سوريا تزعزع القطبية الآحادية الأميركية:
صداقة دائمة وعلاقات استراتيجية مع روسيا والصين
تميزت العلاقات السورية – الروسية بعمقها التاريخي وأهميتها الاستراتيجية، حيث بقيت خلال نصف قرن من الزمن محافظةً على روابط الاحترام والود والتعاون في مجالاتٍ عدّة "اجتماعية – علمية – اقتصادية – عسكرية - ثقافية.." أكسبت هذه العلاقات عمقها ومتانتها التي انعكست لمصلحة شعبي البلدين، وأصبحت الصداقة بينهما جزءاً من الموروث الثقافي والاجتماعي يتعزز عبر الزمن ويتجدد عبر الأجيال.
وإن أرضية التعاون بين البلدين التي بُنيت في عهد الاتحاد السوفييتي السابق والتي أثمرت عن العديد من المشروعات الحيوية المشتركة في مجالات مختلفة، بالإضافة إلى التعاون العسكري والدعم الروسي لسوريا في المحافل الدولية ومجلس الأمن والذي جعل من روسيا صديقاً وفياً لسوريا، كما أن اشتراك الأحرف نفسها في اسمي البلدين في اللغة العربية جعل القرب وكأنه قدريّ، وإن التبادل الثقافي والعلمي أنشأ شبكةً اجتماعيةً ومصاهرةً مهمةً جعلت النسيج الاجتماعي بين البلدين مترابطاً وحيوياً.
إن انهيار الاتحاد السوفييتي جعل علاقات روسيا مضطربة مع شركائها في بداية التسعينيات، لكن مع نهوض روسيا وإعادة دورها في العالم بدأت تبحث في علاقاتها التاريخية - وخصوصاً مع شركائها المخلصين - عن الروابط المشتركة بينهما وعن المصالح التي يمكن أن تتبادلها معهم على أساس النفع والفائدة لجميع الأطراف، وبما أن روسيا هي إحدى الدول التي تربطها مع سوريا علاقات عميقة وتاريخية، كان اللقاء بينهما مجدداً أمراً سهلاً وتم تجاوز جميع العقبات المعيقة لطريق تقدمهما، وأن القيادة الروسية في عهد "بوتين" أدركت بأن روسيا مستهدفة من الغرب ومن الولايات المتحدة تحديداً من أجل سلب قوتها ودورها كي تبقى أسيرة مشكلاتها الداخلية، قابعةً في حدودها الإقليمية مهددةً دوماً بالخوف من التقسيم عبر دعم وتشجيع جمهوريات روسيا الاتحادية للانفصال عن روسيا بعد أن تم تفكيك الاتحاد السوفييتي، وكان الهم بالنسبة لواشنطن أن تبقى روسيا ضعيفة اقتصادياً، ممزقة اجتماعياً، وبالتالي يصبح تمزيقها ومحاصرتها أمراً سهلاً بحيث يتسنى لواشنطن بسط إمبراطوريتها عبر سياسة القطب الواحد دون منازع.
علاقات تاريخية
1944 هو العام الذي دشّن الاتحاد السوفياتي الاعتراف الدولي بسوريا، وتعززت العلاقات السورية الروسية بشكل كبير لترتقي إلى مستوى التحالف الاستراتيجي في وصول الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد إلى سدة الحكم في 1970 وإعلانه انطلاق ما عرف بالحركة التصحيحية التي كرست حكمه في استفتاء عام 1971. ولازالت تلك العلاقة مستمرة حتى اليوم حيث شهد العام 2012 الفيتو الروسي على قرار مجلس الأمن ضد سوريا.
عرفت علاقات البلدين خطاً تصاعدياً قلّما مرّ بانتكاسات، وفي مقابل الدعم الأميركي المطلق لـ "إسرائيل" وجدت موسكو في سوريا وسواها من الدول العربية موطئ قدم لها في منطقة الشرق الأوسط في زمن الحرب الباردة.
ففي عام 1955 افتُتحت السفارة السوفياتية في سوريا وبعد ذلك بعامين بدأ الاتحاد السوفياتي الدأب بتدشين 63 مشروعاً في مناطق سورية مختلفة أهمها مد السكك الحديدية وخطوط الكهرباء ومنشآت الري.
في عام 1960 كانت عملية اكتشاف النفط شمال شرق سوريا على أيدي شركات سوفياتية قد قطعت شوطاً كبيراً.
