رأى المحلل للشؤون العسكرية في صحيفة 'هآرتس' العبرية، عاموس هارئيل، إن مدينة إيلات، الواقعة في جنوب الدولة العبرية مستهدفة من قبل العناصر التي أسماها بالإرهابية، مشددًا على أنه لا يوجد أي حل تستطيع "تل أبيب" إيجاده لحل هذه المعضلة، على حد تعبيره.
وتابع قائلاً إن عملية إطلاق صاروخ من طراز غراد على المدينة الجنوبية، أول من أمس، يؤكد لكل من في رأسه عينان على أن معضلة الدولة العبرية على حدودها الغربية متفاقمة ولا حل لها، على حد تعبيره.
ولفت إلى أنه في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل بناء الجدار على الحدود مع مصر بوتيرة عالية لمنع تسلل العناصر الفدائية لتنفيذ عمليات داخل العمق الإسرائيلي، فإن لجيش الاحتلال لا يوجد أي حل لمنع إطلاق الصواريخ من شبه جزيرة سيناء باتجاه جنوب إسرائيل، ذلك أن الصواريخ تلتف على الجدار وتصل إلى العديد من المدن الإسرائيلية في الجنوب،
وزاد المحلل قائلاً إنه من الناحية الأخرى لا يوجد لتل أبيب أي عنوان في مصر للتفاوض معه والتنسيق بين الدولتين لدرء هذا الخطر المحدق، كما أن الحكومة الإسرائيلية الحالية غير معنية بتردٍ اخر في العلاقات الثنائية بين القاهرة وتل أبيب، إذ أن العلاقات بينهما تمر في أزمة حقيقية، علاوة على ذلك، قال المحلل إن عدم قيام أي تنظيم بتحمل المسؤولية عن عملية إطلاق الصاروخ يجعل من مهمة جيش الاحتلال لتوجيه ضربة عسكرية قاسية في قطاع غزة مهمة صعبة للغاية.
وذكر هارئيل بأنه في الأسبوع الماضي قام رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بزيارة إلى منطقة الحدود مع مصر للاطلاع عن كثب على تقدم بناء الجدار، وللتأكيد على أنه كان الأول الذي لاحظ الخطر القادم من شبه جزيرة سيناء،
وأكد على أن نتنياهو يقف دائما على الجدار لمنع المتسللين الذين يبحثون عن عمل من الدخول إلى إسرائيل، وهو الأمر الذي تفعله حكومته منذ ثلاث سنوات، أيْ منذ تشكيلها، ولكن الحقيقة، برأي المحلل في (هآرتس) أن العملية الفدائية، التي تم تنفيذها في إيلات في شهر أب (أغسطس) من العام الماضي، كانت المحفز الرئيسي والأساسي لرفع وتيرة العمل في بناء الجدار، والتي حسب التقديرات الأخيرة، سيتم الانتهاء من تشييدها مطلع العام القادم.
واعترف المحلل بأن الجدار لن يتمكن من منع تسلل الفدائيين بشكل قاطع من الحدود المصرية إلى داخل الدولة العبرية، إلا أنها من الناحية الأخرى ستُساهم إلى حد كبير في انخفاض عدد العمليات الفدائية، وعمليات تهريب الأسلحة وعمليات تسلل الباحثين عن العمل في إسرائيل،
علاوة على ذلك، نقل المحلل الإسرائيلي عن محفل وصفه بأنه رفيع المستوى في المنظومة الأمنية بتل أبيب أن الجدار ستمنع إلى حد كبير من الخلايا الفدائية من تنفيذ عمليات داخل إسرائيل، على غرار عملية إيلات في الصيف الماضي، والتي راح ضحيتها 8 مواطنين إسرائيليين، على حد قوله،
علاوة على ذلك، استدرك المحلل، أنه لا يوجد أي جدار في العالم بقدرته منع إطلاق الصواريخ، وبالتالي فإن الرد الإسرائيلي على هذه العملية سيكون محدودا، لافتا إلى أن التنسيق والتعاون بين التنظيمات الإرهابية الفلسطينية في قطاع غزة وزيادة تطوير الأسلحة والصواريخ من ناحية، وازدياد التعصب الإسلامي الأصولي لدى البدو في سيناء هو الأرض الخصبة لتنامي العمليات الفدائية ضد الدولة العبرية.
