الصحافة اليوم الاثنين 10/6/2013 الامن اللبناني يترنح
تصدر الخبر الامني اللبناني عناوين الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت، فيما رصدت الصحف ايضا آخر التطورات السياسية والامنية والعسكرية على الساحة السورية.
السفير
ممر سياسي ـ إنساني لجرحى القصير
صفقة التمديد تترنح بـ«الطعن» السياسي؟
إذا كانت معركة القصير قد انتهت بالمعنى العسكري، فإن تداعياتها السياسية والأمنية استمرت بالتفاعل داخلياً، على وقع الانقسام اللبناني الحاد بين حلفاء النظام السوري ومعارضيه.
وفي الأثناء، استمر الترقب من قبل مختلف الأطراف للقرار الذي سيصدر عن المجلس الدستوري في شأن الطعن المقدم من رئيس الجمهورية و«تكتل التغيير والإصلاح» في قانون التمديد لمجلس النواب، فيما اكدت مصادر رفيعة المستوى لـ«السفير» أن مضمون قرار المجلس قد اصبح منجزاً، وأنه يصب في خانة قبول الطعن وإبطال التمديد، مع التلميح الى ضرورة إجراء الانتخابات في فترة لا تتجاوز الستة أشهر.
وبينما عقد ليل امس اجتماع بين ممثلين عن الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط للتداول في الاحتمالات التي ستترتب على قرار المجلس الدستوري المتوقع صدوره خلال 48 ساعة، نقل مقربون من جنبلاط قوله إنه إذا صح ان «تيار المستقبل» مارس الضغط على العضوين السنيين في المجلس الدستوري لقبول الطعن، استجابة لرغبة خارجية، فإن من شأن ذلك ان يشكل تنصلاً من الاتفاق المسبق حول التمديد، وأن يعقّد أي تفاهمات مقبلة مع «المستقبل»، بفعل تصدع الثقة.
الى ذلك، قال الرئيس نبيه بري لـ«السفير» إن الوضع السياسي الداخلي مجمد، على الخطين الحكومي والنيابي، في انتظار صدور قرار المجلس الدستوري. وأمل في الإسراع في إصدار القرار «لأنه إذا تأخر الى ما بعد 20حزيران، الذي هو تاريخ انتهاء ولاية المجلس النيابي، سنكون أمام محظور الفراغ، بينـــــما إذا صدر قبل هذا التاريخ، أستطـــــيع أن أعقد جلسة عامة ولو في 19حزيران، بعنوان التــــمديد التقني للمجلس النيــــابي».
وقال وزير الداخلية مروان شربل لـ«السفير» إنه في حال قبول الطعن بالتمديد فإن وزارة الداخلية جاهزة لإجراء الانتخابات خلال شهرين على اساس قانون الستين، وخلال ستة أشهر على اساس أي قانون آخر يعتمد النسبية جزئياً أو كلياً.
وفيما تواصل السجال الحاد، على خلفية مشاركة «حزب الله» في معركة القصير، سُجل نقل الصليب الأحمر لعشرات الجرحى السوريين من المدنيين والمسلحين الى مستشفيات في البقاع والشمال ( ص 5 ). وعلمت « السفير» أن نقل الجرحى السوريين يتم انطلاقاً من تفاهم مع «حزب الله»، الذي قرر ان يغض الطرف عن الأمر،على قاعدة عدم جواز الإجهاز على الجريح. وفي المعلومات، ان الحزب تجـــــاوب مع وساطة النـــــائب وليد جنبلاط في هذا المجال، وأبلغه أن هناك ممراً آمناً محدداً يمكن ان يعـــــبر من خلاله الجرحى، في وقت تولى الجيش اللبــــناني المتابعة الميدانية على الارض.
وقالت مصادر أمنية لـ«السفير» إن عدد الجرحى يتراوح بين 80 و90 جريحاً سورياً، نقلوا من القصير الى مستشفيات البقاع والشمال، لافتة الانتباه الى انهم أصبحوا في عهدة الدولة اللبنانية وهي المسؤولة عن ملفهم بعد تماثلهم الى الشفاء.
ولئن كانت صيدا قد تجاوزت بسلام مهرجان «الجماعة الإسلامية» الداعم لما تعتبره «الثورة السورية» وسط إجراءات أمنية مشددة اتخذها الجيش، فإن التحرك الاحتجاجي الذي قامت به مجموعة من المواطنين قرب السفارة الإيرانية في بيروت لم يمر على خير، بعدما تصدى شبان لهؤلاء، ما أدى الى سقوط قتيل من أنصار أحمد الاسعد هو هاشم السلمان الذي ذهب ضحية الانفعال العبثي والتصرفات غير المسؤولة لبعض المتهورين ممن لم يحتملوا رأياً مخالفاً لقلة، لا يُعتقد انها كانت ستشكل خطراً على سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
طرابلس
أما في طرابلس، فقد صمد الهدوء المستعاد، بفعل الإجراءات الحازمة للجيش اللبناني الذي نفذ انتشاراً عسكرياً غير مسبوق، وبدأت وحداته عند الثامنة من صباح أمس بإزالة كل الدشم والمتاريس في جبل محسن بمواكبة من المجلس الإسلامي العلوي، و«الحزب العربي الديموقراطي». بعد ذلك، دخلت قوة كبـــــيرة من الجيش معززة بالجرافات والرافعات الى باب التبانة وشارع سوريا حيث بدأت بإزالة الدشـــــم والمتاريس وســــط اعتراضات البعض التي ما لبثت أن عولجت سريعاً، وخصوصاً أن الجيــــش أقام دشـــــماً مقابل كل الدشــــم التي أقامها في جــــبل محسن وتمـركز فيها.
وقال وزير الداخلية مروان شربل لـ«السفير» إن التهدئة الحالية في طرابلس هي أكثر ثباتاً من أي هدنة سابقة، مشيراً الى أن الجيش يتخذ إجراءات حازمة لتثبيت وقف إطلاق النار وترسيخ الاستقرار في المدينة، ومحذراً من أنه في حال اندلاع المعارك مرة أخرى، فإن على الجميع ان يتحملوا مسؤولياتهم لأن القوى العسكرية والأمنية لن تقبل بأن تظل تُستنزف وتدفع الثمن في كل مرة.
وتمنى شربل أن تهدأ الرؤوس الحامية بعد انتهاء معركة القصير وأن تعود إليها الحكمة والعقلانية، لأن البديل عنهما سيكون مكلفاً.
وأبلغت مصادر عسكرية «السفير» أن عمليات الانتشار وإزالة الدشم والمتاريس تنفذ وفق الخطة الموضوعة، مشددة على أن الجيش لن يتهاون أمام أي خلل أمني أو مظاهر مسلحة جديدة، ومؤكدة أن تدابيره ستعيد الحياة طبيعية الى طرابلس.
