ابو ابراهيم الاحمد عميد
المزاج : غاضب من اجل فلسطين تاريخ التسجيل : 22/01/2009 الابراج : الأبراج الصينية : عدد الرسائل : 826 الموقع : https://fateh83.yoo7.com العمل/الترفيه : الرياضه
بطاقة الشخصية فتح: 50
| موضوع: حرب صعدة ووحدة اليمن : الخميس ديسمبر 17, 2009 1:52 am | |
| حرب صعدة ووحدة اليمن :
فشل التنمية ينتج حرباً إقليمية لا تنموية |
| سيد حسن سيد |
تزايدت التقارير والأخبار التي تسعى لرصد تطورات الوقائع وأحداث الصراع الدامي الدائر في منطقة شمال غرب اليمن، وتحديداً في محافظة صعدة، وإضافة لذلك، فقد تواتر ظهور المعلومات الاستخبارية والتحليلات السياسية التي تنذر بتزايد احتمالات تحول صراع صعدة اليمنية إلى حريق إقليمي أكثر اتساعاً، يما يمكن أن يؤدي من جهة إلى تحويل الساحة اليمنية
|
|
|
إلى مستنقع نزاع مرتفع الشدة، ومن الجهة الأخرى إلى إشعال البنية الإقليمية اليمنية بما فيه الكفاية لاستدراج العديد من الأطراف الإقليمية والدولية. المحددات العامة للصراع في صعدة اليمنية: تقع محافظة صعدة اليمنية في الجزء الشمالي الغربي من الأراضي اليمنية، تبلغ مساحتها 14364 كلم مربع، وعدد سكانها حوالي 850 ألف نسمة وتجاور من جهة الجنوب محافظة عمران، ومحافظة حجة، ومن جهة الشرق محافظة الجوف، أما من جهة الشمال والغرب، فتمتد حدود محافظة صعدة على طول خط الحدود الدولية اليمنية-السعودية. جميع سكان صعدة هم من العرب اليمنيون، ويتميزون بوجود أغلبية كبيرة تنتمي إلى المذهب الزيدي الشيعي، إضافة إلى وجود القليل من أتباع المذهب الإسماعيلي، هذا، وعلى أساس الاعتبارات الأثنو-طائفية، فإن الشيعة الزيديون، وبرعم وجودهم بقدر أقل في العديد من المحافظات اليمنية الأخرى، يشكلون أقلية طائفية مقارنة بالأغلبية الكبيرة اليمنية التي تنتمي إلى المذهب السني. تتميز البنية الطبيعية في محافظة صعدة، بوجود التضاريس الجبلية الشديدة الوعورة، والتي تتميز بوجود الكهوف والمنحدرات الصخرية والممرات الضيقة الوعرة، الأمر الذي جعل من التضاريس عاملاً مساعداً يعزز من قوة المليشيات المسلحة من جهة، ومن الجهة الأخرى عاملاً معوقاً يضعف من قدرة القوات المسلحة اليمنية في القيام بشن عمليات مكافحة التمرد. خلفيات الصراع اليمني-اليمني في صعدة: تقول المعلومات، بأن خلفيات الصراع اليمني-اليمني في محافظة صعدة، تعود بالأساس إلى احتقانات العنف المحلي الكامن في البنيات الهيكلية الاجتماعية الموجودة في اليمن، وعلى أساس هذه الاعتبارات، فإن الصراع في محافظة صعدة، تمتد جذوره إلى الخلافات المذهبية-الطائفية المرتبطة بالانقسام المذهبي السني-الشيعي، وما ترتب على ذلك من تداعيات على العلاقات البينية المجتمعية في اليمن. يمثل الزيدية اليممنيون أحد فروع المذهب الشيعي، وترتبط تسميتهم، بالإمام الشيعي زيد بن علي، ويتميزون، بأنهم لا يتفقون مع بقية المذاهب الشيعية القائلة بالإثني عشرية الإمامية، وفقط يؤمن الزيدية اليمنيون بالأربعة أئمة الأوائل، إضافة إلى الإمام زيد بن علي الذي يعتبرونه الإمام الخامس، والذي يقولون بأنه يحل محل شقيقه محمد الباقر، أما بالنسبة للأئمة الذين يأتون