وبحلول عام 1963 كانت القاعدة السوفياتية العسكرية على ميناء طرطوس قد أُنجزت وكان مقدار الأسلحة الروسية المباعة الى سوريا ما بين 2 و 3 مليار دولار، وبوصول الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الى السلطة وجد الكرملين في دمشق بديلاً عن القاهرة التي كان رئيسها أنور السادات قد قرر حينذاك الانفتاح على الولايات المتحدة، فأخذت العلاقة منحى استراتيجياً جديداً تُوّجت عام 1980 بتوقيع معاهدة التعاون والصداقة.
مع انهيار الاتحاد السوفياتي وتراجع الاهتمام الروسي في المنطقة شهدت العلاقات المتبادلة بعض التراجع، وانخفض ميزان التبادل التجاري في العام 1990 الى أن بدأت الأمور بالعودة تدريجياً.
واليوم ومع الأحداث التي تعيشها سوريا تبدو العلاقات بين موسكو ودمشق علاقة تكتيكية ضمن استراتيجية في شرق أوسط يعيش متغيّرات قلبت موازين القوى.
دعم الى أبعد الحدود، عبارة قد تختصر مواقف روسيا تجاه سوريا في الفترة الأخيرة، لكنها مواقف خطت مسارها مستندة خصوصاً لدى الشريك الروسي على حسابات واسعة ذات أبعاد استراتيجية، عسكرية، سياسية واقتصادية.
علاقات البلدين نشطت خصوصاً بعد عام 2005 عندما لجأ السوريون الى الحليف الروسي الذي قرر شطب 75 % من ديون دمشق المستحقة.
وقام الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة روسيا منذ توليه الحكم ثلاث مرات (2005 – 2006 – 2008)، وبادله الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف الزيارة في العام 2010، وهنا كان الحديث عن شراكة استراتيجية تميّزت دائماً بالاحترام والدعم المتبادلين والثقة بين البلدين، وأبرز ما فيها تعاون عسكري كان من أشكاله إقامة مركز دعم تقني للأسطول البحري السوفياتي سابقاً والروسي حالياً في ميناء طرطوس، وتُرجم التعاون بارتفاع نصيب سوريا من الصادرات العسكرية الروسية الى ما بين 7 و 10 % من إجمالي الصادرات العسكرية الروسية.
وكانت روسيا ولاتزال تعمل على إبراز هذه العلاقة من خلال مواقفها الثابتة تجاه سوريا وخاصة اليوم في ظل ما يجري في سوريا من أحداث على أيدي المتربصين بالنظام وأدوات المشروع الأميركي الصهيوني، وتوّجت هذه العلاقة بخطوة استباقية حيث رست سفن حربية روسية بما فيها حاملة طائرات في ميناء طرطوس بينما كانت محافظات سوريا تلتهب مطالبة بإسقاط النظام، محاولة إثبات وقوفها الى جانب النظام السوري الحليف الوحيد في منطقة الشرق الأوسط.
ولم تتوانَ موسكو عن الوقوف الى جانب سوريا، فقد أرسلت الى مينائها سفينة وعلى متنها 60 طناً من الأسلحة والمعدات العسكرية المرسلة من قبل الوكالة الروسية العامة لتطوير الأسلحة.
فالبلدان حسب صحف روسية وقّعا في 23/1/2012 صفقة لتزويد سوريا بـ 36 طائرة من نوع "ياك 130" وذلك مقابل 550 مليون دولار تضاف الى صفقات تسلح بقيمة 700 مليون دولار في العام 2010.
أما تجارياً فقد بلغ حجم التبادل التجاري بينهما ملياري دولار وأغلب التعاون كان في قطاعات النفط والغاز.
الداعمون للموقف الروسي يقولون إن موسكو ظلت تراهن على النظام السوري كسلاح رئيسي ورأس حربة أساسية للطموحات الإقليمية الروسية في الشرق الأوسط في مواجهة الهيمنة الأميركية.
سواء أقامت روسيا قاعدة لصواريخ (الاسكندر) في سوريا أم لم تقم، وسواء زودت سوريا بقواعد صواريخ مضادة للطائرات والدبابات أم لم تزودها، ورغم تأكيد وزير الخارجية الروسي أن بلاده لن تخل (بالتوازن) العسكري في الشرق الأوسط، فإن العلاقات السورية الروسية تقف على أبواب مرحلة نوعية جديدة.