ازالة الدشم والمتاريس في التبانة و"الجبل"
طرابلس في عهدة الجيش.. بعد إزالة الدشم والمتاريس
غسان ريفي
من المفترض أن تستعيد طرابلس اعتبارا من صباح اليوم حياتها الطبيعية، بعدما توفر لها أخيرا، الحسم السياسي والحزم الأمني فوضعا معا حدا لجولة العنف الرقم 16، التي استمرت 21 يوما، عاشت خلالها الفيحاء أسوأ مشاهد الفوضى الأمنية.
وبلغت محصلة ضحايا هذه الجولة المشؤومة 37 قتيلا و290 جريحا، أغلبيتهم الساحقة من المواطنين الأبرياء، إضافة الى خسائر مادية واقتصادية لا تعد ولا تحصى، فضلا عن محاولات ضرب النسيج الاجتماعي للعاصمة الثانية بنقل المواجهات المسلحة الى قلب أسواقها الداخلية القديمة.
ومن المفترض أيضا أن يشعر أبناء المناطق التقليدية الساخنة أو تلك التي أراد البعض تسخينها في أسواق طرابلس بالأمان، وأن يعود من غادر الى منزله ومصالحه، بعدما صارت مناطقهم بعهدة الجيش اللبناني الذي يتابع تنفيذ خطته الأمنية بدون أي تردد ويقوم بانتشار عسكري غير مسبوق.
ويمكن القول أن عوامل عدة ساهمت حتى الآن في إنجاح الخطة الأمنية التي وضعها الجيش اللبناني:
أولا: القرار السياسي المبرم بإخراج طرابلس من هذا المأزق الأمني الذي نتج من شعور تملك مؤخرا كل القيادات السياسية المحلية واللبنانية بأن العاصمة الثانية تتجه للخروج من تحت أي سيطرة، وأن حمم بركانها المشتعل بفعل انتشار السلاح والمسلحين بدأت تصيب المدينة بكاملها وعبرها أقضية شمالية أخرى، وصولا الى انفجار تداعياتها في مدن لبنانية أخرى.
ثانيا: التخوف الكبير من أن يؤدي تنامي نفوذ المجموعات المسلحة التي باتت جميعها تتخذ من العنوان الديني مظلة تحمي بها نفسها، الى مغامرات غير محسوبة النتائج لا سيما في ظل بلوغ التحريض السياسي والشحن المذهبي مداهما على وقع ما يحصل في سوريا وفي القصير مؤخرا.
ثالثا: الحكمة والمسؤولية الوطنية الكبرى التي تحلت بهما المؤسسة العسكرية في التعاطي مع محاولات وضع العصي في دواليب قطار خطتها الأمنية بهدف عرقلته، إضافة الى محاولات جر الجيش الى معارك جانبية مع مسلحي بعض المناطق من خلال الاعتداءات المتكررة التي تعرض لها باطلاق النار باتجاهه، وفتح جبهة جديدة أمامه في الأسواق الداخلية، فضلا عن اتهامه بالاساءة الى المقدسات وبالانحياز الى طرف دون آخر، والإمعان في استهدافه عبر وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل القصيرة.
كل هذه «المطبات» تجاوزها الجيش اللبناني الذي اعتمد الشدة والحزم تارة، والمفاوضات والاقناع تارة أخرى، فأعاد فرض الأمن والطمأنينة في ربوع طرابلس، وأزال مظاهر الحرب من دشم ومتاريس وظهور مسلح في كل مناطق المواجهات من دون إراقة نقطة دم واحدة، ونجح في تجنيب المدينة حمام دم إضافيا كان «المصطادون في الماء العكر» يحاولون جره إليه عبر خلق بيئة معادية له تؤدي الى مواجهات بينه وبين مجموعات إسلامية، من شأنها أن تدخل طرابلس في المجهول.
رابعا: النقمة الشعبية التي بلغت مداها في طرابلس والتي هددت بخروج المدينة عن إطار الدولة، بعد التخلي غير المسبوق من قبل المؤسسات الرسمية الأمنية وغيرها عن معالجة أوضاعها، لا سيما أن الطرابلسيين باتوا على قناعة بأنهم يدفعون فواتير كل الاستحقاقات اللبنانية من دمائهم وأمنهم واقتصادهم، فيما كل المناطق اللبنانية الأخرى تبدو غير معنية وتستعد لاقامة مهرجاناتها الدولية في الصيف.
ولا شك في أن نجاح الجزء الأكبر من الخطة الأمنية، يؤكد أن طرابلس ليست مدينة عصية على الدولة وليست خارجة عن القانون، بل هي كسائر المدن والمناطق اللبنانية تحتاج الى قرار سياسي أمني يُشعر أبناءها بهيبة الدولة، ويضع حدا لكل التجاوزات التي تحصل من مخالفات البناء الى العبث الأمني بأوجهه المختلفة.
ميدانيات
وكان الجيش اللبناني الذي نجح في إخماد نيران الاشتباكات التي شهدتها أسواق طرابلس القديمة، وفي تطويق تداعيات جريمة قتل المواطن طلال حسون، قد وضع ساعة الصفر لاستكمال بنود خطته الأمنية وذلك عند الثامنة من صباح أمس وهدفها إزالة الدشم والمتاريس من جبل محسن وباب التبانة.
وقد سبق ذلك مداهمات للجيش ليل أمس الأول في مشروع الحريري في القبة لأحد مخازن الأسلحة، ولمنزل المدعو ع . خ المتهم بقتل المواطن حسون في ساحة الدفتردار في الأسواق، وقد اعترض عدد من المسلحين على تحركات الجيش فحصل إطلاق نار كثيف أدى الى تفريقهم.
وعند الثامنة من صباح أمس باشرت وحدات الجيش بازالة كل الدشم والمتاريس في جبل محسن يرافقها الشيخ أحمد الضايع مكلفا من المجلس الاسلامي العلوي، والناطق الاعلامي في «الحزب العربي الديمقراطي» عبد اللطيف صالح، ولم تستغرق العملية أكثر من ساعة.
وقال صالح: نحن ملتزمون بالتهدئة وأي خطوة يتخذها الجيش اللبناني سنكون الى جانبه فيها، لكن النقطة الأهم هي العمل على إعادة الحياة الى طبيعتها، فحتى الآن لا يزال الحصار مفروضا على جبل محسن وهذا الأمر يحتاج الى حل سريع جدا، خصوصا أن هناك طلابا يريدون الالتحاق بمدارسهم وإجراء امتحاناتهم.