بعد زيد بن علي، فإن الزيدية اليمنية يؤمنون بالأئمة الذين يتحدرون من الحسن ابن علي أو الحسين بن علي حصراً. شهد سياق العلاقات البينية المجتمعية اليمنية المزيد من الخلافات والصراعات المذهبية بين السنة والشيعة الزيدية، وعلى وجه الخصوص في مناطق التماس التي تضم خليطاً سكانياً يجمع بين السنة والشيعة الزيدية. وبسبب عمق المشاعر الدينية السنية والشيعية، فقد كانت الخلافات الدينية المذهبية تأخذ طابعاً حاداً يحمل بين ثناياه المزيد من المشاعر السلبية إزاء الآخر، وإضافة لذلك، فقد وجدت العنف الكامن طريقها إلى السطح بفعل تزايد معدلات الفقر، وتواتر عمليات التعبئة السياسية السالبة خلال الحقبة الأخيرة. الأداء السلوكي للصراع في صعدة اليمنية: بدأت عمليات التعبئة الفاعلة في محافظة صعدة اليمنية، عندما نجح الزعيم الشيعي الزيدي حسين بدر الدين الحوثي بتأسيس تنظيم شباب المؤمنين، والذي انضم إليه الآلاف من الشيعة الزيدية الموجودين في محافظة صعدة اليمنية، وتبنى هذا التنظيم أجندة مطلبية من أجل الحصول على اعتراف الحكومة اليمنية ببعض الحقوق الاجتماعية والمذهبية الدينية الخاصة بالشيعة الزيدية، وبالمقابل وجهت الحكومة اليمنية اتهاماتها لتنظيم شباب المؤمنين، بأنه يسعى ويعمل من أجل الإطاحة بالحكومة اليمنية، وإقامة نظام حكم إسلامي يمني يسيطر عليه الشيعة الزيدية، وعلى خلفية تزايد التوترات، فقد اندلعت المواجهات الإثنية بين الحكومة اليمنية وتنظيم شباب المؤمنين: - جولة المواجهة الأولى (2004م): بدأت في يونيو (حزيران) عام 2004م واستمرت حتى شهر أغسطس (آب) من نفس العام، وانحصرت المواجهات في الجزء الشمالي من محافظة صعدة، وتقول المعلومات والتقارير بأن القتال الذي دار في هذه الجولة بين القوات المسلحة اليمنية والمسلحين التابعين للزعيم بدر الدين الحوثي، قد أسفر عن مقتل ألف عنصر من الجانبين، وكان الزعيم حسين بدر الدين الحوثي نفسه بين القتلى، وقد تولى القيادة بدلاً عنه، أحد أبناءه، وهو عبد الملك حسين بدر الدين الحوثي. - جولة المواجهة الثانية (2005م): اندلعت المواجهة المسلحة بين القوات المسلحة اليمنية المسلحين الحوثيين خلال شهري مارس (آذار) إبريل (نيسان) عام (2005م، وسقط فيها حوالي 1500 قتيل من الطرفين، هذا وبرغم أن العمليات القتالية قد توقفت بين الطرفين في نهاية إبريل (نيسان)، فإن بعض الاشتباكات المسلحة ظلت تحدث بشكل متقطع بين الطرفين، وذلك بسبب رفض المسلحين الحوثيين لعرض قدمه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ينص على حصول المسلحين على العفو مقابل الاستسلام للحكومة اليمنية، وفي يوم 21 مايو (أيار) من نفس العام أصدرت الحكومة اليمينية تقديرات تحمل المسلحين الحوثيين المسؤولية عن مقتل 552 يمنياً، وجرح 2708 آخرين، إضافة إلى إلحاق خسائر اقتصادية تقدر بحوالي 270 مليون دولار. - جولة المواجهة الثالثة (2007م): بدأت المواجهة بين قوات الجيش اليمني والمسلحين الحوثيين في يناير (كانون الثاني) عام 2007م، واستمت حتى 16 يونيو (حزيران) من نفس العام، حيث تم إعلان وقف إطلاق النار بين الطرفين، وشهدت جولة المواجهة هذه العديد من