وأضاف قائلاً إن شبه جزيرة سيناء والقطاع باتت منطقتين مليئتين بالأسلحة التي تم تهريبها من مخازن الأسلحة الليبية، التابعة للرئيس الراحل معمر القذافي. ولفت أيضًا إلى أن الجيش الإسرائيلي ليس قادرا على إجراء عمليات إحباط مسبقة في شبه جزيرة سيناء، بسبب خشية تل أبيب من تردي العلاقات الثنائية مع مصر، مشددًا على أنه بالرغم من أن مصر لا تعترف بذلك رسميًا، يعرف الجميع في القاهرة أن منطقة سيناء تحولت إلى منطقة لا أمن ولا أمان فيها، ولا تستطيع مصر بقواتها الأمنية منع العمليات الفدائية من داخلها ضد إسرائيل،
كما أن المصادر الأمنية في تل أبيب اتهمت القاهرة والمجلس العسكري الأعلى الحاكم بأن لا نية لديهما في وضع حد للفلتان الأمني في سيناء، ومن الجهة الأخرى، فإن إسرائيل بحاجة ماسة إلى إثبات مؤكد يمنحها الفرصة لأنْ ترد على العمليات بقسوة بالغة في قطاع غزة، وفي العملية الأخيرة، لا تملك إسرائيل، أضاف المحلل، أي تأكيدات أوْ إثباتات، لتورط التنظيمات الفلسطينية فيها.
وقال أيضًا إنه على الرغم من التهديدات الإسرائيلية الصادرة من قادة وأركان الدولة العبرية، فإن صناع القرار في تل أبيب يشكرون الله لأن العملية لم تجب ضحايا بالأرواح، لأنه لو وقع ضحايا، فإن ذلك كان سيؤدي إلى إدخال الحكومة في معضلة كبيرة بالنسبة للرد العسكري، على حد قوله.
وخلص إلى القول إن مدينة إيلات التي تعتاش من السياحة باتت في مرمى الصواريخ المعادية وأصبحت هدفًا للتنظيمات جميعها، بما في ذلك، التنظيمات الجهادية والفلسطينية، وبسبب السهولة البالغة في إطلاق الصواريخ على إيلات وعلى إسرائيلية أخرى، فإن أحدًا في الدولة العبرية لم يفاجأ من سقوط صواريخ أخرى على المدينة، على حد تعبيره.
على صلة بما سلف، قالت صحيفة 'هآرتس' الجمعة إنه خلال حفل إنهاء دورة ضباط استخبارات في (غليلوت)، بمركز الدولة العبرية أمس، قال رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال أفيف كوخافي إن قوات الأمن كشفت في الشهور الأخيرة أكثر من 10 خلايا إرهابية نشطت في سيناء.
جاءت أقواله تلك على خلفية إطلاق صواريخ غراد فجر الخميس باتجاه إيلات، مشيرا إلى أن المحاولات التي لا تتوقف لتنفيذ عملية تستهدف أهدافا إسرائيلية انطلاقا من سيناء. وقال كوخافي إن الشرق الأوسط الذي يشهد وتيرة تسلح هي الأعلى في العالم يغير وجهه وطابعه تماما. وأضاف أن رياح التغيير قد تحمل فرصا وبشائر، ولكن المخاطر تتصاعد على المديين القصير والمتوسط، وبينها تلك التي تنطلق من سيناء، حيث أن إطلاق النار باتجاه إيلات ما هو إلا تعبير عن التغيير الجوهري الذي يحصل.
وادعى كوخافي أن المنظمات الإرهابية تعزز قواعدها وسيطرتها في سيناء. وبحسبه فإن التجارب تفيد بأنه يجب الاستعداد لجبهات جديدة وتصاعد التهديدات وعدم الاستقرار الأمني الذي سيميز المنطقة في السنوات القريبة. وقال أيضا إن الواقع يتغير بسرعة كبيرة مقارنة مع السنوات والعقود الماضية، ويتحول إلى كثير الأبعاد وبمركبات كثيرة، على حد وصفه