بعد ذلك، دخلت قوة كبيرة من الجيش اللبناني معززة بالجرافات والرافعات الى شارع سوريا وبدأت بازالة الدشم والمتاريس وسط اعتراضات البعض التي ما لبثت أن حلت سريعا، خصوصا أن الجيش أقام دشما مماثلة مقابل كل الدشم التي أقامها في جبل محسن وتمركز فيها.
وأشارت مصادر عسكرية لـ«السفير» الى أن عمليات الانتشار وإزالة الدشم والمتاريس تنفذ بحسب الخطة الموضوعة، وأن الجيش لن يتهاون أمام أي خلل أمني أو مظاهر مسلحة جديدة، مؤكدة أن تدابير الجيش ستعيد الحياة طبيعية الى طرابلس.
الى ذلك، استمر الجيش في تسيير دوريات مؤللة في شوارع المدينة، وفي ضرب طوق أمني حول الأسواق، في وقت تكثفت فيه الاتصالات بين طرفي النزاع «حركة الناصريين العرب» بقيادة الشيخ عبد الكريم النشار والمجموعات السلفية بقيادة الشيخ علي هاجر لايجاد حل يجنب هذا الشريان الحيوي في المدينة اشتباكات عبثية لن تؤدي الى أي نتيجة.
وفي هذا الاطار، عقد اجتماع في منزل الشيخ سالم الرافعي ضم المشايخ علي هاجر، حسام الصباغ وأمير رعد، مسؤول الشؤون الاسلامية في «تيار العزم» عبد الرزاق قرحاني. وأكد هاجر أن أحدا لا يرغب بإقفال منازل آل النشار. واشار الى الطابع الفردي لحادثة مقتل طلال حسون، وقال إن من أقدم على هذه الجريمة ليس محسوبا علينا.
ولاحقا أصدرت عائلة حسون بيانا أكدت فيه أن إبنها المغدور طلال لا ينتمي الى أي حزب سياسي أو جهة دينية. وناشدت الدولة اللبنانية إلقاء القبض على قاتله المعروف وسوقه الى العدالة.
ميقاتي يستقبل السنيورة
وترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اجتماعا في منزله في ميناء طرابلس بمشاركة الوزيرين أحمد كرامي وفيصل كرامي، أحمد الصفدي ممثلا الوزير محمد الصفدي، والنائبين محمد كبارة وسمير الجسر، وانضم اليهم رئيس فرع مخابرات الجيش في الشمال العميد عامر الحسن، وجرى البحث في الخطة الأمنية التي ينفذها الجيش.
إثر الاجتماع تحدث الوزير فيصل كرامي فشدد على ضرورة وضع حد لهذا التفلت الأمني في المدينة، لافتا النظر الى نتائج إيجابية بدأت تظهر خصوصاً أن الأهالي يتجاوبون مع الجيش والأجهزة الأمنية وقد تم الاتصال بوزير الداخلية الذي وعد بمتابعة الإجراءات بما يتعلق بضبط الأمن في الأحياء الداخلية. وقال ان الأكثرية الساحقة من أبناء مدينة طرابلس «مع الدولة وتريد العيش بأمان، وترفض الاستمرار على هذا النحو الشاذ».
ومساء أمس، كان الوضع في طرابلس محور اجتماع تشاوري بين ميقاتي ورئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة في دارة الأول في بيروت.
وكان المجلس المدني لطرابلس الذي يضم البلدية ونقباء المهن الحرة وممثلي المجتمع الأهلي زار رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في قصر بعبدا، أمس الأول، وقدم له مذكرة باسم أبناء المدينة أكدت أن طرابلس لبنانية ولا ملاذ لها إلا الدولة العادلة والقادرة والمسؤولة عن أمنها وأمانها. وشددت على أن تكون الخطة الأمنية حاسمة ونهائية «وليست هدنة موقتة كسابقاتها».
وهنأت اللجان الأهلية الطرابلسيين بدخول الجيش اللبناني الى مناطق الاقتتال واعتبرت أنها خطوة موفقة وضرورية من أجل إعادة الأمن والاطمئنان إلى أبناء المدينة.
الاخبار
أطباء (غير) شرعيين: انهم يعبثون بجثثنا
الطب الشرعي في لبنان «فالت» بلا حسيب ولا رقيب
يردد أطباء شرعيون حكايا عن طبيب منهم سرق المال من جيب جثّة. آخر «قرف» منها فوضع تقريره من دون كشف. ثالث باع تقرير بـ«كسر اليد» مقابل مبلغ مالي. رابع خاف من القتلة فجاء تقريره ناقصاً. هذه نماذج عن واقع ما يسمّى الطب الشرعي في لبنان
محمد نزال
دخل الطبيب الشرعي إلى مشرحة في بعبدا لمعاينة إحدى الجثث، ففعل، ثم انتقل لمعاينة سروال صاحب الجثة. دسّ يده في الجيب، ليجد مبلغاً من المال، فأخذه وأخفاه ثم خرج مبتسماً. إنها جثة «مربحة». هو طبيب شرعي خان القسم، ومهما كانت ظروفه ومبرراته، فهو يسيء إلى المهنة ويعرّض حقوق الناس للخطر.
من ينقل هذه الرواية ليس شخصاً بغير صفة، بل زميل لهذا الطبيب ويعرفه عن كثب. هل هي الغيرة بين الأطباء؟ ربما. لكن هناك أمثلة كثيرة تدفع الى رفع الصوت ضد الممارسات الشائنة لبعض الأطباء، فهؤلاء جزء من شريحة لديها القدرة، بمجرد توقيع تقرير طبي، على أن تُسهم في تبرئة مجرم أو تجريم بريء. المحاكم تأخذ بهذه التقارير قبل إصدار أحكامها. إذاً، المسألة ليست عابرة، على عكس مع هو ظاهر في التعامل معها من قبل المعنيين. المعنيون هنا كثر، ليست وزارة العدل أوّلهم وليس القضاة آخرهم.
في رواية أخرى يرويها طبيب شرعي آخر. جاءه شاب يطلب منه تقريراً طبّياً يشير إلى وجود كسر في يده. قال له أعطيك المبلغ الذي تريده مقابل التقرير. رفض الطبيب، هكذا يقول. صرخ في وجه الشاب وقال له منفعلاًُ «هل تظنني الطبيب الفلاني حتى أفعل هذا... اذهب إليه ولا تعد إلى عيادتي». وبالفعل، سمع الشاب النصيحة وذهب إلى الطبيب «المعروف بفساده»، وحصل على التقرير المطلوب مقابل مبلغ من المال. صاحب الرواية يقول إنه تأكّد من ذلك لاحقاً، لأن القضية استفزّته، وبالتالي قام بتحرياته، وعرف من الشاب أنه حصل على التقرير «غب الطلب». نقلت «الأخبار» هذه الرواية إلى وزير العدل، فلم تفاجئه، إذ يعلم أن «هذا القطاع فيه الكثير من الشوائب». الطبيب الذي نقل الرواية على استعداد للإفادة بها إلى الجهة المختصة، إن وجدت، لكنه يعلم أن «لا حسيب ولا رقيب».
