نشرت مجلة محلية عام 1978 مقابلة مع راسمالي محلي قال فيها:
"إذا كانت م.ت.ف ستأتي هنا بالتحرير فلا بأس، أما إذا كانت ستأتي بالمفاوضات
فنحن أهل البلد وأولى بذلك".
يعرف راس المال التابع والكمبرادوري مصالحه جيداً حتى دون إجراء دراسات جدوى أوَّلية Pre-Feasibility Studies أو كاملة.
لكن منظمة التحرير عادت إلى الأرض المحتلة عبر اوسلو الذي ما زال بعض موظفيها يزعم أن أوسلو لم تعترف بإسرائيل. نعم ايها البليغ سياسياً، هل اتيت أنت هنا بالمظلة، كما فعل أحد ابطال الجبهة الشعبية القيادة العامة بالطائرة الشراعية؟ أم أن المنظمة اعترفت بجمهورية "حمدان قرمط"! إذا لم تعترف فقد اتت بالتحرير إذن! شكراً على إفهامي. نحن نرفل بالحرية إذن. سامحك الله لو قلت لي هذا يوم قدومك 1994، لأرحتني خمسة عشر عاماً! كم شبر بأيدينا؟ هل يعرف العرب أن ما من فلسطيني في الضفة والقطاع يحمل رخصة ملكية لمكان بيته. تقول الرخصة: "هذه الرخصة تعني أن حاملها يملك البيت وليس الأرض" البيت يُهدم والأرض تبقى لهم. أليس من العيب هذا الزعم على المكشوف!
لكن من يزعمون أن أوسلو الفلسطينية لم تعترف بالكيان، ليسوا ضعفاء، وأوسلو ليست ضعيفة. لقد تمكنت خبرة الاستعمار التاريخية ولا سيما البريطانية أن تخلق حالة رهيبة في الأرض المحتلة. حالة سكانية ممن يدافعون عن أوسلو لأن معيشتهم مرهونة بها، وليأخذ كل فلسطين الطوفان.
كان لا بد من طرد الذين يعملون داخل الكيان وإنشاء جهاز بيروقراطي مدني وشُرطي يقارب مئتي ألف شخص. (من بينهم مثقفون يعيشون في الخارج ويعملون ويتقاضون رواتب).
اذن مئتا ألف مع اسرهم... نتحدث عن طبقة (تفارقية Differentiated التركيب، فيه المليونير وفيها آذن المدرسة، شبيهة مع عدم المؤاخذة بالهستدروت التي تضم نتنياهو وحتى عامل تنظيف إثيوبي لا يُسمح له بالموت في مقبرة يهود بيض)
متراكبة ومتفارقة التكوين تصل إلى مليون شخص.
وبالطبع، هناك من هذه الطبقة من يدافع عن أوسلو بعقيدة تطبيعية، وهناك فقراء يقول: "يا سيدي بدنا نعيش" ويتمنى لو يكون للشهر نهايتين ليأخذ راتبين!
من هنا يصبح لزعم المدافعين بأن "اوسلو لم تعترف بإسرائيل" جمهور هائل.
الصهينة
كتبت منذ سنين، وخاصة في نقدي لعضوية فلسطينيين في الكنيست، أتساءل: هل الاعتراف بالكيان الصهيوني وقسم يمين الولاء للدولة اليهودية هو اسرلة أم تهويد أم صهينة؟
ليس أسرلة لأن الأسرلة جنسية تُحمل وتُسحب وتُرمى ويُفترض أن لا يتبعها التزام عقائدي. والتهويد غير وارد لأن هذا العرق يشترط الانتماء اليهودي ليس من حيث الدين بل بالخروج "المؤكد" من رحم إمرأة يهودية. طبعاً لاستجلاب مستوطنين ليسكنوا في جوار الأقصى وقريباً فيه نفسه، وفي رام الله، بجانب القصر الثقافي الذي يستضيف المطبعين العرب.
ولكن، قرر الكيان الصهيوني منح اليهودية أو قبول تهوُّد من أتو من أرحام أخرى. إلا أن هذا ظل استثناءً بعد.
أما الصهيونية، فهي موقف عقيدي وسياسي. هي اعتبار فلسطين وحتى من "الفرات إلى النيل أرض إسرائيل" وأن ما احتل عامي 1948 و 1967 هي خطوات على طريق استكمال المشروع، اي "تحرير أرض إسرائيل من الغبار العربي". ولذا، بإمكان أي رجل أو إمرأة أو حتى من هو بينهما أن يكون صهيونياً. وعليه، فمن يعترف بالكيان قولا أو تطبيعاً، هو صهيوني. عرف أم لا، هذه مشكلته.
