نتائج التطبيع:
لمعرفة
حجم ولون وتفاصيل الأضرار التي تنجم عن التطبيع الثقافي مع العدو
والانفتاح على المجتمع الصهيوني المحتل فإن ذلك يقتضي دراسة المظاهر
الاجتماعية الفاسدة في "إسرائيل" من الانحطاط الخلقي إلى تعاطي المخدرات،
إلى تفشي الأمراض الجنسية.. إلى شيوع ألوان الفن المبتذل.. إذ من المؤكد
تسرب هذه الظواهر السلبية المنحطة إلى مجتمعاتنا العربية والمسلمة دون أن
يعي مسؤولوها مدى الأخطار التي قد تترتب على مثل هذا الاحتكاك المتبادل
والذي تفوق مخاطره التطبيع السياسي والاقتصادي.
وليس هذا مبالغة في
المخاوف فعلائم التخريب الأخلاقي والثقافي قد بدأت بالفعل من جراء التفاعل
والاحتكاك بين المجتمعين الصهيوني والمصري ـ كمثال ـ وتسرب المفاسد
الاجتماعية الإسرائيلية الى هذا الشعب العربي المسلم ومنها:
- توغل النساء اليهوديات المشبوهات تحت واجهة السياحة وتبادل الخبرات الفنية والثقافية.
- أن عدد الزيجات المختلطة بين شبان مصريين وفتيات إسرائيليات بلغ واحداً وعشرين ألف حالة.
- تزوير نسخ من القرآن الكريم.. إضافة إلى البذور والأسمدة المشعة ونقل الإيدز الذي أحدث ضجة كبيرة..
-
علكة اللبان –الإسرائيلية- التي تؤدي إلى العقم.. والتي عرضت للبيع بأثمان
زهيدة جداً بالقرب من المدارس في الضفة والقطاع.. وهي مخلوطة بهرمون يقضي
على القدرة على التكاثر بل وعلى النظام الوراثي لدى الشباب على حد قول
الوزير الفلسطيني -عبد العزيز شاهين- حيث تمت مصادرة 20 طناً من هذه
العلكة في مدينة واحدة.
إنها عينات محدودة من كوارث التطبيع.. وإذا
كانت حالياً محدودة ببلد أو أكثر فإنها ستتسع بعد أن يوقع عدد آخر من
الحكام على مثل هذه الاتفاقات الخبيثة الفاسدة.
مقاومة التطبيع:
مقابل
عجز الحكام كان لا بد للشعوب العربية والإسلامية من أن تشهر سلاح مقاومة
التطبيع الذي هو ليس أكثر من رد فعل تلقائي لدى الأفراد والأسر في مواجهة
كل ما يستهدف عقائدها وقيمها وتراثها الديني والحضاري.
إن الدوائر
الأميركي والصهيونية تدرك تماماً أن عملية التزوير الكبرى التي يراد ان
تؤسس عليها طموحات المعتدين، لا يمكن أن تنجح ولا يمكن أن تستمر إذا نجحت
إلا على أنقاض التماسك النفسي والوجداني في الأمة، وهذا بالذات هو باعث
قلقهم، ودليلنا ما هو ماثل اليوم.
عشرون عاماً على الاتفاقيات ولا يزال
التطبيع ينحصر بين الفئات الحاكمة والمشروع الصهيوني في المنطقة، ومجاله
لا يزال يقتصر على العلاقات الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية، فأسطورة
الحاجز النفسي الناشئة من المكوّن العقائدي للفرد في هذه الأمة، هي التي
ما زالت تقف سداً منيعاً في مواجهة سيل الدهاء والمكر الصهيوني.. وهذا ما
يمكن أن نقرأه أيضاً في نموذج آخر على أرض فلسطين.
فبعد خمسة وثلاثين
عاماً كاملة من الاحتلال الإسرائيلي والقمع وطمس الهوية وجهود الاحتواء لا
يزال الاحتلال الإسرائيلي في الضفة، في مخيم جنين وسائر البلدات، عاجزاً
عن أن يجني ثمار عدوانه.. خمسة وثلاثون عاماً ولد في ظلها جيل كامل لا
يعرف سوى واقع الاحتلال والتهويد.. لكن هذا الجيل باعترافهم جاء أشد مقتاً
لهم وجرأة عليهم.. بحيث ان كل ما تملكه الصهيونية من أدوات عجزت عن قهر
إرادة شعب صغير في بقعة صغيرة.