العلاقات الوثيقة بين الجانبين سوف تعزز دور روسيا في الشرق الأوسط وربما دورها العالمي، وتشكل رسالة لا لبس فيها للولايات المتحدة وأوروبا تؤكد لهما ضرورة أخذ الموقف الروسي شرق الأوسطي بعين الاعتبار مستقبلاً، وهذا يضاف إلى دورها الناهض في القوقاز ووسط آسيا، ودورها الاقتصادي المتنامي مما يؤهلها للدخول شريكاً متكافئاً في السياسة العالمية.
من هنا إن تمسك موسكو بالرئيس الأسد ونظام حكمه يعود إلى مصالح اقتصادية وعسكرية وحسابات داخلية ضيقة، حرمت روسيا من رؤية أوسع وأعمق للتحولات السياسية التي فرضها الربيع العربي، ومن أسباب تمسك المجمع العسكري والصناعي في روسيا بالأسد.
أولاً: اقتصادياً: تمثل سوريا سوقاً هامة للشركات الروسية، إذ لا تزال دمشق سوقاً أسيرة تقريباً للشركات الروسية التي لديها مصالح تجارية واسعة مع سوريا، ولعلها أكثر أهمية من تلك التي خسرتها في ليبيا، إلى جانب استغلالها لقاعدة بحرية تحت التطوير والتجديد في طرطوس، وثلاثة مليارات يورو قيمة عقود لتوريد الأسلحة، وعدة مليارات يورو أخرى من الاستثمارات في البنية التحتية للغاز واستخراج النفط،
ثانياً، إهانة ليبيا لا تريد تكرارها في سوريا: لا يريد الكرملين تكرار الإهانة التي تعرض لها في ليبيا، والتي أقصيت روسيا من "كعكتها" بعد سقوط القذافي، ولم يكن للدبلوماسية الروسية أيام الثورة الليبية أي تأثير يذكر، إذ لم تتجاوز حدود دور "المراقب المطلع"، كما وصفها مراقبون.
ثالثاً، رفض التحولات السياسية: وهناك أيضاً الاعتماد الروسي على استراتيجية السوفييت السابقة في المنطقة، والتي لم تتغير رغم تغيّر الظروف، خاصة مبدأ التحفظ الدائم من خيار استخدام القوة في منطقة "الشرق الأوسط"، وهو ما أملى على القادة الروس موقف الرفض للتحولات السياسية التي فرضها الربيع العربي في تخوف واضح من أن تنعكس على الداخل الروسي.
رابعاً، تأثير الحسابات الداخلية: روسيا أيضاً لديها حساباتها الداخلية خلال فترة الانتخابات وقبيل انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية وترقباً لنتائج مباحثاتها في الشأن النووي مع الاتحاد الأوروبي، "لذا تضع الأزمة السورية موسكو في موقف غير مريح"، وبالرغم من ذلك فإن روسيا ستبقي دعمها للأسد "ما دامت إيجابيات هذا الموقف لا تزال أكثر من سلبياته".
وبذلك بقيت السياسة السورية محافظة على العلاقات مع روسيا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، ولعل حاجتها للسلاح الروسي (وروسيا هي المصدر الوحيد لسلاحها) وحاجتها لموقف روسيا في مجلس الأمن وكسب تأييده، كانت السبب الرئيسي الذي حمل سوريا على استمرار إبقاء العلاقات طيبة ولو بحدها الأدنى، رغم ضعف روسيا في عهد يلتسين ووقوفها على أبواب الغرب بانتظار المساعدات الاقتصادية والقبول بمنحها دوراً في السياسة العالمية.
ويبدو أن السياسة السورية حرصت منذ تولي الرئيس بشار الأسد مهماته على استمرار هذه العلاقات والعمل على تطويرها للسببين السابقين (التسلح والموقف السياسي) وكانت سوريا منذ مجيء فلاديمير بوتين تضغط باتجاه تطوير العلاقات وزادت تمنياتها وضغوطها بعد خروج قواتها العسكرية من لبنان ومحاولة الغرب (الأميركي والأوروبي) عزلها، واتخاذ قرارات عديدة في مجلس الأمن ليست في صالحها.