صاحب العَظَمَة وصاحب النغمة
لست أدري إن كان الرفيق المناضل "سعيد سيف – الإسم الحركي ل عبد الرحمن النعيمي"، لا أدري إن كان حياً أم رحل بعد الغيبوبة "ال كوما" التي حيَّدت عن أوغاد المرحلة واصابته! سعيد سيف اسمه الحركي لمدة 25 عاماً قضاها لاجئا سياسيا في سوريا ولبنان هربا من طاغية البحرين السابق وابنه الحالي. في البحرين حين قام القوميون بهبة 1965 قتل منهم ملكها الالاف. أما الملك الحالي الذي طلب من الناس أن يسموه "صاحب العظمة"! فسجونه مليئة بالضحايا وشرطته تقتل من يرفع راسه.
فهل إرسال وفد رسمي إلى الكيان كله اهتمام بخمسة بحرينيين (لا اقول مواطنين) لأن العربي ليس مواطناً لدى هكذا أنظمة. هو رقم وحسب.
أم أن الحقيقة أن صاحب العظمة على عظمته كان مثل لصٍّ صغير يتحين فرصة التقرب من سادته الصهاينة ليمارس التطبيع فالتقط فرصة وليس أتفه. فمن قال له أن هؤلاء الشباب لم يتوقعوا من الصهيوني حتى الاغتيال؟ هل فعلها بأمر من الرئيس الوسيم أوباما؟ أعتقد نعم.
وحتى لو طلبوا منه أن ينقذهم فلن يفعلوا ذلك بهذه الطريقة، وحتى لو بهذه الطريقة، فهل يحب شعبه إلى هذا الحد، وقواعد أميركا في البحرين وقيادة الجيش والشرطة بأيدي الإنجليز والأمريكان!
ولكن، طالما أن الفلسطيني يُطبِّع، ماذا نقول لصاحب العظمة!
قبل ايام كان إلهام المدفعي يغني للجمهور نفسه الذي يتمنى التطبيع. والمدفعي ليس بلا عقل حتى لا يعرف أنه ذليل على الجسور في الذهاب والإياب. لكنه مثل ملك البحرين يستدعي إهانات الصهاينة لأنه يشعر بالدونية تجاههم. اية لذة جنسية في غير مكانها.
كثير من جمهور القصر الثقافي لا يرى نفسه عربيا ولا ضفاوياً، ولا حتى لرام الله. هم أناس يبحثون عن قتل الوقت بالطرب والرقص. لا بأس، فلينتمِ المرء لما يريد. ولكن الحد الأدنى أن لا يهين الوطن. هناك فرق رقص محلية، ليحضرها من أراد، ولكن حين يتعلق الأمر بمن يأتي من الخارج، علينا أن نتذكر أن الصهاينة يريدون منا: "أن يقوم كل فرد عربي بفرديته، برأسه بالتوقيع على نص التطبيع المذل" فهم يعرفون أنه بهذا فقط "يملكون فلسطين ويشطبون حق العودة. يريدون صك اعتراف من كل فرد.
لنخرج نحن إليهم
يزعم بعض المطبعين انني أنادي بمحاصرة أهل الأرض المحتلة لأنني ضد التطبيع! جميل، ألا يحاصر الكيان أهل غزة؟ ألا يحاصرهم حاكم مصر؟ سيكون حصاراً جميلاً طالما التطبيع هو إقرار بأن هذا الوطن لمن يحتله. هذا هو معيار التطبيع، "الأرض لمن يغتصبها، ولا شك أنهم يؤمنون بأن المرأة لمن يغتصبها"، فالأرض هي الأم الكبرى ومن يفرط بها يفرط بالأم الصغرى.
ولكن، لماذا لا نزور نحن الوطن العربي والعالم؟ ولماذا لا ندعو غير العرب لزيارة الأرض المحتلة؟ ولماذا لا نقول لهم إن زيارة العرب للأرض المحتلة هو تطبيع، ليعرفوا معنى الإصرار على تحرير الوطن، وليس التكيُّف مع مناخات الهزائم.
ولكن، كثيرون منا هم الذين زاروا ذلك الوطن، ورأوا اي حال هناك؟ وربما كل سوء الحال ذاك هو الذي أوصل البعض هنا إلى عدم رؤية مخاطر التطبيع، اليس هذا أرذل الزمن!