انتحار أم جريمة قتل؟
توفّي السجين غسّان قندقلي في رومية مطلع السنة الجارية، وقيل بداية إنه انتحر، ليتبيّن لاحقاً أن ثمة من عذّبه حتى الموت. يومها ذهب الطبيب الشرعي لمعاينة الجثّة، فخرج بتقرير لا يفيد بوجود آثار تعذيب، ما عزّز فرضية الانتحار. لاحقاً، علمت «الأخبار» أن الطبيب خاف من السجناء، سجناء «فتح الإسلام» وسواهم من «الإسلاميين» في المبنى المخصص لهؤلاء. خوف الطبيب منعه من أن يعطي إفادة حقيقية. حسناً، لماذا لم يتحدث عن هذا الأمر للنيابة العامة بعد خروجه من السجن؟ الجواب: «لا جواب». لاحقاً، وبعدما أجرى طبيب شرعي آخر فحصاً للجثة، برفقة آمر سرية السجون العقيد عامر زيلع، اتضح أن ثمة آثار تعذيب على جسد القتيل، كدمات من أنواع مختلفة، وعلامات انحسار الدم في منطقة العنق تشير إلى حصول شد من جهة الوسط، على عكس الشد الذي يحصل في حالة الشنق، إذ تكون الآثار عندها ظاهرة بشكل مختلف. هذه من بديهيات العلم الجنائي التي يفترض بأي طبيب شرعي أن يلمّ بها. إذاً، من حالة انتحار إلى جريمة قتل، إلى هذا الحدّ كان دور الطبيب الشرعي جوهرياً. قيّدت القضية بأسماء سجناء، من الموقوفين، ولكنهم لم يحضروا إلى المحاكمة متحدّين القوى الأمنية. تلك حكاية أخرى.
قصة أخرى ينقلها طبيب شرعي. قُتل شخص في الضاحية الجنوبية، في حادث غامض، فجاء طبيب وأجرى كشفاً على الجثة. خرج بنتيجة تقول: «كسر في الجمجمة مع نزيف دم حاد». هذا ما أدّى إلى الوفاة. دُفنت الجثّة. لاحقاً أوقف مشتبه فيه بجريمة القتل. في إفادته قال إنه أطلق النار من مسدس حربي على رأس المجني عليه. التقرير الطبي يقول كسر في الجمجمة، لكن إطلاق النار يحدث ثقباً، هكذا يفترض، وبالتالي التحقيق أمام معضلة. هنا طلب القضاء إعادة نبش القبر والكشف على الجثة مجدداً. وبالفعل هذا ما حصل على يد طبيب شرعي آخر. وضع الأخير تقريره، بعد الكشف، ليظهر وجود ثقب في الجمجمة، وبالتالي تبيّن فعلاً أن ثمة طلقاً نارياً قد صوّب على رأس القتيل. ترى ما السبب الذي جعل الطبيب الأول يضع تقريراً بمعلومات خاطئة؟ الجواب ببساطة: «لقد كانت الجثة شبه متحللة، ولهذا شعر الطبيب بالقرف من إجراء الكشف كما يلزم، فوضع تقريره كيفما اتفق». إذاً، نحن أمام طبيب شرعي يشمئز من عمله و«يقرف»!
واقع قانوني غريب
في لبنان نحو 90 طبيباً شرعياً، أكثرهم غير متخصص في الطب الشرعي. هذا الاختصاص الذي أصبح تحصيل حاصل في الخارج، لا يزال في لبنان أمراً غير لازم. مثلاً طبيب متخصص في الأمراض النسائية يعمل في الطب الشرعي. عند التدقيق في اختصاصات الأطباء الشرعيين تصبح كل الحالات المذكورة آنفاً متوقّعة. اللافت أن لا جهة يتبع إليها هؤلاء الأطباء، أو بمعنى أدق «لا جهة قانونية من جانب القضاء معنية بمحاسبة هؤلاء عند حصول الأخطاء». يؤكّد وزير العدل شكيب قرطباوي ذلك، طبعاً هم مسجلون لدى نقابة الأطباء، وهذه النقابة لديها ما يكفي من مشاكل الأطباء العاديين، وبالتالي لا ينقصها مشاكل إضافية. لا شيء، في القانون، يوضح التعرفة التي يجب أن يتقاضاها هؤلاء الأطباء لقاء كشفهم على كل جثّة. وهذا، بالتالي، بحسب قرطباوي، ما فتح الباب واسعاً أمام «استغلال الأطباء لأقارب الميت الذين يطلبون الكشف على الجثة التي تخصّهم، وذلك بسبب غياب النص الملزم بتعرفة محددة». بالتأكيد، المبلغ المتعارف عليه، وهو 50 ألف ليرة، لا يمكن إقراره لهؤلاء الأطباء. فمثلاً، كلفة الانتقال بالسيارة إلى مكان الجريمة يكلّف أحياناً بدل وقود أكثر من هذا المبلغ، وبالتالي «لا بد من وضع آلية تكون منصفة للأطباء».
في هذا الإطار، ترأس قرطباوي أخيراً لجنة تضمّ قضاة ورئيس مصلحة الطبّ الشرعي، التابعة لوزارة العدل. هدف هذه اللجنة تحديد الأولويات في الطبّ الشرعي وتحديث النصوص القانونية. يُذكر أن المرسوم التنظيمي الأساسي (الرقم 7384) الذي يعمل به في هذا المجال، يعود إلى عام 1946. وفي سياق متصل، اجتمع قرطباوي مع نقابتي أطباء لبنان في بيروت وطرابلس، بغية تحديد المعايير الطبية التنظيمية الجديدة وآليات المراقبة والمحاسبة. وكانت وزارة العدل قد دعت الأطباء الشرعيين، المنتسبين إلى مصلحة الطب الشرعي، في تعميم خاص، إلى «إعادة تقويم ملفاتهم الشخصية في الوزارة وإبراز إفادة من نقابة الأطباء التي ينتسبون إليها، تثبت تسجيل اختصاصهم لديها، وذلك في إطار إعادة نظر شاملة في وضع الأطباء الشرعيين في لبنان».