سوريا والصين تاريخ طويل من العلاقات
لم يكن الموقف الصيني مفاجئًا في مجلس الأمن مؤخرًا، عندما قامت بكين باستخدام حق النقض (الفيتو) إلى جانب روسيا أثناء عرض مشروع القرار الفرنسي البريطاني والمتعلق بما يحدث في سوريا العربية من تفاعلات داخلية لها علاقة بالأزمة العامة في تلك البلاد.
فقد جاء الموقف الصيني انطلاقًا من مسوغات قاطعة دفعت الصين لاتخاذ موقفها إياه داخل قاعة مجلس الأمن تعزيزًا للفيتو الروسي، حيث ترى بكين أن ما يحدث في سوريا وإن حمل بعض سمات الحراك الوطني الداخلي، والمطالب الشعبية، إلا أن المعادلة التي تم تركيبها على ظهر هذا الحراك هي معادلة بمفعول وفعل خارجي في ظل المساعي التي تقودها بعض دول الغرب الأوروبي والولايات المتحدة لتحقيق جملة من الأهداف الإقليمية في عموم المنطقة لا علاقة لها بمطالب الشعب السوري المحقة، ولا علاقة لها بتصدير الديمقراطية للعالم العربي أو الحرية للشعب السوري.
فالتقدير العام عند صناع القرار في بكين، يقر بأن ما يجري في سوريا بات بعيدًا عن مطالب شعبية محقة ونبيلة رفع رايتها الشعب السوري، وقد أمسى ما يجري عملية خارجية محبوكة بعناية وذات أهداف لها علاقة برسم خريطة المنطقة والصراع فيها، وفق الرؤية الأميركية. كما جاء الموقف الصيني من الأزمة السورية داخل مجلس الأمن، بعد الدرس الليبي الطازج.
ومن المعروف أن الصين تحاول دومًا اتخاذ مواقف شديدة المرونة بما يتعلق بالأزمات الدولية على امتداد المعمورة، وتعمل على تجنيب نفسها من دخول معترك المماحكات على المستوى الدولي، إلا أنها باتت تشعر في الفترات الأخيرة أن وجودها وحضورها بات مستهدفًا من قبل الإدارة الأميركية التي تعمل وفق مسارين اثنين في توجيه الأذى لجمهورية الصين الشعبية: أولهما زعزعة الاستقرار في منطقة بحر الصين عبر تسليح تايوان (جمهورية الصين الوطنية سابقًا) والإبحار الدائم لسفنها وحاملات طائراتها قبالة شواطئ الصين الشرقية. وثانيهما ابتلاع مصالح الصين في العالم، وإدارة صراع نفوذ اقتصادي معها على امتداد المعمورة خصوصًا في إفريقيا وبلدان الشرق الأوسط ومنها سوريا.
ومن المعلوم أن الصين انتقلت على صعيد السياسة الخارجية، من التحالف الوثيق مع الاتحاد السوفييتي السابق في الخمسينيات حتى أواسط الستينيات من القرن الماضي، إلى اللقاء الافتراضي مع الولايات المتحدة في السبعينيات والثمانينيات، أما اليوم فهي تتحرك ويدها بيد موسكو في السعي من أجل عالم متعدد الأقطاب تنتفي فيه قسوة السطوة الأميركية من مصالح باقي المنظومات الدولية من العراق إلى ليبيا إلى باقي مناطق العالم.
ويتمحور الموقف الصيني بالنسبة للأزمة السورية على سكتين متوازيتين، أولاهما دعوة كل الأطراف المعنية في سوريا من سلطة ومعارضة ومؤسسات وهيئات شعبية وغيرها للحوار البناء والمجدي، وعلى أساس أولوية المصالح الوطنية ومصالح الشعب السوري، مع نبذ العنف وتفادي إراقة الدماء، ورفض أي تدخل خارجي، ورفض استعارة السيناريو الليبي أو العراقي. وثانيها دعوة الحكومة السورية لمواصلة عمليات الإصلاح الجارية، وإصدار المزيد من رزم القوانين والمراسيم التي تعود بالنفع العام على الشعب السوري، والإسراع بتطبيقها على الأرض.
