ابو ابراهيم الاحمد عميد
المزاج : غاضب من اجل فلسطين تاريخ التسجيل : 22/01/2009 الابراج : الأبراج الصينية : عدد الرسائل : 826 الموقع : https://fateh83.yoo7.com العمل/الترفيه : الرياضه
بطاقة الشخصية فتح: 50
| موضوع: كردستان العراق والجنوح نحو هاوية الانفصال.. والعنف الأحد أغسطس 02, 2009 5:41 pm | |
| كردستان العراق والجنوح نحو هاوية الانفصال.. والعنف
|
| مأمون الحسيني |
ربما كان أبناء كردستان العراق، هم الأنموذج الأكثر سطوعا في إصرار تعبيراتهم السياسية وقياداتهم العشائرية على عدم الاستفادة من حقائق الجغرافيا والتاريخ التي ما فتئت تصدمهم في كل مرة بصخورها الصلدة، لتبقى المعضلة هي ذاتها: إما التوجه نحو التلاؤم مع هذه الوقائع ومعطياتها، أو الثورة والتمرد، وفق حسابات ومعطيات آنية، كانت تكلِّفتها أثماناً
|
|
|
باهظة وخسائر مستدامة على المستويات كافة. وخلال المفاصل التاريخية المتعددة التي مر بها العراق المعاصر، كان مكر التاريخ وتآمر الجغرافيا، المضاف إليهما العمى الأيديولوجي والخفة السياسية والحسابات الطائشة المستندة إلى الدعم الخارجي المؤقت، يضع الأكراد في موقع الضحية، فبعد ثورة 1958، وعودة الملاّ مصطفى البرزاني من المنفى السوفييتي، ونتيجة للشعارات والحسابات الخاطئة، ومحاولات التوكّؤ على الدعم الخارجي، اصطدمت قيادة الملاَ مصطفى البرزاني بالسلطة المركزية، وكانت النتيجة مآسيَ ودماراً، أعاد إنتاج ذاته بعد سقوط اتفاقية الحكم الذاتي التي وقعها الملاَ الذي كان يتلقى دعما من نظام الشاه في إيران قبل أن يوقع الأخير الاتفاق الخاص بحدود شط العرب مع العراق، مع النظام الجديد (حزب البعث) الذي تسلّم السلطة في العام 1968. هذا النمط من التفكير والممارسة اتخذ بعدا أكثر خطورة مع اندلاع الحرب العراقية- الإيرانية، وذلك حين تمرد الحزبان الكرديان الرئيسان (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) بالتحالف مع إيران، ما دفع السلطات المركزية في بغداد إلى قمع هذا التمرد بالقوة، ليلي ذلك فصل الاحتلال الأميركي للعراق بعد غزو الكويت، وتعود الأحزاب الكردية لتتمرد وتقمع قبل يؤسس الأميركيون ملجأً آمنا ومنطقة حظر جوَياً في شمال العراق. وفي تشرين الأول/ أكتوبر1991، انسحبت القوات العراقية إلى حدود المنطقة التي منحت للأكراد في اتفاقية الحكم الذاتي عام 1970. وخلال ستة أشهر، أقامت الأحزاب الكردية الانتخابات وشكَلت حكومة إقليمية أخذت، منذ ذلك الوقت تعد العدة للانفصال، بعد حسم معضلة مدينة ومنطقة كركوك التي تحتوي على نحو 13% من الاحتياطي النفطي العراقي، وتضم قومياتٍ ثلاثاً: الأكراد والعرب والتركمان، أولاها تزعم أن المدينة هي قدس الأقداس عندها، ولا يمكن التخلي عنها بأي شكل من الأشكال، ولذا ينبغي ضمها إلى كردستان وجعلها عاصمة للإقليم، والأخيرتان، ومعهما بعض الأقليات المسيحية، ترفضان بشدة هذا الأمر، وتريدان أن تكون مدينة التآخي لجميع القوميات ومرتبطة بالعراق. ومع سقوط النظام إبَّان الغزو الأمريكي في نيسان/ إبريل 2003، استغل الحزبان الكرديان رفض تركيا مرور القوات الأميركية عبر أراضيها، ولم يضيعوا وقتا، حيث عملا على محاور ثلاثة: محاور: توطيد سيطرتهما على المناطق الكردية، ودمج إدارتيهم المتوازيتين في أربيل (الحزب الديمقراطي الكردستاني) والسليمانية (الاتحاد الوطني الكردستاني)؛ والتمدد إلى المناطق المتنازع عليها، وهي عبارة عن شريط عريض يحتوي على خليط سكانيّ يمتد من سورية إلى الحدود الإيرانية؛ كما قاما باختراق المؤسّسات العراقية الجديدة التي أقامها الأميركيون، وحصل أقطابهما على أعلى المناصب: رئيس الجمهورية، ونائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير الخارجية، ونائب رئيس هيئة أركان الجيش، بالإضافة إلى عدد كبير من المراكز المحورية في مؤسسات وهيئات ولجان العراق (الأميركي) الجديد، بما فيها أجهزة الأمن والاستخبارات. التتويج الأبرز لهذه الإنجازات كان عبر المادة 140 "اللغم" وحمالة الأوجه، من الدستور العراقي الجديد، التي اعتبرها الحزبان الكرديان بمنزلة "خريطة طريق" نحو الانفصال تحت مسمى الفيدرالية، كونها وضعت مساراً ("التطبيع"، إحصاء السكان، ثم الاستفتاء) وموعدا نهائيا ( لم يتم الالتزام به) لصالحهما بعد ضمان الأكثرية الديموغرافية الكردية التي توقَعا أن تنتج عمَا سمي بعملية "التطبيع"، ولا سيما بعد ممارستهما سياسة "تكريد" منطقة كركوك عبر إبعاد نحو 120 ألف عربي وجلب مئات آلاف الأكراد، ومنحهم وثائق مزورة، وتوزعيهم على أنحاء كركوك لغرض الاستفادة منهم عند التصويت على انضمام كركوك إلى كردستان. غير أن هذا الإنجاز، مضافا إليه سيطرة الأحزاب الكردية على كركوك، لم يغير من واقع المدينة الكثير، وذلك على الرغم من حيازة الحزبين الرئيسين على معظم مقاعد مجلسها الإقليمي عام 2005، وتولَي أعضاؤهما معظم المناصب الإدارية العليا. وعوضا عن إعطاء أنموذج صالح في الحكم، وإقناع العرب والتركمان بالقدرة على تأمين حكمٍ عادل إذا ما انضمت كركوك إلى كردستان، نجحت الأحزاب الكردية في البرهان على العكس، حيث أثيرت انتقادات شديدة نحوهما في كردستان العراق (فشل سياسي وإداري، فساد عقود النفط السرية). في إطار هذه الصورة، وعلى وقع اتفاقيتي الأمن والإطار اللتين وقعتهما حكومة بغداد مع الإدارة الأميركية، والوعد بانسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية ومن ضمنها مدينة كركوك في نهاية حزيران/ يونيو الماضي (وهو ما لم ينجز حتى الآن في هذه المدينة)، صادق برلمان كردستان العراق في 24 حزيران/ يونيو الماضي على مسوَّدة دستور الإقليم الذي ينص على أن "كردستان العراق كيان جغرافي تاريخي يتكون من محافظات دهوك والسليمانية وأربيل وكركوك، و أقضية عقرة والشيخان وسنجار وتلكيف وقرقوش، ونواحي زمار وبعشيقة وآسكي كلك من محافظة نينوى، وقضاءي خانقين ومندلي من محافظة ديالى.."، على أن تطرح هذه المسوَّدة في 25 تموز/ يوليو2009، لاستفتاء شعبي عام في الإقليم. ما أثار زوبعة سياسية عاصفة ورياح شعبية ورسمية عاتية امتدت آثارها نحو دول الجوار التي رأت في هذا التوجه خطوة واسعة نحو الانفصال وتقسيم العراق، وتمهيدا لانطلاقة حرب عراقيـــة أهليــــة قادمة تكون أكثر خطورة بكثير من الحرب الطائفية التي عصفت بالبلاد بعيد تفجير مرقد العسكريين في سامراء عام 2006. ومع أن هذا الاستفتاء تأجل إلى موعد لاحق، ربما يكون في 11 آب/ أغسطس الجاري، بعد إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، عدم إمكان إجراء هذا الاستفتاء بالتزامن مع انتخابات برلمان ورئاسة الإقليم في 25 تموز/ يوليو، إلا أن التحضيرات ما زالت تجري على