الاشتباكات العنيفة، والتي سعت فيها الأطراف لجهة السيطرة على المنشآت والممرات والطرق الإستراتيجية، وإضافة لذلك فقد شهدت هذه الجولة قيام الحكومة اليمنية بشن عملية عسكرية كبيرة تضمن تعبئة 30 ألف جندي (9 ألوية) الأمر الذي أدى إلى وقوع المزيد من القتلى والجرحى بين الطرفين، إضافة إلى تزايد أعداد اللاجئين والمشردين، هذا، وعلى خلفية الوساطة القطرية، فقد توصل الطرفان إلى وقف إطلاق النار، بناء على اتفاق حول صفقة تضمنت قيام السلطات اليمنية بإطلاق سراح الحوثيين المعتقلين، وإعادة تعمير المناطق التي دمرتها الحرب، مقابل قيام الحوثيين بإلقاء السلاح، وخروج قادتهم للإقامة بالمنفى في دولة قطر التي رحبت باستقبالهم. - جولة المواجهة الرابعة (2008م): بدأت الاشتباكات المسلحة في إبريل (نيسان) عام 2008م، وفي 2مايو (أيار) من نفس العام، تعرض مسجد بن سلمان الموجود في محافظة صعدة إلى عملية قصف أدت إلى مقتل 15 وجرح 55 من المصلين الذين كانوا بداخله لأداء صلاة الجمعة، وألقى كل طرف المسؤولية على الآخر، وأعقب ذلك حدوث اشتباك مسلح أدى إلى مقتل 3جنود و4من المسلحين الحوثيين، وبحلول يوم 12 مايو(أيار) أخذت الاشتباكات طابعاً مرتفع الشدة، تزايدت فيه أعداد القتلى من الطرفين، واستمرت الاشتباكات، حتى قيام الرئيس اليمني علي عبد صالح في يوم 17 يوليو (تموز) 2008م، بالإعلان عن إنهاء العمليات العسكرية الحكومية في محافظة صعدة. أدت جولات المواجهة الخمسة إلى تزايد أعداد القتلى والجرحى بين الطرفين، إضافة إلى تزايد أعداد اللاجئين والنازحين، على النحو الذي دفع المنظمات الإنسانية الدولية إلى القيام بإعلان حالة استنفار واسعة سعت إلى تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين والنازحين اليمنيين. - التحول باتجاه الصراع المرتفع الشدة: يمثل الصراع المسلح الجاري حالياً في محافظة صعدة اليمنية بداية التحول نحو نموذج الصراع المرتفع الشدة، وذلك لجهة تزايد استخدام الوسائط العسكرية الأكثر تطوراً، وكثافة المواجهات المسلحة، إضافة إلى تزايد الأطراف المتورطة في الصراع، مع وجود الأعداد الكبيرة من القتلى والجرحى والنازحين، وحالة الدمار والخراب الواسع النطاق. تقول المعلومات، بأن أطراف الصراع الرئيسية ممثلة في الحكومة اليمنية، والحوثيين، ظلت طوال الفترة الممتدة من لحظة انتهاء جولة المواجهة الرابعة، وحتى عشية اندلاع المواجهة الحالية، في حالة الاستعداد والاستنفار إضافة إلى تكثيف الجهود تحسيناً لجولة المواجهة الجديدة. وصلت عمليات التعبئة السلبية الفاعلة إلى مرحلتها القصوى بحلول مطلع شهر أغسطس (آب) الماضي، وبدأت حملة الذرائع تجد المزيد من الأسانيد من خلال تطورات الوقائع والأحداث الآتية: - تتم في شهر يونيو (حزيران) عام 2002م الماضي اختطاف تسعة من الأجانب خلال قيامهم برحلة في محافظة صعدة اليمنية. - تم العثور على جثث ثلاثة من الأجانب المختطفين: معلم كوري جنوبي، وممرضتان ألمانيتان. - لم يتم العثور على الستة أجانب الباقين، وهم: خمسة ألمان من بينهم 3 أطفال، إضافة إلى شخص بريطاني واحد، ومازال مكانهم غير معروفاً. وما هو جدير بالملاحظة يتمثل