يُشار إلى أن المادة 39 من قانون أصول المحاكمات الجزائية تنص على الآتي: «إذا مات شخص قتلاً، أو بأسباب مجهولة باعثة على الشبهة، يستعين المدعي العام بطبيب أو أكثر لتنظيم تقرير بأسباب الوفاة وبحالة جثة الميت. كذلك تنص المادة 40 من القانون المذكور على أن «الطبيب ملزم بأداء القَسَم القضائي أمام رئيس محكمة الاستئناف، على أن يقوم بمهمته بما يفرضه الضمير، لذلك يُعدّ الطبيب الشرعي ضابطاً عدلياً مساعداً للعدالة».
مشرحة أم مسلخ؟
من جهته، يلفت رئيس جمعية الطب الشرعي في لبنان، الطبيب حسين شحرور، إلى أنه «لا حل لتجاوزات عدد كبير من الأطباء الشرعيين، ولا أقول كلهم، إلا بفرض الاختصاص عليهم، لأن وزارة العدل تعلم بوجود أطباء مكلفين وهم لم يجروا دورة اختصاص في حياتهم». وفي حديث له مع «الأخبار» يضيف شحرور: «أيضاً عليهم التخلص من عقلية الواسطة في تكليف الأطباء الشرعيين، فنحن صراحة لا نحتاج إلى 90 طبيباً. فالعراق مثلاً على مساحته الواسعة وعديد شعبه لا يوجد فيه سوى 50 طبيباً شرعياً. الأطباء الذين دخلوا بالواسطة، وهم يخصون الزعماء وبعض الجهات القضائية، الكل يعرفهم، وأنا حاضر لأن أبلغ وزير العدل عنهم بعيداً عن الإعلام». يتحدث شحرور عن عدم وجود مشرحة «حقيقية» واحدة في لبنان، فتلك التي في بعبدا «حرام أن نسميها مشرحة، هي أقرب إلى المسلخ، يعمل فيها أشخاص من الهند وباكستان لا نعرف عنهم شيئاً، والكهرباء تنقطع دائماً عن البرادات، إلى درجة لا يمكن أحداً تحمّل رائحة الجثث المتحللة... لا يمكن وصف المشهد الدموي هناك».
هكذا، يظهر بحسب القوانين أن الطبيب الشرعي ليس مجرد تفصيل في طريق الوصول إلى العدالة، كما أن الطب الشرعي ليس ترفاً أو من كماليات التحقيق الجنائي. هو ركيزة يمكن أن تكشف حقيقة كان تغييبها سيلفّ حبل المشنقة حول عنق بريء، أو إبعاد السجن مثلاً عن مستحقه. لكن، مع ذلك، ومع علم المعنيين بأهمية دور هذا الطب، يكشف الواقع أن ما يُعمل به في المجال هو... «عدم شرعي».
بين الطب والأمن... «مافيا»
في ظل غياب الرقابة، ومع عدم وجود أي جهة تُعنى بمحاسبة الأطباء الشرعيين، نشأت علاقة من نوع خاص بين الأجهزة الأمنية، وتحديداً بين رؤساء المخافر، وهؤلاء الأطباء. فمثلاً، قبل مدّة، سُجّلت حالة وفاة لفتاة، وكان يتوقع أن يتصل رئيس المخفر بأقرب طبيب شرعي إليه، غير أن الأخير اتصل بطبيب آخر بعيد، تجمعه به علاقة شخصية، بل يمكن القول علاقة «مالية». جاء الطبيب وكشف على الجثة، بناءً على طلب الأهل، فطلب منهم مبلغ 200 دولار بدل أتعاب. أخذ المبلغ، وعند الباب أعطى نصفه إلى رئيس المخفر، ثم خرج مودعاً. عرف الطبيب القريب سكنياً من المخفر، فذهب إلى الضابط وعاتبه، غير أنه لم يحصل على نتيجة. يقول أحد هؤلاء الأطباء أن ثمة مخفراً في بيروت لم يتصل بي ولا مرة في حياتي، مع العلم بأني أقرب الأطباء إليه، وذلك «لعلم رجال الأمن فيه بأني لست من النوع الذي يصدر تقارير طبية غب الطلب وبحسب الدفع والرشوة». هذه الروايات، وغيرها الكثير، تجعل العارف فيها يحسب ألف حساب قبل أن يصدّق هؤلاء الأطباء، الذين يبقون، ولأمد غير معلوم، بلا جهة تراقبهم وتحاسبهم.
المستقبل
الأيوبي يؤكد عدم التهاون مع من يريد اللعب بأمن طرابلس
الجيش يبدأ إزالة المتاريس والدشم بين التبانة وجبل محسن
عاد الهدوء التام ليسيطر أمس على كل مناطق الفيحاء وأحيائها بعد غياب قسري تسببت به الأحداث والتوترات الأمنية المتنقلة، بحيث استأنفت وحدات الجيش اللبناني تنفيذ خطتها الأمنية في مرحلتها الثانية والتي تضمنت المباشرة بإزالة المتاريس والدشم بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن، في وقت كانت وحدات من قوى الأمن الداخلي تقوم بالانتشار من ضمن خطة أمنية متكاملة، في مختلف مناطق مدينة طرابلس وجوارها وخصوصاً في الأسواق الداخلية منها، والتي كانت مسرحاً لاشتباكات على مدى الأيام الثلاثة الماضية بدأت عند طلعة الرفاعية بين مسلحين من المنطقة.
وكانت وحدات الجيش بدأت تحركها بالدخول عبر شارع سوريا والانتشار على كل محاور الاقتتال بدءاً من طلعة الشمال مروراً بالسنترال وبعل الدراويش والستاركو وطلعة الكواع وسوق القمح وطلعة العمري وصولاً الى محاور مشروع الحريري والبقار والريفا في القبة، حيث قام عناصر من اللواء الثاني عشر وفوج التدخل الرابع والمغاوير وفرع المخابرات وجهاز أمن الدولة بالإشراف على إزالة المتاريس والدشم التي كانت دُعّمت بين المنطقتين وتحديداً عند الممرات والأدراج التي تربط التبانة ببعل محسن.
وبالتزامن مع استكمال الجيش الخطة الأمنية وإزالة المتاريس كافة، نفذت قوى الأمن الداخلي تدابير أمنية في كل أحياء طرابلس وأقامت ثمانية حواجز ثابتة وسيرت دوريات راجلة ومؤللة عند مداخل المدينة وفي أحيائها الداخلية. وأُلقي القبض على بعض الشبان الذين لا يحملون أوراقاً ثبوتية ريثما يتم التأكد من هوياتهم.