قدم وساق، وسط حالة من التذمر وعدم الارتياح في ظل الهيمنة الفعلية للحزبين الكبيرين المسيطرين على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الإقليم منذ عام 1991، حيث باتت ترتفع الأصوات المعترضة على ضياع الحدود الفاصلة بين الحزبين الحاكمين، وبين الأجهزة الحكومية، في حين يتعاظم الفساد وتغيب المحاسبة وتنعدم الشفافية وتتزايد حدة الاستقطاب الاجتماعي، الأمر الذي أدى إلى بروز فجوة كبيرة بين الفقراء والأغنياء بعد تركز الثروة في أيدي الفئات المتنفّذة التي تسيطر على الفعاليات الاقتصادية والتوجهات السياسية في الإقليم. ولتكريس هذا الوضع وقَع الحزبان الكبيران مؤخرا، وفي إطار استعدادهما لانتخابات البرلمان الكردستاني اتفاقية بينهما سمياها "التحالف الاستراتيجي" وسيكون نافذا حتى عام 2013، وهو قابل للتجديد. وبحسب الاتفاقية فقد تم توزيع كل مناصب الكابينة المقبلة لحكومة الإقليم بين الحزبين من دون انتظار نتائج الانتخابات. في خضّم هذه الإشكالية المتعلقة بمسودة دستور كردستان، موصولا بها مأزق إجراء عملية تعداد سكاني في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وتاليا حل معضلة كركوك الانتخابية في مسودة قانون الانتخابات التي يجري إعدادها، تسعى القوى والأطراف المتنازعة إلى تجميع أوراق قوتها وطرحها في البازار السياسي المحتقن، حيث أعلن ممثلو العرب والتركمان في محافظة كركوك رفضهم للدستور الذي صدَّقه برلمان إقليم كردستان، كما اعتبر العديد من النواب العراقيين أن هذا الدستور "قنبلة جديدة تنسف عملية بناء العراق الجديد"، و"خطوة تهدد الأمن والسلام في البلاد"، في حين تم الإعلان مؤخرا من قبل القوى العربية في كركوك: "كركوك الوطنية" و"كتلة الوحدة العربية" و"التجمع الوطني العشائري" و""التجمع الجمهوري" وهيئات أخرى، فضلا عن أكاديميين وشخصيات مستقلة وشيوخ عشائر، عن تأسيس أول مرجعية لهم منذ عام 2003. أما بالنسبة للتركمان الذين رفضت أحزابهم مشروع دستور كردستان واعتبرته يتعارض مع الدستور العراقي ويجزئ المناطق التركمانية عن بعضها البعض، فقد جدد قادتهم المطالبة بالتسلح، وتكوين ميليشيات خاصة بهم للحماية مما أسموه "الإبادة" بعد تفجيرين انتحاريين لقي فيهما ما لا يقل عن 34 شخصاً مصرعهم في تلعفر التي تقطنها أغلبية تركمانية. في المقلب الآخر، وفي مقابل تمسك الحزبين الكرديين الكبيرين بمشروع الدستور، ونفيهما وجود تعارض بينه وبين والدستور الاتحادي، واعتبارهما أن مجلس النواب العراقي ليس له علاقة بدستور كردستان كون من سيصوت عليه هو أهالي الإقليم فقط، حسب إعلان محمود عثمان عضو مجلس النواب العراقي عن قائمة التحالف الكردستاني الذي أكد وجود اعتراضات كردية عليه باعتبار أنه جاء مفاجئاً وبسرعة، تبرز معارضة العديد من القوى الكردية لهذه الخطوة التي من شأنها تفجير أعمال عنفية واسعة النطاق، وتحويل كردستان العراق، على المديين المتوسط والطويل، إلى بانتوستان سياسي وجغرافي محاط، من الجهات كافة، بدول تناصبه العداء، ولا سيما بعد رفع الحماية الأميركية التي بدأت بواكيرها بإعلان رئيس الأركان الأميركي/ خلال زيارته الأخيرة لكركوك، أن ليس في جعبة الولايات المتحدة ما تقدمه للأكراد والآخرين الذين ينبغي لهم إيجاد مخرج للأزمة التي تتدحرج ككرة الثلج في شمال العراق. |
|
| |
|