في أن الحكومة اليمنية بادرت إلى اتهام الحوثيين وتحميلهم المسؤولية عن عملية الخطف والقتل، دون دليل مادي، وفقط لمجرد أن التعسة أجانب تم خطفهم خلال وجودهم في محافظة صعدة، وبالمقابل أنكر الحوثيين تورطهم في عملية الخطف، ورفضوا اتهام الحكومة اليمنية لهم، وإضافة لذلك، أكدت الحوثيين بأن الأجانب التسعة قد تم خطفهم بواسطة عصابات المخدرات الناشطة في مناطق شمال غرب اليمن الجبلية الوعرة والتي تمارس زراعة وتجارة المخدرات العابرة للحدود السعودية-اليمنية. ولم يكتفي الحوثيين بنفي الاتهامات وتوجيه أصابع الاتهام نحو عصابات المخدرات، وإنما إضافة لذلك وجه الحوثيين أصابع الاتهام لبعض المجموعات القبلية الأخرى الموجودة في المنطقة. اتسع نطاق انتقادات الحكومة اليمنية للحوثيين، وأخذت الاتهامات اتجاهاً نوعياً جديداً، ركز على النقاط الآتية: - عدم التزام الحوثيين باتفاقية إنهاء العداوات التي تم الاتفاق عليها بين الطرفين. - قيام الحوثيين بفرض السيطرة بالقوة المسلحة على معظم أجزاء محافظة صعدة اليمنية. - استيلاء المسلحين الحوثيين على إحدى المنشآت العسكرية التابعة للجيش اليمني والواقعة بالقرب من عاصمة محافظة صعدة، وتحديداً على الطريق الإستراتيجي السريع الذي يربط العاصمة اليمنية صنعاء بالمملكة العربية السعودية. شكلت هذه الاتهامات الخلفية اللازمة لحملة بناء الذرائع لكي تنتقل من مجرد المواجهة الإعلامية-النفسية إلى المواجهة العسكرية الميدانية. - عملية الأرض المحروقة: بحلول 11 أغسطس (آب) 2009م الماضي، شنت القوات المسلحة اليمنية عملية عسكرية تعتبر الأكبر طوال جولات الصراع المسلح التي شهدتها محافظة صعدة اليمنية. هذا وقد أطلقت الحكومة اليمنية على هذه العملية تسمية "عملية الأرض المحروقة"، والتي يتكون قوامها من حوالي 30 ألف جندي يمني مزورين بالمدرعات والمدفعية والطيران. بدأت المواجهة المسلحة في يوم 11 أغسطس (آب) 200م الماضي، ومازالت مستمرة حتى الآن، وتقول المعلومات والتقارير بأن القتال مازال مستمراً في معظم إنهاء محافظة صعدة، وعلى وجه الخصوص في المناطق الجبلية الوعرة، التي يتمركز فيها المسلحين الحوثيين. تشير معادلة توازن القوى العسكرية في مسرح مواجهة محافظة صعدة إلى المعطيات الآتية: - تتمثل "نقاط قوة" المسلحين الحوثيين في معرفة الأرض، وغطاء البيئة التضاريسية الجبلية الوعرة، إضافة إلى دعم السكان المحليين، أما "نقاط الضعف" فتتمثل في صعوبة الحصول على الإمدادات، والخدمات الإسعافية، إضافة إلى عدم وجود هامش المناورة الخارجية بسبب قيام القوات السعودية بإغلاق الحدود اليمنية-السعودية الممتدة على الجانب الشمالي والغربي لمحافظة صعدة. - تتمثل "نقاط قوة" الجيش اليمني في وجود الغناء العسكري وتوافر الإمداد إضافة إلى العدد الكبير من المقاتلين، ومساندة بعض الكيانات القبلية المعادية للحوثيين. أما "نقاط الضعف" فتتمثل في عدم معرفة الأرض، وعدم دعم السكان المحليين، إضافة إلى الطبيعة الجبلية الوعرة التي يتسم بها مسرح الصراع. على أساس اعتبارات معطيات نقاط القوة ونقاط الضعف، وتداعياتها على الأداء السلوكي العسكري الميداني، نلاحظ الآتي: - يستطيع الجيش اليمني تنظيم الحملات وشن العمليات الهجومية، ولكنه لن يستطيع القضاء بشكل كامل على تمرد الحوثيين. - يستطيع الحوثيين تنفيذ العمليات العسكرية التعرضية ضد قوات الجيش اليمني، إضافة إلى إيقاع الخسائر الكبير بها، ولكنهم لن يستطيعوا القضاء على قوات الجيش اليمني وفرض سيطرتهم الكاملة على الأرض. - على أساس اعتبارات الفترة الزمنية من الصعب على الطرفين التغلب على تأثيرات عامل الإمداد، فالاقتصاد اليمني الذي يتميز بالهشاشة لن يستطيع تحمل الإنفاق على عمليات مكافحة التمرد المرتفعة التكاليف.. وفي نفس الوقت لن يستطيع الحوثيين البقاء لفترة أطول تحت ظل الحصار المكثف وانقطاع الإمداد. - تشديد الضغوط العسكرية-الأمنية المكثفة ضد الحوثيين، سوف لن يؤدي إلى القضاء على الحوثيين، وبرغم أنه قد يؤدي إلى فرض سيطرة الحكومة اليمنية بقوة الحديد والنار على محافظة صعدة، فإنه في ظل تأييد السكان المحليين في المحافظة البالغ عددهم حوالي 850 ألف نسمة، لحركة الحوثيين، إلى تحول هذه الحركة إلى تيار اجتماعي أكثر عمقاً... - استمرار العمليات العسكرية المكثفة ضد الحوثيين، يمكن أن يدفع حركة الحوثيين إلى اللجوء إلى أسلوب العمل العسكري ضمن المجموعات الصغيرة، والتي يمكن أن تتسلل إلى المحافظات اليمنية الأخرى والعاصمة، وتقوم بتنفيذ العمليات العسكرية ضد المنشآت الحيوية اليمنية، الأمر الذي سوف يلحق أضراراً بالغة بقدرات الدولة اليمنية، التي ما تزال تتميز بالضعف والهشاشة. من الواضح أن الحكومة اليمنية سوف تواصل تنفيذ المزيد من العمليات العسكرية ضد الحوثيين، وفي نفس الوقت سوف يواصل الحوثيين تمردهم المسلح ضد الحكومة اليمنية، وحتى إن نجحت الحكومة اليمنية في القضاء على قدرات الحوثيين العسكرية، فإن حركة الحوثيين، شأنها شأن سائر حركات التمرد المسلحة الأخرى في العالم، سوف تواصل عملها كحركة سياسية سرية، تسعى لإعادة بناء قدراتها العسكرية ضمن مواصفات أفضل، بحيث عندما تحين الفرصة الهامة مجدداً، فإنها سوف لن تتردد في إشعال المواجهات المسلحة. الأطراف الثالثة في صراع صعدة اليمنية: بدأ الصراع في محافظة صعدة اليمنية على أساس أنه صراع داخلي يمني-يمني يدور بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين الشيعية الزيدية اليمنية، وبرغم ذلك، فقد أشارت مجريات الصراع إلى المعطيات الآتية: - اتهامات الحكومة اليمنية لإيران باعتبارها نقدم المساعدات العسكرية واللوجستية لجماعة الحوثيين الشيعية الزيدية، وذلك من أجل تقويض النظام السياسي اليمني. - اتهامات الحكومة الإيرانية للحكومة اليمنية باعتبارها تسعى لاستهداف الأقلية الشيعية الزيدية اليمنية، وحرمانها من حقوق المواطنة. - اتهامات الحكومة السعودية للحكومة الإيرانية باعتبارها تسعى لاستخدام الحوثيين من أجل استهداف اليمن والمملكة العربية السعودية. - إعلان الحكومة الأمريكية لتأييدها ودعمها لموقف الحكومة اليمنية والحكومة السعودية الذي يحمل إيران المسؤولية، ويسعى لحسم المواجهة مع الحوثيين عن طريق الوسائل العسكرية. تزايد الاتهامات وتزايد وقائع الصراع المسلح في صعدة اليمنية، دفعت ضغوطها إلى