تسهيل الأمر عليه في نهاية عهده». وعلمت «الأخبار» أن اقتراحاً جرى بطرح التعيينات الأمنية على سبيل المساواة الطائفية، أي طرح اسمين شيعيين مقابل الاسمين السنيين وأربعة أسماء مسيحية في موازاتها.
ومن جهة أخرى، أكدت مصادر وزارية أن «الهبة السعودية تمت الموافقة عليها»، لكن «وزير الدفاع طلب سحب البروتوكول الملحق بها، من أجل المزيد من التدقيق التقني، وهذا البروتوكول يشمل الدول الثلاث، لبنان وفرنسا والسعودية». وتم التجديد لشركتي الخلوي لمدة أقصاها ستة أشهر.
الراعي يثق ببري
على صعيد آخر، زارت لجنة التواصل النيابية المنبثقة عن كتلة «التنمية والتحرير» أمس الكاردينال بشارة الراعي، للتباحث معه في الملف الذي تحمله، وهو ملف الانتخابات الرئاسية. وأشارت مصادر بكركي لـ«الأخبار» إلى أن «الوفد نقل للراعي إصرار برّي على تهيئة أجواء إيجابية، تضمن تأمين النصاب قبل انعقاد جلسة الانتخاب». أما ردّ الراعي فكان بحسب المصادر «التشديد أمام اللجنة على ثقته الكاملة ببرّي وجهوده»، مشيراً إلى «تخوّفه من عدم التزام النواب بتلبية الدعوة». أما عن موضوع تعديل الدستور، الذي سبق وقيل إنه أحد الأسئلة التي تطرحها اللجنة على الجهات التي تزورها، فأشارت المصادر إلى أن «النواب لم يطرحوا السؤال على البطريرك»، مؤكدين أن «المهلة الدستورية التي تسمح بإجراء تعديل لم تُعد متوافرة» ، لذا «ليس بإمكان الرئيس برّي طرح الموضوع».
أما مصادر اللجنة التي زارت أيضاً كل من حزب الطاشناق ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية والرئيس نجيب ميقاتي، فقد أشارت إلى أن «الحديث مع الجهات التي قصدناها أمس، ركّز على التوقيت الأنسب للدعوة إلى جلسة انتخابية». ولفتت إلى أن «الراعي بدا مستعجلاً لعقدها، وإن لم تكُن مجدية، لكنها ضرورية كي يتحمّل كل طرف مسؤوليته». وفي الوقت الذي يؤكّد فيه الجميع أمام اللجنة «حضور الجلسة»، تقول المصادر إن هذا «التأكيد لا يمكن أن يُبنى عليه في المطلق»، لأن «لا أحد يستطيع معرفة ما يُمكن أن يطرأ في الساعات الأخيرة». وعن تعديل الدستور، أشارت إلى أن «الأغلبية أكدت رفضها»، لكنها «لن تقف في وجهه في حال فرضت الظروف تعديله».