فعالية العمل النسائي في مقاومة التطبيع:
مما
تقدم.. ندرك أن الحركة ضد التطبيع لا بد أن تصبح أحد أهم أسلحة المقاومة
العربية والإسلامية الشاملة.. وإن فعالية دور المرأة في هذه الحركة يكمن
في تطوير التفاعل الشعبي وتحويله الى احتضان حقيقي لقضايانا المصيرية
والهامة. وإن مقاومة التطبيع من هذا المنظور هي عملياً تحصين الأمة من
الاختراق وعدم السماح للخطة الصهيونية الأميركية بهز التماسك الشعبي
الوجداني بإيجاد الثغرات.
فالتحرك الحيوي الفاعل على مستوى الأسرة ـ
كمثال ـ وحده كفيل بإحباط المخططات الصهيونية الخبيثة التي تستهدف
مجتمعاتنا وثقافتنا الأصيلة وزعزعة إيماننا الوثيق بقيمنا الأخلاقية
وتراثنا الديني.. وإن حضور المرأة الفعلي والحقيقي في مختلف المجالات قادر
على إحداث حركة هامة على صعيد مقاومة التطبيع، إذ باستطاعتها:
1- إقامة
سياج واقٍ ومنيع داخل الأسرة.. لا يمكن أن تخترقه مكائد أو إغراءات او
اتفاقات، فهي مطالبة بالدفاع عن هذا الحصن تحت أقصى الظروف.
2- إيجاد
نمط حياة مقاومة التطبيع إضافة إلى مقاطعة البضائع الأميركية والشركات
الداعمة لليهود.. نمط حياة ينطلق من واقع الهجمة ومخاطر التطبيع التدميرية
التي تهددنا جميعاً.
3- تعميم ثقافة مقاومة التطبيع والمقاطعة.. بشتى
الوسائل لا سيما من خلال إدخال مثل هذه الثقافة عبر البرامج التعليمية..
إذ لا بد أن تعي كل مربية في مؤسسة تعليمية وكل ربة أسرة وكل فعالية
نسائية أن من يمارس التطبيع هو شريك في جريمة يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي
والوحشية الصهيونية التي تستبيح كل شيء.
4- الاستفادة الفردية مما
توفره تكنولوجيا الاتصال والمعلومات الحديثة وخصوصاً الانترنت في المعركة
الإعلامية مع العدو. وهذه المعركة الهامة يمكن أن تخوضها المرأة بجدارة
داخل بيتها.
5- تسليح الأبناء بمبادئ الدين والقناعات التي تستعصي على
كل وسائل البث المرئي والمسموع مهما كانت قوتها. فإذا كان التطبيع الذي
تسعى إليه الحركة الصهيونية هو الدخول إلى بيوتنا بلا استئذان وبلا رقابة
وصولاً إلى إنهاء المقاطعة وتحقيق التطبيع عبر السموم الفكرية التي تسمح
للصهيونية بالعبث والتخريب في فكر الأجيال وأخلاقياتهم التي تربو عليها..
وكنا إلى هذا نمر في مرحلة حساسة سخر فيها هذا الحلف كل إمكانياته وجند
فيها أفضل خبراته ليغزونا من الداخل، فإن هذا الأمر يدعونا إلى النهوض
لتوجيه الجهود النسائية سواء منها الفردية أو الجماعية كمؤسسات ومنظمات
أهلية نحو مواقع المسؤولية والفوز بحمل الأمانة وخوض غمارها.
فدور
المرأة في المقاومة والانتفاضة الذي دخل التاريخ بعطائه.. هو اليوم سند
ورصيد هامّ للمرأة في سائر أقطارنا العربية والإسلامية، ويمكن أن يكون
نواة استقطاب لمختلف الشرائح النسائية في مجتمعاتنا وصولاً إلى انخراط
الطاقة النسائية المخلصة في ميدان الفعل المباشر لمواجهة العدو الصهيوني
ومخططاته.