وقال قائد سرية درك طرابلس العميد بسام الاأيوبي الذي أشرف على الخطة الأمنية، خلال جولة له على الحواجز وفي الأسواق الداخلية التي شهدت مؤخراً أعنف المعارك: "باشرنا بالخطة الأمنية بناء لتوجيهات معالي وزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل، وبعد أن تمكن الجيش اللبناني من ضبط الأوضاع وإيقاف الاشتباكات قمنا بتنفيذ خطتنا الأمنية بمشاركة 300 عنصر من قوى الاأمن الداخلي انتشروا على مداخل طرابلس وفي أحيائها الداخلية والمستديرات بهدف تثبيت الأمن والحد من الفلتان الأمني. والحملة مستمرة على مدى الأيام المقبلة وبشكل يومي، ومن هنا أحذر المخلين بالأمن، وأؤكد أننا لن نتهاون مع كل من يريد اللعب بأمن المدينة وأهلها".
"رحلة جهنم" لنازحي القصير إلى "بوابة الموت"
يصف طبيب بلدة القصير المنكوبة ومرافق الجرحى قاسم الزين، في رسالة إلى ناشطين في المعارضة السورية طالباً نشرها وتعميمها، رحلة العذاب الطويلة لنازحي بلدة القصير التي لم تنته بعد بأنها "رحلة جهنم" باتجاه "بوابة الموت". و"المستقبل" التي أخذت الرسالة من صفحة المعارض السوري، الكاتب الصحافي فايز سارة، تنشر الرسالة، نزولاً عند طلب "الطبيب البطل" بنشر ما يطلق عليه سارة "رسالة من قلب الجحيم الذين رسمته قوات القتل والدمار والإرهاب في هذه المدينة التي شهدت معاناة... هنا القليل من تفاصيلها":
السلام عليكم
رحلة في جهنم
تنظيم النظام السوري و"حزب الله"
بدأت المعاناة اعتباراً من 19/05/2013 عندما بدأ الهجوم البربري لقواتهما
حصار خانق على عدة مستويات
استخدام كافة الأسلحة الفتاكة؛ طيران ودبابات وهاونات وصواريخ
كل يوم يسقط شهداء بالعشرات (...) وجرحى كثر حتى أصبح عدد الجرحى 1300 والشهداء حوالى 300 وتحولت بيوت القصير ومقراتها الى بيوت للجرحى، فزاد العبء على المجموعات مع زيادة الشائعات والحرب النفسية والإرهاق والتعب والحرمان والقصف العنيف من كافة الأسلحة: طيران وصواريخ أرض ـ أرض وقنابل فراغية ووووووووو وكل يوم يزداد القتل والدمار والتهجير والتشريد.خطة العالم أن يجتمع كل الثوار وخاصة المتطرفين و"حزب الله" وبقايا النظام ليقاتلوا بعضهم حتى النهاية فينتهي شيء اسمه "حزب الله" ومعه الثوار وبقايا النظام لتعيش إسرائيل في رغد ونعيم.
الانسحاب من القصير أمر محزن جداً وقاس جداً؛ قلوبنا تنفطر ألماً، لكنه حقن لدماء الكثير من الثوار من أجل معركة التحرير...
بدأت رحلة الموت والألم بإخلاء المدنيين والجرحى وانسحاب الثوار.
ليلاً توجهنا الى البويضة في 4/6/2013، فدخل الحزب والجيش الى مدينة فارغة وأكملوا تهديمها بعد سرقة كل ما فيها... يقولون سقطت القصير وأنا أقول القصير لم تسقط بل سقطت الإنسانية كلها 5/6/2013؛ يوم النكسة هو يوم نكبة القصير التشريقة القصيراوية
انطلقنا نحو ما يسمى بالفتحة... فتحة الموت، حاملين مئات الجرحى على الاكتاف، سيراً على الأقدام في ظلمة الليل بصمت مطبق وخشوع ودعاء. استمر المسير أكثر من ست ساعات أطلق علينا الرصاص والقذائف. أكثر من مرة حاولنا عبور الفتحة لكن الكمين كان لنا بالمرصاد فعدنا الى البساتين وانتشرنا فيها... حاولنا النوم على الحجارة في ظل برودة صيفية شديدة، وبعد شروق الشمس بدأ الهجوم علينا... أكثر من 15 ألفاً بين جرحى ومدنيين؛ نساء وأطفال وشيوخ بالإضافة الى الثوار.
هاجمونا بالدبابات والمدفعية وبدأت المعركة والناس نيام... تصدى الأبطال للمعركة الأولى، وحمل الناس جرحاهم وأغراضهم هروباً من الموت، واستمرت المعركة طوال النهار وسقط فيها 8 شهداء وقضى سبعة من الجرحى بسبب عدم وجود الدواء والسيرونات.
مع المعارك بدأت رحلة البحث عن الطعام والشراب، لكن دون جدوى. وزاد الجوع والعطش... لا ماء ولا هواء ولا دواء أكلنا أوراق الشجر والبطاطا النيئة .
في اليوم الثاني تكرر المشهد هجوم من عدة جهات ومعارك عنيفة وسقط 17 شهيداً معظمهم ليس بسبب شدة الإصابة بل لأننا لا نملك شيئاً نداوي الجراح... حتى الأمنية الأخيرة لأحد الأطفال وهي أن يشرب الماء قبل الرحيل لم نحققها له... وسقط شهداء جرحى جدداً.
وفي المساء بدأنا رحلة الموت من جديد وسار الجرحى المحمولين على الأكتاف إلى فتحة الموت. كنت في المقدمة معهم، وقبل وصولنا الى الفتحة هاجمونا بالدبابات والمدفعية والرصاص... لا نعرف من وكم استشهد من الجرحى ومن كانوا يحملونهم وتفرق الناس وسقط الجرحى من فوق الأكتاف... استشهد الجريح ومن يحمله... في أي زمن نعيش ما هذا الإجرام!!
صرخ الناس "الموت ولا المذلة"... لا طريق للحياة: سنموت من الجوع أو العطش أو من قذائف الطيران أو الدبابات والقنّاصات، وهاجموا الكمين بصدور عارية وأسلحة خفيفة فأحرقوا الدبابة ودحروا الحاجز والكمين واكملنا الرحلة لكن عاد القتل وجاؤوا بدبابات جديدة منعت 150 جريحاً مع مرافقيهم من الخروج والوصول إلى الفتحة. وعاد الموت والجوع والعطش والألم، ولا يزالون محاصرين حتى هذه اللحظة.
استشهدت أم عمّار وصهرها وجرحت ابنتها وأصيب الكثير من عناصر الإسعاف الميداني.
ناشدت كل المنظمات الإنسانية دون جدوى !!
