الرئيس الأسد: العرب سيأتون إلى دمشق معتذرين.. ورجائي ألا نحرق العلم التركي خاص " عربي برس " – دمشققبل يومين شاركت زميلتنا " الاء زيني " بصفتها الشخصية لا المهنية في لقاء جمع وفدا شبابيا سوريا مع الرئيس بشار الاسد .
وقد حاور الشباب رئيس بلادهم (خمسون شابة وشاب ) ورد على
اسئلتهم وناقش معهم العديد من المواضيع العامة والخاصة بالوضع السوري
الحالي.
كتبت الاء زيني – دمشق.
في زمن التهديدات التي تتوالى على سورية من كل حدب وصوب ،
يعيش الشعب السوري يوميا على وقع الازمة وتتراقص اعصابه على لحن التطورات،
الخوف عام والقلق مشروع في وقت انقلب فيه الناس على بعضهم فصرنا نرى ما لم
نراه يوما في سورية من قتل على الهوية الطائفية ومن تحريض فاضح للغرب على
غزو سورية يقوم به بعض الساقطين وطنيا ممن يحلمون بحكم البلاد من على ظهر
دبابة امريكية.
نحن اهل القلق والمخاوف وهو الواثق في اطمئنانه إلى ان تعاظم المؤامرة سيصغر امام اصرار السوريين على عدم الاستسلام.
كنا وفدا من شباب تحمس لبلده وحظي بفرصة للقاء السيد الرئيس ...
وكان هو القائد الذي لا تشغله معركته مع الخارج عن التفريق
فيما بين معارض يستحق الاحترام ومرتزق يستحق الازدراء وثالث حمل السلاح
ضعفا ورغبة في ترهيب الآخرين لجبن نفسه وقلة حيلته الفكرية والسياسية
وليأسه من بلوغ قلوب المواطنين وولائهم ،
كان يملك الجواب الشافي عن كل تساؤل شغل بالنا طوال شهور الازمة، وقد وجدنا لديه عمق ايمان بقدرات شعب زادته الازمة وعيا بمميزات رئيس لا يخضع ولا ويتراجع ولا يخشى ولا يرتبك .
تاه الغرب المتأمرك ومعه عربان " النكسة الحضارية " في خضم
البحث عن الوسيلة الفضلى لاسقاط الـ.." لا " السورية المرفوعة نهجا لا
شعارا للمساومة ، و لانه هو صاحب الموقف المنتظر وقائد سورية تبدو الزيارة
اليه نوعا من الترف الشخصي المطلوب تعميم فائدته ولو دون تكليف .
هو الاكثر علما بما يجري في العلن وفي الكواليس ... لذا
رفعنا مستوى التساؤل الى الحد الاقصى ودخلنا نصافح اليد التي تحمل عبء
الوطن وتخوض به الصعاب دون مهابة الاعداء .
هكذا اصبحت فرصة لقاء الرئيس بشار الاسد بالنسبة لنا موعدا مع التعرف على ذواتنا والثقة باننا اقوياء لأننا سوريون .
دخل بعضنا الى لقاء مع سيادة رئيس الجمهورية العربية
السورية متهيبا ، وخرجنا جميعا من عنده وكل منا يحمل في نفسه انجذابا غير
عادي لرجل من عامة الناس اسمه بشار الاسد ، رجل تشعر في حضرته انه اخوك او
ابوك الذي يحبك حتى لو لم تحبه ، هو رب البيت السوري الذي يحمل مسؤولية حفظ
البلاد ويتعامل مع سلامة مواطنيها بارفع درجات الحرص بعيدا عن النظرة التي
تميز الولد العاق عن الولد الصالح ، هو رب البيت الذي يريد ان يحفظ كل من
فيه وبعدها لكل مسيء صلاح ولكل مذنب عفو ورحمة ومحبة ....همه حفظ البلاد
وهدفه كرامتها وسلامتها ....وسيحفظها .
المصافحة اولا ، ثم حوار مفتوح تؤطره جدية الافكار ولا تغيب
عنه مودة طبيعية سهلت علينا الانطلاق الى افاق ابعد مما كنا نتوقعه في
لقائنا مع " السيد الرئيس ..."
و على عكس الصور الرسمية التي توزع له فالابتسامة لم تفارق وجهه.
بود بالغ رحب بنا ، وكان واضحا من نبرته ان معنوياته عالية جدا .