علاقات ممتازة وقوية في الصعد كافة
العلاقات الممتازة بين البلدين استندت إلى تاريخ طويل من العلاقات تعود إلى آلاف السنين منذ طريق الحرير الأمر الذي كان له الأثر الطيب على علاقات الشعبين الصديقين خاصة وأن سوريا كانت من أوائل الدول العربية التي اعترفت بتأسيس جمهورية الصين الشعبية وأقامت العلاقات الدبلوماسية معها، وعلى مدى 55 عاماً مضت استمر البلدان بتبادل الدعم والتفاهم حيث التزمت سورية بكل ثبات بمبدأ الصين الواحدة وأيدتها باستمرار في قضايا تايوان والتبت وشينجانغ وحقوق الإنسان وغيرها من القضايا في الوقت الذي أيدت فيه الصين جهود سوريا المبذولة في الحفاظ على سيادة الدولة وسلامة أراضيها واستعادة الجولان المحتل عبر المفاوضات المستندة إلى القرارات المعنية في الأمم المتحدة.
فالتواصل في المجال السياسي توثق بين البلدين على جميع المستويات يوما بعد يوم وذلك يعود للرغبة المشتركة لدى البلدين لتعزيز هذه العلاقات، وبالتالي علاقات البلدين الاقتصادية والتجارية حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 2,5 مليار دولار عام 2010 بينما وصلت قيمة عقود المقاولات الهندسية للشركات الصينية في سوريا حتى نهاية عام 2010 إلى 1,82 مليار دولار.
ويبدو بأن تزايد الاستهلاك المحلي في الأسواق السورية للكثير من المنتجات الصينية بهذا الشكل المتسارع، شجع بالفعل هذه الشركات على القيام بدراسات جدوى حقيقة في التصنيع مباشرة في السوق السورية بدلاً من استمرار تصدير المنتجات عبر آلاف الكيلومترات من الصين، وتعتبر صناعة السيارات واحدة من أهم هذه الصناعات المرشحة للدخول الى البلاد، وخاصة بعد أن أصبحت السوق السورية واحدة من الأسواق الهامة لاستهلاك السيارات الصينية في الشرق الأوسط.
كما أن التعاون الثنائي مستمر في مجالات النفط والبنى التحتية والغزل والنسيج والطاقة والاتصالات والمواصلات والبناء والإسكان والتكنولوجيا وتطوير الموارد البشرية والنقابية والعمالية.
ولم تقتصر علاقات البلدين القوية على الجانبين السياسي والاقتصادي إلا أنها امتدت لتشمل جوانب مهمة أخرى مثل الثقافة والسياحة والإعلام.
وخلاصة القول، وكما تشير كل المعطيات المتوفرة، إن الصين تدرك تمامًا بأن هناك عملية صراع مكشوفة تقودها الولايات المتحدة في المنطقة من أجل إعادة ترتيبها واستغلال مشاعر الناس ومطالبها المحقة. في الوقت الذي تشدد فيه بكين على ضرورة التفتيش والبحث عن مخارج الحلول بروح ترفض تكرار النموذج الليبي أو الاستقواء بالخارج، أو دفع الأمور باتجاه التدخل العسكري. كما في ضرورة الإسراع بتحقيق نقلات نوعية إيجابية في حياة ومستقبل الشعب السوري.
إن المرحلة المقبلة ستشهد تغيرات مهمة في إعادة خريطة التحالفات في العالم، وإن الدول التي لا تحافظ على سيادتها وأمنها القومي عبر صمودها الداخلي وإنشاء شبكة من العلاقات الإستراتيجية مع المقربين والمشاركين لها في الهموم والعداوات ستواجه مشكلات يمكن أن تودي بسيادتها وشعبها وإن التمدد الأخطبوتي للمشروع الصهيو - أميركي في العالم يجب أن يواجه بحلقات دفاعية كما أسلفنا توقفه عند حده وتمنع تمدده الخطير، وإن بحث سوريا اليوم عن نقاط الالتقاء مع شركائها وتعزيز علاقتها مع المقربين منها بما يضمن مصالحها وأمن شعبها، وخصوصاً بعد هذه الهجمة الشرسة التي استهدفتها وحاولت عزلها يدل على أن سوريا تدرك مصلحتها جيداً وتفهم حركة المتغيرات الدولية وتسعى انطلاقاً من ذلك للمحافظة على دورها كبلد إقليمي له تأثير لا يمكن تجاوزه، وتعزيز أمنها المستهدف والتحضير لمرحلة جديدة العالم مقبلٌ عليها، عنوانها... استفاقة الحرب النائمة.
إعداد: لميس داغر