حسبنا الله ونعم الوكيل
النهار
لبنان يستغيث: مليون سوري و80 ألف فلسطيني
الحاجة إلى 1٫6 مليار دولار لأعمال الاغاثة
جعجع لـ"النهار": لحكومة هذا الأسبوع وإلا فليفسح سلام في المجال لغيره
مقتل مسؤول طلاب "حزب الانتماء" بإطلاق النار عليه أمام سفارة إيران
في كانون الأول 2013، يبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين في لبنان مليون شخص، أي ما يعادل 25 في المئة من مجموع سكان هذا البلد الأصغر مساحة بين البلدان المجاورة لسوريا. ويضاف اليهم 80 ألف لاجئ فلسطيني وافدين من مخيمات سوريا، و49 ألف عائد لبناني، إضافة الى 1٫2 مليون لبناني من سكان المجتمعات المضيفة المتأثرة بشدة بتدفق اللاجئين.
ومع إطلاق الحكومة اللبنانية مع الأمم المتحدة وشركائها في مجال الاغاثة نداء خامساً من أجل لبنان يطالب بـ 1٫6 مليار دولار أميركي لدعم مرافق الخدمات العامة الأساسية، لفت نائب ممثلة مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان جان – بول كافالييري الى "أن عدد النازحين الفارين من الحرب الدائرة في سوريا يتزايد بمعدل ينذر بالخطر".
وفي هذا الإطار علمت "النهار" أن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل سيعقد اليوم مؤتمراً صحافياً يشرح فيه واقع نقل الجرحى السوريين، وعدم قدرة لبنان على استيعاب المزيد منهم لعدم وجود أسرة كافية في المستشفيات، مع أن الأمم المتحدة تكفلت دفع التكاليف الخاصة بعلاجهم.
وسيدعو حسن خليل دولاً عربية الى تقاسم المهمة مع لبنان، علماً أن مواكبة أمنية شارك فيها "حزب الله" مع الجيش اللبناني رافقت نقل عدد من الجرحى في مناطق آل جعفر أمس.
في المقابل، ناشد رئيس بلدية عرسال علي الحجيري عبر "النهار" الحكومة اللبنانيين والمعنيين بموضوع اللاجئين السوريين تقديم المساعدات اللازمة الى هؤلاء. وقال إن "قرابة ألف عائلة وفدت الى البلدة في الأيام الأخيرة، ليرتفع العدد الاجمالي داخلها إلى قرابة 5000 عائلة، مما يتخطى قدرة المجلس البلدي والأهالي". وأضاف انه يجري علاج جرحى من المعارضة السورية في مستشفى ميداني داخل أحد مساجد البلدة.
وإذا كان كلام رئيس الجمهورية ميشال سليمان عن "العبء على الحكومة والشعب" يشير بوضوح الى الأزمة ببعديها الانساني والاجتماعي، فقد بدأت الأنظار تتركز على المخيمات الفلسطينية التي يمكن أن تتحول مجدداً بؤرة متفجرة بعد ازدياد اعداد اللاجئين اليها، وإمكان لجوء عدد من المقاتلين الذين يعالجون حالياً في لبنان. ولا تجد القوى الأمنية، ومعها السياسية، جواباً عن مصير المقاتلين السوريين بعد شفائهم إذ لا يمكن ترحيلهم الى سوريا.
وفي تداعيات الازمة السورية على لبنان، قتل رئيس الهيئة الطالبية في حزب "الانتماء اللبناني" هاشم سلمان، باطلاق نار أمس لدى توجه موكب من الحزب للاعتصام أمام السفارة الايرانية في بيروت احتجاجا على تدخل "حزب الله" في القتال في سوريا.
وتطور عراك بين مجموعة من "الانتماء" كانت وصلت لتوها الى محيط السفارة الايرانية في بئر حسن في حافلة، الى اطلاق نار عندما جرى اشتباك بين المتظاهرين من جهة وشبان أكد رئيس حزب "الانتماء" احمد الاسعد لـ"النهار" انهم من "حزب الله"، مما ادى الى سقوط ثمانية جرحى بينهم سلمان الذي توفي بعد نقله الى مستشفى رفيق الحريري الحكومي متأثراً بجروح اصيب بها خلال العراك.
الحكومة
أما سياسياً، فان الحكومة "مكانك راوح" في انتظار ان يبت المجلس الدستوري الطعنين اللذين قدمهما رئيس الجمهورية و"التيار الوطني الحر" في قانون التمديد لمجلس النواب.
ودعا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عبر "النهار" رئيس الوزراء المكلف تمام سلام الى تأليف الحكومة هذا الاسبوع والا فالافساح في المجال لغيره ليؤلفها، متمنيا "ومن بعيد" ان يؤلفها سلام.
وقال رئيس "القوات" "اذا لم يقبل حزب الله بتأليف الحكومة فلا يقبل. هو ليس أكثرية الشعب اللبناني بل انه حزب لاقانوني ولا دستوري. في النهاية لا خلاص ولا حل الا بخطوات واضحة والتعايش مع المرض يفاقم المرض. اما شعور الانتصار عند حزب الله فهو شعور بالخسران عند جميع الآخرين".
الطعن
وسربت اخبار عن توجه لدى المجلس الدستوري لقبول الطعن وفق مضمون الدراسة التي اعدها رئيسه الدكتور عصام سليمان، وتالياً الغاء التمديد الذي اقره مجلس النواب لولايته مدة سنة وخمسة اشهر. وتجري حركة اتصالات واسعة لضمان الاصوات السبعة المطلوبة لقبول الطعن بعد توافر ثمانية اعضاء للنصاب. ويفترض هذا الامر اقتصار الغياب على العضوين الشيعيين.
ونقلت مصادر استياء شيعياً متزايداً من الخطوة التي أقدم عليها الرئيس ميشال سليمان. وفي هذا الاطار نقل عن مصدر في "حزب الله" انه "في حال قبول الطعن فنحن نريد الانتخابات في موعدها المقرر في 16 حزيران".
اما الرئيس نبيه بري، فقال لـ"النهار" انه "اذا تأخر صدور قرار المجلس الدستوري الى ما بعد 20 حزيران الجاري، تاريخ انتهاء ولاية المجلس، فسنكون امام مشكلة كبيرة. اما في حال قبول الطعن قبل 20 حزيران، ففي امكاننا عقد جلسة في 19 من الجاري لاجراء تمديد تقني محدد لاجراء الانتخابات. لكن الامور مجمدة حالياً".
اللواء
الأسد يستعد لمعركة حلب ... و«الأسد المتأهب» يبدأ تمارينه في الأردن
لندن تنعى جنيف-2 ولا تسلّح المعارضة .. ونتنياهو يتّصل ببوتين حول الجولان
مزهوة بسيطرتها على مدينة القصير بدعم من حزب الله استكملت القوات النظامية السورية وحزب الله استعداداتهما لبدء معركة استعادة المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في مدينة حلب وريفها .