بداية الحوار فيما بيننا وبين الرئيس كانت بمبادرة منه ، حيث طرح سيادته بضع اسئلة علينا .
لوهلة شعرنا باهمية كل منا نحن ثلة من شباب سورية ممن اتيحت
له فرصة مقابلة رئيس البلاد التي ترزح منذ ثمانية اشهر تحت وطأة ازمة لم
يكن احد ليتصور قبل الآن انها ممكنة الحدوث في بلد تباهى الحكم فيه دوما
بالاستقرار والامن .
كنا متلهفين لسماع كلماته فكما كل المواطنين ، نحن ايضا نعيش حال قلق على المستقبل والمصير . قال احد المشاركين في اللقاء :
" سوريا أقوى من مؤامراتهم وأعظم من مخططاتهم "
رد الرئيس الاسد : "نحن بحاجة إلى الوعي".
ابتسامته الدائمة اشعرتنا برهبة فنحن " الخائفون من تصريحات
يرددها الناطقون باسم خارجية هنا او هناك " نجلس في حضرة رئيس يبتسم لنا
بينما يتنافس العالم الغربي باسره على النيل منه، ويحشد له اصدقاء الامس
في الشرق سكاكين الانتقام في غد يريدونه اسودا لسورية .
برودة الرهبة بددتها حرارة المودة التي عاملنا بها ، فبعد دقائق من بداية اللقاء شعر كل منا وكأنه يزور صديقا من أصدقائه القدامى .
بامكان المعارضين ان يقولوا ما يشاؤون عن الرئيس بشار الاسد
، وبامكان المتظاهرين ان يدعو بسقوطه إلى ما شاؤوا ، ولكن من العدل
الاعتراف بأن انسانيته طاغية على هيبة المنصب، فتواضعه الجم لا يشوبه
التكلف ولا التصنع وعفويته اكثر وضوحا من ان تخطأها عين .
استمع إلى طروحاتنا بصدر رحب واستفسر عن تفاصيل الأمور التي
عرضت عليه من بعضنا ، وعلى وقع مخاوف كثيرين منا من تمادي بعض المشاركين
في تقديم الاقتراحات " بتفلسف " ، التفت الرئيس الى من لم يتحدث وقال :
"نريد اقتراحات حلول للمشاكل فكلنا يعلم حجم المشاكل الموجودة".
لم يرغب بعضنا في مضايقة الرئيس باسئلة تعتمل في نفسه ،
ولكن فراسته اشعرته بنا ، فشجع من صمت على التكلم وعلى طرح افكاره
...وناقشه فيها.
سأله البعض عن حاله في ظل المشاغل الكثيرة التي يواجهها بحكم الاوضاع فقال:
أنا بخير ،الحمد لله .......ما دمتم انتم والشعب السوري وبلدنا بخير فأنا بخير.
وحول موقف العرب من سوريا قال:
هو ليس بجديد علينا ، نحن أصحاب العروبة ولن نتخلى عنها .
واضاف :
من يتحاملون علينا الآن من اخوتنا العرب سترونهم في دمشق معتذرين عما بدر منهم بعد الأزمة.
تواضع الرئيس شجع بعض الشباب فقال احدهم :
سيادة الرئيس ، نحن عاتبون على الحكومة لقبولها بالمبادرة العربية وقد اتعسنا كثيرا طلب عقد قمة فأجابه :
مع معرفتنا بأن شيئا لن ينتج عن هكذا طلب الا ان اصدقاء لنا
وقفوا بجانبنا ساعدهم طلبنا عقد القمة على مواجهة ضغوط تعرضوا لها نتيجة
موقفهم المساند لنا، فقد كشف الرافضون انفسهم ومؤامراتهم .
وردا على سؤال حول تركيا قال :
لازال حلم الإمبراطورية العثمانية حياً لدى البعض ومع
معرفتهم بعدم القدرة على تحقيق ما يحلمون به فهم يحاولون الآن استغلال بعض
الاحزاب التي ترفع شعارات دينية لتوسيع نفوذهم في العالم العربي .
ورجائي ألا نحرق العلم التركي، فالشعب التركي يعتز به جدا.