قيام المملكة العربية السعودية بإرسال قواتها، وشن المزيد من العمليات العسكرية ضد الحوثيين اليمنيين الذين يتمركزون في مناطق محافظة صعدة الجبلية الوعرة الممتدة على طول خط الحدود اليمنية-السعودية. أدى دخول القوات السعودية كطرف في صراع صعدة اليمنية إلى دفع الكثير من المحللين والمراقبين إلى تقديم المزيد من القراءات الجديدة، التي تسعى إلى توصيف الصراع على أساس اعتبارات أنه حرب وطالة، تتم من خلالها عملية تصفية حسابات سعودية-إيرانية في الساحة اليمنية. وقد وجد هذا التوصيف الجديد لصراع صعدة اليمنية زخماً أكبر من خلال الحرب الباردة الدبلوماسية الدائرة على خط الرياض-طهران، ودخلت فيها القاهرة إلى جانب الرياض، وعلى وجه الخصوص بعد التصريحات الساخنة الأخيرة التي أطلقها الرئيس المصري حسني مبارك ضد إيران، ضمن توقيت يتزامن مع زيارة الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز إلى القاهرة، برغم التحليلات السياسية التي تسعى إلى التسويق لمنظور حرب الوكالة، واستخدام صراع صعدة اليمنية كساحة لتصفية الحسابات الإيرانية-السعودية، فإن إعادة ترسيم خطوط صراع صعدة، ضمن خارطة الصراعات اليمنية-اليمنية، تشير إلى الآتي: - تعاني عملية التكامل الوطني-الاندماجي اليمنية من تجاذبات ازدواج الهوية، بسبب تجاذبات ازدواجية الانتماء بين خيارات الانتماء القبلي وخيارات الانتماء الوطني. - تزايد النفوذ القبلي أدى إلى تحول الكيانات القبلية إلى كيانات مؤسسية على حساب مؤسسية الدولة الوطنية اليمنية. -تزايد النزاعات الأصولية الإسلامية بمختلف مذهبياتها السنية والشيعية، بما أدى إلى تزايد الأداء السلوكي الساعي ليس لعدم الاعتراف بالآخر وإنما لاقصاءه وحرمانه من حق اقتسام السلطة والثروة. سوف لن ينتهي صراع صعدة اليمنية، وسوف يتصاعد الصراع بوتائر أكبر في أوساط اليمنيين الجنوبيين، وإضافة لذلك، سوف يزداد نفوذ تنظيم القاعدة في الساحة اليمنية، وعلى هذه الخلفية، تشير التوقعات بأن الساحة اليمنية سوف تشهد تزايد ما يطلق عليه الخبراء تسمية عملية شد الأطراف، على النحو الذي سوف تجد معه الحكومة اليمنية نفسها مضطرة أما إلى القيام باللجوء للمزيد من الحوار والتفاهم والتوافق مع أطراف الصراع والالتزام بتطبيق الإصلاحات المؤسسية الاقتصادية والسياسية القائمة على أساس اعتبارات سياسة الهروب إلى الأمام بحيث تسعى إلى صب المزيد من الوقود على الحرائق التي بدأت الاشتعال في شمال اليمن (محافظة صعدة) وفي جنوب اليمن (أراضي جمهورية اليمن الجنوبية).. تشير التطورات الإقليمية والدولية، وعلى وجه الخصوص على المستوى الدبلوماسي المخابراتي إلى وجود حركة دفع باتجاه توسيع دائرة صراع صعدة اليمنية ونقل عداوة إلى العديد من المناطق الأخرى وذلك بما يتيح "فتح صناديق" الشر وصولاً إلى إشعال الصراع السني-الشيعي الذي حلم به "الإسرائيليين" وجماعات اللوبي "الإسرائيلي" طويلاً... تقول المعطيات والتسريبات، بأن العاصمة الأردنية عمان قد شهدت في النصف الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 انعقاد مؤتمر مخابراتي، ضم الأطراف الآتية: -رئيس المخابرات العامة