دوليا قالت بريطانيا انها ودولا أخرى «مترددة جدا» في تسليح مقاتلي المعارضة السورية رغم تحذيرها من ان المكاسب الميدانية التي تحققها القوات الموالية للرئيس بشار الاسد تقوض فرص عقد مؤتمر للسلام في جنيف، في وقت شكل الملف السوري محور مباحثات هاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وافاد مصدر امني سوري انه «من المرجح ان تبدأ معركة حلب خلال ايام او ساعات لاستعادة القرى والمدن التي تم احتلالها (من المقاتلين) في محافظة حلب»، مؤكدا ان «الجيش العربي السوري بات مستعدا لتنفيذ مهامه في هذه المحافظة».
وكتبت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطات ان القوات النظامية «بدأت في انتشار كبير في ريف حلب استعدادا لمعركة ستدور رحاها داخل المدينة وفي محيطها» مشيرة الى ان الجيش السوري «سيوظف تجربة القصير ووهجها المعنوي، في الغوطتين (الشرقية والغربية قرب دمشق)، فضلاً عن تقدمه في ريف مدينة حماة المتصل بريف حمص»، معتبرة ان «معركة القصير ترسم المستقبل السياسي لسوريا».
ويشير محللون الى ان نظام الاسد سيحاول، مدفوعا باستعادة كامل منطقة القصير الاستراتيجية، استعادة مناطق اخرى خارجة عن سيطرته.
دوليا قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان «النظام (السوري) حقق تقدما ميدانيا، والثمن مرة جديدة كان خسائر هائلة في الارواح واستخدام اعمى للعنف ضد المدنيين»، معتبرا ان «التطور الحالي للوضع على الارض لا يساعدنا على ابراز حل سياسي ودبلوماسي».
وقال هيغ ان بلاده ودولا أخرى «مترددة جدا» في تسليح مقاتلي المعارضة السورية .
واضاف ان قرار تسليح المعارضة السورية لم يتخذ بعد ووعد للمرة الأولى بطرح أي قرار يتخذ للتصويت في البرلمان إذا اتخذ قرار معتبراً ان بريطانيا والعالم أمام معضلة أخلاقية مضنية فيما يخص السياسة الخارجية.
وكان مقررا عقد مؤتمر «جنيف 2» الذي تم التوافق عليه بين واشنطن وموسكو، خلال شهر حزيران الجاري، لكن بسبب عدم التوافق على قائمة المشاركين في المؤتمر، فإنه لن يعقد قبل تموز.
ومن المقرر عقد اجتماع تحضيري جديد في 25 حزيران.
واعتبر الائتلاف الوطني المعارض ان الوضع الراهن «يغلق الابواب نهائيا» امام اي مبادرات سياسية.
وجدد رفضه المشاركة في مؤتمر جنيف2 متهما النظام السوري وحزب الله وإيران بارتكاب مجازر بسوريا،
وفي القدس المحتلة، اعلن مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي ان بنيامين نتانياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين «بحثا في مواضيع مرتبطة بسوريا حيث الوضع يزداد تعقيدا يوما بعد يوم».
وقال نتنياهو «شاهدنا تماما الاسبوع الماضي ما حصل من مواجهات على مقربة من حدودنا في الجولان» في اشارة الى المواجهات بين معارضين سوريين وقوات النظام للسيطرة على مدينة القنيطرة في المنطقة المنزوعة السلاح .
واضاف «ان تفتت قوة الامم المتحدة في الجولان يؤكد ان اسرائيل لا تستطيع ان تعتمد على القوة الدولية للحفاظ على امنها».
في غضون ذلك اعلن الاردن امس انطلاق تدريبات «الأسد المتأهب» المتعددة الجنسية بمشاركة ثمانية آلاف عسكري من 19 دولة، مؤكدا انه لا علاقة للتمرين بما يجري في الجارة الشمالية سوريا.
وقال اللواء الركن محمد العدوان رئيس هيئة العمليات في القيادة العامة للقوات المسلحة الاردنية في مؤتمر صحافي مشترك مع اللواء روبرت.ج.كاتالانوي مدير التمرين والتدريب في مقر القيادة المركزية الاميركية «نعلن عن بدء فعاليات ومناورات «الاسد المتأهب» هذا اليوم (امس) والتي ستمتد حتى 20 الجاري بمشاركة حوالى ثمانية الاف عنصر مشارك ومراقب من 19 دولة».
واضاف ان «تمرين هذا العام يركز على العمليات غير التقليدية التي تواجه الامن العالمي ومنها مكافحة التمرد وامن الحدود ومكافحة الارهاب والتدريب والاسناد الجوي».
واوضح العدوان ان «التمرين سيستند الى العمليات الدفاعية والعمليات التعرضية في ظل ظروف حرب غير تقليدية مع التركيز على العمليات الجوية وعمليات الدفاع الجوي والمساعدات الانسانية ومواجهة التحديات الامنية الحالية والمستقبلية».
وحول ما اذا كان للتمرين علاقة بالاحداث الجارية في سوريا، قال العدوان ان «التمرين ليس له أي علاقة بأي حدث من احداث الاقليم حول الاردن».
واضاف ان «الهدف من التمرين هو تعزيز وتوثيق العلاقات بين الجيوش المشاركة من 19 دولة».
وتشارك في التمرين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وايطاليا وكندا وبولندا وتركيا وتشيكيا والباكستان والسعودية ومصر والعراق ولبنان والبحرين والامارات واليمن والكويت وقطر بالاضافة للاردن.
ويشارك في التمرين نحو 4500 عنصر من الجيش الاميركي والقوات الجوية والبحرية ومشاة البحرية الاميركية وما يقارب ثلاثة آلاف عنصر من القوات المسلحة الاردنية وما يقارب 500 عنصر من الدولة المشاركة الاخرى.
كما يشارك في التمرين نظام صواريخ باتريوت وطائرات فالكون اف 16 وطائرات هاربر وطائرات هرقل س130 وطائرات هورنيت ف18.
وحول سبب استخدام بطاريات صواريخ باتريوت وطائرات اف16 في التمرين، قال العدوان ان «الهدف من ذلك هو عسكري بحت من اجل تحسين القدرة العسكرية للمشاركين».
وحول ما اذا كانت المملكة ستطلب بقاء هذه البطاريات وأي قوات، اوضح العدوان ان «نشر بطاريات صواريخ باتريوت سيستخدم لغايات التمرين واذا كان هناك قرار ان تبقى بعد هذا التمرين فسيكون هذا قرار سياسي ونحن كجانب عسكري لا نتدخل في قرارات السياسيين».
واكد انه «لن يكون هناك بقاء لاي قوات بعد التمرين، الا اذا طلبت الحكومة الاردنية رسميا ذلك»، مشيرا الى ان «هذا قرار سياسي ونحن عسكريون لا نتدخل في قرارات السياسيين».