وحول ضعف وسائل الإعلام السورية في مواجهة الأزمة قال:
وسائل الإعلام في بلدنا حاولت تطوير نفسها خلال الأزمة
ولكننا بحاجة لثقافة التنافس في القطاع الخاص ، لذا بعد صدور قانون تأسيس
المجلس الوطني الأعلى للإعلام سيصبح لدينا عدد كبير من الصحف والتلفزيونات
الخاصة الأمر الذي سيخلق تنافسية تعمل على النهوض بالإعلام .
وعن الأزمة قال:
نحن نعرف ان قدر سورية ان لا ترتاح من مؤامراتهم وبعد ان
تخرج من المعركة الحالية منتصرين لا تتوقعوا أن نرتاح طالما أننا نقول " لا
" لأمريكا .
وردا على سؤال حول مكافحة الفساد قال :
نحن نبحث دوما عن أشخاص نزيهين وسمعتهم جيدة ، الفساد آفة
تحتاج معالجتها والقضاء عليها إلى وقت والى ثقافة عامة تقضي عليها بشكل
جذري .
اضاف قائلا :
لدينا تجارب واعدة في هذا المجال كإنشاء مركز خدمة المواطن
وايضا عملنا على تأمين نوع من الحوافز التي يمكن ان تشجع الموظفين
الرسميين على رفض الرشاوى .
عملنا ايضا على إلزام المسؤولين على ملء استمارة توضح
أملاكهم واملاك أولادهم وزوجتهم قبل توليهم الوظيفة لكي نقارنها بما يملكون
بعدها .
أما عن المجموعات المسلحة فقال :
هؤلاء لا تهاون معهم أبداً وسنلاحقهم في كل مكان واليوم
باتت الصورة أكثر وضوحا لنا والمراحل التي يتم التخطيط لها أيضاً مكشوفة
بالنسبة إلينا.
نظرة التفاؤل والثقة المطلقة بقدرات الشباب السوري تجلت حين طلب من الشباب السوري طرح افكاره في كل المجالات وقال :
انتم شباب جامعي وخلاق وان كان هناك من بينكم من يملك افكارا لتطوير سورية فليطرحها.
وردا على سؤال حول المعلومات المتوفرة للدولة عن المجموعات المسلحة قال الرئيس الاسد :
المجموعات المسلحة التي تقوم بأعمال ترويع للمواطنين السوريين تنقسم الى ثلاث مجموعات .
قسم من الإخوان المسلمين، وقسم من الوهابيين التكفيريين ،
والقسم الثالث من المجرمين المحكومين بأحكام عالية كالإعدام أو المؤبد
وهؤلاء ما الذي يمنعهم من المشاركة في أعمال كهذه؟
واضاف :
كنا في الفترة الاولى من الازمة نجمع المعلومات ونضع خارطة
تواجد المجموعات المسلحة وقد بدأنا بعد شهر رمضان القيام بعمليات نوعية في
هذا المجال وقد وجهنا ضربات قاسية وحاسمة للارهابيين .
وحول شائعات انشقاق الجيش جاء رد الرئيس الاسد مرفقا ببسمة
ثقة وافتخار بالمؤسسة العسكرية التي اظهرت على مدار اشهر الازمة تماسكا
اسطوريا في ظل هجمة داخلية وخارجية ضارية على معنويات الجيش وضباطه وقال
الرئيس عن هذا الموضوع :
إن كان فرار العشرات من الجنود إنشقاقا فكل جيوش العالم لديها انشقاقات .
وحول تضارب العواطف من حول شخصه بين الموالين الذين يحبونه كثيرا وبين المعارضين الذي يظهرون الكراهية علنا قال :
أرجو ممن يحبني أن يعرف سبب محبته فهو الاساس ، وعلى من يكرهني أن يعرف سبب كراهيته ويفكر فيه.
بعد جلسة استمرت لثلاث ساعات وعشر دقائق خرج معنا السيد
الرئيس الى مدخل القاعة حيث التقطت لنا صورة تذكارية معه . هي صورة رئيس
مطمئن مع شباب متحمس صقلت الازمة وعيه ورسخت انتمائه وعمقت خياراته .
كما أنه لا حياد بين الاصلاح والفساد هكذا ايضا فلا حياد بين رئيس يعيش
هم حماية استقلال وسيادة البلاد ويعمل من اجلها ، وبين معارضين لا مشروع
معلن لهم سوى دعوة الغزاة والمطالبة بقوات الناتو لتحتل البلاد.