الأردنية. -رئيس جهاز الموساد "الإسرائيلي" مائير داغمان. -رئيس جهاز المخابرات العسكرية "الإسرائيلية" عاموس يالدين. -وزير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان. -مندوب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. -مندوب وكالة مخابرات الدفاع الأمريكية. لم يتم الإعلان لا عن الاجتماع، ولا عن محتوى الاجتماع، ولكن، وبعد انتهاء الاجتماع مباشرة حدث الآتي: -غادر وزير المخابرات المصرية عمر سليمان العاصمة الأردنية عمان وتوجه إلى السعودية حيث عقد لقاء مع رئيس المخابرات السعودية الأمير مقرن بن سلطان، وتوجه إلى "إسرائيل" كل من رئيس جهاز الموساد "الإسرائيلي" مائير داغمان، ورئيس جهاز المخابرات العسكرية "الإسرائيلية" عاموس يالدين، وبرفقتهم كل من مندوب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ومندوب وكالة مخابرات الدفاع الأمريكية.. وتقول المعلومات، بأن لقاء عمر سليمان -الأمير مقرن بن سلطان، قد ركز على قيام عمر سليمان بتنوير الأمير بندر بمضمون الاجتماع وجدول الأعمال المشترك القادم، أما في "إسرائيل"، فقد تم التنسيق بين "الإسرائيليين" والأمريكيين إزاء القيام بعملية الربط الثنائي المشترك على خط تل أبيب-واشنطن، بما يعزز التعاون "الإسرائيلي"-الأمريكي عملياً على النحو التالي: -ربط مكتب رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو بمكتب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض الأمريكي. -ربط مكتب وزير الدفاع "الإسرائيلي" ايهود باراك بمكتب وزير الدفاع الأمريكي روبرت تماتز. -ربط مكتب رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية الجنرال غابي اشكينازي بمكتب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال مولين. هذا على أساس التطورات الإدارية والتنسيقية، أما على أساس اعتبارات التطورات الميدانية، فتقول المعلومات والتسريبات بأنه قد تم نقل القوات الخاصة الأردنية إلى قاعدة تبوك العسكرية السعودية، ومن هناك تم نقلها جواً إلى خطوط المواجهة في منطقة جبل الدفال بمحافظة صعدة اليمنية، حيث شاركت القوات الخاصة الأردنية، في القتال إلى جانب القوات السعودية، وما كان لافتاً للنظر خلال اليومين الماضيين هو قيام ملك الأردن بإصدار مرسوم ملكي بحل البرلمان الأردني.. مع الدعوة إلى عقد جولة انتخابات برلمانية مبكرة خلال عامين.. مع ملاحظة أن البرلمان الأردني قد سبق أن تدخل الملك وقام بحله في عام 2001م ولم تنعقد الانتخابات إلا في عام 2003م، وخلال هذه الفترة، شهدت الساحة السياسية الأردنية ظاهرة فراغ السلطة التشريعية. بما أتاح للبلاط الملكي ومجلس الوزراء الأردني تمرير مئات القوانين.. فهل يا ترى تشير كل هذه التطورات إلى أن الفترة القادمة سوف تشهد المزيد من التحركات الهادفة إلى توسيع دائرة صراع صعدة، اليمنية بما يتيح للمعتدلين العرب استثمار نتائج هذا الصراع، بحيث يتم تحويل تجمع المعتدلين العرب الذي يضم مصر والأردن والسعودية إلى حلف عسكري.. مدعوم أمريكيا... لجهة القيام بدور "شرطي الشرق الأوسط الجديد"؟... وكما يقول المثل الانجليزي: دعنا ننتظر ونرى!!! |
|
| |
|